لم يستجب تنظيم “اخوان سوريا” للدعوات التي طالبته مؤخرا بالاصلاح والانصياع للتيار الذي طالبه بتفضيل المطالب الوطنية والابتعاد عن أجندة حزب العدالة والتنمية التركي والتنظيم الدولي لـ”الإخوان المسلمين” الذي بات الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من يوجهه لخدمة اجندات حزبه.
لا جديد في الموقف الجديد لإخوان سوريا تجاه تركيا ْمُتناسية دورها التحريضي السلبي الذي ساهم في إشعال وتغذية الحرب في سوريا منذ العام 2011.
حيث أصدرت جماعة الإخوان المسلمين في سورية بياناً موجهاً مباشرة للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، اعتبرت فيه أنّ الاستجابة إلى تطلعات السوريين وأملهم في الأمن من الخوف تغدو واجبا جيوسياسيا على الدولة التركية كما كانت حقا لها في الوقت نفسه ، وأنّ “المنطقة الآمنة بغير رعايتكم الإنسانية الحكيمة والكريمة لن تكون آمنة..”.
وقالت الجماعة في البيان إنّه بعد أكثر من ست سنوات على طرح القيادة التركية لفكرة المنطقة الآمنة في الشمال السوري، أصبح هذا المشروع، الذي رفضه أو ماطل في تمريره الأميركي والروسي وكل الأشياع، محل اتفاق دولي في ظاهره ونقطة إثارة ونزاع يحاول كل الذين استفادوا من قتل وتهجير السوريين تفريغه من معناه.
وفي خطوة تعكس توجّه حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وسيطرته على تنظيم الإخوان المُسلمين في العالم، كانت جماعة الإخوان المسلمين بسوريا اعتبرت مؤخراً أنّ إعادة فتح سفارات عربية لدى نظام بشار الأسد “دعم للإرهاب بالمنطقة”، بينما تغاضت الجماعة بالمقابل عن سعي أنقرة لتتريك المناطق السورية التي تسيطر عليها، وتجاهلت مقتل مئات السوريين من قبل حرس الحدود التركي.
وأكدت الجماعة في بيانها الأخير إنّ الذي نريد أن نؤكد عليه أن المنطقة الآمنة لن تكون آمنة إذا أسند أمر رعايتها إلى أي فريق من الفرقاء الذين كانوا السبب في قتل السوريين وتهجيرهم وإثارة الرعب والذعر في قلوب أطفالهم ونسائهم.
وأضافت: إن المنطقة الآمنة لن تكون آمنة، ما لم تتم رعايتها من الدولة التي كانت منذ انطلاقة ثورة الحرية والكرامة السند والردء والعضد لكل المستضعفين والخائفين من رجال ونساء وأطفال. لقد كفلت الدولة التركية خلال سني الحرب، لكل السوريين الذين لاذوا بها، كل ما تقتضيه وثائق حقوق الإنسان المدنية، وقيم الأخوة الإسلامية، ومقتضيات حسن الجوار.
واعتبر إخوان سوريا أن المنطقة الآمنة لن تكون آمنة إذا كانت قاعدة للإرهاب بكل صنوفه وميليشياته. ومنطلقا للعدوان على الجار الأوفى للشعب السوري؛ مما يجعل القيام على هذه المنطقة حقا للدولة التركية المستهدفة إذا فرطت فيه فهي تفرط بحقوق مواطنيها ومستقبل أمنها القومي والمجتمعي على السواء .
وتابعت الجماعة أنّ السوري لن يأمن في ظل رعاية أسدية وهو خرج من بلدته ومسقط رأسه هربا من الكيماوي والبراميلي، ولن يشعر بالأمن في ظل الروسي الذي جعل من الأرض السورية مختبرا لتجريب أسلحته الاستراتيجية، ولن يأمن في ظل المطالبين بثارات الحسين من لحوم النساء والأطفال، كما لن يشعر بالأمن الحقيقي في ظل القوات التي قصفت المدارس والمساجد وتحالفت مع إرهابيي البي واي دي لتقاتل إرهابيي الدواعش في رأيها.
وناشدت جماعة الإخوان المسلمين السورية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبلاده، بالمضي على طريقتهم في نصرتهم لشعب مظلوم مخذول أطبقت عليه قوى الشر العالمي وما تزال تلاحقه بشرها ومكرها وكيدها حلقة بعد حلقة.
وتنتقد غالبية الدول العربية ودول العالم، جماعة الإخوان المُسلمين، وتعتبرها جماعة إرهابية مارست دورا سلبيا وفاشلا في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لتلك الدول. ومع تصدّي معظم الدول العربية والإسلامية لتغلغل نفوذ الإخوان الذين لا يعترفون بسيادة الدول التي ينتمون إليها، بل يؤكدون في كل مناسبة على عالمية التنظيم، لم يبقَ أمام الإخوان المسلمين اليوم سوى تركيا ليلتقوا بها، والتي يسعى زعيمها رجب طيب أردوغان لإحياء احتلال عثماني لدول عربية وإسلامية استمر لأكثر من نصف قرن.
كما تحظى الجماعة بدعم دولة قطر، وهي إمارة خليجية تتمتع بوفرة مالية جعلتها تطمع في لعب أدوار إقليمية كبرى، مُستغلة تجذر أذرع الجماعة سياسيا واجتماعيا في المنطقة.
وسياسة تنظيم “الإخوان المسلمين” في سورية باتت تتماشى كليا مع السياسة التركية والقطرية ويتناغم مع المحور الإيراني وفق النظرة التركية حتى والذي جعل السعودية عدوا أول له؛ لكن “الإخوان المسلمين” لا يشرحوا كيف يخدم ذلك القضية السورية؟
بالإضافة إلى ذلك، ذهب وفد من الإسلاميين السوريين والمنظمات المرتبطة بتركيا إلى مؤتمر سوتشي الذي نظمته روسيا في محاولة لإخراج التسوية السورية من مسار جنيف ووصاية الأمم المتحدة إلى الطريق الروسي الذي يهدف إلى المحافظة على نظام الأسد.
رغم تعرض هذا الوفد هناك للإهمال واهانته منذ نزولهم من الطائرة وعودته من دون المشاركة في المؤتمر، فوضوا تركيا للانابة عما سموه “الشعب السوري” الذي يدعون تمثيله…والاخوان يدافعون عن مسار أستانا ويقولون إن هذا المسار حقق نتائج بعكس مسار جنيف، وهذا صحيح ولكن هذه النتائج كانت في مصلحة روسيا وايران والنظام الذي دخل المدن تباعا دون قتال.
يبرر الإسلاميون السياسات التركية بأن أردوغان هو رئيس تركيا وواجبه هو الدفاع عن مصلحة بلاده. ربما عليهم هم أيضا أن يدافعوا عن مصلحة بلدهم بدل تأييد وتبني السياسة التركية.
ومن الملاحظ بشكل عام أنه في كل مرة يحدث فيها اختلاف بين أهداف جماعة “الإخوان المسلمين” السورية وبين أولويات التنظيم الدولي لـ”لإخوان المسلمين” يختار الإخوان السوريون التخلي عن قضيتهم في سبيل الجماعة، وهذا ليس مستغربا لأن هذا التنظيم قد نشأ بالأساس كامتداد لحزب غير سوري.
بيان تأييد “المنطقة الآمنة” من “اخوان سوريا” يثبت أنهم كتنظيم ما زالوا بعيدين عن الاجندات الوطنية وهم مجرد اتباع تكتب بياناتهم في اقبية المخابرات التركية وتوزع على الصفحات.