كان يتحدث مع ابنه محمد، سائق سيارة إسعاف في كري سبي/تل أبيض، عبر الهاتف، وفجأة تعالت أصوات الطلقات النارية، ووقع الهاتف على الأرض لينقل أصوات الصراخ إليه، ولم تمض دقائق حتى قالوا له “قتلناهم” وهم يضحكون وينادون “الله اكبر…تكبير”.
تبدو علامات الأسى واضحة على ملامح بوزان خليل، من أهالي مدينة كري سبي/تل أبيض، الذي فقد ابنه محمد خليل في الهجوم التركي على مناطق شمال وشرق سوريا.
محمد بوزان خليل (19 عاماً)، كان عضواً في منظمة الهلال الأحمر الكردي، ويعمل سائقاً لسيارة إسعاف، وقع ضحية مع أثنتين من المسعفات نتيجة إجرام المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا بطريقة شنيعة.
يقول بوزان “خرجت من مدينة كري سبي فور تعرضها للقصف التركي، لم يغادر ابني محمد معنا لأنه كان على رأس عمله، الطائرات والمدافع التركية كانت تقصف كل مكان، حتى القرى، لذا ابتعدنا عن الحدود وذهبنا إلى بلدة عين عيسى”.
يشير “في الطريق إلى عين عيسى، مررت بقرى عدة، شاهدت مواقعاً وسيارات وبيوت تعرضت للقصف التركي، اتذكر أشلاء المدنيين الذين قطّعتهم القذائف التركية، وماتزال أصوات الانفجارات وأعمدة الدخان التي ملأت السماء حاضرة في ذاكرتي”.
عن حادثة فقدان ابنه، يقول بوزان “كنا نتحدث معه عبر الهاتف، كان يقول لي بأنه يصل إلى نقاط الاشتباك لينقل الجرحى ثم يعود إلى الخلف ليُسلّم الجرحى إلى النقاط الطبية، ذات مرة اتصلت به وأجاب بارتياح، تحدثنا قليلاً وفجأة سمعت صوت طلقات نارية قريبة جداً”.
ويضيف “انقطع صوت محمد، أحسست أن هاتفه قد وقع منه، سمعت صوت الفتيات الممرضات اللواتي كن برفقته وهن يصرخن، كانوا يصيحون “محمد.. محمد”.
صوت طلقات أخرى سمعها بوزان قبل أن يرفع أحدهم الهاتف ليقول “قتلت الولد والفتاتين”.
كان ذلك في الـ 13 من تشرين الأول..
في مركز توثيق الانتهاكات شمال سوريا وثقنا الحادثة حيث قام مسلحون من فصائل الجيش الوطني يعتقد إنهم من جيش الشرقية و فصيل المجد باعدام طاقم طبي المؤلف من 3 أشخاص بعد أن اختطفهم على طريق بالقرب من بلدة سلوك شرقي تل أبيض، ثم رموا جثثهم في مجاري الصرف الصحي.
لأيام عدة بعد وقوع الحادثة، كان هاتف محمد ما يزال يعمل، لقد سعت العائلة من خلال التحدث مع بعضهم معرفة تفاصيل أكثر أو الحصول على جثمان ابنهم، لكن عبثاً، كل ما حصلوا عليه كانت صورة محمد وهو مرمي على الأرض فوق بركة من الدماء، مغمض العينين.
ولا تزال العائلة تأمل من أن تتمكن من إحضار جثمان محمد ليُدفن بمراسم تليق به، وفي مكان تستطيع العائلة أن تزور قبره، بالرغم من أن تحقيق هذا الأمر يبدو صعباً.