عممت “مديرية التربية “الحرة” التابعة للحكومة السورية المؤقتة في عنتاب” الأحد، قراراً يمنع فيه أبناء موظفي ومسؤولي “قطاع التربية والتعليم” في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا شمال سوريا من الالتحاق بالمدارس التابعة للنظام السوري.
كما وهددت بفصل وملاحقة كل معلم أو موظف في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية شمال سوريا في حال أرسل أبناؤه للدراسة في محافظة حلب التي تمكنت قوات الحكومة السورية من استعادة السيطرة عليها قبل عامين.
رئيس مكتب المديرية مجيب خطاب اتهم النظام باستغلال العملية التعليمية لتثبت حكم الرئيس السوري بشار الاسد، وأنّه أرسل قوائم بأسماء الطلاب إلى منظمة “الأوتشا” (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية) التابع للأمم المتحدة، للحصول على الدعم.
وأدعى “خطاب” أنّ الشهادات التي يصدرونها في مناطق السيطرة التركية معترف بها في تركيا ودول من الإتحاد الأوروبي وألمانيا، وهو ما نفاه عدد من الكادر التدريسي والطلاب في مناطق المعارضة.
وقد أبلغ نحو 30 موظفا بتلقيهم اشعارات تخيرهم بين الفصل أو إعادة أطفالهم من محافظة حلب، وأنّ الخطوة الاولى التي اتخذت كانت بنقل كل مدرس أرسل عائلته إلى حلب الى قرى أخرى بعيدة كنوع من العقوبة.
ويشتكي الأهالي والمعلمون أيضا من مستقبل مجهول لأبنائهم فالشهادة والمنهاج المعدلة التي يتم تدريسها لأبنائهم غير معترف بها، كما أنّ الكوادر التعليمية غير مؤهلة مهنيا وعلميا، وتكثر الاضرابات وغياب المدرسين والاهمال نتيجة الفوضى والفلتان الأمني.
كما ويشير تقرير المناهج المعتمدة في مديريات وزارة التربية في “الحكومة المؤقتة” أنّ التعديلات التي أجريت على المناهج تراوحت بين الحذف والإضافة والتنقيح والاستبدال مع الحفاظ على المحتوى العلمي بشكل كامل (الفيزياء، الرياضيات، العلوم الطبيعية، الكيمياء، اللغتان الإنكليزية والفرنسية).
وطالت هذه التعديلات مواد التاريخ والجغرافيا والقومية، إذ ألغيت المادة الأخيرة بشكل كامل، وتمّ تنقيح منهاج التاريخ، من حقبة التركيز حول فترة وجود العثمانيين في الوطن العربي، إذ تم، على سبيل المثال، إزالة أي كلمات تشير إلى “احتلال عثماني” واستبدالها بـ “حكم” عثماني.
إضافة إلى ذلك، لا تحتوي خرائط سوريا الموجودة في كتب المعارضة على لواء اسكندرون، الذي ضمته تركيا في ثلاثينيات القرن الماضي.
ويرتبط هذا التوجّه بكون تركيا هي المقرّ الأساسي لـ “الحكومة المؤقتة” ومكان طباعة المناهج المدرسية المرتبطة بها، كما يتم تدريس مناهج “الحكومة المؤقتة” في بعض المدارس السورية ضمن تركيا، فيما تبسط الأخيرة سلطة عسكرية في بعض مناطق الشمال السوري.
الهوية السورية
قبل انطلاق الثورة كان التعليم في المرحلة الابتدائية يتضمن تعليم اللغتين العربية والإنكليزية وباقي المواد، مثل العلوم والرياضيات، وكان مستوى التعليم متوسطًا، وكان التعليم متوفراً من حيث المناهج والكادر التدريسي”. لكن هذا الوضع لم يستمر بعد احتدام الصراع، إذ تضرر قطاع التعليم بشكل مباشر في أغلب المناطق السورية، في ظلّ تدهور الوضع الأمني وتسرّب المعلمين وانقطاع الطلّاب عن المدارس.
وتشير احصائيات نشرتها منظمة “يونيسيف”، التابعة للأمم المتحدة، أنّ العامين الأولين من الثورة شهدا مقتل 222 معلماً ومعلمةً في مختلف أنحاء سوريا، إضافة إلى تدمير نحو ثلاثة آلاف مدرسة، لكن هذا العدد تضاعف مرات عدّة منذ ذلك الوقت.
وقال (صالح عقيل) مدير التربية والتعليم في مدينة “بزاعة”، إنّ”الكوادر التعليمية تنقسم إلى مدرسين ومجازين وطلاب معاهد، وتقوم مديرية التربية بإجراء دورات متتالية لهم بهدف رفع السوية التعليمية من الناحيتين التعليمية والتربوية وصقل مهاراتهم بشكل عام تحت إشراف أساتذة مختصين”.
وأضاف (عقيل) “تعتمد المدارس في التعليم على مناهج سورية معدلة من قبل الحكومة السورية المؤقتة، باشراف تركيا”.
كتاب واحد وسلطتان
علي رضا ألتون إل، مدير برنامج “التعلم مدى الحياة” في وزارة التعليم التركية، في لقاء مع صحيفة “الشرق الأوسط” في أيلول الماضي، قال إنّ“الوزارة تعمل على نقل تجربة التعليم في تركيا، وبخاصة نظام التعليم الإلكتروني إلى مناطق درع الفرات خلال فترة قصيرة”. ولم يمر وقت طويل حتى أصدرت المكاتب التعليمية في مجلس محافظة حلب الحرة العام الماضي قراراً يقضي بإدراج اللغة التركية ضمن المناهج الدراسية ابتداءً من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية.
إضافة إلى ذلك، تسمّى العديد من المدارس بأسماء تركية، نسبة إلى قتلى في بعض المعارك خلال عملية درع الفرات، وغصن الزيتون فضلًا عن الجمع بين علَمي الثورة وتركيا على أغلفة “الجلاءات” المدرسية.
واعترفت الحكومة السورية المؤقتة من خلال تصريح لوزير التربية والتعليم فيها بأنّ المناهج يجري تعديلها لتتوافق مع سياسة الحكومة التركية. وأنّ التعديلات على المناهج لم تطل المادة العلمية، بل ما يتعلّق منها بالناحية العقائدية.
نائب رئيس “المجلس المحلي” في منطقة “شيا”، أحمد خليل، قال: إنّ “مدارس المنطقة ستطبق المناهج التعليمية التابعة لـ(وزارة التربية) في (الحكومة السورية المؤقتة)، كما سيتم تخصيص دروس باللغة التركية في هذه المدارس”. خليل تحدث عن إمكانية السماح بتدريس مادة واحدة فقط باللغة الكردية في بعض المدارس مع استحالة ذلك في ظل سياسة التتريك والتعريب التي تمارسها تركيا وفصائلها السورية في المنطقة .
من جهته قال نائب رئيس “المجلس المحلي” في ناحية “بلبلة”، محمد سيدو، إنّ “الاستعدادات جارية بهدف تأهيل الكوادر التدريسية، وسيتم الإعلان عن أسماء المدرسين الذين يقع عليهم الاختيار قريباً”. وأشار سيدو إلى أنّه “سيتم افتتاح مدرستين ثانويتين في ناحية (بلبلة)، واحدة في البلدة ذاتها، والأخرى في قرية (كوتانا) التابعة لها، إلى جانب 5 مدارس إعدادية، و30 مدرسة ابتدائية في هذه المنطقة”.
مشيراً إلى “افتتاح 10 مدراس للتعليم العاجل (مدارس مخصصة لتعويض الطلاب الذين فاتهم العام الدراسي)، في الناحية ذاتها، بالتعاون مع (منظمة جودي) ومكتب التعليم التابع لـ(المجلس المحلي) في بلبلة”.
http://vdc-nsy.com/2019/02/04/%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%8A-%D9%87%D8%A7%D8%AA%D8%A7%D9%8A-%D9%8A%D8%B2%D9%88%D8%B1-%D8%B9%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%86-%D9%84%D8%A7%D9%81%D8%AA%D8%AA%D8%A7%D8%AD-%D9%85%D8%AF%D8%A7%D8%B1%D8%B3%D9%87%D8%A7/