ضمن سلسلة انتهاكات حقوق الإنسان، وغياب المحاسبة، تمكنا من الحصول على شريط مصور جديد صور بتاريخ 3 حزيران يونيو 2020 داخل أحد مقرات فرقة الحمزات، العاملة ضمن الجيش الوطني الموالي لتركيا في مدينة عفرين، منطقة جندريسه.
يظهر في الفيديو القيادي في فرقة الحمزات، (جميل رزق) وهو يعتدي بطريقة “وحشية” على شخص – لم نتمكن من تحديد هويته – بداعي بداعي تحرشه بإحدى النساء، التي ظهرت أيضا في الفيديو المصور على ما يبدو من قبل القيادي نفسه، المرأة وهو انتهاكات آخر.
ويقوم المدعو رزق – الذي بدا متباهيا بفعلته، ويومئ للمصور بالمتابعة – بضرب أقدام الشب المربوط، من رجليه إلى الأعلى، وأعينه مربوطة، بشريط (كبل)، فيما تحدث مع المرأة التي يبدو أنها تشاهد الضرب، وأنّ جريمة الشب هي “التأشير\ الغمز” ولم يعتدي على الفتاة\ المرأة أو يخطأ بحقها أو تحدث إليها. ثم يطلب من المرأة المغادرة وركوب السيارة، فيما لم يعرف مصير الشخص الذي ظل مربوطا من أرجله.
يتزامن نشر الفيديو مع فضيحة “الحمزات” بعد اقتحام أحد مقراتهم العسكرية في مدينة عفرين، والعثور بداخله على سجن “سري” يحوي نساء معتقلات “عاريات” بينهم طفل رضيع، في مشهد صادم أثار الرأي العام ضده.
وتتعدد أساليب التعذيب في سجون فصائل المعارضة السورية – الموالية لتركيا – وغالبها مستنسخ من وضعيات التعذيب التي يستخدمها “النظام السوري” بحق “المعتقلين” إن لم تكن أسوء منها، منها وضعية الشبح، حيث يتمّ ربط المعتقل من يديه خلف ظهره، ويديه مكبلتين بأعلى السقف، وهو واقف على الكرسي، ثم يسحب الكرسي من تحته، ليقف على رأس إصبع قدمه الكبرى.
وهناك حالة أخرى تتفرع عن الشبح، وهي الشبح الطيارة، حيث تُربط إحدى قدمي المعتقل للأعلى بنفس الحبل الذي ربطت به يداه، وقد يُدخل السّجان الحبل في معصم اليدين، بما يؤدي إلى تورّم الكفين، ويترك المعتقل ساعات عديدة، وأحيانا يوم أو يومان، بهذه الوضعية، مما يؤدي إلى قطع يد المعتقل.
كما أنّ هناك وضعية الدولاب، حيث يتم ربط يدي المعتقل مع رجليه بشكل يصبح فيه مثل دولاب السيارة، وبعد ذلك تبدأ عملية الضرب على أنحاء مختلفة من جسده، فيما في وضعية بساط الريح، يوضع المعتقل على لوح خشبي مكون من قسمين ثم يربط ، ويتم تحريك القسمين باتجاه بعضهما البعض، والمعتقل بينهما، مما يُسبّب ألماً فظيعاً في العمود الفقري، كما يقوم عنصر آخر بضرب المعتقل بالتزامن مع ذلك.
من ناحية أخرى، تتضمن الوضعيات الممنهجة وضعية الصلب، إذ تربط يدي وأرجل المعتقل على وجه بشكل مماثل تماماً لفكرة الصليب، ثم تبدأ عمليات الضرب وخاصة على الأعضاء التناسلية، وفي وضعية التعليق يتم ربط اليدين إلى خلف الظهر، ويُعلّق المعتقل ثم يُضرب بالعصي والأسلاك.
كما يتم استخدام وسائل متعددة أخرى منها الصعق بالكهرباء، وقلع الأظافر، تكسير الأصابع، اليد، القدم، الاغتصاب – بحق الرجال – ..و استخدام كافة أساليب الضرب على مختلف أنواع الجسم، ويتم الضرب بأدوات مختلفة مثل العصي أو كابلات الكهرباء، ويُطلق عليه “الرباعي” بالعامية، إضافة إلى الفلقة ( كما في الحالة المشار إليها في التقرير الحالي )، وهي الضرب بالعصا أو بالكبل على أسفل القدمين، والدعس على الرأس وغير ذلك، ناهيك عن قلع الأظافر بالكامل، و نتف الشعر من أنحاء مختلفة من الجسم، وانتزاع اللحم عبر ملاقط معدنية ومن مواقع حساسة.
ويتضمن هذا القسم أيضا اغتصاب المعتقل، ذكراً كان أم أنثى، وإجبار المعتقل على اغتصاب زمليه، وتقطيع بعض أعضاء المعتقل كقطع أصبعه أو قطع جزء من لحمه، وطعنه في ظهره أو معدته، فضلا عن حرق الجلد بالأحماض الكيماوية، أو بإطفاء السجائر بجلد المعتقل، وتعريضه للبرد القارس بحرمانه من اللباس أو الغطاء، وحرمانه من الرعاية الطبية بشكل تام، بالإضافة إلى عدم توافر الرعاية الطبية في عدد كبير من المعتقلات. (هناك فيديوهات نشرناها في تقارير سابقة)
ومن بين الوسائل أيضا الحرمان من استخدام المرحاض إلاّ مرة أو مرتين في اليوم، مما يضطر المعتقل إلى التبول على نفسه أحياناً، وفي المرات التي يُسمح له باستخدام المرحاض، فإنّ الفترة الزمنية لا تتجاوز الدقيقة، كما يتم حرمان المعتقل من الاغتسال، ومن الخروج إلى الساحات، واستنشاق الهواء النظيف، إضافة إلى وضع عداد كبيرة من المعتقلين، بأكثر مما يتسع له المكان، حيث يتم -مثلاً – وضع حوالي 50 شخص في غرفة بالكاد تسع ل 15 شخصا. كما تتضمن الأساليب سكب الماء البارد على الجسد بعد الضرب، وبعد جرح الجسد، وتكسير الأضلاع، وإعطاء كميات قليلة من الماء والطعام لا تكفي ربع المتواجدين، والاحتجاز في زنزانات تحت الأرض لا توجد فيها تهوية، وتعرية النساء، والرجال فضلا عن صب الزيت المغلي على الأرجل، أو سكب الماء المغلي حتى يهترئ الجلد، وقطع الأذن بمقص يستخدم لتقليم الأشجار.
إضافة لحالات أخرى كمنع كشف مكان احتجاز، ومدة احتجاز أي معتقل، منع الزيارة، كتم المعلومات عنه، وغياب سجلات السجون، وحالات أخرى عديدة تندرج ضمن التعذيب النفسي، كتهديد المعتقل باغتصابه، وإجباره على مشاهدة زملائه يتعذبون أمامه أو يموتون تحت التعذيب، ناهيك عن تهديد المعتقل باعتقال زوجته أو أمه أو أخته واغتصابها أو تعذيبها أمامه، وذلك بعد جعله يشاهد فتيات عاريات داخل المعتقل…والضغط على الزوجة لتقديم نفسها للسجان، أو القيادي المسؤول عن السجن.
وتتضمن حالات التعذيب النفسي أيضا، تهديد المعتقل بتعذيبه حتى الموت أو بذبحه بالسكاكين، والتهجم على عقيدة ومقدسات وقومية المعتقل وإهانتها وشتمها، وإجبار المعتقل على التعري أمام زملائه، ووضع المعتقل في زنزانة فيها شخص يحتضر، ووضعه في زنزانة فيها شخص ميت، إضافة إلى شتم المعتقل وتوجيه ألفاظ بذيئة له ولأهله، والإجبار على الاعتراف بأمور لم يرتكبها المعتقل تحت تهديد مضاعفة التعذيب.
ومن حالات التعذيب النفسي أيضا، أمر المعتقل بالسجود لصورة “أردوغان”، وإيهام المعتقل بأنّه سيخرج، وفتح باب الزنزانة له، ثم إعادته إلى التعذيب مرة أخرى، وأخْذ المعتقل إلى طبيب السجن للعلاج، فيقوم الطبيب بضربه على الجزء الذي يشتكي منه، ثم يعاد للتعذيب مرة أخرى، فلا يطلب أحد حينها الذهاب للطبيب مطلقاً.
وحسب تقارير (مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا) فقد قتل حتى الآن 103 شخصا تحت التعذيب من قبل فصائل الجيش الوطني المدعومة من تركيا منذ آذار 2018 بينهم نساء وأطفال فيما تعرض 995 معتقلا للتعذيب من أصل 6150 شخصا اعتقلوا على فترات حيث مازال مصير نصفهم مجهولا.
يعتبر التعذيب بكافة أنواعه منافياً للمبادئ العامة لحقوق الإنسان التي تم الإعلان عنها بتاريخ 10 ديسمبر 1948 وتم التوقيع عليها من قبل العديد من الدول سواء في معاهدة جنيف الثالثة الصادرة بتاريخ 12 أغسطس 1949 المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب أو معاهدة جنيف الرابعة بتاريخ 1949 م المتعلقة بحماية المدنيين أثناء الحرب.
للاطلاع على المزيد من الاداث المتعلقة بحوادث التعذيب في سجون الفصائل المسلحة الموالية لتركيا هنا
تعذيب وانتهاكات بدنية ونفسية.. إعلامي يروي مأساته في سجون “الشرطة العسكرية” بعفرين
من وسائل التعذيب .. إطلاق كلاب تنهش أجساد المعتقلين في سجون الفصائل الموالية لتركيا بعفرين