ترامب لأردوغان: كيف تهدد حلفاء الولايات المتحدة أعطِني ضمانات حول مصير أكراد سوريا

طلب الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضماناتٍ من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تتعلَّق على وجه التحديد بمصير حلفاء واشنطن من الأكراد في سوريا أثناء مكالمةٍ هاتفيةٍ أُجرِيَت الشهر الماضي ديسمبر/كانون الأول بُعَيد أيامٍ من إعلان البيت الأبيض سحب القوات الأميركية من الدولة التي مزَّقتها الحرب، وذلك وفقاً لمصدرٍ مطَّلعٍ على المحادثة. المكالمة جاءت عقب حشود تركيا وتهديدات بقتل الأكراد ودفنهم في الخنادق اطلقها وزير الدفاع والرئيس التركي.

وأفاد المصدر لموقع Middle East Eye البريطاني، مشترطاً عدم الكشف عن هُويته، بأنَّ الرئيس الأميركي تحدَّث مع نظيره التركي يوم 23 ديسمبر/كانون الأول. وقال المصدر إنَّ ترامب كان يسعى للحصول على تعهُّدٍ من أردوغان بأنَّ العملية العسكرية التركية المحتمَل تنفيذها ضد القوات الكردية المنتمية إلى وحدات حماية الشعب في سوريا لن تؤدي إلى كارثةٍ إنسانيةٍ أو زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وجاء الاتصال استجابةً للضغوط السياسية المتزايدة على ترامب، بسبب اتهام المشرِّعين والمُعلِّقين الإعلاميين الأميركيين الرئيس بالتخلّي عن المقاتلين الأكراد في سوريا، الذين ينسبون إليهم الفضل في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). وقبل ذلك ببضعة أيامٍ فحسب، في التاسع عشر من ديسمبر/كانون الأول، كان ترامب قد أعلن عن سحب ما يقرب من 2000 جندي أميركي من سوريا، حيث كانت القوات الأميركية توفِّر الدعم للقوات التي يقودها الأكراد في الحرب ضد داعش.

ووفقاً للمصدر المذكور، قال ترامب في حديثه الهاتفي مع أردوغان: «أنا تحت الضغط». وتابع المصدر أنَّ أردوغان ردَّ على ترامب بأنَّ تركيا ليس لديها نزاع مع الأكراد السوريين بحد ذاتهم، وبأنَّ تركيا تؤوي داخل حدودها أكثر من 300 ألف لاجئ سوري كردي. صرَّح أيضاً مصدرٌ في واشنطن، اشترط هو الآخر عدم لكشف عن هُويته، لموقع Middle East Eye بأنَّ أردوغان كرَّر كذلك أنَّ وحدات حماية الشعب هي فرعٌ مباشر لحزب العمال الكردستاني، وهو تنظيم كردي انفصالي تعتبره كلّ من واشنطن وأنقرة تنظيماً إرهابياً. ووفقاً للمصدر في واشنطن، أضاف أردوغان في حديثه مع ترامب أنَّ تركيا لديها أسباب «أمنية مشروعة» لملاحقة وحدات حماية الشعب الكردية. وحاول الموقع البريطاني التواصل مع متحدثٍ باسم البيت الأبيض، لكنَّه رفض التعليق بصورةٍ مباشرةٍ على فحوى المكالمة. وفي مقابلةٍ مع قناة Newsmax الإخبارية الأميركية، الخميس، أكَّد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قلق واشنطن بشأن هجومٍ تركي محتمل ضد القوات الكردية. وأوضح بومبيو أنَّ مساعدي ترامب يعملون على تحقيق جميع الأهداف التي حدَّدها الرئيس في سوريا، بما في ذلك «ضمان ألا يُذبِّح الأتراك الأكراد» وحماية الأقليات الدينية، بحسب ما ورد في نصّ المقابلة الصادر من وزارة الخارجية الأميركية.

المسؤولون الأميركيون يريدون الاطلاع على الخطط التركية في سوريا
وأثناء المكالمة التي أُجريت يوم 23 ديسمبر/كانون الأول، اتَّفق الزعيمان على التعاون من أجل التصدِّي لداعش وتنسيق تحركات الدولتين داخل سوريا. وأعلن ترامب، في تغريدةٍ على موقع تويتر عقب المكالمة: «ناقشنا قضية داعش، وجهودنا المشتركة في سوريا، والانسحاب البطيء والمنسَّق بعنايةٍ للقوات الأميركية من المنطقة. قواتنا ستعود إلى الديار بعد سنواتٍ طوالٍ». وبعد بضعة أيامٍ، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون على تويتر إنَّه يعتزم زيارة تركيا وإسرائيل في ضوء الانسحاب الأميركي من سوريا. ووفقاً لغاريت ماركيز، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، سيصاحب بولتون في رحلته إلى أنقرة كل من الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية، والسفير جيمس جيفري مبعوث وزارة الخارجية الخاص إلى سوريا، ومن المقرَّر أن تُجرى الزيارة يوم 8 يناير/كانون الثاني. هذا وقد صرح مسؤولون أتراكٌ بأنَّهم يتوقعون معرفة المزيد من التفاصيل حول خطة الانسحاب الأميركية، بما في ذلك الإطار الزمني المحدَّد للانسحاب، أثناء زيارة الوفد الأميركي. ونقل الموقع البريطاني عن أحد المسؤولين الأتراك قوله: «ليس بوسعنا التخطيط لأي شيءٍ في سوريا دون معرفة تفاصيل خارطة الطريق الخاصة بهم (الأميركيين)». وتحدث المسؤول شريطة عدم الكشف عن هُويته بداعي البروتوكول الحكومي. ووفقاً لتصريحات مصدرٍ آخر في واشنطن على علمٍ بمجريات الزيارة، يود المسؤولون الأميركيون من جانبهم الاطلاع على الخطط التركية لتولِّي قيادة الحرب ضد داعش في شمال شرق سوريا. وقال المصدر: «يودون الحديث عن التهديد الإيراني في البلاد وما يمكن للأتراك فعله حيال الأمر».

وأصدر ترامب العديد من البيانات العامة منذ إعلانه الانسحاب الشهر الماضي، وخلقت تلك البيانات التباساً حول تعهُّده بسحب القوات الأميركية من سوريا. إذ بدا أنَّه يتراجع عن وعده يوم 31 ديسمبر/كانون الأول، حين قال إنَّ إدارته «ستُعيد قواتنا إلى الديار ببطء»، لكنَّه مع ذلك لم يتطرَّق للموعد المحدَّد لإتمام عملية الانسحاب. وكرَّر ترامب يوم الأربعاء 2 يناير/كانون الثاني رغبته في حماية «الأكراد» في سوريا، وهو بيانٌ غامضٌ آخر قد يفتح الأبواب أمام وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) للتلكؤ في تنفيذ عملية الانسحاب. ورداً على ذلك، يحرص المسؤولون الأتراك على عدم إلزام أنفسهم بأية خططٍ من شأنها أن تسفِر عن نتائج غير متوقعةٍ في سوريا. إذ صرح المسؤول التركي قائلاً إنَّ «القيادة المركزية الأميركية تحاول تمييع خطط الانسحاب. وبصراحة، هذا يصب في مصلحتنا، لأنَّنا لا نريد انسحاباً سريعاً، وهو ما قد يُعرِّضنا للخطر». وعلى الرغم من الارتباك المحيط بالإطار الزمني للانسحاب، أفادت مصادر في أنقرة لـ «ميدل إيست آي» بأنَّ تركيا والولايات المتحدة تُحرِزان تقدُّماً في مجالاتٍ أخرى. إذ أجرى وفدٌ من المسؤولين الدبلوماسيين والعسكريين الأميركيين زيارةً إلى تركيا يوم الخميس 3 يناير/كانون الثاني بغرض عقد اجتماعاتٍ ثنائيةٍ روتينية. وكان الوفد يدرس على وجه التحديد الطلبات التركية بتسليم بعض أتباع الداعية التركي المقيم في ولاية بنسلفانيا فتح الله غولن. وكانت المحاكم التركية قد وجَّهت عدداً من التهم ضد غولن بسبب تواطُئه المزعوم في محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا عام 2016، ويقول المسؤولون الأتراك إنَّ واشنطن حريصةٌ على التحقيق في بعض الأجزاء من المزاعم، بما في ذلك الجرائم المالية.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك