اصطدمت خطط تركيا في منبج، أمس، بتدخل الجيش السوري في المدينة بطلب من وحدات حماية الشعب. حيث كانت تخطط تركيا للتوغل في المدينة كمنطلق لتقدم أوسع شرق الفرات، بعد قرار الولايات المتحدة الانسحاب من المنطقة، الخطوة افشلت اللقاء الذي سيعقده مسؤولون اتراك كبار يزورون موسكو للتباحث مع روسيا حول مستقبل المنطقة بعد خطوة الانسحاب الأمريكي لا سيما وأنّ الكرملين سارع للترحب بها، واعتبرها خطوة مهمة نحو الاستقرار.
النائب في البرلمان السوري، وليد درويش، كشف أنّه بعد دخول منطقة منبج سيتجه لحماية مناطق شرق الفرات بالكامل، ورفع العلم السوري فوق المباني الحكومية هناك. وقال وليد درويش، لشبكة رووداو الإعلامية، إنّ “من الطبيعي أن يدخل الجيش السوري إلى منبج وكافة الأراضي السورية، وأنّ ما فعله أهلنا وإخواننا في منبج، وكذلك ما صرحت به قوات سوريا الديمقراطية، هو عين المنطق، وذلك لتفادي معركة نظام أردوغان”.
لكن ماتزال تركيا تراهن على موقف موسكو التي رحبت أمس بتحرك الجيش السوري نحو منبج، وتتركز الأنظار اليوم على محادثات يجريها وزراء الخارجية والدفاع في البلدين، بهدف وضع آليات مشتركة للتحرك خلال المرحلة المقبلة دون استبعاد أن يشكل موضوع ادلب حيث فشلت تركيا في الايفاء بالتزاماتها وموضوع الوجود التركي في سوريا محورا للنقاش لا سيما وأنّ تقريرا صدر عن البرلمان الالماني دان التوغل التركي واعتبره يستوفي شروط الاحتلال وطالبها بالانسحاب ووقف الانتهاكات بحق السكان المحليين وفرض سياسات التتريك والتهجير.
بعد إعلان الجيش السوري دخول منبج، قال مسلحون سوريون تدعمهم تركيا ويتمركزون في منطقة قريبة إنّهم بدأوا التحرك مع قوات تركية صوب المدينة استعداداً «لبدء عمليات عسكرية». وقال مسؤول في المعارضة التي تدعمها تركيا إنّ خطة مهاجمة الأراضي الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» لا تزال قائمة، وإنّه لا توجد قوات للحكومة السورية في منبج.
كما كتب ناطق باسم «فرقة الحمزة» في «الجيش الحر» على «تويتر»: «ما هي إلا ساعات قليلة ويحق الحق. قواتنا الآن أصبحت على خطوط التماس مع منبج وننتظر التعليمات لبدء العملية العسكرية».
وقال مسؤول أميركي، طلب عدم نشر اسمه، لـ«رويترز» إنّ القوات الأميركية لم تغيّر مواقعها في منبج وإنّ العشرات من الجنود ما زالوا موجودين هناك. وتابع المسؤول أنّهم لم يشاهدوا قوات تابعة للجيش السوري داخل منبج، مشيراً إلى أنّ هذه القوات موجودة على مشارف المدينة.
ويعمل قادة قوات سوريا الديمقراطية حالياً من أجل الوصول سريعاً إلى استراتيجية لحماية منطقتهم الممتدة عبر شمال وشرق سوريا حيث شكل وجود نحو ألفي جندي أميركي حتى الآن رادعاً أمام توغل تركيا. وسيزيد نشر قوات حكومية سوريا تدعمها روسيا من تعقيد أي هجوم تشنه تركيا مع مسلحي المعارضة الذين تدعمهم.
ونشرت وسائل إعلام سورية رسمية فيديو يظهر عشرات الجنود يسيرون على طريق بمنطقة ريفية وهم يرددون هتافات باسم الرئيس بشار الأسد. وقال الجيش السوري في بيان أمس إنّ قواته رفعت العلم السوري في منبج. وأضاف: «تضمن القوات المسلحة السورية الأمن الكامل لجميع المواطنين السوريين وغيرهم الموجودين في المنطقة». وتُظهر صور نُشرت على الإنترنت نقل دبابات تابعة للفرقة الرابعة من طراز “تي-72إم1” بواسطة سيارات الشحن. ولوحظ كذلك نقل دبابات “تي-72إم1” ومدافع “شيلكا” التابعة للحرس الجمهوري السوري اللواء 105 في نفس الاتجاه.
وقالت «وحدات حماية الشعب»، أمس، إنّ مقاتليها انسحبوا من منبج من قبل لقتال مسلحي تنظيم داعش في مكان آخر. وقال بيان «وحدات حماية الشعب»: «ندعو الدولة السورية التي ننتمي إليها أرضاً وشعباً وحدوداً إلى إرسال قواتها المسلحة لتسلم هذه النقاط وحماية منطقة منبج أمام التهديدات التركية».
وفي طهران، رحب مسؤول إيراني بدخول قوات الجيش السوري مدينة منبج، واعتبر ذلك خطوة إلى الأمام من أجل تعزيز السيادة القانونية للحكومة السورية على كل أراضي البلاد، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية أمس.
وأكد بهرام قاسمي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، في تصريح نقلته وكالة «فارس» الإيرانية، على وحدة الأراضي السورية، وقال: «إنّ إيران تعتبر هذا الدخول تكريساً لسيادة الحكومة السورية القانونية على جميع أراضي هذا البلد وخطوة جديدة نحو تسوية الأزمة السورية».
كما ورحبت الرئاسة الروسية باستعادة الحكومة السورية سيطرتها على مدينة منبج شمالي البلاد قرب الحدود التركية، وشدد المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، في تصريح صحفي، على أنّ دخول القوات الحكومية إلى منبج ورفع العلم الوطني السوري فيها يمثل، من دون أدنى شك، خطوة إيجابية ستسهم في استعادة استقرار الوضع في البلاد.
وفي وقت لاحق من اليوم، أكد بيسكوف للصحفيين أنّ تطورات الأحداث في منبج كانت بين المسائل المطروحة على أجندة الاجتماع الذي عقده اليوم الرئيس فلاديمير بوتين مع أعضاء مجلس الأمن القومي الروسي، حيث قيموا إيجابا استمرار القوات المسلحة السورية في استعادة السيطرة على أراضي البلاد، وأشاروا إلى أهمية هذه العملية بالنسبة للتسوية السياسية في سوريا.