خلص تقرير أعدته المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا ( DAD ) حول الإنتهاكات التركية والانسحاب الأمريكي بعنوان “الأكراد ضحية المجتمع الدولي مجددا” مفاده أنّ تركيا تركتب جرائم حرب وتنتهك حقوق الإنسان. المنظمة طالبت الدول الفاعلة في الأزمة السورية والمجتمع الدولي بالقيام بواجباته لحماية المدنيين في ظل التهديدات التركية التي تحشد عشرات الآلاف من جنودها ومن مجموعات سورية قامت بتسليحهم لغزو المدن الآمنة شمال سوريا.
المقدمة :
يغطي هذا التقرير الموجز الوضع في منطقة شرق الفرات والانتهاكات الحاصلة على الحدود السورية التركية من قبل الجيش التركي وجنوده في تلك المنطقة ، وذلك منذ تصريحات الحكومة التركية بدخول مناطق شرقي الفرات في سوريا وحتى هذه اللحظة وذلك من خلال المتابعة والتوثيق لما يحدث من الانتهاكات الفظيعة .
وكما أنّ الجيش التركي ومنذ بداية سيطرة القوات الكردية على كامل الحدود السورية التركية شرقي الفرات ترتكب الانتهاكات الفظيعة ، لذا تحاول الحكومة التركية استفزاز هذه القوات من خلال قتل المدنيين العزل على الحدود وكنا قد نشرنا كمنظمة حقوقية تقارير متعدة وبيانات حول تلك الانتهاكات الممنهجة .
وكما أنّ التصريحات الأخيرة للرئيس الامريكي دونالد ترامب بإنسحاب الجيش الامريكي قد يسبب كارثة حقيقية ضد أبناء الشعب الكردي وباقي أبناء المجتمع في مناطق شرقي الفرات .
منهجية التقرير :
اعتمد هذا التقرير على أكثر من عشرة شهادات توثيقية من ريف كوباني وتل أبيض والجزيرة المحاذية للحدود التركية وتجول فريق منظمتنا في الريف الحدودي وتواصل مع الأهالي بشكل عام لتأكيد كل المعلومات ، وتمت المقابلات في القرى من خلال فريق المنظمة المختص ، وأيضا تم التواصل مع النشطاء المدنيين والسياسيين في هذه المناطق من أجل إعداد التقرير ودعمه وتأكيده .
بداية :
لا يزال فريق الرصد والتوثيق في المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا (DAD) يراقب ويوثق انتهاكات الجيش التركي على طول الحدود السورية التركية المتقصدة والممنهجة ، وذلك لخلخلة الأمن في مناطق شرق الفرات والتي تعتبر مناطق آمنة في سوريا رغم الحرب الضروسة التي شهدتها السنوات الثمانية الماضية في سوريا ، في حين تؤكد تركيا من خلال انتهاكاتها المستمرة على طول الحدود بأنّها تتقصد المناطق الكردية في سوريا .
وعلاوة على التهديدات التركية أعلن الرئيسي الأمريكي دونالد ترامب انسحاب جيش بلاده من المنطقة خلال مدة أقصاها 100 يوم وشكل ذلك تهديدا صريحا للأهالي في المنطقة وأدى هذا التصريح إلى تخوف الناس على أرواحهم من هجمات عسكرية تركية من جهة ومن عودة تنظيم الدولة الإسلامية المصنف إرهابيا ( داعش ) من جهة أخرى .
جغرافيا :
شمال شرق سوريا (روج آفا ) تقع المنطقة بين نهر دجلة شرقا وحتى نهر الفرات غربا على طول الحدود التركية وهي تتألف من ثلاث مقاطعات ، مقاطعة الجزيرة ومقاطعة الفرات ( كوباني ) ومقاطعة عفرين وهذه المقاطعات الثلاثة تتشكل من ثلاث محافظات سورية وهي الحسكة والرقة وحلب .
مصطلح روج افا هذه العبارة التي باتت عنوانا لمشروع أجمع عليه الكرد بمعظم مكوناته وانتماءاتهم لكنهم اختلفوا في التنفيذ والارتباط .
معنى تسمية روج افا هي الترجمة الحرفية لمصطلح غرب كردستان وهي المناطق ذات الغالبية الكردية وهي الجزء الكردستاني الملحق بالدولة السورية وفق اتفاقية سايكس بيكو .
الحدث :
تسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مساحة تزيد على 45 الف كيلومتر مربع تبدأ من ضفاف نهر الفرات حتى الحدود العراقية شمال شرقي سوريا وتشكل نحو 480 كيلومتر من حدود البلاد مع تركيا من اجمالي 911 كيلومتر وكانت قد أشارت وزارة الدفاع الأمريكية أنّها بصدد تأسيس قوة عسكرية لحماية الحدود يتراوح قوامها بين ال 35 ألفاً إلى 40 ألف مقاتل شرقي نهر الفرات في ظل اعتراض تركي على تحويل هذه القوات إلى جيش نظامي .
بدأ الوجود الأمريكي العسكري في سوريا عام 2014 عندما قام تنظيم داعش بالهجوم على مدينة كوباني بعد أن فر جميع سكانها خوفا من بطش التنظيم ، وكان ذلك بوابة الدخول الأمريكي إلى سوريا تحت مسمى محاربة الإرهاب ، وغُضّ النظر عنه حتى تمدد التنظيم على مناطق شاسعة في العراق وسوريا لترفع بعد ذلك الولايات المتحدة مع عشرين دولة لواء محاربته .
في ايلول 2014 قصفت مقاتلات أمريكية التنظيم لأول مرة في سوريا وبعد ما يقارب ثلاث سنوات على التدخل نشرت الولايات المتحدة بداية سبع قواعد عسكرية في أماكن سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شمال سوريا اضافة الى قاعدتين جنوب سوريا ثم ازدادت هذه القواعد واصبحت عشرين قاعدة عسكرية دون اتفاق أو معاهدة ممهورة بشروط سياسية أو اقتصادية .
تنتشر هذه القواعد العسكرية في المنطقة الشرقية والشمالية من سوريا وتتوزع هذه القواعد على أكثر من 25%من مساحة الأراضي السورية من خلال دعمها لقوات سوريا الديمقراطية وبعض فصائل ما يسمى بالجيش الحر .
ومن هذه القواعد :
– قاعدة التنف على بعد 240 كيلومتر من مدينة تدمر بريف حمص .
– حقل عمر النفطي من القواعد العسكرية الأمريكية بالقرب من قرية الشحيل على الضفة اليسرى لنهر الفرات ، وهو من أكبر حقول النفط في دير الزور كان تنظيم الدولة داعش قد اتخذته مقر قيادة ومعقل لها ، وبعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية عليه اتخذه التحالف الدولي مقر له ووضع فيه آليات ومعدات عسكرية ويتواجد فيه مستشارين أمريكيين وفرنسيين .
– قاعدة الشدادي وهي مدينة نفطية سيطر مقاتلوا قوات سوريا الديمقراطية على قاعدة الشدادي عام 2017 وتم تحويلها إلى قاعدة عسكرية تحتوي على مطار عسكري .
- قاعدة رميلان تمتاز بوجود آبار نفطية غزيرة الإنتاج النفطي تخضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية اتخذتها الولايات المتحدة قاعدة لها بعد بناء منشآت جديدة وتوسيع مدارج الهبوط ويعرف بمطار أبو حجر .
-
قاعدة مبروكة وتل تمر وتل البيدر وتل الشاير والهول وقاعدة محطة صباح الخير التي تقع جنوب الحسكة بنحو 15 كيلومتر – مطار روباريا والذي يقع قرب مدينة ديريك (المالكية ) وهو مهبط للطائرات المروحية بإشراف جنود أمريكيين لتقديم الخدمات اللوجستية للقوات الكوردية ودعم قوات التحالف الأخرى التي تقاتل تنظيم داعش .
- قاعدة عين الدادات التي تقع شمال منبج
- قاعدة السعيدية تقع غرب منبج على الخط الفاصل مع مناطق درع الفرات
- قاعدة العيسيلية تقع شمال غرب منبج على الخط الفاصل مع مناطق درع الفرات
- قاعدة خراب عشك جنوب غرب كوباني (عين العرب )وقاعدة عسكرية للمشاة قرب الرقة في منطقة الجزرة .
- قاعدة سبت جنوب كوباني
- قاعدة صرين تستخدم لاستقبال طائرات الشحن العسكرية .
- قاعدة اثريا قرب منبج
- قاعدة تل السمن
- قاعدة عين عيسى شمال الرقة وهي من أكبر القواعد الأمريكية في محافظة الرقة تضم مهبط للطائرات ومعسكر لتدريب المقاتلين .
- قاعدة تل أبيض ينتشر فيها نحو 500 مقاتل أمريكي مع مقاتلين آخرين تابعين للتحالف .
أما بعد التهديدات التركية باجتياح المناطق التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب وانشغال الأخيرة بالقضاء على الجيوب الأخيرة لداعش حيث هددت قوات سوريا الديمقراطية بالانسحاب من المعركة اذا لم تقم الولايات المتحدة بحماية المناطق الكردية ، حيث قامت القوات الأمريكية بتسيير دوريات على الحدود التركية للتهدئة وإقامة نقاط مراقبة أمريكية على الحدود التركية السورية وهي نقطة مراقبة في تل أبيض وتلة موسى وتلة الخنزير وتلة أرقم .
في 12 كانون الأول 2018 أعلنت الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا بيانا كتابياً رسمياً إلى الرأي العام كرد فعل على تصريحات ومواقف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بشن عملية عسكرية وهجمات على مناطق شمال وشرق سوريا بأن تتخذ الحكومة السورية الموقف الرسمي ضد هذه التهديدات كما دعت في بيانها الى النفير العام ضد السياسات الاستعمارية للدولة التركية .
وفي 12 كانون الأول 2018 أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون عن الأنتهاء من إقامة نقاط مراقبة شمال سوريا 3 نقاط في تل أبيض واثنتين في كوباني وواحدة في رأس العين وتم تسيير دوريات أمريكية قرب الحدود رغم الدعوات التركية لواشنطن بالعدول عن إقامة هذه النقاط وهي مراكز مراقبة في المنطقة الحدودية لمعالجة المخاوف الأمنية التركية ومنع وقوع اشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية والجيش التركي .
بتاريخ 13 كانون الأول 2018 صرح البنتاغون إنّ إقدام أي طرف على عمل عسكري من جانب واحد في شمال شرق سوريا وبالأخص مناطق تواجد الطواقم الأميركية هو أمر مقلق للغاية ولا يمكن قبوله ، ولفتت إلى أنّ تركيا حليف مهم للغاية منذ عشرات السنين داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) وشريك محوري لمحاربة تنظيم داعش ويعملون عن كثب مع قوات سوريا الديمقراطية التي تعتبر جزءاً من الحرب ضد داعش في وادي نهر الفرات الأوسط وتعهد الرئيس الامريكي دونالد ترامب بتطهير المنطقة كاملة خلال 30 يوماً .
وبنفس التاريخ13 كانون الأول أقامت وحدات من الجيش الأمريكي قاعدتين جديدتين في ريف تل أبيض شمال الرقة في تل الركبة والجيب تزامناً مع التحركات التركية على الحدود استعداداً لتنفيذ الهجوم الذي توعد به الرئيس التركي على مناطق شرق الفرات ، و بنفس الوقت كانت طائرات الاستطلاع التركية تحلق في سماء منطقة منبج .
وبتاريخ 15 كانون الأول 2018 هددت الإدارة الامريكية المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري من المشاركة في أي عملية عسكرية تركية ضد قوات سوريا الديمقراطية ، وإنّ مشاركة الائتلاف أو الجيش الحر بأي شكل في العملية تعني الهجوم على الولايات المتحدة وقوات التحالف وهذا سيؤدي إلى صدام مباشر معها وتضمنت الرسالة ( حينما ترقص الفيلة عليك أن تبقى بعيداً عن الساحة) .
وبنفس التاريخ 15 كانون الأول قامت قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة إلى المناطق الحدودية في تل أبيض وكوباني استعداداً لأي هجوم تركي محتمل برفقة معدات ثقيلة وعربات مدرعة لصد أي تقدم بري من قبل الجيش التركي والفصائل السورية المعارضة .
فأكد المواطن ( م – ق ) من ريف تل أبيض لفريق المنظمة بأنّه ومنذ التهديدات التركية بالهجوم على المنطقة قلقون جدا على مصيرهم ولا يعرفون متى سيموتون قائلا ( والله ما عاد نعرف ايمتا نموت ولا وين نهرب وشو نعمل بحالنا وعيالنا وعم نعيش على أعصابنا هالفترة )
وفي 17 كانون الأول صرح الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بتلقيه ردوداً ايجابية من ترامب حول عملية شرق الفرات من خلال اتصال هاتفي حول العملية العسكرية التي تنوي بلاده تنفيذها ضد قسد وتوعد بتمشيط الأراضي السورية شبراً شبراً والدخول الى المناطق التي تمتد لمسافة 500 كيلومتر بشكل لا يلحق الضرر بالجنود الامريكيين .
واكد المواطن أبو خالد من ريف رأس العين لفريق المنظمة قائلا : ” عم نعيش الخوف وخاصة نحن قرى الحدود وما بنعرف شو كاتبلنا الله وما راح اترك بيتي وشو ما صار يصير ، والله احترنا وبعدين مع هالحالة ” .
ومن جانبه أكد السياسي الكردي وسكرتير حزب الديمقراطي الكردي السوري ( p d k s ) جمال شيخ باقي أن أردوغان سيعمل بكل طاقته على انهاء حركة التحرر الكردية و تنفيذ مخططه في التغيير الديمغرافي و اطلاق يد عصاباته في انتهاك كل محرمات الشعب الكردي ، ولا اعتقد بان الانسحاب الامريكي سيكون دراماتيكيا ، و مطلوب من التحالف الاستمرار في مهامه بالوجود الامريكي أو عدمه ، و على المجتمع الدولي أن يكون قد أتعظ من همجية الاحتلال التركي لعفرين .
وأيضا بتاريخ 17 كانون الأول 2018 وصل تعزيزات عسكرية الى منطقة شرق الفرات من وقود ومعدات عسكرية ولوجستية وآليات الى القواعد العسكرية في منبج وحقل العمر .
فأكد الدكتور طارق خيركي نائب سكرتير حزب آزادي الكوردستاني سوريا لفريق المنظمة قائلا باعتقادي أن التطورات العسكرية تؤدي إلى ارتفاع وتيرة العنف في أي بقعة جغرافية من سوريا ، وهذا ينعكس على الشعب بنفس الدرجة ،وفي هذا السياق فإن التهديدات التركية بالتدخل العسكري في سوريا ستكون نتائجها كارثية ، لما ستخلفه من تدمير وتهجير وإراقة المزيد من الدماء ،وسيتجه الوضع نحو نفق مظلم مجهول النهاية .
وأكمل خيركي قائلا إننا نتوجه للمجتمع الدولي ، بان يتحمل مسؤلياته تجاه ماسيتعرض له الشعب الكردي من المجازر والإبادة في مناطقه، ونناشده أن يضع حدا لهذه التراجيدية الكارثية للمأساة السورية.
و بتاريخ 19 كانون الأول 2018 أعلنت الولايات المتحدة انها تخطط لسحب قواتها البالغ عددهم نحو الفي عسكري بشكل سريع من كامل الأراضي السورية المتواجدة فيها منذ 2015 ووفق الخطة التي تحدث عنها المسؤول الامريكي فان الانسحاب سيجري خلال مدة اقصاها 100 يوم ، غير أن موظفي الخارجية سيبدأون مغادرة سوريا خلال 24 ساعة .
فأكد الناشط شيروان إبراهيم لفريق المنظمة أن هذه التهديدات تعتبر نوع من أنواع الحرب الخاصة التي تمارس ضد شعبنا بجميع مكوناته في شمال شرق سوريا وكلنا نعلم مدى تأثير هذه الحرب على سيكولوجية الشعب مما يؤدي حتما إلى تفكك في بنية النسيج الاجتماعي الذي يجمع جميع المكونات الآنفة الذكر وعادة ما تكون مثل هذه الحرب الخاصة تمهيد لحرب عسكرية والتي تؤدي إلى تعريض حياة المدنيين إلى الخطر وخاصة أن التهديدات التركية في شن حملة عسكرية تعتمد على قوة عسكرية مؤلفة من الاسلاميين الراديكاليين كجبهة النصرة وداعش ومرتزقة الجيش الحر مما سيؤدي حتما إلى مجازر شنيعة ومرعبة بحق مكونات شعبنا في منطقة شمال شرق سوريا وأكبر مثال حاضر امام اعيننا ما يحصل الان في عفرين بسبب الاحتلال التركي من قبل المرتزقة الذين تدعمهم بشتى انواع الدعم اللوجستي والتغيير الديموغرافي الذي يطال الارض والسكان والثقافة والتاريخ والعمل على تتريك وتعريب المنطقة.
وأكمل شيروان قائلا لذا نرى بأنه على المجتمع الدولي والمؤسسات المدنية والمنظمات الانسانية الوقوف بشكل جدي ضد هذه التهديدات وفتح قنوات للحوار الدبلوماسي والسلمي لتجنيب المنطقة وسكانها المسالمين من ويلات ولعنات الحروب.ووصف هذا القرار من قبل قوات سوريا الديمقراطية بالخيانة والطعن بالظهر .
وبنفس التاريخ 19 كانون الأول 2018 وافقت الخارجية الأميركية على صفقة لبيع تركيا منظومة باتريوت للدفاع الجوي والصاروخي بقيمة 3,5مليار دولار تبع ذلك بعدة ساعات اعلان امريكا الانسحاب الكامل من سوريا معتبرة سبب وجودها الوحيد في سوريا هو الحاق الهزيمة بتنظيم داعش هذا وقد كانت السعودية قد دعمت مهام قوات واشنطن شرقي الفرات ب 100 مليون دولار في شهر نوفمبر ( تشرين الثاني ) .
20 كانون الأول 2018 وصلت قافلة جديدة للتحالف الدولي يفوق عددها ال 150 حاملة شحن قادمة من كوردستان العراق ودخلت شمال شرق سوريا .
20 كانون الأول 2018 والى هذا التاريخ لا يزال الجنود الأمريكيين في مواقعهم بنقاط المراقبة في كوباني وكري سبي على الحدود مع تركيا .
وشهد نفس التاريح صباخا اعتصاما كبيرا لأهالي مناطق كوباني وتل ابيض والرقة والطبقة ومنبج أمام مقر القاعدة الأمريكية جنوب شرق كوباني في قرية خراب عشك لمطالبة التحالف الدولي بعدم ترك المنطقة وحمايتهم من التهديدات التركية .
وبنفس تاريخ ذلك اليوم أكدت قوات التحالف الدولي بعدم نيتهم الانسحاب من سوريا وإن القرار الق ار الامريكي يسري فقط على الجنود الامريكيين دون سواهم ، ومن جهتها قررت فرنسا بان تخل قواتها مكان القوات الامريكية ذلك حسب البيان الرسمي الذي أصدرته مصرحة بأن هنالك الكثير من العمل ، ويجب ألا نغفل عن التهديد الذي ما زال يشكله التنظيم رغم فقدانه السيطرة على الأرض ، وكذلك أكدت المملكة المتحدة بأنها ستبقى منخرطة في التحالف الدولي وحملته لحرمان داعش من السيطرة على أراض جديدة وضمان هزيمته القاطعة .
وفي 21 كانون الأول 2018 طلب مجلس سورية الديمقراطية من فرنسا المساعدة في فرض منطقة حظر جوي فوق شمال شرقي سورية خلال مؤتمر صحفي في باريس وان تلعب فرنسا دوراً اكثر فعالية في سوريا بعد قرار الرئيس الأمريكي بسحب القوات الامريكية ، وقد تضطر الى الأنسحاب من معركة دير الزور اذا شنت تركيا عملية عسكرية على شمالي شرق سوريا وعدم قدرتها على مواصلة احتجاز عناصر داعش في حال خروج وضع المنطقة عن السيطرة وكان قد تواجد الرئيسان المشتركان لمجلس سورية الديمقراطية في فرنسا بدعوة رسمية من قصر الأليزيه بهدف اجراء لقاءات مع كبار المسؤولين الفرنسيين حول تداعيات الانسحاب الأمريكي .
ومن جهته أكد الكاتب والصحفي الكردي السوري دلشاد مراد لفريق المنظمة إن التهديدات التركية باحتلال مناطق شرق الفرات ومنبج يعد تهديداً مباشراً لمئات آلاف من مواطني تلك المناطق، وهو يمثل تهديداً إرهابياً لسكان المدنيين، باعتبار ان احتلال أي دولة لمناطق خارج أراضيها يمثل خرقاً للقانون الدولي ويمثل تهديداً مباشراً لسكان المناطق المستهدفة احتلالها.
إن تنفيذ الدولة التركية لتهديداتها بالهجوم العسكري على مناطق شرقي الفرات ومنبج، قد يؤدي بحياة مواطنين كثر في حال استهداف المناطق المأهولة للسكان، ولاسيما إن السجل التركي لحقوق الانسان مليء باستهداف المدنيين بشكل مباشر سواء في المناطق الكردية في تركيا أو في منطقة عفرين التي احتلتها الجيش التركي في آذار 2018م.
كما حجم التهديدات والتصريحات العنصرية تجاه الكرد خاصة والمرافقة للتهديدات التركية تؤكد وجود نية مقصودة لدى الدولة التركية باستهداف جماعي لشعوب شمال وشرق سوريا من الكرد والعرب والسريان والكلدان و الآشوريين والارمن . وسبق أن ارتكبت الدولة التركية مجازر ومذابح ضد الشعوب السابقة الذكر في جنوب شرق تركيا خلال القرن العشرين.
وأكمل دلشاد قائلا : وبالتالي فإن المطلوب من المجتمع الدولي والمنظمات المعنية الضغط على الدولة التركية لوقف تهديداتها العدائية تجاه مناطق شرقي الفرات ومنبج، بل والانسحاب من منطقة عفرين وشمالي منبج، وتحسين حالة حقوق الانسان على أراضيها واللجوء إلى خيار المفاوضات والسلام لحل القضية الكردية.
وأكدت الكاتبة والشاعرة نارين عمر لفريق المنظمة بتباين الآراء والتّوقعات حول مدى جديّة تركيا في شنّها حرباً جديدة على المنطقة، وأعتقد أنّ كلّ التّكهنات والتّحليلات والآراء التي يبديها الآخرون من الشّخصيّات الرّسمية والمسؤولة والمستقلة وصاحبة الشّأن والأخرى الدّخيلة على عالم السّياسة والفكر لن تجدي نفعاً، ولن تنقذ المنطقة ولا دول العالم إذا نفذت تركيا قرارها اللامسؤول وشنّت حربها لأنّ هذا الأمر أوّلاً وأخيراً متعلق بالتّوافقات والمصالح المحليّة والاقليميّة والدّولية، فإذا تمكنت تركيا من مساومتها ومقايضتها بما يتوافق مع مصالحها ستدعها تفعل بالمنطقة ما فعلته بعفرين وإدلب وغيرها من المناطق، وإن رأت أنّ هذا يتعارض مع مصالحها ستردع تركيا وتقف في وجه قراراتها. طبعاً سيكون الأذى الملحق بالمنطقة وسكّانها كارثياً ومأساويّاً يفوق كلّ التّصورات والتّوقعات، وأعتقد أنّ الأذى الملحق بهذه المنطقة يفوق حتى الأذى الذي خيّم على عفرين لأنّ عفرين كانت محصّنة بأماكن ومناطق حماية سواء كانت طبيعيّة أم أثريّة، أمّا هذه المنطقة فلا أماكن حماية فيها ولا حصون، وبكلّ تأكيد لن تصمد طويلاً أمام الأسلحة الثّقيلة وكذلك السّكان سيوضعون في أوضاع صعبة وكارثيّة.
وبخصوص الانسحاب الامريكي وقرار الرئيس الامريكي دونالد ترامب قالت نارين عمر أن المجتمع الدّولي وكما أثبت خلال التّجارب السّابقة سيظلّ عاجزاً عن فعل أيّ شيء، لذلك سنجده منقسماً على نفسه بين مؤيّد ومعارض ومحايد دون أن يعطوا أيّة أهميّة لحياة آلاف البشر من المدنيين وخاصة الأطفال وكبار السّن منهم، وسوف يضربون عرض الحائط كعادتهم كلّ مبادئ وقوانين حقوق الإنسان وحماية الطّفولة، وقد يفتح البعض منهم أبواب دولهم لبعض هؤلاء المشرّدين بحجة الحماية أو اللجوء ليأتوا إليهم ثمّ يجدوا نفسهم بصفة المشرّدين والتّائهين، وحتى الآن لا أحد يستطيع أن يتوقّع مدى جديّة أمريكا في قرارها بسحب قواتها من المنطقة أو الإبقاء عليها، وهل هو قرار تكتيكي أم حقيقيّ .
وبتاريخ 24/١٢/٢٠١٨ بدأ الجيش التركي بإدخال قواته العسكرية الضخمة من دبابات وراجمات عسكرية لسوريا وتعزيز وجودها في ريف منبج الشمالي مع الكتائب العسكرية السورية المعارضة ، وذلك تحضيرا للهجوم على مدينة منبج ، بالمقابل قوات مجلس منبج العسكري عززت تواجدها مع استمرار للدوريات العسكرية الامريكية المراقبة للحدود بين الطرفين وايضا دوريات منفصلة للجيش الفرنسي ، وفي الجهة المقابلة القوات الروسية تمركزت في بلدة العريمة غرب منبج مع قوات النظام السوري بهدف دخول المدينة مع الانسحاب الامريكي منها .
يؤكد المواطن خ – ع من أهالي مدينة منبج بان الوضع لا زال طبيعيا في المدينة والحركة التجارية مستمرة ( بس والله نحن خايفين من هجوم تركيا للمدينة عم نعيش حالة من التوتر والخوف والله تعبنا من الحرب خلونا نعيش بسلام بمنطقتنا ) .
رأي المنظمة :
إننا في المنظمة الكردية لحقوق الإنسان في سوريا – DAD ندين ونستنكر الانتهاكات المستمرة للجيش التركي على طول حدودها مع سوريا وبالأخص في المناطق الكردية وايضا محاولتهم مؤخرا التوغل في شرق الفرات ، وذلك لخلق حالة من الترهيب والخوف والهلع بين المدنيين ، وهذا ما يتنافى مع كل القوانين والمواثيق والعهود الدولية .
كم انه يتم ارتكاب أبشع الانتهاكات بحق المدنيين على طول الحدود بين سوريا وتركيا وذلك باستخدام الأسلحة القناصة والخفيفة والثقيلة كالمدفعية والدبابات .
ونؤكد بأن انتهاكات الجيش التركي تجاوزت كل القوانين الدولية والإنسانية ، وما يحصل على الحدود السورية التركية ترتقي لمستوى جرائم حرب وإبادة جماعية بحق الشعب الكردي في سوريا .
وكما أن الانسحاب الامريكي المفاجئ من سوريا رغم عدم شرعيته غير إيجابي في هذه المرحلة الحرجة باعتبره الجزء الأساسي من التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سوريا من جهة و وعدم القضاء على تنظيم داعش نهائيا من جهة اخرى ، كون ما زال التنظيم متواجدا في ريف دير الزور الشرقي والتي ما تزال تشهد حربا شرسة بين الطرفين ، وهناك في ريف دير الزور الشرقي حرب شرسة معها ، وكم ان التهديدات التركية مستمرة بإجتياح المنطقة واستباحة اهلها وسكانها .
وأننا إذ نعلن عن تضامننا الكامل مع أسر الضحايا والمتضررين ونتوجه بالتعازي القلبية والحارة لجميع من قضوا على طول الحدود , متمنين لجميع الجرحى الشفاء العاجل، ومسجلين إدانتنا واستنكارنا لجميع ممارسات العنف والقتل المرتكبة من قبل الجيش التركي .
كما نناشد جميع الأطراف المعنية الإقليمية والدولية بتحمل مسؤولياتها تجاه شعب سوريا ومستقبل المنطقة ككل والتدخل لوقف هذه الانتهاكات المستمرة بحق المدنيين العزل على طول الحدود السورية التركية ، وكما نطالبها بالعمل الجاد والسريع للتوصل لحل سياسي سلمي للازمة السورية وإيقاف نزيف الدم والتدمير.
التوصيات :
1 – تتوجه المنظمة الى المجتمع الدولي و بالاخص للولايات المتحدة الامريكية وروسيا بالتدخل السريع لوقف هذا الانتهاكات المنافية لحقوق الإنسان والقوانين الدولية المتعلقة بتنظيم الحدود ووضع الضوابط للجيش التركي .
كما تتوجه المنظمة الى المجتمع الدولي بضرورة تحمل مسؤولياته الإنسانية تجاه المدنيين الذين باتوا ضحايا لرصاص الجيش التركي والترهيب الذي أحدثه على الحدود بين المدنيين والأهالي وذلك منذ إعلان الدولة التركية اجتياح شرق الفرات .
2 – تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية للوقوف على حيثيات هذه الجرائم المقصودة وكشف ملابساتها وتحديد المجرمين كلما أمكن ذلك للحد من تكرار مثل هذه المآسي .
3 – تشكيل لجنة قانونية لتعويض الضحايا وذويهم عن هذه الجرائم والانتهاكات المروعة .
4 – التوجه إلى جميع أطراف النزاع في سوريا والاطراف الدولية والإقليمية من أجل تحييد المدنيين عن جميع أشكال الصراع والحفاظ على الممتلكات الخاصة والعامة .
5 – الوقف الفوري لجميع أعمال العنف والقتل وإيقاف نزيف الدم في الشوارع السورية عموما, وفي المناطق الكردية خصوصا, ايا كان مصادر هذا العنف وتشريعاته وآيا كانت أشكاله ودعمه ومبرراته.
6 – الوقف الفوري لكافة الممارسات العنصرية والقمعية التي تعتمد أساليب التطهير العرقي بحق الأكراد السوريين ، وجميع المكونات الأثنية والدينية .
7- وضع الحدود السورية التركية كاملة تحت الحماية الدولية ونشر قوات حفظ سلام أممية على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا .
8- دعوة مجلس الامن لجلسة طارئة لبحث فرض حظر جوي على المنطقة أمام التهديدات التركية وغير التركية الطامعة .
9 – ونؤكد ان التواجد الفعلي للقوات الدولية العسكرية على الاراضي السورية غير قانوني وغير شرعي الا ان القرار المفاجئ بانسحاب القوات الامريكية من المناطق الكردية رغم ان ذريعة تواجدها لازال قائما في هذه المنطقة وهي محاربة داعش يعتبر تساهلا واضحا للجشع التركي بغزو هذه المنطقة وارتكاب حرب ابادة جماعية بحق السكان المدنيين من الكرد والعرب والآشور والسريان والأرمن وجميع مكونات المنطقة ، كما ان امريكا بقرارها هذا تستحضر المؤامرة على الشعب الكردي تاريخيا .
10 – وندعو كافة الجهات السياسية في شرق الفرات بتوحيد الجهود والاتفاق وذلك لدرء خطر حرب جديدة في المنطقة ، ومحاولة رص الصفوف والتوصل لحلول تنهي شبح الحرب .