تشهد منطقة عفرين، شمال شرقي حلب، نشاطاً ملحوظاً في عمليات صيد الطيور المهاجرة، وبالأخص طائر الحسون الذي بات يحظى باهتمام خاص من قبل الصيادين ومربي الطيور من قبل المستوطنين الوافدين إليها حيث كانت الحياة البرية محمية وتخضع لقوانين خاصة تمنع الصيد من قبل الادارة الذاتية.
وقال “فتحي الشايب” أحد الخبراء في صيد طائر الحسون،: “يقوم قسمٌ لا بأس به من المهجّرين المقيمين في منطقة عفرين، بالمواظبة على نصب شباكهم بصورة يومية في أنحاء متفرقة من عفرين وريفها، على أمل صيد أكبر عددٍ ممكن من طائر الحسون، من أجل كسب المال”.
وأضاف: “يبدأ موسم صيد طائر الحسون مع بداية شهر تشرين الأول/ أكتوبر، ويمتد حتى منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وهي الفترة التي يهاجر فيها هذا الطائر بأسراب كبيرة جداً بين سوريا وكلٍ من (تركيا، لبنان، قبرص)، تبعاً لتقلبات المناخ صيفاً وشتاءً”.
وأوضح: “يخرج الصيادون مبكراً في كل صباح، ويقطعون مسافات كبيرة للوصول إلى أراضي الصيد، بعدها يبدؤون بعملية نصب الشباك، وفي الوقت الذي لا يتمكن فيه بعضهم من اصطياد أي طائر، قد ينجح البعض الآخر بالإمساك بطائرين أو أربعة طيور، توضع في أقفاص تمهيداً لبيعها إلى تجار من أبناء المنطقة أو خارجها”.
ونوّه “الشايب” إلى أن عملية تدجين هذا الطائر تقوم في البداية على اختيار أزواج مميزة منه، والعمل فيما بعد على تهيئة ظروف ملائمة لحثه على التكاثر في الأسر، للوصول أخيراً إلى مرحلة بيعه بأسعار مرتفعة حسب أسعار السوق الرائجة.
بدوره أشار “كنان بركات” أحد صيادي الطيور المهجّرين من منطقة القلمون، ويقيم في ريف عفرين، أن الصيادين يشرعون بصيد طائر الحسون مع أول هطول للأمطار؛ ذلك أنها تحفز الطيور على المغادرة من مواطنها، لتنتشر في المزارع والحقول في الأيام الصحوة التي تعقب هطول الأمطار.
وأضاف قائلاً: “لا بدّ لصائد الحسون من تجهيز معدّات مناسبة تساعده على الإمساك بهذا الطائر المغرد، لذلك يستخدم غالبية الصيادين شبكة ناعمة تفرد على الأرض، وتُخبأ تحت التراب أو بين الأشواك، ويربط عليها (أنثى) الحسون، ومهمتها رفرفة جناحيها كي تراها الحساسين المحلقة، وتهبط بجانبها مباشرة على مكان الشبكة، كما يوضع على بُعد أمتار منها قفص بداخله (ذكر) حسون مغرد، مهمته التغريد للفت انتباه أسراب الحسون المحلقة في السماء”.
واستدرك بالقول: “هناك طريقة ثانية شائعة لدى معظم الصيادين وتقوم على استخدام جهاز صوتي يعمل بواسطة البطاريات، ويصدّر أصواتاً شبيهة بصوت طائر الحسون، للتلاعب على الطائر وجذبه إلى مكان الشبكة في حال مرّ قريباً منها”.
وأشار “بركات” إلى أنه قام بنصب شباكه بالقرب من قرية سوركي في ناحية راجو، التي تتمتع بمناخ وطبيعة ملائمة لتواجد طائر الحسون، وهو ما مكنه من اصطياد نحو 10 إلى 15 طائر حسون يومياً، يقوم ببيعها إلى التجار بمبلغ يتراوح بين 2 إلى 3 آلاف ليرة سورية للطير الواحد، الأمر الذي من شأنه مساعدته على تغطية نفقات عائلته المهجّرة وخصوصاً في فصل الشتاء.
وحول طريقة تربية وأسعار طائر الحسون، يقول “سليمان تاج الدين” تاجر طيور في الشمال السوري، إن طائر الحسون يحتاج إلى رعاية خاصة، فبعد أسره ووضعه في الأقفاص، ينقل ليوضع في منطقة منخفضة حتى يعتاد على الضجة من حوله، لكن يجب تعويضه عن عناصر الطبيعة التي فقدها، مثل الشمس وأوراق النبات الخضراء وبذور دوار الشمس.
وتابع: “عقب مرور مرحلة ستة أشهر على وجود الحسون في القفص، يجري تغيير نظامه الغذائي إلى آخر مكون من ثمار (الجوز، القنمبز) والبيض المسلوق لتغذيته بالزيت والكلس اللازمين لنموه بصورة صحية”.
وأضاف: “يبدأ الحسون بالتغريد بعد شهرين من أسره، ولهذا يراعى أن يكون بمحاذاته قفص آخر يحوي حسوناً مغرداً ليحفزه على التغريد وإخراج ما عنده من نغمات، وتحظى تربيته باهتمام واسع من قبل السوريين، إما لأغراض تجارية أو للزينة، ولا سيما أولئك الذين لا يجدون مشكلة في دفع مبالغ باهظة مقابل اقتناء عصفور صغير، قد يتجاوز سعره 50 ألف ليرة سورية”.
يعدّ طائر الحسون من بين أبرز الطيور الصغيرة المغردّة التي يحظر صيدها في دولٍ كثيرة خوفاً من انقراضه، ويمتاز بألوان زاهية وبراقة، فرأسه حمراء مرصعة بخطوط سوداء، بينما تتميز الأجنحة بأنها ذات لون ذهبي مميز، أمّا الصدر فيبرز فيه اللونان الأبيض والبني.