كثرت التفجيرات التي تقع في مناطق في الشمال السوري الواقعة تحت سيطرة “القوات التركية”، والتي تأتي ضمن صراع النفوذ بين الفصائل المدعومة من أنقرة لا سيما وأنّ المقرات العسكرية لتلك الفصائل منتشرة داخل الأحياء السكنية، الأمر الذي يؤدي لسقوط ضحايا مدنيين. وقد خرجت عدة تظاهرات في جرابلس والباب تطالب المسلحين بالخروج من المدن.
مدينة جرابلس الحدودية، تقع شمال شرق محافظة حلب وتعد من أكبر مناطق في ريف حلب، يقطن بها مايقارب 200 ألف نسمة مابين نازح وسكان محليين، ويعد سوق جرابلس مركزاً لتجمع التجار من القرى المحيطة.
وشهدت مدينة جرابلس الحدودية تفجيرات عديدة، ومن أهمها تفجير سيارة مفخخة أمام مقر لواء الشمال، والتي تسببت بدمار هائل في المباني المدنية المحيطة.
’’أبو يوسف‘‘ من قرية تدعى ’’معارة الأرتيق‘‘ في ريف حلب، نازح إلى جرابلس، يقول في حديثه، ’’كنت أعمل قبل الثورة السورية في مجال الخياطة وكنت أملك ورشةً كبيرة مقارنة بالمجتمع الذي أعيش فيه، ذات مدخول كبير ويعمل لدي أربعة عمال، وأملك منزل وسيارة خاصة، تزوجت وأنجبت طفلين، ثم انتقلت للسكن في حي صلاح الدين، ومع إندلاع ثورة الحرية والكرامة كان جرمُ إعتقالي من قبل المخابرات الجوية هو التظاهر ضد النظام، حيث دام إعتقالي لديهم أنا وسيارتي الخاصة 6 أشهر، بعدها خرجت من المعتقل ومازالت سيارتي حتى اللحظة مصادرة لديهم‘‘.
ومع بداية عام 2016 تهجّر أبو يوسف من حي صلاح الدين بحلب بسبب تصاعد العنف والقصف المتبادل لقوات النظام والمعارضة وتهدم منزله، حيث اضطر إلى أن ينزح مع عائلته بإتجاه الريف الغربي نحو مدينة ’’حريتان‘‘.
وفي نهاية عام 2017، نزح أبو يوسف مجدداً هو وعائلته بإتجاه جرابلس،وبقي يبحث عن منزل مايقارب 6 أشهر، مع العلم أنّ إيجارات المنازل في المنطقة مرتفعة جداً وتفوق طاقته، كما أنّه لم يستطع العيش في المخيمات بسبب سوء الاوضاع الإنسانية فاضطر لإستئجار منزل بمبلغ شهري قدره 150 $، وبعد إستقراره هو وعائلته ومكوثهم في المنزل أيام، إستقرض أبو يوسف من صديقه في المهجر، مبلغاً مالياً وقدره 3000 $ ليفتتح مشروعاً صغيراً يكفيه قوت يومه مع أسرته وتكاليف المنزل. وأفتتح متجراً صغيراً.
وذكر أبو يوسف قائلاً: ’’قبل أيام، ذهبت إلى المنزل لأجلب أطفالي معي إلى المتجر لنقضي بعض الوقت في الشمس الدافئة في ظل هذا البرد القارس، ومع لحظة خروجنا من المنزل سمعنا دوي انفجار هز أرجاء المنطقة، وبدأت أعمدة الدخان تتصاعد من إتجاه الشرطة العسكرية، تركت أطفالي في المنزل وذهبت مسرعاً، ولحظة وصولي إلى مكان التفجير لم ترى عيني شيئاً سوى أن رزقي وكل مافي متجري مدمر ومتلف بسبب قوة الإنفجار‘‘.
وأردف بقوله: ’’في هذه اللحظات عاد شريط حياتي أثناء ناظري إلى ما تبقى من رزقي الذي ينتشله بعض المارة أمام عيني، وفي هذه الأثناء يقول أحد الموجودين (مات أبو يزن) التفت مستغرباً، إلا أنّ البقالية التي كانت بالقرب مني ، كان شابان من حمص يعملان في صناعة الحلويات البسيطة، قد اندثرت أشلاء جسمهم على الجدارن بسبب قوة الإنفجار، عندها أيقنت أنّ سلامة الروح والجسد والعائلة أهم بكثير من أي شيء‘‘.
واختتم أبو يوسف حديثه ’’بعد أن رتبت ماتبقى من رزقي واستقرضت مبلغاً آخر لأعيد متجري كما كان عليه من قبل، قمت بوضع يافطة على المدخل وكتبت فيها: (الرجاء عدم التفجير هنا هذه البضاعة كلها بالدين)، لعل ضمير من يقوم بهذه التفجيرات يستيقظ حال روؤيته لهذه اليافطة، ويبعدون أجنداتهم وأهدافهم السياسية عن أرزاقنا وأعمالنا‘.