هدأت الاشتباكات في مدينة عفرين (43 كم شمال مدينة حلب) شمال سوريا بعد يومين من التصعيد نتيجة حملة عسكرية قادتها تركية عبر فصائل سورية موالية وجنود أتراك والتي تسببت في مقتل العشرات من المسلحين وإصابة مدنيين بجروح. الاشتباكات اندلعت بين المجموعات السورية الموالية لتركيا.
الحملة تديرها تركيا عبر ما يعرف ب ” الجيش الوطني” الذي شكلته عقب عملية درع الفرات، معظم قادته من التركمان ويدينون بالولاء لانقرة، وغالب عناصره كانوا مقاتلين سابقين في الجيش السوري الحر قبل أن تنجح تركيا من تغيير عقيدته من قتال نظام الأسد إلى أداة تنفيذ بيدها تنفذ بها مخططاتها في سوريا.
الاشتباكات تركزت بين السلطان مراد وجيش الشرقية وفصيل شهداء الشرقية بشارع الفيلات وسط مدينة عفرين وامتدت لتشمل عدة أحياء ومركز المدينة سقط فيها جرحى وقتلى بينهم مدنيون بالتزامن مع إغلاق المدارس. تم استخدام الأسلحة الثقيلة وسط الأحياء السكنية ومدفع 57، حيث سقط أكثر من عشر قذائف هاون على الأحياء السكنية كما وهزت انفجارات قوية المدينةنتيجة الاشتباكات العنيفة و القصف المتبادل فيما الطيران التركي نفذ طلعات جوية.
الحملة ترافقت مع اعلان حظر التجول في مدينة عفرين واعزاز، واستنفار عسكري لعدة فصائل جابت شوارع مدينة عفرين وسط إطلاق رصاص كثيف وقطع جميع الطرق حيث فرضت الفصائل العسكرية حصارا على كامل المدينة.
مصادر كشفت أنّ هدف الحملة العسكرية التي ستمتد لتشمل مناطق درع الفرات هو تعويم الفصائل التركمانية على حساب الفصائل السورية الأخرى، حيث تنفذ تركيا خطة تهدف لنزع سلاح مختلف الفصائل تمهيدا لدمجهم ضمن تشكيل واحد والإبقاء على الفصائل التركمانية وسلاحها، حيث تعتبر تركيا هذه الفصائل هي امتداد قومي لها.
وربطت مصادر مطلعة الحملة العسكرية التركية الأخيرة بخطوات سياسية وإدارية تدعمها تركيا لا سيما المتعلقة باجراءت تغيير على مستوى قيادة “الجيش الوطني” و “المجالس المحلية” وفرض هويات جديدة على السكان إلى جانب اعتماد منهاج تعليمية جديدة في المدارس تعتمد اللغة التركية أساسا وتمجد الدولة التركية والعثمانيين.
كما وأنّها تأتي مكملة لجهود أخرى لتركيا لا سيما المتعلقة بفرض اختيار رئيس تركماني لائتلاف المعارضة المدعوم من أنقرة، والتلويح بأنّ التركمان هم ثاني قومية في سوريا ويجب تثبيت نفوذهم من خلال المفاوضات وأنّ تعدادهم يتجاوز 3.5 مليون، كما وأنّ تركيا رعت مؤخرا مؤتمرا نظمه “المجلس التركماني السوري” وبحضور شخصيات من “الحركة التركمانية” وفصائل عسكرية تركمانية في مدينة الراعي التي تم تتريك اسمها إلى جوبان باي، خلص المؤتمر لاعتماد علم موحد للتركمان في سوريا تحت مسمى “العلم التركماني” حيث قال من خلال صفحته على الفيسبوك “اختار تركمان سوريا رايتهم التي سترمز إليهم وتمثلهم في كل المحافل السياسية والمجتمعية كمكون أساسي ضمن الشعب السوري تحت سقف المشروع الوطني”.
وبحسب حزب “الحركة التركمانية”، حضر المؤتمر كل الأحزاب التركمانية ومنظمات المجتمع المدني، إلى جانب الفصائل العسكرية التركمانية بينها “فرقة الحمزة، فرقة السلطان مراد، فرقة محمد الفاتح، فرقة المنتصر بالله”.
وأكد الحزب عبر معرفاته الرسمية “بما توصل إليه التركمان السوريون، وحرصه على الاستمرار في انتهاج السبل والوسائل الجامعة للصف التركماني السوري”.
ويشير كتاب “الصراع لأجل السلطة في سوريا” للكاتب “نيكولاس فان دام”، والذي يعد أحد أهم الكتب التي تطرقت لتعداد التركمان في المنطقة، إلى أن نسبة التركمان السوريين تشكل 3% من التعداد الكلي للسكان.
ويقدر عددهم بـ 484 ألف نسمة من أصل ما يزيد على 16 مليوناً، بحسب أرقام عام 1997.
وكان الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان”، قد تعهد باستمرار دعم التركمان في سوريا وعدم التخلّي عنهم قائلا: “إنّنا ندعم أخوتنا التركمان في الباير والبوجاق وفي كل سوريا ونتعهّد بالاستمرار في تقديم الدعم لهم“.