مداهمات واعتقالات تعسفية في تل عران الكردية تثير مخاوف الأهالي
تعيش بلدة تل عران الكردية الواقعة في ريف حلب الجنوبي حالة من التوتر والاحتقان الشعبي، إثر تصاعد وتيرة المداهمات والاعتقالات التي تنفذها قوات “الأمن العام” التابعة لـ“الجيش الوطني” المدعوم من تركيا، في ظل اتهامات متزايدة من الأهالي بارتكاب انتهاكات تعسفية واستهداف متعمّد للسكان الأكراد.
بحسب المعلومات التي حصلت عليها مصادر محلية، فقد اقتحمت دورية من “الأمن العام” البلدة مساء السبت 8 تشرين الثاني/نوفمبر، عند الساعة السادسة وعشر دقائق، واعتقلت ثمانية شبان كانوا يجلسون أمام منزل أحدهم، في حين تمكن ثلاثة آخرون من الفرار.
تم اقتياد المعتقلين إلى سجن الواحة في مدينة السفيرة، دون إبراز أي مذكرة توقيف رسمية أو توجيه تهم واضحة لهم، الأمر الذي أثار غضب الأهالي الذين توجهوا إلى مقر الأمن العام للاستفسار، ليتلقوا إجابة غامضة تفيد بأن الحملة جاءت بحثاً عن “شخص حلبي مطلوب ومتوارٍ عن الأنظار”، وأن المعتقلين “سيُفرج عنهم قريباً”.
ورغم هذه الوعود، لم يتم الإفراج عن أي منهم حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
الشبان الذين تم اعتقالهم هم:
- مصطفى أبو البير
- عمر أبو البير
- إبراهيم ناصيف
- حسن هرميس
- إسماعيل تنبل
- محمد عطو
- أحمد عطو (22 عاماً)
- أحمد تنبل
تقول مصادر من البلدة إن هذه الحادثة ليست معزولة، بل تأتي ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي تشهدها المنطقة منذ أشهر، حيث تتكرر حملات المداهمة والاعتقال في القرى ذات الغالبية الكردية تحت ذرائع متعددة، أبرزها “التعامل مع الإدارة الذاتية”، أو حتى “الاستماع لأغانٍ كردية ذات طابع قومي”.
وتؤكد شهادات من سكان تل عران أن عناصر الأمن العام كثيراً ما يداهمون المنازل ليلاً دون إذن قضائي، ويصادرون الهواتف المحمولة، ويعتدون على الموقوفين بالضرب والإهانة أثناء التحقيق. كما يُجبر بعض الأهالي على دفع مبالغ مالية مقابل الإفراج عن أبنائهم أو تسوية أوضاعهم، في ظل غياب أي رقابة قضائية أو إنسانية.
الانتهاكات بحق المدنيين في مناطق ريف حلب الجنوبي لم تتوقف منذ سنوات، وتتنوع بين الاعتقال التعسفي، ومصادرة الممتلكات، وفرض الإتاوات، ما أدى إلى تزايد موجات النزوح نحو مناطق أخرى أو إلى خارج سوريا، خصوصاً بين فئة الشباب.
ويقول أحد وجهاء البلدة (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية):
“نعيش في حالة خوف دائم. لا أحد يعلم من سيكون التالي. أي شبهة أو كلمة كافية لتبرير اعتقالك. الناس هنا فقدت الثقة بأي جهة تدّعي حماية المدنيين.”
وأضاف أن الأهالي يطالبون المنظمات الحقوقية والإنسانية بالتدخل العاجل، والتحقيق في ممارسات الأجهزة الأمنية، والضغط من أجل إطلاق سراح المعتقلين، وإنهاء سياسة التمييز ضد القرى الكردية.
من جهتها، عبّرت عائلات المعتقلين عن قلقها الشديد على مصير أبنائها، خصوصاً مع ورود أنباء غير مؤكدة عن تعرض بعض الموقوفين لسوء المعاملة داخل سجن الواحة، الذي يُعرف بين السكان بأنه أحد أكثر مراكز الاحتجاز قسوة في المنطقة.
في ظل هذا الواقع، تتصاعد المخاوف من انفجار الوضع الأمني في ريف حلب الجنوبي، مع ازدياد الاحتقان الشعبي وتراجع الثقة بين السكان والأجهزة الأمنية، ما ينذر بمزيد من التوترات في حال استمرار هذه الانتهاكات دون مساءلة أو تدخل دولي.