في مشهدٍ صادم يعكس حجم الكارثة، بدا نهر عفرين الذي كان شريان حياةٍ لأهالي المنطقة ومزارعيها، مجرد مجرى ترابي جاف، بعدما انقطعت مياهه بشكل شبه كامل في الأشهر الأخيرة. يعود السبب الرئيسي، بحسب خبراء وناشطين، إلى السدود التركية المقامة على مجرى النهر داخل الأراضي التركية، والتي أدت إلى تقليص تدفق المياه إلى الداخل السوري.
نهر عفرين، الممتد من جبال طوروس داخل تركيا مرورًا بمنطقة عفرين شمال غربي سوريا، طالما كان مصدرًا رئيسيًا لمياه الشرب والري لآلاف السكان. إلا أن جفافه المفاجئ أدى إلى:
-تدمير عشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية، حيث ذبلت الأشجار وتوقفت المواسم عن الإنتاج.
-انقطاع مياه الشرب عن عدد من القرى، ما أجبر السكان على شراء المياه من الصهاريج بأسعار باهظة.
-نفوق عدد كبير من المواشي نتيجة شحّ المياه والعلف.
-هجرة عشرات العائلات من مناطقهم بحثًا عن مصادر مياه بديلة.
سياسات تركية ممنهجة
أنشأت تركيا خلال السنوات الماضية عدة سدود على نهر عفرين، أبرزها سدّ “يازغاك” وسد “قره قويو”، ما أدى إلى تقنين المياه بشكل كامل تجاه سوريا، في خطوة تُوصف بأنها “عقابية” وتتنافى مع القوانين الدولية التي تنص على حق الدول المتشاطئة في المياه العابرة للحدود.
وسط هذه الكارثة البيئية والإنسانية، تغيب أي سلطة أو جهة دولية قادرة على الضغط على الحكومة التركية لوقف هذه الانتهاكات. كما أن الحكومة السورية يبدو عاجزة وتلتزم الصمت تجاه السياسات التركية أو حتى توثيق الانتهاكات أمام المحافل الدولية.
يقول المزارع “جون حمو” من ريف جنديرس:
“كنا نعيش من خيرات الأرض، الآن لا نجد حتى ما نسقي به أشجارنا والمحاصيل. الزيتون جف، والقمح مات قبل أن يُحصد”.
ما يجري في نهر عفرين ليس مجرد جفاف عارض، بل جريمة صامتة تُرتكب بحق الإنسان والطبيعة، في ظل غياب العدالة والصمت الدولي. وإذا استمر الوضع على ما هو عليه، فقد تشهد المنطقة كارثة بيئية طويلة الأمد، تدفع ثمنها الأجيال القادمة.
—
هل ترغب بإعداد نسخة قصيرة للتلفزيون أو بصيغة فيديو؟