تشهد مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي استمرارًا للانتهاكات الممنهجة من قبل ميليشيا “الجيش الوطني السوري”، المدعومة من تركيا، والتي تسيطر على المدينة منذ عملية “نبع السلام” التي أطلقتها أنقرة في عام 2019. تشمل التنكيل بالسكان المدنيين، والاعتقالات التعسفية، والابتزاز المالي، مما أدى إلى حالة من الخوف والقلق بين سكان المدينة.
وفقاً لشهادات محلية، يتعرض العديد من الأهالي لعمليات اختطاف قسري وابتزاز، حيث تُطالبهم الميليشيا بفدية مالية للإفراج عنهم. كما تتعرض ممتلكات السكان للنهب، بما في ذلك المنازل والأراضي الزراعية، وسط غياب تام لأي رقابة قانونية أو دولية في تلك المنطقة. وقد طالت الانتهاكات النساء والأطفال أيضًا، في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان والقوانين الدولية.
إلى جانب ذلك، تشهد المدينة نزوحًا متزايدًا للسكان، الذين يسعون للهرب من الظروف القاسية وعمليات التضييق التي تمارسها الميليشيا. ويرى مراقبون أن هذه الممارسات تهدف إلى إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة، خاصة أن تل أبيض تعد من المدن التي كانت ذات أغلبية كردية قبل سيطرة القوات المدعومة من تركيا عليها.
تشمل الانتهاكات المرتكبة مجموعة واسعة من الجرائم والتجاوزات التي تؤثر بشكل مباشر على السكان المدنيين. ومن أبرز هذه الانتهاكات:
1. الاعتقالات التعسفية: تقوم الميليشيا باعتقال المدنيين دون أي مبرر قانوني، وغالبًا ما يتم اعتقال الأفراد بناءً على شبهات غير مبررة أو لمجرد انتمائهم العرقي أو السياسي. ويتعرض المعتقلون لسوء المعاملة داخل السجون السرية التي تديرها الميليشيا.
2. الابتزاز المالي: بعد الاعتقالات، يُطلب من أسر المعتقلين دفع فدية مالية كبيرة للإفراج عن ذويهم. هذه الممارسات أصبحت وسيلة لجني الأموال غير الشرعية من قبل الفصائل المسلحة.
3. النهب وسرقة الممتلكات: تشهد المدينة عمليات نهب واسعة للمنازل والمحال التجارية والأراضي الزراعية. تقوم الميليشيا بالاستيلاء على ممتلكات الأهالي وطردهم من منازلهم، في إطار سياسات تهدف إلى التغيير الديموغرافي في المنطقة.
4. التعذيب وسوء المعاملة: أفاد العديد من الناجين من المعتقلات بتعرضهم للتعذيب الجسدي والنفسي. تشمل أساليب التعذيب الضرب المبرح، الصعق الكهربائي، والحرمان من الطعام والماء، ما أدى إلى وفيات في بعض الحالات.
5. الانتهاكات ضد النساء: تتعرض النساء في تل أبيض لاعتداءات مختلفة، منها التحرش الجنسي والاستغلال. تم توثيق حالات اختطاف نساء وفتيات وابتزاز عائلاتهن لدفع الفدية مقابل الإفراج عنهن.
6. التهجير القسري: يُجبر السكان المحليون، وخاصة الكرد، على مغادرة منازلهم وأراضيهم تحت تهديد السلاح. هذه العمليات تهدف إلى إخلاء المدينة من سكانها الأصليين وتوطين عائلات المقاتلين بدلاً منهم، في محاولة لتغيير التركيبة السكانية للمنطقة.
7.القتل خارج القانون: وثقت تقارير ميدانية حالات إعدام ميداني لمدنيين، نفذتها الميليشيا دون أي محاكمات عادلة. وغالبًا ما يتم ذلك على خلفية اتهامات زائفة.
هذه الانتهاكات المتواصلة، والتي تستهدف المدنيين بشكل أساسي، أدت إلى تفاقم الوضع الإنساني في المدينة، حيث يعيش السكان تحت تهديد مستمر وفقدان الأمان، في ظل غياب أي محاسبة فعلية للمتورطين.