بحسب التقارير الحقوقية التي تصدر تباعا من داخل منطقة عفرين السورية ومناطق شمال سوريا التي احتلتها القوات التركية بدعم مجموعات سورية مسلحة كانت تقاتل سابقا تحت راية الجيش الحر والمتعلقة بالانتهاكات التي تقوم بها فصائل المعارضة السورية الموالية لتركيا، فإن الأوضاع تشير إلى كارثة حقيقية يعيشها آهالي عفرين.
محاولات إحداث تغيير ديموغرافي في المنطقة تترافق مع تزايد حالات انتهاكات حقوق الإنسان من الخطف إلى تعذيب وقتل وحرق ومصادرة الأملاك وغير ذلك…التقارير الحقوقية والاعلامية الموثقة التي ينشرها دوريا “مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا” من خلال الشهادات الواردة ورصد ميداني من قبل “راصدي المركز” والاعتماد على شهادات السكان المحليين والمهجرين قسرا، عشرات التقارير الاعلامية الصادرة عن عفرين تثبت بما لا يدعو للشك أن ما يحدث في عفرين هي انتهاكات ترتقي لمستوى جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي لن تسقط بالتقادم بموجب القانون الدولي، ولن ينجوا مرتكبوها من العقاب.
الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الاحتلال التركية مع المجموعات السورية التابعة لها والتي كانت تقاتل سابقا تحت راية الجيش الحر في عفرين خلال الفترة الممتدة من 1 حزيران/يونيو حتى 31 تموز/يوليو من العام الجاري بلغت:
(95 ) حالة قتل لمدنيين من بينهم مسنين، و5 نساء و11 طفل، وجرى توثيق (394) حالة خطف واعتقال. و (138) حالة إصابة بجروح نتيجة مداهمة المنازل أو شظايا المتفجرات أو نتيجة تعرضهم للضرب من قبل المسلحين.
بالاضافة إلى توثيق (21) حالة اقتتال داخلي بين المجموعات المسلحة في الأحياء السكنية، وتوثيق تحويل (33) مركز تعليمي ومدني إلى مقرات عسكرية ومصادرة (35) منزل وتحويلهم إلى سجون أو مراكز عسكرية، كما وجرى توثيق، (13) ثلاثة عشر حالة حريق في الممتلكات الآهالي (المنازل والمحلات والبساتين)/ حرق ما يقارب 48 هكتاراً مزروعاً بالحبوب و 5580 شجرة زيتون/. وتوثيق هدم ( 16) منزل. وجرف (500) قبر، وعدم السماح لسكان عشرات من القرى بالعودة لمنازلهم المحتلة من قبل المستوطنين. و(11) حالة قصف من قبل الطيران التركي قرب الأماكن المأهولة بالسكان.
إضافة إلى فرض الأتاوات تحت اسم الزكاةو تهجير السكان من منازلهم لتحويلها إلى جامع، إجبار الايزيدين على الصلاة، منع الآهالي من التوجه لبساتيهم ومنع حصادها، مصادر أراضيهم واستثمارها والاستيلاء على ممتلكاتهم ومنازلهم.
انتهاكات ترتقي لمستوى جرائم الحرب والجرائم الإنسانية التي بموجب القانون الدولي لن تسقط بالتقادم، ولن يفلت مرتكبوها من العقاب .
الحالات الموثقة بالاسم، والصور، والشهادات لا تمثل 30 % من حجم الانتهاكات التي تجري على الأرض. كما وأن المستوطنيين العرب يشاركون المسلحين السوريين في الاعتداءات وفي الاستيلاء على منازل المدنيين ورفض اخلائها وفي حصاد أراضيهم وجنى ثمار محاصيلهم وأشجارهم وهم يعتبرون مشاركين في تلك الجرائم و سيلقون تبعاتها القانونية والأخلاقية .
مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، يحذر من الاستمرار في هذه الجرائم ويطالب المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ حياة مئات الآلاف من السكان الذين نزحوا من عفرين أو عادو إليها رغم الغزو التركي، والجرائم اليومية المرتكبة بحقهم. ويشار أن هذه الممارسات ما هي إلا جزء مكمل لما فعلته الحكومة السورية بما سمي بمشروع الإحصاء بحق الكرد في عام 1962، والتي كانت نتيجته مصادرة ثلاث ملايين دونم من الأراضي في محافظة الحسكة، ومليونين ومئتي ألف دونم في مناطق سلوك وتل أبيض وعين عيسى، كانت عائدة لأصحابها الأكراد في شرقي نهر الفرات حيث جرى منحها للفلاحين المستقدمين من خارج المحافظة في إطار المشروع الحزام العربي، مما سيتسبب في تعميق الهوة بين الشعوب السورية ويحدث المزيد من الخلافات.
من وجهة نظر القانون الدولي والمواثيق الدولية يعتبر السوريون الموالين لتركية من فصائل ومنظمات شركاء في تلك الانتهاكات والجرائم، وهي تتحمل أي تبعات قانونية وجزائية وتتحمل المسؤولية ذاتها لما يجري من جرائم بحق المدنيين، كما وأن المستوطنون العرب الذي قبلوا السكن في منازل الكرد المهجرين واستولوا على ممتلكاتهم ومحاصيلهم وأراضيهم هم شركاء ويتحملون التبعات القانونية والأخلاقية لذلك.
جاء في نص اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في الحرب في عام /1949/ الباب الأول- المــادة (33)
لا يجوز معاقبة أي شخص محمي عن مخالفة لم يقترفها هو شخصياً. تحظر العقوبات الجماعية وبالمثل جميع تدابير التهديد أو الإرهاب.
تحظر تدابير الاقتصاص من الأشخاص المحميين وممتلكاتهم.
وأيضا جاء في ميثاق العالمي لحقوق الإنسان في نص المادة ( 17 ) منه على ما يلي:
أ – لكل فرد حق التملك، بمفرده أو بالاشتراك مع غيره.
ب – لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفاً .
تركيا أخفقت بشكل متكرر منذ أن استعمرت أراضي جارتها سوريا وانتهكت سيادتها، وفشلت في إعادة الأمن والسلام للمناطق احتلتها لدواعي حماية السكان في حين أنها ساهمت في جلب المزيد من المآسي للسكان، وخرقت المواثيق والاتفاقيات الدولية ولم تستطع إيفاء بتعهداتها والتزاماتها تجاه العالم من انتهاكها الصارخ للقيم والمواثيق الدولية والإنسانية وحقوق دول الجوار.
لم تتوقف منذ مارس الماضي الانتهاكات والاعتقالات والتجاوزات التي تجري بحق سكان منطقة عفرين، ممن بقوا تحت ظلم البنادق التركية وسوط الفصائل المؤتمرة بأمره، هذه الانتهاكات والتي تصاعدت وتيرتها بدءا من حزيران بحق المواطنين من أهالي منطقة عفرين، والاعتداء عليهم.
الفصائل العاملة في مدينة عفرين وقرى بريفها، تعمد إلى مواصلة الاتجار بالمدنيين عبر اعتقالهم ونقلهم إلى مقراتها وتعريضهم للضرب المبرح والتعذيب والتنكيل بهم، ومن ثم فرض مبلغ مالي للإفراج عنهم.
عمليات الإفراج تجري بعد دفع مبالغ مالية، وفي بعض الأحيان تجري عمليات قتل للمدنيين المعتقلين نتيجة بشاعة التعذيب أو لعدم قدرة ذويه على تأمين المبلغ المطلوب للإفراج عنه من قبل فصائل ، عملية “غصن الزيتون”، كان آخرها قتل مدني وتعذيب شقيقه بعد مداهمة منزلهما وسرقة ممتلكاتهما من ذهب وأموال، حيث اقتيد أحدهما وأفرج عنه بعد عملية سرقة ممتلكات المعتقل وشقيقه، ليفارق الحياة بعد تعذر علاجه نتيجة الضرب الوحشي الذي تعرّض له.
بالاضافة الى توطين مهجرين من غوطة دمشق الشرقية، في قرى بعفرين، ورفض عودة السكان لقراهم وتحويل المنازل إلى سجون سرية أو مقرات عسكرية اضافة إلى توزيع المنازل على عوائل المسلحين، بالتزامن مع الاستيلاء على مزيد من ممتلكات المدنيين من أراضي زراعية ومزارع ومنازل وسيارات وغيرها من الممتلكات، حيث تجري عمليات استيلاء كاملة على بعض الممتلكات، فيما يجري نهب ما يمكن نقله، من أثاث وآليات ومجوهرات وأجهزة إلكترونية.
بعض الفصائل تعمد إلى إضرام النيران في ممتلكات مواطنين كانتقام من بعضهم، وفي رد على امتناع آهالي عن دفع أتاوات للفصائل المتواجدة في مناطق سيطرتهم في محيط مدينة عفرين ومناطق بلبلة وراجو وشيراوا وشرا وجنديرس وراجو ومعبطلي وميدان إكبس، حيث أضرمت النيران بالمئات من أشجار الزيتون المثمرة، والمزارع ما أشعل استياء الأهالي الذين باتت القوات التركية بنظرهم هي المنفذ للانتهاكات دون ردع لأي فصيل.
كما وتقوم فصائل المعارضة في نقاط التفتيش المقامة على الطرقات وفي مداخل المدن والبلدات بمضايقة النساء وتفتيشهم بذريعة أن لديهم أسلحة ويقومون بتوجيه مسبات وكلمات عنصرية وشتم الركاب اثناء مرورهم في الحاجز ويتعمدون تأخيرهم لساعات تحت ذريعة تفتيشهم وتفيش اجهزتهم الخلوية التي يصادرونها.