في خضم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها السوريون، تبرز شهادات جديدة تكشف عن انتهاكات خطيرة يرتكبها حرس الحدود التركي، المعروف باسم “الجندرما”، بحق المهاجرين السوريين الذين يبحثون عن ملاذ آمن على الحدود التركية. تشمل هذه الانتهاكات الضرب بالعصي، إطلاق الكلاب عليهم، مصادرة أغراضهم، وسرقة هواتفهم وأموالهم. كما تتحدث تقارير عن إطلاق النار على المهاجرين، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات.
شهادات الضحايا
شهادة أحمد (اسم مستعار)
أحمد، 32 عامًا، كان يسعى للهروب من جحيم الحرب في سوريا مع زوجته وطفليه. يقول أحمد: “كنا نظن أن الوصول إلى الحدود التركية سيكون بداية لحياة جديدة وآمنة، لكن الواقع كان مختلفًا تمامًا. بمجرد أن اقتربنا من الحدود، بدأت الجندرما بضربنا بالعصي دون أي سبب. أطلقوا الكلاب علينا، ما جعل الأطفال يصرخون من الخوف. صادروا هواتفنا وأموالنا وتركونا بلا شيء.”
شهادة فاطمة (اسم مستعار)
فاطمة، 28 عامًا، أم لطفلين، تحكي تجربتها المريرة قائلة: “كنا نحاول عبور الحدود ليلاً عندما فوجئنا بأضواء قوية وأصوات تهديد. بدأ الحراس في ضربنا بالعصي وأطلقوا الكلاب علينا. أخذوا حقيبتي التي كانت تحتوي على كل ما نملك من مال ووثائق. لم يتوقفوا عند هذا، بل أطلقوا النار باتجاهنا، ما أسفر عن إصابة زوجي بجروح خطيرة.”
لا تقتصر الاتهامات على شهادات الضحايا السوريين فقط، بل يتحدث ممرض عامل في مشفى بمدينة أعزاز السورية “ما يحدث على الحدود التركية-السورية هو مأساة إنسانية. نشاهد بانتظام المهاجرين الذين تعرضوا للضرب والمضايقات من قبل الجندرما. بعضهم يصل إلينا مصابًا بجروح خطيرة، وهناك من فقدوا حياتهم بسبب إطلاق النار عليهم”
استهداف المهاجرين باسلحة فتاكة
ارتفع عدد السوريين الذين قتلوا برصاص الجندرما التركية إلى 564 سورياً، بينهم (106 طفلاً دون سن 18 عاماً، و 69 امرأة)، وذلك حتى 20 تموز 2024 وأصيب برصاص الجندرما 3106 شخصاً وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرما بالرصاص الحي.
منذ بداية العام الجاري (2024) قتلت الجندرما التركية 11 مهاجرا، ووثقت إصابة 31 آخرين.
وخلال عام 2023 قتلت الجندرما 41 شخصاً فيما تجاوز عدد الذين أصيبوا خلال محاولة اجتياز الحدود إلى 133 شخصاً، بينهم إصابات بإعاقة دائمة نتيجة الضرب الوحشي بالعصي والبواريد والركل وإلقائهم خلف الساتر الحدودي وهم ينزفون.
وخلال عام 2022 قتلت قوات حرس الحدود التركية 48 مهاجراً سورياً بينهم 5 أطفال وامرأتين ضمن مناطق سورية متفرقة واقعة قرب وعلى الحدود مع تركيا، كما أصابت 121 مدنياً بينهم 36 طفلاً و 40 امرأة عبر استهدافهم بطلقات مميتة من قناصين مدربين يستهدفون المهاجرين، أو سكان القرى القريبة من الحدود بشكل متكرر.
دعوة للتحقيق والمساءلة
تتزايد الدعوات للتحقيق في هذه الانتهاكات ومساءلة المسؤولين عنها وسط صمت المجتمع الدولي. يجب على المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان التحرك بسرعة للتحقيق في هذه الجرائم وضمان حماية المهاجرين الفارين من النزاع في سوريا. إن صمت المجتمع الدولي وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة يساهم في استمرار هذه الانتهاكات ويزيد من معاناة الضحايا.