- رغم أن الجريمة ارتكبت من قبل مسلحين معروفين وأمام الناس لكن الأجهزة القضائية تماطل وترفض الفصل في القضية لصالح الضحايا.
- الميليشيا التي ينتمي إليها المسلحون هددت ذوي الضحايا بالقتل وخطفت وحاولت قتل أحد أبناء الضحايا للضغط عليهم لاسقاط الدعوة.
بتاريخ 20 آذار 2023 قام مسلحون ينتمون إلى ميليشيا (جيش الشرقية) التابع للجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا بارتكاب مجزرة مروعة قتلوا فيها 4 أشخاص من عائلة واحدة، في بلدة جنديريس في ريف مدينة عفرين شمال سوريا. وذلك لاعتراضهم على احتفال الضحايا بعيد نوروز، الضحايا الثلاث هم ثلاثة أشقاء وأحد أبنائهم وهم: فرح الدين محمد عثمان (43) عاماً، نظمي محمد عثمان (38) عاماً، محمد عثمان (42) عاماً، والشاب محمد فرح الدين عثمان (18) عاماً، وهو نجل فرح الدين عثمان.
وبعد ساعات من الجريمة أعلن جهاز الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني السوري نفسه عن اعتقال المهاجمين الخمسة، -كما تجري العملية عادة- نفى الجيش الوطني، وفصيلي (جيش وأحرار الشرقية) أي ارتباط للمسلحين الثلاثة بهم.
ورغم تعهدات “الجيش الوطني وأجهزته الأمنية، والائتلاف السوري والحكومة السورية المؤقتة ” باجراء تحقيق شفاف وملاحقة كل المتورطين في المجزرة – المدانة – لكن وبعد مرور 8 أشهر مازالت القضية مجمدة ولم يتم اجراء أي تحقيق سليم أو شفاف لا بل وتم تهديد ذوي الضحايا 4 مرات على الأقل بمصير مشابه لأبنائهم إن استمروا في الدعوة وقاموا بخطف أحد ابنائهم والاعتداء عليه بوحشية للضغط عليهم للتنازل عن الدعوة كل ذلك كان يجري بعلم الأجهزة الأمنية والتي لم تتحرك لحماية عائلات الضحايا.
الجريمة جرت أمام أعين الناس، حيث هرع المسلحين من مقرهم العسكري ( جيش الشرقية ) حاملين أسلحة رشاشة وبدأوا بقتل أفراد العائلة العزل والذين كان كل ذنبهم الاحتفال أمام منزلهم بعيد نوروز المقدس بالنسبة للكرد. كان يمكن أن يكون عدد الضحايا أكبر من ذلك – أصيب 3 أشخاص من العائلة نفسها- لو لم ينجح أحدهم من احكام إغلاق باب المنزل والتحصن داخله، قبل أن يتجمع الناس ويهرب المجرمون الذين نفذوا المجزرة وهم من عناصر فصيل (جيش الشرقية) المنضوية ضمن تشكيل يحمل اسم “حركة التحرير والبناء” وهم: عمر صالح الأسمر – مواليد عام 2000 وحبيب علي خلف – مواليد عام 2004 وبلال أحمد العبود – مواليد عام 2000، وشخص رابع وخامس لم نتعرف عليهم وهم ضمن مجموعة مسلحة يقودهم حسن الضبع.
عمليات القتل هذه جاءت بعد أكثر من خمس سنوات من انتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة من قبل ميليشيات الجيش الوطني وفصائلها المسلحة والتي مرت بدون محاسبة وعقاب وهذه الانتهاكات تجري تحت أعين ومشاركة القوات المسلحة التركية. حيث تسمح تركيا لهؤلاء المقاتلين بإساءة معاملة الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم دون التعرض للمساءلة أو العقاب.
ورغم أنّ تركيا تتحمل كدولة محتلة لمنطقة عفرين وتدعم ميليشيات سورية مسلحة المسؤولية القانونية الكاملة عن الجرائم التي تحدث في عفرين، حيث تتمتع بالسيطرة الكاملة على الأراضي والموارد والسكان في المدينة. وبموجب القانون الدولي، فإنّها لا تقوم بإجراء أيّة تحقيقات لا بل وتحمي قادة وعناصر الميليشيات المتورطين في ارتكاب الجرائم وتكافئهم عبر منح الجنسية ومنحهم حرية التنقل من وإلى تركيا وهي لا تقوم بما يتعين عليها كدولة محتلة في أن توفر الأمن والسلامة للسكان المدنيين، ولا تقوم بواجباتها في حماية حقوقهم وحرياتهم.
وهناك شكوك متزايدة في نزاهة القضاء والتحقيق في قضية قتل الأشخاص الأربعة (ثلاثة أشقاء وابن أحدهم) لا سيما وأنّ مختلف الأجهزة القضائية والأمنية والعسكرية التي أنشأتها تركيا عقب احتلال عفرين في آذار 2018 متهمة بالفساد والمحسوبية وفشلت في الكثير من القضايا الجنائية السابقة حيث ظل المجرمون خارج نطاق العدالة والمحاسبة. لا سيما وأن الميليشيات المسلحة تشارك بفعالية في تلك الأجهزة وقادة الميليشيات في كثير من الأحيان يديرون تلك الأجهزة.
رغم أنّ الأجهزة الأمنية قد أعلنت عن اعتقال 3 من المتورطين في الجريمة، فإنهّا لم تذكر أنّها اعتقلت قائدهم المعروف باسم حسن الضبع المتهم الأول في التخطيط للجريمة وتسليح عناصره لتنفيذها.
مصادر خاصة لمركز التوثيق أكدت أنّ قاضي التحقيق طه رشواني الذي تسلم التحقيق في الجريمة، يماطل ويعرقل مسار القضية، كما قام بتاريخ 27 آذار بزيارة منزل الضحايا الواقع في بلدة جنديرس برفقة قوة عسكرية مؤلفة من ستة عناصر من جهاز الشرطة العسكرية بغية تسجيل إفادات عوائل الضحايا وسماع شهاداتهم عن الجريمة، التحقيقات شملت مقابلات مع كل من: أشرف محمد عثمان، محمد نظمي عثمان، أمينة علي جابو، إسماعيل سليمان محمد.
وبحسب المعلومات التي جمعها فريق مركز التوثيق فإنّ الشهود تعرفوا على المهاجمين والجهة التي ينتمون إليها، وهي جيش الشرقية وهم: عمر صالح الأسمر – مواليد عام 2000، وحبيب علي خلف – مواليد عام 2004، وبلال أحمد العبود – مواليد عام 2000، وشخص رابع لم نتعرف عليه وهم ضمن مجموعة مسلحة يقودهم حسن الضبع الذي قدم السلاح للمجموعة وقاد الهجوم. وقدموا اتهاما مباشرا لهؤلاء بقتل ابنائهم، وهي شهادات أكدها سكان الحي الذي يتواجد فيه منزل الضحايا وكل من كان متواجدا ساعة ارتكاب المجزرة.
وبعد سماع وتسجيل وتوثيق رواية الشهود تم ختم المحضر، واغلاقه ثم غادر القاضي طه رشواني المنزل فيما بقي عدد من المسلحين الذين -كما ننقل عن مصدر من العائلة- قاموا بإجبار أفراد آخرين من الأسرة وهم: روشين محمد عثمان (أخت)، هيفين عصمت إبراهيم زوجة الضحية محمد عثمان، ياسمين مصطفى جقل زوجة الضحية فرح الدين عثمان، أفريزان عثمان (ابن)، الطفل محمد محمد عثمان (إبن) بالتوقيع على أوراق بيضاء ومغادرة المنزل.
تفاصيل الجريمة:
تروي شقيقة الضحايا، روشين عثمان تفاصيل المجزرة المروعة “في حوالي الساعة 7 مساء يوم 20 مارس / آذار ، بينما كانت العائلات الكردية في منطقة جنديرس المتضررة بالزلزال وبقية عفرين تحتفل بعيد نوروز، تهجم أحد مسلحي “جيش الشرقية” على المواطن “فرحان عثمان” الذين كان يجلس أمام منزله. المقاتل الذين ينتمي لميليشيا “جيش الشرقية” أمر عثمان بإطفاء النار الذي أشعلها لاحتفال بعيد نوروز، فلم يستجب له عثمان وتمادي المسلح وقام بضرب أحد أبناء عثمان. ثم قام المقاتل بإلقاء الحجارة عليهم، فالتزم عثمان بالهدوء لتجنب التصعيد، فغادر المقاتل المكان متجها لإحدى مقرات(جيش الشرقية) التي تبعد حوالي 30 متراً عن المكان، وعاد مع عدد من الرجال المسلحين (3 إلى 6 مسلحين). وبدأوا على الفور بإطلاق النار بشكل عشوائي على فرحان عثمان وأفراد آخرين من العائلة خرجوا بعد سماعهم أصوات الرصاص، مما أسفر عن مقتل فرحان وثلاث من أخوته وابن أخيه، كما أصيب اثنين من أشقائه وقريب آخر لهم بجروح .
تضيف روشين “أحد إخوتي تعرض لطلقة نارية في رأسه، وآخر تلقى 5 رصاصات في بطنه، فيما مثّلوا بأخي الآخر”.
مضت تقول حول الحادثة “نقلنا إخوتي إلى مستشفى قريب، لم تمر نصف ساعة حتى أخبرونا أنّ الثلاثة قد ماتوا، وقالوا لنا خذوا جثامينهم، فرفضنا ذلك، لأنّنا طالبنا أن نستردّ حقّنا من قاتليهم”.
وتابعت “خرجنا إلى شوارع عفرين لننادي ونصرخ كي يعلم الناس بأنّ أمراً ما قد حدث، وقد هاجمنا إثر ذلك مسلحون آخرون، فقام العناصر المسلحون البالغ عددهم 3، بنقل جثث إخوتي من المستشفى إلى الرصيف، وطالبونا بدفنهم على الفور”.
وتجمّع العشرات من أهالي جنديرس في مدينة أطمة في ريف إدلب – التي نُقلت الجثامين إلى أحد مشافيها – رافعين شعارات تطالب بمحاسبة الجناة والشكوى من ظلم الفصائل.
اجتاحت القوات المسلحة التركية والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا منطقة عفرين وسيطرت عليها في عام 2018، وهي منطقة كردية في حلب، مما أدى إلى مقتل المئات من المدنيين وتشريد مئات الآلاف. منذ ذلك الحين، سيطرت أكثر من 40 فصيلاً من الجيش الوطني على قرى أو بلدات أو حتى أحياء منفردة في منطقة عفرين وقاموا تحت حماية تركية بارتكاب انتهاكات جسيمة بما في ذلك جرائم الخطف والاغتصاب وعمليات القتل خارج نطاق القضاء، والنهب والاستيلاء غير القانوني على الممتلكات، ولم تفعل تركيا شئياً لمنع الانتهاكات أو تحسين سلوك الفصائل.