تشهد مدينة حلب أزمة خبز حادة. ويضطر الأهالي إلى انتظار ساعات طويلة أمام الأفران، للحصول على كميات محددة من الخبز، في حين لجأ البعض لشراء الخبز “السياحي” الذي تنتجه الأفران الخاصة، بأسعار مرتفعة. كما أنّ قلّة المعروض من خبز الأفران العامة تسبب بارتفاع أسعاره إلى الضعف، بسبب انتشار الباعة الوسطاء “المعتمدين” المتعاقدين مع إدارة المخابز، التي تعود رُخصِهِا لقادة ومتنفذين في القوى الأمنية.
مليشيات موالية للنظام كانت قد استولت على الأفران في حلب، خاصة تلك التي أعيد تشغليها وترميمها في الأحياء الشرقية منذ بداية العام 2017. مليشيا “لواء الباقر” ومليشيات عشائرية محلية في المدينة، سيطرت على انتاج وتجارة الخبز. الأفران التي بقيت خارج سلطة المليشيات، يعتمد أصحاب رخصها على علاقاتهم الوثيقة بقادة ورؤساء الفروع الأمنية لتهريب المخصصات من مادة الطحين وبيعها في السواق السوداء، أو حتى تهريبها خارج مناطق سيطرة النظام.
وينتشر باعة الخبز في معظم أحياء حلب، وعلى مسافة قريبة من الأفران في معظم الأحيان. ويبيع أولئك “ربطة” الخبز، التي تحوي ثمانية أرغفة، بـ200 ليرة سورية وأحياناً بـ300، أي ضعف أو ضعفي السعر المحدد في الأفران. ويرتبط باعة الخبز في السوق السوداء، مع إدارة الأفران، التي تقوم بتزويدهم بالخبز على دفعات خلال ساعات النهار في أوقات ذروة طلب الخبز. الازدحام الشديد على الأفران يدفع الأهالي المصطفين بالمئات إلى شراء الخبز من الباعة “المعتمدين”.
القسم الأكبر من مخصصات الأفران العامة من الطحين، تباع في السوق السوداء للأفران الخاصة وأفران الكعك ومحال تصنيع المعجنات. الكميات المباعة في السوق السوداء من الطحين تعود بأرباح هائلة لمالكي الأفران. ومؤسسة المطاحن والحبوب هي المسؤولة عن توزيع الطحين على الأفران.
القسم الآخر من الطحين المُخصص للأفران العامة يتم تهريبه وبيعه في السوق السوداء.
وأمام غضب الأهالي، أشاع فرع “أمن الدولة” في حلب خبر إلقاء القبض على مجموعة من مهربي الطحين عند معبر التايهة، وضبط 50 طناً. وتبين أنّ الحمولة هي دقيق تمويني مخصص لإنتاج الخبز في حلب، وتم ضبطه بالكامل من “أمن الدولة” و”مديرية حماية المستهلك” بحلب، والتحقيقات جارية مع المتورطين في هذه العملية “التي كانت ستدخل حلب في أزمة خبز”.