وثق فريق “مركز توثيق الانتهاكات” قيام السلطات الجزائرية بطرد العشرات من المهاجرين وطالبي اللجوء السوريين إلى النيجر والقائهم في منطقة عين قزام الصحراوية المقطوعة على الحدود مع النيجر والتي تبعد 2500 كم عن مدينة وهران حيث تم اعتقالهم.
وتوثق الشهادات التي جمعها فريق مركز التوثيق من 3 من اللاجئين السوريين الذي رحلتهم الجزائر من أصل 29 سوريا (منهم 8 نساء) بأن السلطات قامت بمصادرة مقتنياتهم، ولم تسمح لهم بالطعن في قرار ترحيلهم أو فحص وضع اللجوء الخاص بهم، خاصة وان هؤلاء كانوا يمتلكون جوازات سفر سورية تمت مصادرتها كذلك ولم يدخلوا الأراضي الجزائرية من النيجر.
وزجّت السلطات الجزائرية هؤلاء في شاحنات في باصات ورفض تسليمهم أجهزتهم الخليوية (الهاتف) والمبالغ المالية التي كانت بحوزتهم وبعد مسيرة 3 أيام متواصلة قامت برميهم على الحدود في منطقة عين قزام.
واحتُجز هؤلاء المهاجرون وطالبو لجوء في مدينة وهران بتاريخ 20 تموز من العام الجاري (2022) وتم نقلهم الى مراكز الشرطة، وظلوا مقيدين مدة 22 يوما في ظروف انسانية صعبة، دون رعاية طبية ليتم ترحيلهم بعد ذلك مسافة 2500 كم الى حدود النيجر، حيث تم القائهم في منطقة صحراوية بعيدة جداً عن المناطق المأهولة بالسكان . وقبل ترحيلهم تمت مصادرة هواتفهم، وما معهم من أموال.
تؤكد الشهادة الموثقة أن السوريين تم نقلهم في الباصات جنوبا، إلى ولاية عين قزام التي تبعد 2500 كيلومتر عن مدينة وهران الساحلية.
قال اللاجئون الذي تمكنا من التواصل معهم في ولاية عين قزام إنّ السلطات الجزائرية رحّلتهم إلى الحدود من دون السماح لهم بالطعن في قرار الطرد، أو اللجوء إلى محامٍ، كما وأنها رفضت اعادة أوراقهم الثبوتية واجهزة الهاتف والأموال التي كانت بحوزتهم ، وقالوا “لا نعلم أين نذهب … لا نملك أية أموال، لنسافر مجددا ، كما وانه لا يمكننا العودة الى سوريا..” وتحدثوا عن الظروف الصعبة وسط مناخ الصحراء القاسي، تصل درجات الحرارة إلى 45 درجة مئوية خلال النهار، وتنخفض بشدّة في الليل.
وقالوا: ” تم نقلنا عبر باص مدة ثلاثة أيام متواصلة، تحت رقابة أمنية … لم يسمحوا لنا بالخروج ولو لمرة واحدة ، بالكاد كنا نحصل على الماء لشربه..”
وبينما يحقّ لكلّ بلد تنظيم دخول الأجانب إليه، تنتهك معاملة الجزائر للمهاجرين التزاماتها كطرف في “اتفاقية العمّال المهاجرين” التي تحظر الطرد الجماعي وتتطلّب النظر في كلّ حالة على حدة.
كطرف في اتفاقيات اللاجئين الأممية والأفريقية، و”اتفاقية مناهضة التعذيب”، فإن الجزائر ملزمة أيضا بمبدأ عدم الإعادة القسرية، الذي يحظر الإعادة القسرية لأيّ شخص إلى بلاد حيث قد يواجه التعذيب أو تهديدات لحياته أو حريته. ينبغي أن تضمن الحكومات النظر الكامل في طلبات طالبي اللجوء قبل المباشرة بأيّ إجراءات لطردهم. تمنع الاتفاقية الخاصّة بوضع اللاجئين الدولة الطرف من طرد أي لاجئ موجود في إقليمها بطريقة نظامية، إلّا لأسباب متعلّقة بالأمن الوطني أو النظام العام. حتى في هذه الحالات، يجب التوصّل إلى القرارات وفق الإجراءات القانونية الواجبة، “ما لم تتطلب خلاف ذلك أسباب قاهرة تتصل بالأمن الوطني”.