موجة من الغلاء تجتاح الأسواق في مختلف المناطق التي تسيطر عليها تركيا شمال سوريا، كافة أنواع السلع والبضائع التجارية ومستلزمات الحياة اليومية تضاعفت أسعارها خلال شهر واحد، وهو العنوان الأبرز لما يعانيه سكان هذه المدن ومن نزحوا إليها نتيجة إتفاقية التسوية التي رعتها تركيا مع ايران وروسيا فكانت نتائجها وخيمة.
رغم أنّ البعض من الذين فضلوا النزوح على البقاء في المدن التي سلمها “الجيش الحر” إلى النظام، لكن ولسوء الأوضاع المعيشية وغياب الأمان عاد بعضهم إلى مدنهم، ومايزال الآخرون بانتظار اتخاذ قرار العودة في انتظار لتحسن الأوضاع أكثر في مناطق النظام.
حالة من القلق تنتاب سكان هذه المدن بسبب موجة غلاء الأسعار التي تعصف بهم بدءاً من مادة الخبز والخضراوات واللحوم والمحروقات والمياه وصولاً إلى ارتفاع إيجارات المنازل وندرة فرص العمل.
الخبز والخضراوات والمحروقات في مرمى غلاء الأسعار
في مدينة الباب بريف حلب وبحسب ما نقله موقع “الاقتصادي” فإنّه يسكنها قرابة 160 ألف نسمة يعانون من عدة مشاكل، من أبرزها إرتفاع أسعار المواد الغذائية والمياه والخضراوات واللحم إضافة لغلاء إيجارات المنازل السكنية والمحال التجارية، وذلك كله وسط عدم تأمين فرص عمل لعدد كبير من الشباب في المنطقة.
الأسعار بدأت ترتفع بشكل تدريجي في الأسواق، والبداية كانت من مادة الخبز، إذ ارتفع سعر الربطة الواحدة من 100 إلى 150 ليرة سورية، وبسبب الكثافة السكانية من الممكن أن يصل سعر الربطة إلى نحو 175 ليرة، وفي حال عدم توافرها يصل سعرها الى 200 ليرة سورية”.
كما ارتفعت أسعار المحروقات في المدينة خاصة مادة “المازوت” التي وصل سعر اللتر الواحد منها إلى 275 ليرة سورية بعد أن كانت تباع بسعر 210 ليرات سورية علماً أن جودته متوسطة، في حين يباع اللتر الواحد من النوعية الجيدة واللازمة للتدفئة أو للسيارات بسعر 300 ليرة سورية.
سعر لتر الكاز ارتفع من 300 ليرة إلى 325 أو 350 ليرة سورية، وتعتبر مادة الكاز أساسية لعدد كبير من السكان كونهم يعتمدون عليها في تشغيل “البابور”.
وارتفعت كذلك أسعار “الخضراوات”، وبلغ سعر الكلغ الواحد من البندورة 500 ليرة، والفليفلة 550 ليرة سورية، في حين ارتفع سعر كلغ البطاطا من 110 ليرة إلى 250 ليرة سورية، إضافة لارتفاع سعر كلغ السكر من 200 إلى 225 ليرة سورية، وسعر كيلو اللحم ارتفع من 2000 إلى 3500 كما ارتفعت أسعار كثير من المواد الغذائية الأخرى بشكل ملحوظ.
500 دولار مصروف العائلة شهرياً
قدّرت مصادر محلية أن مصروف العائلة الواحدة في مدينة الباب شهرياً قد يصل إلى نحو 500 دولار، ما بين مصاريف الحياة اليومية إضافة لإيجار المنزل ومصظريف ماء وكهرباء وانترنت، إضافة لأجور التنقلات واحتياجات الأطفال ومصاريف الطبابة والأدوية.
لدى التواصل مع التجار وسؤالهم عن سبب موجة ارتفاع الأسعار فإنهم يرجعون السبب إلى تقلب أسعار العملات مقابل الليرة السورية، مؤكداً أن المتضرر الرئيس هو المواطن الموجود في تلك المنطقة، في ظل غياب الجهات الرقابية والضابطة للأسعار.
وضع اقتصادي متردٍ والمطلوب ضبط التجار
وتشير مصادر محلية أن موجة غلاء الأسعار ليست وليدة الساعة، مؤكدين أن المدينة ومنذ فترة ليست ببعيدة تشهد أزمة اقتصادية واضحة.
“عمار نصّار” وهو مدني يعيش متنقلا بين منطقتي الباب وجرابلس واعزاز قال “الوضع الاقتصادي بالأصل سيء في هذه المدن، منذ نحو شهر اشتدت أزمة غلاء الأسعار بشكل غريب وخاصة المحروقات، بالتزامن مع الحديث عن معركة عسكرية تركية مرتقبة شرق الفرات وفي مدينة منبج بريف حلب”.
ومن الأسباب التي تقف وراء تلك الأزمة الاقتصادية في المدينة، ايضا وبحسب نصار هو، الاقتتال الداخلي بين الفصائل التي تتقاسم السيطرة على المنطقة، وترفض الاذعان لقضاء وامن وحماية مشتركة. مع كل حاجثة اقتتال يضطر التّجار للتراجع عن الاستثمار، وتغلق المعابر والطرقات ليقوم اخرون بالتحكم بالاسعار من خلال الاحتكار وخاصة مادة “المازوت” ورفع أسعارها، إضافة لارتفاع أسعار صهاريج المياه المرتبطة بارتفاع أسعار مادة “المازوت”.
أسباب أخرى تقف وراء اشتداد الأزمة الاقتصادية بحسب الاهالي وهو فشل المجالس المحلية في اقامة مؤسسات حقيقة، وانتشار الفساد في مختلف القطاعات نتيجة غياب الرقابة والتنظيم.
بدوره تبرر المجالس المحلية، الموكلة من قبل تركيا بتنظيم الامور الخدمية ارتفاع الاسعار من خلال أن “أسعار المواد الاستهلاكية والتموينية والغذائية ترتبط بالمصدر الذي يتم استيرادها منه والمواسم وتقلبات العملات والعرض والطلب” وفي موضوع ارتفاع سعر ربطة الخبر قال رئيس المجلس المحلي في مدينة الباب جمال عثمان، أن سعر ربطة الخبر ارتفع من 90 ليرة الى 150 بسبب انقطاع الدعم عن مادة الطحين الذي كانت توفره منظمة “آفاد” التركية.
وفي خطوة متأخرة لايقاف عمليات تهريب “الأغنام والأبقار” الى تركيا، اصدر المجالس المحلي لمدينة اعزاز قرار منع إخراج المواشي من أغنام وأبقار وماعز إلى المناطق الأخرى.
وبحسب القرار الذي نشر على المعرفات الرسمية للمجلس اليوم، الثلاثاء 22 من كانون الثاني، قال، “حفاظًا على المصلحة العامة وعدم التفريط بالثروة الحيوانية ونتيجة لارتفاع أسعار اللحوم يمنع خروج أي نوع من أنواع المواشي (أغنام، ماعز، أبقار) خارج مدينة اعزاز”.