خلّف التدخل التركي في 3 مدن رئيسية في شمال سوريا (عفرين، وتل أبيض ورأس العين) أوضاع كارثية على المنطقة برمتها، وأدى إلى تفاقم التوترات العرقية بشكل كبير في مناطق كانت متعايشة وآمنة ومستقرة، نجحت فيها الحكومة الإدارية التابعة للإدارة الذاتية في توفير ظروف مناسبة لإقامة مشاريع تنموية ودعم المجتمع المدني وهو ما ساهم في خلق بيئة مستقرة، ودفع المنطقة لأن تتحول لمركز جذب سكاني واقتصادي وتوفرت فيها فرص العمل والتنمية. لا سيما وأنّ قرابة مليون نسمة من السكان نزحوا نتيجة العمليات العسكرية التركية وهم مازالوا نازحين قسرا عن منازلهم وممنوعين من العودة غالبهم يقطن في مخيمات في ظروف إنسانية صعبة للغاية.
وتنفذ تركيا مشروع الاستيطان في تلك المناطق بما يتضمنه من تلاعب كارثي في الهندسة الاجتماعية، وما يشكله من ضرب للبنية الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي. تلك خلاصة تقرير أعده مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، تناول الآثار الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لموجات النزوح من منطقتي تل أبيض (كري سبي) ورأس العين (سري كاني) و (عفرين) نتيجة الهجوم التركي.
ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة، والعديد من تقارير المنظمات الدولية والمحلية و تقاريرنا واستنادا إلى العشرات من اللقاءات التي أجريناها فقد ارتكبت جرائم حرب من قبل تركيا والمجموعات السورية المسلحة التي تدعمها تحت مسمى (الجيش الوطني السوري)، من إعدامات ميدانية، إلى قصف البنية التحتية، وقصف المدارس والمشافي، وخطف واعتقال المدنيين، والاستيلاء على العقارات والأملاك والأراضي و المحاصيل والثروة الحيوانية وتفريغ صوامع الحبوب وقطع المياه، إلى جانب ابتزاز السكان في قوت عيشهم وأمنهم والخطف بغرض الفدية.
ويعيش النازحون في ظروف انسانية صعبة ضمن مخبمات غير مجهزة أو مشملة بالدعم الدولي (ريف حلب، الرقة، الحسكة) يعيش فيها بشكل مأساوي الآلاف من النازحين قسراً، من الذين تم تشريدهم وهم من السكان الأصليين حيث قامت تركيا بإعادة توطين النازحين وأغلبهم من عوائل المسلحين الموالين لتركيا، في منازلهم وما يسبب ذلك من تصعيد في التوترات العرقية، والخلافات بين السكان المحليين والمسلحين -الغرباء- والعوائل النازحة داخليا بحماية هؤلاء المسلحين وما اكتسبوه من سلطة واستيلاء على منازل وعقارات السكان الأصليين.
هذا وحولت المناطق التي اجتاحها الجيش التركي داخل الأراضي السورية إلى مستعمرة تركية، حيث باتت معالم الانتماء السوري تختفي يوماً بعد يوم. ففي عفرين وجرابلس واعزاز وتل أبيض على سبيل المثال، العملة المستخدمة في الأسواق المحلية هي الليرة التركية، والعلم المرفوع هو العلم التركي، واللغة الرسمية الأولى هي التركية، وتأتي العربية في المرتبة الثانية رسمياً، على الرغم من أنّها لغة الأغلبية المطلقة لأهالي تلك المنطقة.
توصيات:
يجب أن يبادر الاتحاد الأوروبي بالتحرك والضغط على الحكومة التركية لتصحيح الخلل الذي ارتكبته، ووقف مشروعها السيء ومن المهم للأمم المتحدة للقيام بما يتوجب عليها، وعدم غض الطرف عما يجري من انتهاكات ترتقي لمصاف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.