في خطوة تعاكس الاتجاه السائد في دول الاتحاد الأوروبي، أعلن رئيس وزراء سلوفينيا، أمس الأربعاء، عن نزع السياج الحدودي مع كرواتيا في غضون الأسابيع المقبلة والذي كانت أقامته السلطات منذ العام 2015 للحد من حركة عبور المهاجرين. وقالت الحكومة الليبرالية الجديدة إنّها اتخذت هذا القرار “لأسباب إنسانية”.
بعد توليه رئاسة الحكومة منذ حوالي شهرين، قال رئيس وزراء سلوفينيا روبرت غولوب إنّ السلطات ستبدأ بنزع السياج الحدودي مع كرواتيا في نهاية شهر حزيران/يونيو الجاري، بعد أن كانت الحكومة السابقة قررت وضعه بعد موجة الهجرة الكبيرة التي شهدها الاتحاد الأوروبي في العام 2015.
وشدد غولوب على أهمية هذه الخطوة قائلا “نحن نصر على ذلك … لأسباب إنسانية”، وأضاف في مؤتمر صحفي أمس الأربعاء “السياج لم يخدم غرضه المعلن المتمثل في ثني أي شخص عن (محاولة عبور) حدودنا”.
وتخطط الحكومة بدلا عن السياج، الذي تجاوزت تكلفته 23 مليون يورو، رصد الحدود من خلال طائرات بدون طيار وكاميرات.
وكانت هذه الحدود، التي يعبرها المهاجرون غالبهم سوريون من الذين يسلكون طرق البلقان لطلب اللجوء في الاتحاد الأوروبي، شهدت مآسي إنسانية ووفيات عدة. وفي نهاية العام الماضي، انتشلت الشرطة الكرواتية من النهر الحدودي الفاصل بين البلدين جثة فتاة تبلغ من العمر عشر سنوات كانت تعبر الحدود مع والدتها. وقبل تلك الحادثة بأيام قليلة عثرت الشرطة السلوفينية على جثة مهاجر يبلغ من العمر 31 عاماً من بنغلادش يُعتقد أنّه مات بسبب انخفاض حرارة الجسم في وادي دراجونجا الحدودي.
تشترك سلوفينيا مع كرواتيا بحدود طويلة تمتد على مدى 670 كيلومتر، يغطي جزءاً كبيراً منها غابات شاسعة ترهب المهاجرين بتعرج طرقها وأنهارها ذات التيارات المائية القوية. ويعبر المهاجرون عادة من كرواتيا إلى سلوفينيا، ومنها إلى إيطاليا.
ومنذ موجة الهجرة في العام 2015، كانت السلطات قررت تعزيز المراقبة الأمنية على الحدود لمنع المهاجرين من العبور، ووضع السياج الحدودي الذي يغطي حاليا ثلث مساحة الحدود تقريبا (200 كيلومتر).
لكن الانتخابات الأخيرة قلبت الموازين بعد أن تغلب غولوب على الحزب الديمقراطي السلوفيني، وترأس حكومة الائتلاف المكونة من حكومة ائتلاف مكون من حزب حركة الحرية الليبرالي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب ليفيكا اليساري.
ويأتي هذا القرار في الوقت الذي تنتهج فيه باقي دول الاتحاد الأوربي سياسة هجرة متشددة قائمة على تعزيز المراقبة على الحدود وتشييد حواجز حدودية جديدة.
اليونان على سبيل المثال، أعلنت الشهر الماضي عن خطتها لتمديد السياج الحدودي مع تركيا على طول 80 كيلومترا إضافياً. كما أكملت بولندا سياج بطول نحو 140 كيلومتراً تقريباً على حدودها مع بيلاروسيا.
خلال زيارة سابقة لفريق مهاجرنيوز المنطقة الحدودية بين سلوفينيا وكرواتيا، كان سكان القرى الحدودية قد أعربوا عن غضبهم من تركيب الأسوار التي يبلغ ارتفاعها ثلاثة أمتار.
وتعتمد تلك المناطق بشكل كبير على السياحة لوجود الأنهار والأنشطة الرياضية المختلفة، إلا أنّ “جميع من يأتي إلى هنا يصدم بوجود هذه الحواجز”، حسبما تؤكد ليوبا التي تملك منزلا تؤجره للسياح في قرية صغيرة مجاورة. وتضيف قائلة إنّ ذلك “يدمر الطبيعة ويمنعنا من الوصول إلى نهر قريتنا”.
في رأي مماثل لهذه المرأة الخمسينية، يعتبر الصيادون المحليون أنّ ذلك يعرقل عملهم، إذ قال أحد الصيادين المحليين في قرية كوستيل الصغيرة لمهاجرنيوز “السلطات خصصت بعض الأبواب المقفلة على طول السياج، ومن أجل الوصول إلى النهر يجب علينا التوجه في كل مرة إلى أحد المسؤولين للحصول على إذن بفتح الباب لوقت محدد للصيد. أمر غير مقبول وغير منطقي بالنسبة لنا”.
في وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت السلطات في سلوفينيا أنّ حوالي ثلاثة آلاف مهاجر دخلوا البلاد خلسة خلال الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام. ويمثل الأفغان أكثر من ربع إجمالي المهاجرين غير الشرعيين الذين اعترضتهم السلطات بين بداية العام وخلال شهر نيسان/أبريل الماضي.
رغم أنّ سلوفينيا تعتبر مجرد محطة عبور على طريق البلقان، إلا أنّ الأرقام الرسمية تظهر أنّ عدد طلبات اللجوء بلغ 2,740 ملفاّ، وهو أعلى بخمس مرات مقارنة بأرقام الفترة نفسها من العام الماضي.
ومن الممكن أن يرجع ذلك إلى خوف المهاجرين من قيام السلطات بإرجاعهم إلى كرواتيا. وبحسب تصريحات سابقة لرئيس قسم شرطة مقاطعة كوبر، ويليام توسكان، لمهاجر نيوز “عندما نوقف مهاجرين دخلوا بشكل غير شرعي، نتحقق من هويتهم ومن أين أتوا. فإذا حصلنا على إثبات بأنّهم قدموا من كرواتيا ولم يمض على وجودهم داخل الأراضي السلوفينية أكثر من 72 ساعة، نقوم بتسليمهم إلى الشرطة الكرواتية”، وذلك وفقا لاتفاق ثنائي ينص على إرجاع المهاجرين إلى كرواتيا في حال عدم إفصاحهم عن نيتهم بتقديم طلب اللجوء على الأراضي السلوفينية.
المصدر : مهاجرنيوز