متغيرات جديدة يلتمسها اللاجئون السوريون في تركيا، ترتبط في معظمها بتحركات أحزاب المعارضة من جهة وحزب”العدالة والتنمية” الحاكم وحليفه “الحركة القومية” من جهة أخرى، استعدادا للانتخابات التي تحول فيها اللاجئون السوريون كقضية استهلاكية ومادة انتخابية تستهدفهم.
حدة التصريحات والمواقف الصادرة من مسؤولين ورؤساء أحزاب قد تصاعدت الثلاثاء بخصوص السوريين على نحو لافت، ولم يسبق وأن تمت ملاحظتها بهذا الشكل.
وتردد اسم السوريين على لسان كل من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان وزعيم “حزب الشعب الجمهوري”، كمال كلشدار أوغلو وزعيم “حزب الحركة القومية”، دولت باهشتلي، إضافة إلى وزير الداخلية سليمان صويلو وزعيم “حزب المستقبل”، أحمد داوود أوغلو وزعيم “حزب النصر”، أوميت أوزداغ.
وقبل يومين علّق “حزب الشعب الجمهوري” على مبناه في أنقرة لافتة حملت عنوان: “إما أن تقدم جوابا أو تقدم حسابا”.
واحتوت اللافتة أربعة أسئلة: “هل طلبتم من اللاجئين إثبات معلومات هويتهم الحقيقية؟ ولماذا توزعون الجنسية عليهم ولأي شيء تستعدون؟ وهل تقومون بعمل مسح أمني عند منح الجنسية للاجئين؟ ولماذا تسمحون بعبور غير نظامي للاجئين بظل معرفتكم من الحدود؟”.
وقال زعيم الحزب، كمال كلشدار أوغلو عبر “تويتر” الثلاثاء: “لازلت أنتظر من القصر وشركائه أجوبة، قلت سابقا وأقولها الآن، مسألة اللاجئين في حكمنا سيتم حلها خلال عامين”.
وذلك ما دفع زعيم “الحركة القومية” المتطرف دولت باهشتلي للتصريح برد، أثار جزء منه مخاوف سوريين كونه خرج من لسان الحليف الرئيسي لأردوغان.
وقال باهشتلي: “لا داعي لعودة اللاجئين السوريين الذين يذهبون لقضاء إجازة العيد في سوريا”، مضيفا: “هدفنا الأساسي هو توديع اللاجئين السوريين، بعد القضاء على الظروف القاسية التي دفعتهم إلى المغادرة، والانفصال عن بلادهم”.
وكان من المقرر أن يُسمح لشريحة معينة من السوريين في تركيا بالدخول إلى سوريا، ضمن ما يعرف بـ „إجازات عيد الفطر”.
وهذه الإشكاليات اتضحت بعد التحذير الذي أطلقه باهشتلي، ومن ثم عقب تصريحات فورية لوزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، حيث تحدث عن وجود قيود بعدم السماح للسوريين بالذهاب إلى بلادهم لقضاء عطلة العيد.
من جهتها أكدت “اللجنة السورية التركية المشتركة” الأربعاء، أنّها تبلغت من إدارة الهجرة التركية أنّه لن يكون هناك إجازات في عيد الفطر لهذا العام.
يتجاوز عدد السوريين المقيمين في تركيا، سواء “لاجئين” أو “سياح” أكثر من ثلاث ملايين شخص، ويتركز العدد الأكبر منهم في ولاية إسطنبول، لتتبعها ولاية شانلي أورفة الحدودية، وولايتي غازي عنتاب وهاتاي / اسكندرون.
وتركيا هي طرف رئيس في الحرب السورية عبر دعم لم يتوقف وحدود لم تغلق أمام وجه الجماعات المسلحة من داعش إلى جبهة النصرة وبقية الأسماء من جيش حر إلى جيش وطني وهي تستغل اللاجئين السوريين وتعتبرهم كورقة مساومة.
رغم تضارب رؤية وأفكار كل طرف سياسي في تركيا بشأن ملف السوريين، إلا أنّ ما يجمعهم هو حديثهم المتكرر عن “عودتهم”.
وقال أردوغان في تصريحين منفصلين الثلاثاء والأربعاء: “عندما يتم إنشاء بيئة مناسبة فإنّ اللاجئين سيعودون إلى بلدهم طواعية”.
وأضاف: “مع استكمال بناء المنازل المؤقتة المبنية من الطوب في سوريا سنضمن عودة اللاجئين”.
لكن في المقابل قال أحمد داوود أوغلو زعيم “حزب المستقبل”: “إنّ القول سنرسل لاجئين دون تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين قد يبدو كلاما جيدا، لكنه ليس واقعيا”.
وأضاف الثلاثاء: “أولا وقبل كل شيء، نحتاج إلى بذل جهد لجلب السلام في سوريا. هذه المهمة يحددها قرار مجلس الامن الدولي. وسيتحقق”.
عدا عن ذلك كان هناك من غرد خارج السرب، وبينما أكد زعيم “حزب النصر”، أوميت أوزداغ على فكرته في إعادة السوريين، أعلن إطلاق مباحثات مع “وزارة الخارجية السورية لبحث هذا الأمر”.
ويشير مراقبون أتراك إلى أنّ تطرق السياسيين بكثرة لملف السوريين يتعلق بكونه “يحظى بشعبية كبيرة في الوقت الحالي”، وبالتالي يجب تكرار خطاب الإعادة هذا.
في المقابل حذّر سوريون من تداعيات ما يحصل، وخاصة على الحالة النفسية لأكثر من ثلاثة ملايين سوري.
وكتبت الأكاديمية السورية، رهف الدغلي عبر “تويتر”: “ما يتم تداوله في الميديا التركية من تهديد بإعادة السوريين يصلح أن يطلق عليه تهديد في الأمن الوجودي والنفسي”.
وأضافت: “حتى وإن لم يتم تنفيذ أيّة منها فإنّ تكرارها بمناسبات موسمية مسيسة مع تخلل زرع في الذهنية مكرمات (القائم بالتهديد) تقزم وتكاد تلغي صفة الذات الإنسانية عن أي سوري”.
وكان وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو قد قال، في 24 فبراير الماضي: إنّ دراسة استقصائية أجريت على المهاجرين السوريين أظهرت أنّ 3.1 في المئة منهم لا يخططون للعودة إلى بلادهم، بينما قال 13.7 في المئة إنّهم سيعودون إذا انتهت الحرب وبغض النظر عن النظام الذي يحكم البلاد.
وقال 28.2 في المئة إنّهم سيفعلون ذلك فقط (العودة) إذا انتهت الحرب وكان النظام الذي سيدعمونه في السلطة، فيما أشار 4.1 في المئة إلى أنّهم سيعودون إلى سوريا، حتى لو استمرت الحرب.
وبعد ذلك بأيام قال نائبه، إسماعيل تشاتكلي: “لن نمنح وضع الحماية المؤقتة بشكل مباشر للسوريين غير المسجلين من الوافدين حديثاً، من الآن فصاعدا، وسنأخذهم إلى المخيمات ونحقق معهم في المخيمات” عن أسباب لجوئهم.