نبه مسؤول في الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا الأحد إلى أنّ تهديد المنظمات الإنسانية العاملة في مخيم الهول يشكل “سابقة خطيرة”، بعد أيام من مقتل مسعف على يد عناصر تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
يؤوي مخيم الهول نحو 56 ألف شخص، أكثر من نصفهم دون 18 عاماً، وفق آخر بيانات الأمم المتحدة. ويضم نحو عشرة آلاف من عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الأجانب ممن يقبعون في قسم خاص قيد حراسة مشدّدة. ويشهد المخيم بين الحين والآخر حوادث أمنية تتضمن عمليات فرار أو هجمات ضد حراس وعاملي إغاثة أو جرائم قتل تطال القاطنين فيه.
ونقلت وكالة فرانس بريس عن مسؤول المخيمات في الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا شيخموس أحمد، اليوم الأحد (16 كانون الثاني/ يناير 2022) ” قوله: ثمة خلل أمني وتهديد جدّي في المخيم، حيث خلايا داعش مازالت موجودة”. وأكد إنّ “تهديد المنظمات الإنسانية والنقاط الطبية يشكل سابقة خطيرة”، موضحاً إنّها بعد الحادث الأخير، حيث قتل مسعف على يد عناصر من تنظيم داعش، “حيث أنّ المنظمات ستواصل تقديم الخدمات الإنسانية لكن ليس بالشكل المطلوب”.
ونعى الهلال الأحمر الكردي الأربعاء أحد عناصره. وقال إنّه قتل متأثراً بإصابته “بطلق ناري أثناء تأديته لواجبه الإنساني” في المركز الرئيسي للمنظمة في مخيم الهول. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل المسعف الثلاثاء على يد مسلحين تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية تمكنا من دخول النقطة الطبية باستخدام هويتين مزورتين.
وفي بيان مشترك الأربعاء، أكد المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في سوريا عمران ريزا والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية مهند هادي إنّ “منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى لاتزال ملتزمة بحشد وتقديم المساعدات اللازمة المنقذة للحياة، والمساعدات الأساسية للمخيم”. لكنهما حذرا من إنّ المنظمات “لا يمكنها القيام بذلك بشكل فعال إلا عندما يتم اتخاذ خطوات لمعالجة قضايا السلامة المستمرة”.
وشدّدت منظمة “أطباء بلا حدود”، إحدى أبرز المنظمات العاملة في المخيم، في بيان الجمعة، على أنّه “لا بد من إيجاد حلول طويلة الأمد تحترم حقوق سكان المخيم وتكفل سلامتهم وسلامة العاملين في المجال الإنساني على حد سواء”.
وتعمل عشرات المنظمات غير الحكومية، المحلية والدولية، على تقديم المساعدات داخل المخيم. ومنذ مطلع عام 2021، وثق المرصد السوري مقتل 91 شخصاً في المخيم، غالبيتهم لاجئون عراقيون، على يد عناصر متوارية من التنظيم. وبين القتلى عاملان اثنان في المجال الإنساني.
وكانت وتيرة جرائم القتل انخفضت إثر عملية أمنية نفذتها القوات الكردية نهاية آذار/مارس وأسفرت عن توقيف أكثر من مائة عنصر من التنظيم، قبل أن تعاود الارتفاع.
ومنذ إعلان القضاء على التنظيم في آذار/ مارس 2019، تطالب الإدارة الذاتية، ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الجهاديين في سوريا. لكن مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية أخرى باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.
وحذرت الأمم المتحدة مراراً من تدهور الوضع الأمني في المخيم. ويخشى خبراء من أن يشكل المخيم “حاضنة” لجيل جديد من مقاتلي التنظيم، وسط استمرار أعمال الفوضى والعنف وانسداد الأفق الدبلوماسي بإمكانية إعادة القاطنين فيه إلى بلدانهم.
ويعد العام 2021 من أكثر الأعوام دموية في مخيم الهول، الأخطر في العالم، بعد أن شهد خلال العام الفائت وقوع 128 جريمة قتل، ويرتفع مع حالات الإصابة هذه، عدد المصابين المستهدفين بدافع القتل إلى 44 حالة، وإحراق 13 خيمة عمداً.
يضم مخيم الهول حسب الإحصائيات الأخيرة، في كانون الأول 2021، 57460 شخصاً، جلهم نساء وأطفال، ضمن 15603 أسرة، بين “عراقيين، سوريين، ونسوة وأطفال مرتزقة داعش الأجانب ويصل تعدادهم إلى 8555، ضمن 2529 أسرة، من 54 جنسية”.
وكثفت داعش من عملياتها الإرهابية في جميع المناطق التي ينشط فيها التنظيم، سواء في غرب ووسط أفريقيا، أو أفغانستان، أو الشرق الأوسط.
حيث وصل مجموع العمليات إلى ثلاثين عملية إرهابية مختلفة، كان للعراق وسوريا الضرر الأكبر من تلك العمليات، حيث نفذ التنظيم الارهابي (10) عمليات في العراق و (5) عمليات في سوريا.
وكذلك كان العدد الأكبر من الضحايا في سوريا والعراق، حيث وقع 36 ضحية جديدة في العراق، بينما وقع 10 ضحايا في سوريا، من مجمل 89 ضحية لتنظيم في العالم، خلال أسبوع واحد.
وفي يوم السبت الماضي قتلت داعش شخصاً في بلدة الباغوز، التي اعتبرت قبل نحو ثلاثة أعوام أنّها المعقل الأخير لداعش،
وفي اليوم التالي قامت خلايا التنظيم بعمليتين منفصلتين، الأولى كانت في بلدة الطيانة في منطقة ذيبان، استهدفت خلالها مقرات قوات سوريا الديمقراطية.
بينما كانت الثانية في بلدة (الصور)، حيث استهدفت خلايا التنظيم عربة لقوات سوريا الديمقراطية، ونشر وكالة الأعماق التابعة للتنظيم مقطع فيديو مصور لعملية الاستهداف، الأمر الذي يوضح عودة القدرة التكتيكية والإعلامية للتنظيم.
وفي 27 من الشهر الماضي اغتالت خلايا التنظيم، القيادي في قوات سوريا الديمقراطية أدهم العابس، في بلدة (ذيبان) في ريف ديرالزور، حيث أطلقت عناصره النار على سيارته، ما أدى إلى فقدانه لحياته إضافة لمقتل أحد مرافقيه وإصابة الآخر.
ولم يقتصر ضحايا داعش على العسكريين ففي 28 من الشهر الماضي قتلت داعش مدنيين في بلدة (سويدان) في ريف ديرالزور، بعد أن اقتحمت منزلهما، بحجة أنّهما “ساحران”.
ومع بداية العام الحالي، وفي اليوم الأول منه نشرت وكالة الأعماق التابعة لداعش مقطع فيديو يظهر إحراق عناصر التنظيم لبئر (دعاس) النفطي في بلدة (الحريجي) شمالي ديرالزور.