أثار كتاب وزّعته وزارة التعليم التركية الخميس على عدد من المدارس في شمال سوريا ويحوي رسوماً تصويرية للنبي محمد غضب سكان المنطقة الذين سارعوا لحرقه مطالبين بمحاسبة المسؤولين عن توزيعه حيث رأوا فيه إساءة دينية.
ووزعت الهيئات التعليمية المرتبطة بالحكومة السورية المؤقتة في مدينة عينتاب التركية الكتب الدينية المخصصة للصف الأول الابتدائي في مدارس عدّة تقع تحت سيطرة القوات التركية وميليشيات الجيش الوطني الموالية لها في شمال سوريا، بينها مدينة جرابلس والباب وعفرين وقباسين.
وبحسب الصور المتداولة فإنّ “كتاب السيرة النبوية” يحوي صوراً تُجسد النبي، وزوجته ، حيث يمتنع المسلمون عن تشخيص النبي محمّد عبر رسوم أو أفلام وقصص دينية ويرون فيها إساءة كبيرة.
وتسيطر تركيا على هذه المناطق عسكرية وأمنيا وإداريا وأنشأت فيها قوات مسلحة رديفة تدعم جيشها المنتشر في تلك المناطق إضافة إلى أجهزة أمنية مرتبطة بها وهيئات إدارية تطلق عليها اسم مجالس محلية ، كما وأنّ هذه المناطق مرتبطة بجميع النواحي بالولايات التركية إضافة لذلك تسيطر تركيا على الحكومة السورية المؤقتة وعلى الائتلاف وتقوم بتمويلهم ودفع رواتب أعضائهم مقابل تسخير سياساتهم لصالح تركيا ودعم كل مواقفها حتى المتعلقة منها بتتريك المدن والبلدات السورية وتغير وجهها الثقافي السوري وفرض اللغة التركية وسلخها من محيطها السوري.
ورغم إظهارها العلني عدم رغبتها في البقاء في الأراضي السورية، إلا أنّ تركيا أنهت بالفعل نسبة كبيرة من مخططات التتريك التي بدأت بها فور انطلاق عمليات “درع الفرات” و”غصن الزيتون” و”نبع السلام”، حيث عملت سريعا على إدخال مؤسساتها الخدمية وموظفيها لمُدن الشمال السوري التي سيطرت عليها قوات سورية موالية لها، كاشفة بذلك عن وجه استعماري قديم مُتجدّد يشمل كذلك الاستيلاء على منازل السوريين وتغيير أسماء بعض الشوارع بأخرى تركية وفرض التعامل بالليرة التركية.
واليوم فإنّ عدد الرموز والأعلام التركية وحالات التغيير الديموغرافي وطمس الهوية الثقافية التي تشهدها المدن السورية المحتلة من قبل تركيا، قد لا يوجد لها مثيل على الأراضي التركية نفسها. وهو ما يُكرّس واقع الانفصال التي تريد تركيا فرضه مع مرور الوقت، حيث لاتزال تجربة السوريين في فقدان لواء اسكندرون لصالح تركيا ماثلة في الأذهان، علماً أنّ ما تقوم به تركيا الآن من انتهاكات وجرائم شمال سوريا هو أخطر وأشمل بكثير مما جرى سابقاً أثناء سلخ لواء اسكندرون.
وما تقوم به تركيا في الشمال السوري من جرائم وانتهاكات بحق الهوية السورية بحاجة إلى المزيد من التوثيق وتقديم الوثائق إلى الجهات الدولية المعنية.