قالت مصادر محلية في مدينة أعزاز بريف حلب إنّ ثلاثة جثث للمرتزقة السوريين الذين جندتهم تركيا في حملتها الأخيرة ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني ، قد دخلت عبر معبر باب السلامة ، وحولتهم إلى المشفى العسكري في مدينة أعزاز ( ريف حلب ) تمهيدا لدفنها.
وأكد المصدر أنّ أحد القتلى السوريين من ريف دمشق فيما البقية من مدينة حلب، قتلوا في منطقة متينا شمال العراق ( اقليم كردستان العراق ).
وهذه المرة الأولى التي يقتل فيها مرتزقة سوريين جندتهم تركيا للقتال في صراعها الداخلي، فسبق وأن جندت تركيا المرتزقة للقتال في ليبيا وفي أذربيجان.
وشنت القوات التركية في 23 من الشهر الجاري هجوماً برياً وجوياً في المناطق الحدودية في عملية عسكرية جديدة أطلق عليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “عملية مخلب البرق”.
وتأتي العملية العسكرية بعد فشل العملية الأخيرة في شباط فبراير الماضي، ومقتل 12 جنديا تركيا وتوجيه اللوم للجيش التركي وأردوغان لسوء التخطيط والتنفيذ.
وكان عضو هيئة العلاقات الخارجية لحزب الاتحاد الديمقراطي في أوروبا دارا مصطفى قد اتهم تركيا بالسعي لإرسال عشرات المرتزقة السوريين الجدد للقتال في العراق ( جبال قنديل )، لقتال حزب العمال الكردستاني مشيرا إلى أنّ أنقرة تواجه عقبات في تجنيد المزيد منهم.
وقال مصطفى إنّه حصل على معلومات تفيد بقيام تركيا بتسليم عدد من الحواجز الأمنية في عفرين إلى هيئة تحرير الشام \ جبهة النصرة كنوع من الضغط على المسلحين لإجبارهم على القتال على الحدود العراقية – هذه المرة – خاصة وأنّ الجيش التركي أعلن مؤخرا حملة عسكرية ، في مناطق ( في زاب، آفاشين ، متينا ) على الحدود العراقية ، تعرض خلالها لخسائر كبيرة بحسب المركز الإعلامي لقوّات الدفاع الشعبي HPG’، الذي أعلن اليوم الخميس (29 نيسان 2021) عبر بيان إنّهم ألحقوا خسائر فادحة بصفوف الجيش التركي وقتلوا في عملياتهم 23 جنديّاً تركيّاً.
وقال دارا ” بحسب معلوماتنا المرتزقة يرفضون الذهاب لقتال العمال الكردستاني لأنّهم يعرفون أنّهم لن يعودوا و فرص النجاة قليلة جدا ….”.
وتتقاطع هذه المعلومات مع تفاصيل ايقاف تركيا دفع رواتب عدد من الفصائل ضمن الجيش الوطني – الذراع العسكري للإئتلاف السوري – منذ بداية العام الجاري ، وهو مادفع العشرات منهم لتنظيم تظاهرات تطالب تركيا وقطر بدفع مستحاقتهم المالية وتوعدوا خلال التظاهرات باستخدام العنف إن رفضت تركيا دفع رواتبهم .
وسبق أن قامت تركيا بزج ( مرتزقة سوريين ) -غالبهم من المسلحين الذين كانوا يقاتلون سابقا نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد تحت راية الجيش السوري الحر، ثم انضموا للمصالحات التي رعتها روسيا وقضت بانسحابهم من المدن السورية باتجاه الحدود التركية وتسليم سلاحهم للجيش السوري- في القتال بليبيا وفي اذربيجان. وليس من المستبعد أن تلجئ اليهم لا سيما وأنها من تدفع رواتبهم لكي يقاتلوا بالنيابة عن جيشها ، الذي يدفع فاتورة باهظة، وقد يؤدي ذلك لتخفيف الاحتقان الشعبي داخل تركيا مع تصاعد وتيرة الاصوات المطالبة بوقف الحملات التي تؤدي لمقتل أبنائهم ، ومطالب بقبول دعوات ” العمال الكردستاني ” إلى السلام ، وتفضيل المفاوضات على الحل العسكري.
وفي مطلع الشهر الجاري نشر مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية بحثا عن قيام تركيا بتحويل المجموعة المتنوعة من الجماعات الجهادية المتحصنة في شمال سوريا الى القوة الدائمة بالوكالة للعثمانيين الجدد.
وخلص البحث أنّ “تركيا والجهاديون مشتركون في رابطة أيديولوجية وطائفية ولديهم أهداف مشتركة، وإنّهم يتشاركون طعم المغامرة في الأراضي البعيدة، لا سيما في خدمة ما يعتبرونه قضية مقدسة”.
وصدرت تقارير دولية من منظمات حقوقية محايدة تتهم الموالين للجيش التركي من أصول عربية سنية بإحداث فوضى في شمال سوريا، وتشريد مئات الآلاف، وارتكاب جرائم حرب بشكل يومي. وحمّلت التقارير الميليشيات التي تقودها أنقرة بالوكالة المسؤولية عن العديد من الفظائع المبلغ عنها والتي طالت الأكراد المحليين، بما في ذلك الإعدام والخطف والاغتصاب والنهب وغيرها من الجرائم.
على ما يبدو، حذا الجيش الوطني السوري، العلامة التجارية الجديدة للجهاديين، حذو تلك الفصائل. وفقًا لتقرير صدر في 15 أكتوبر 2019، فإنّ وكلاء تركيا المتطرفين “تعهدوا بقتل الخنازير والكفار”، وعرضوا أسراهم من الأكراد أمام الكاميرات، وفي أحد الفيديوهات المصورة، أطلقوا عدة رصاصات على رجل ملقى على جانب طريق سريع ويداه مقيدتان خلف ظهره .
بينما دفعت طموحات تركيا العثمانية الجديدة البلاد إلى الحرب الأهلية الليبية، نشرت أنقرة جيشها شبه الرسمي بالوكالة في منطقة الحرب الجديدة تلك. وفقاً للمفتش العام في البنتاغون، أرسلت تركيا ما بين 3500 و 3800 مقاتل سوري إلى ليبيا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020. كان هذا أول تقرير لوزارة الدفاع يشرح بالتفصيل عمليات الانتشار التركية التي تهدف إلى تغيير مسار الحرب في ليبيا. قال التقرير الفصلي عن عمليات مكافحة الإرهاب في افريقيا الذي أعدته هيئة الرقابة الداخلية في البنتاغون، إنّ تركيا دفعت وقدمت الجنسية لآلاف المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب الميليشيات المتمركزة في طرابلس ضد قوات القائد خليفة حفتر في شرق ليبيا.
في وقت لاحق من عام 2020، نشرت تركيا حلفاءها الجهاديين في صراع مستعر بعيداً عن حدودها في أرض بالكاد سمع الكثيرون عنها قبل بضعة أشهر. في أكتوبر أعيدت جثث أكثر من 50 سوريًا قُتلوا في الحرب الأذرية الأرمينية إلى ديارهم، وهؤلاء كانوا أعضاء في الميليشيات التي قاتلت نيابة عن تركيا في منطقة ناغورنو كاراباخ المتنازع عليها.
وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة الأوبزرفر للأبحاث، فإنّ “العديد من الذين يشقون طريقهم إلى مسارح صراع أخرى مثل ليبيا أو أذربيجان لا يأتون بالضرورة من نفس خلفيات المسلحين والميليشيات والإسلاميين وما إلى ذلك. في حين أنّ من يقاتلون نيابة عن تركيا في ليبيا على الأرجح هم من الميليشيات المتشددة التي ترى أنّ صورة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كزعيم سني مستساغة، وتقوم بذلك دعماً للمناورات الجيوسياسية الإقليمية لأنقرة”.
على الرغم من الجهد الذي استغرقته والتكلفة التي تكبدتها تركيا، أصبح صناع القرار في أنقرة أكثر استعداداً لاستخدام الوكلاء، مما أدى إلى تغيير جذري يمثل خروجاً كبيراً عن سياسة تركيا التاريخية في الاعتماد على القوات التقليدية فهي لا تدفع كثيرا لقاء مقتل هؤلاء وايضا هي تمتص الغضب الشعبي داخليا.
قال عثمان سرت، مدير الأبحاث في معهد أنقرة “يُنظر إلى الوكلاء -المرتزقة-الآن على أنّهم عنصر حاسم في المصالح الأمنية الإقليمية لتركيا، ولم يعد مجرد إجراء يمكن تفعيله بشكل غير مباشر من خلال رعاة آخرين في المنطقة.”
-------------------------------
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com
ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات