صادرت السلطات التركيّة في ولاية أدرنة نسختين أثريّتين مِن التوراة مكتوبتين على الجلد ومطرّزتين بالذّهب جرى تهريبهم من سوريا، بالإضافة لعدد مِن المنحوتات والكتب والقطع الأثريّة.
وبعد المقارنة وجدنا أن هذه النسخ النادرة كانت بحوزة فصيل جيش الإسلام الذي نفذ أكبر عملية تنقيب عن الآثار في الغوطة الشرقية وقاموا بحفر نفق في منطقة جوبر يصل إلى المعبد اليهودي هناك وقاموا بسرقة محتوياته قبل أن يتم طردهم من جوبر تماماً.
وتجري عمليات تهريب الآثار السورية من قبل قادة وعناصر الجماعات المسلحة الموالية لتركيا وبحماية ومشاركة المخابرات التركية حيث يتم ارسال تجهزة ومعدات حفر لنبش المزارات الدينية والمواقع الأثرية.
في 29 نوفمبر 2020 قامت المخابرات التركية باعتقال ضابطا تركيا في نقطة المسطومة، بشمال غرب سوريا، كان يشارك في عملية تهريب آثار من سوريا إلى تركيا.
الضابط كان يستخدم السيارات التي تتنقل مع الأرتال العسكرية التركية لتهريب الآثار، وهنالك مجموعة من الضباط الأتراك في إدلب وعفرين وتل أبيض يعملون في تجارة الآثار السورية ونقلها، كما تشهد المنطقة أعمال تنقيب غير قانونية متزايدة، مع تسهيلات الضباط الأتراك في تصريف اللقى الأثرية.
متاحف تركيا تتباهى بآثار سوريا المسروقة
تواصل الجماعات السورية المسلحة وتحت إشراف الجنود الأتراك نبش المواقع الأثرية ، والتلال والمزارات الدينية المختلفة في المناطق الخاضعة لسيطرتها شمال سوريا بحثا عن الآثار لنقلها إلى الأراضي التركية وبيعها.
ومنذ اندلاع الحرب السورية قبل 10 سنوات تم تهريب وبيع ونقل آلاف القطع الأثرية من مختلف المدن والمناطق السورية إلى تركيا، واهتمت تركيا بهذا الجانب وأنشأت فرقة خاصة لتنسيق عمليات نقل الآثار ، وشرائها \ سرقتها أو حتى مصادرتها، مستغلة حالة الفوضى والفقر وجشع التجار والمتعاملين معها من قادة الفصائل والجماعات المسلحة. وعادة ما تعلن وسائل الإعلام التركية إنّ أجهزتها الأمنية صادرت قطع أثرية مهربة من سوريا عبر الحدود ، وتقوم بنقلها لمتاحفها.
تشكل هذه الآثار المنهوبة والمواقع التاريخية التي تطالها يد التخريب التركية هي ملك للإنسانية وهي ترمز إلى حقب ومحطات متنوعة من التراكم الحضاري في هذه المناطق الغنية بكنوزها الأثرية والفنية.
الآثار المنهوبة من مختلف المناطق والمدن، وطيلة فترات الحرب وباختلاف القوى المسلحة المسيطرة نالت الاهتمام الكبير من تركيا، ففي فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية \ داعش تم نقل آلاف القطع الاثرية من الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم وبشكل خاص آثار تدمر ، وآثار متحف الرقة حيث نقلت إلى مدينة الباب في ريف حلب ومنها إلى جرابلس ودخلت عبر بوابتها إلى تركيا، إضافة لمنفذ حدودي آخر غير رسمي كانت المخابرات التركية قد افتتحته في مدينة الراعي، وبيعت في تركيا، كذلك بالنسبة للآثار التي سرقتها “جبهة النصرة”، وبعد زوال تنظيم داعش وسيطرة ميليشيات الجيش الوطني الموالية لتركيا على المدن السورية بدعم تركي شكلت مدينة عفرين ومدينتي تل أبيض ورأس العين كنزا من الآثار التي بدأت الفصائل المسلحة بنهبها تحت إشراف الأجهزة الأمنية التركية ، فبدأت بحفر العشرات من التلال واقتلاع الآثار وسرقته.
في منطقة ريف “تل أبيض الغربي” جرت عمليات حفر وتنقيب منظمة بحثا عن الآثار من أجل سرقتها، كذلك في عفرين حيث تم سرقة الآثار وبيعها ووجدت بعض اللوحات التي سرقت من آثار عفرين تباع في سوق “تجار الآثار” في الأراضي التركية.
ووضحت مقاطع مصورة ، وصور عمليات نهب في “عين دارة” الذي يعتبر واحدا من أهم التلال الأثرية في عفرين، وسرقة الأسد البازلتي، إضافة لسرقة آثار منطقة النبي هوري (سيروس)، حيث تعرض للحفر واعمال التخريب بالآليات الثقيلة (الجرافات)، ما أدى إلى تدمير الطبقات الأثرية دون توثيقها، إضافة إلى تدمير المواد الأثرية الهشة كالزجاج والخزف والفخار ولوحات الفسيفساء، وغيرها من الآثار.
إلى ذلك قامت عناصر مسلحة تابعة لفصيل “السلطان مراد” الموالي لتركيا بعمليات حفر وتجريف للتربة بناحية بلبل في ريف عفرين شمال شرق حلب، حيث قامت العناصر بعمليات تنقيب من خلال حفر وتجريف التربة على التل الواقع بين قرى بيباكا – قوشا – شرقا التابعة لناحية بلبل بريف عفرين، بحثاً عن الآثار، مستخدمين آليات ثقيلة من التركسات والباكر، بالإضافة لاقتلاع المئات من أشجار الزيتون.
كما تعرض موقع “تل كتخ” الأثري بعفرين لعمليات نهب وتدمير شبه كامل، من قبل تركيا وفصائلها، وجرت الحفريات في ثلاث نقاط في محيط الموقع الأثري، الأولى تقع شرقي التل المرتفع في المنطقة الواقعة بين جسر القطار وقاعدة التل المرتفع من الشّرق، أمّا الثانية تقع قرب نقطة التقاء الطريق العام باتجاه ناحية راجو وطريق ناحية شيه وشمالي سكة الحديد، والثالثة تقع غربي الطّريق العام باتجاه ناحية “راجو”، وبلغت مساحة عمليات التخريب والنبش قرابة (5000) م2 .
كما أنّ امتداد الحفريات التخريبية إلى التلّ المرتفع (الأكروبول) وتخريب مساحة واسعة من الأكروبول تقدّر بحوالي (18000)م2 وإزالة بعض أشجار الزيتون، إضافة إلى حفر مساحة واسعة في النقطة الثالثة قرب طريق راجو والتي وصلت مساحتها إلى 6 هكتارات.
وتعرض موقع “تل جرناس” الأثري الواقع قرب قرية “سنّارة” التابعة لناحية شيخ الحديد غربي عفرين، لعمليات نهب منظمة ، حيث دخلتها آليات حفر وتنقيب، وتم استخراج كميات كبيرة من الآثار التي تم العثور عليها في الموقع، حيث عملوا على تجميعها إلى جانب الآثار الموجودة في الأصل ضمن الموقع من تماثيل وحجارة أثرية، قبل أن يعمدوا إلى نقلها عبر شاحنات كبيرة خاصة بشكل مباشر إلى داخل الأراضي التركية.
وتعرض تلا أخرى للنبش والحفر منها (تل برج عبدالو) و(تل جنديرس) …
وتشكل مثل هذه الأعمال انتهاكات للاتفاقيات والمواثيق الدولية الخاصة بحماية التراث الثقافي الإنساني أثناء الحروب كميثاقي واشنطن وفينيسيا في 1935 وفي 1965 واتفاقية لاهاي في 1954 وملحقها في 1999 والتي اعتمدتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونيسكو” كمعيار لحماية التراث الثقافي العالمي إبان النزاعات والصراعات المسلحة والتي تعتبر التعدي على أية ممتلكات ثقافية لشعب ما تعدياً على الممتلكات الثقافية للبشرية جمعاء إضافة إلى اتفاقية اليونسكو في 1970 بشأن التدابير الواجب اتخاذها لحظر ومنع استيراد و تصدير ونقل ملكية الممتلكات الثقافية بطرق غير مشروعة وصولاً إلى المبادرة الإماراتية – الفرنسية في 2016 والتي تبلورت عبر المؤتمر الدولي المنعقد أواخر ذلك العام في العاصمة الإماراتية أبو ظبي تحت عنوان “الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر” والتي تمخض عنها إنشاء صندوق دولي لحماية التراث الثقافي المهدد أثناء النزاعات المسلحة وإنشاء شبكة ملاذات دولية آمنة لحماية الممتلكات الثقافية المعرضة للخطر في ظل تلك النزاعات.
ورغم المناشدات والجهود الدولية والمحلية تواصل هذه الجماعات بحماية من تركيا بالاستمرار في عمليات السرقة والنهب والعبث والتدمير بحق كنوز ودرر تراثية وروائع أثرية وثقافية لا تقدر بثمن.
تقرير توثيقي للأماكن الأثرية والمقدسة في عفرين:
-دمرت الطائرات التركية معبد عيندارا الأثري الواقع بالقرب من قرية عيندارا جنوب شرق مدينة عفرين في ال21/1/2018 بعد شن غارة عليه. المعبد يحوي على أحجار بازلتية قديمة.
-قامت الجبهة الوطنية للتحرير الموالية لتركيا بتحويل تل عيندارا إلى مقر ومكان للتدريبات العسكرية يتم فيه إطلاق الرصاص الحي وذلك في الـ 23/7/2019، ووثقوا ذلك بالفيديو، حيث تم نشر فيديو للتدريبات من قبلهم.
رابط الفيديو:
-اختفاء منحوتة الاسود البازلتي المشهورة من فوق تلة عيندارا الواقع بالقرب من قرية عيندارا جنوب شرق مدينة عفرين بعد سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها على عفرين وبالضبط في 20/11/2019.
-النبش في ضريح موقع نبي هوري في ناحية شران بمنطقة عفرين بحثاً عن الكنوز من قبل لواء صقور الشمال في فترات مختلفة 3/11/2018 و 10/8/2018 و6/10/2018.
-النبش في مزار الشيخ حميد العائد للإيزيديين في قرية قسطل جندو التابعة لناحية شران من قبل الفرقة 23 في عام 2018 كما تم قطع شجرة معمّرة بجانبه للتحطيب. ومن جانب آخر تم تدمير قبة مزار بارسه خاتون في نفس القرية من قبل الفرقة 23 في عام 2018.
-تم تدمير مقبرة الرفيق في ناحية شران ومقبرة أفيستا في مدينة عفرين ومقبرة سيدو في ناحية جنديرس وهي مقابر لمقاتلي وحدات حماية الشعب من قبل الجيش التركي، حيث تمت إزالة مقبرة أفيستا عام 2019 بآلة التركس كما تم دهس مقبرة الرفيق بالدبابة في شهر أيار من عام 2020 في حين تم التزفيت على مقبرة سيدو عام 2018.
-حفر فصيل السلطان مراد الموالي لتركيا تلال بالقرب من قرية شيخ خورزيه في ناحية بلبل بمنطقة عفرين بحثاً عن آثار في تاريخ 29/7/2019.
-نبش فصيل السلطان مراد الموالي لتركيا مزار حنان لواقع في ناحية شران بمنطقة عفرين، حيث روى لنا شاهد زار المزار ودخل إليها في اليوم الأول من العيد الأضحى عام 2019، وقال إنه تم إزالة الأحجار من على القبر.
-في الشهر الخامس من عام 2019 حفرت فرقة الحمزات تلة أثرية بالقرب من قرية معراته التابعة لمنطقة عفرين بحثاً عن قطع أثرية وكنوز، الفرقة سوّت التلة مع الأرض تماماً، فرقة الحمزات تستولي على معدات الأهالي غصباً للحفر.