يبدو أنّ الأزمة الاقتصادية التركية ، وانهيار ليرتها باتت تلقي بظلالها على مشاريع تركيا التوسعية خارج الحدود أيضا ، ولم تعد تقتصر على المواطن التركي فحسب ، الذي بات مثقلا بالديون ، ولا يجد فرص عمل ، خاصة وأنّ الأزمة ترافقت مع حملة واسعة في عدة دول تطالب بمقاطعة البضائع التركية ، وبخاصة في دول الخليج العربي ، والعراق و سوريا.
ومع تراجع الدعم الدولي لجماعات المعارضة السورية المسلحة التي كانت تقاتل سابقا نظام حكم الرئيس السوري بشار الأسد ، بقيت تركيا وحدها ، وقطر من يمول هذه الجماعات بالسلاح ، ويدفعون رواتبهم ، مقابل كسب ولائهم المطلق ، وتغير عقيدتهم من قتال نظام الأسد إلى قتال من تعتبرهم تركيا عدوا في كل مكان ، بدءاً من الكرد ، إلى الأرمن ، إلى اليونانيين وغيرهم ، وباتت ساحة القتال لهذه الجماعات مرتبطة بما تقرره تركيا وحدها ، أرسلتهم كمرتزقة للقتال في ليبيا ، في أذربيجان ، إلى حدود اليونان ، ونشرت تقارير عن احتمال إرسالهم إلى اليمن ، إلى كشمير وإلى الصومال… وكما قال واحد من قادة هذه الجماعات إنّهم مستعدون للذهاب إلى أي مكان تختاره تركيا ، والقتال تحت رايتها.
لكن يبدو أنّ الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها تركيا ستعرقل مشروع تركيا التوسعي ، وهذا بات ملاحظا من خلال تزايد النقمة من قبل المسلحين السورين الموالين لها في شمال سوريا ، أو ما يعرفون بمسلحي التسويات في إشارة إلى الصفقات الروسية – التركية التي انتهت بتسليم هؤلاء المسلحين سلاحهم والانسحاب من مدنهم وركوب الباصات الخضراء باتجاه المدن الحدودية بدءاً من ريف دمشق والغوطة الشرقية وليس انتهاء بسراقب ومعرة النعمان وخان شيخون ، هذا الانسحابات أفادت تركيا في حصولها على موافقة موسكو للهجوم على مدن ومناطق الكرد في شمال سوريا وتهجيرهم.
في مدينة الباب السورية خرجت مظاهرتين في اليومين الأخيرين ، الأولى نظمها العشرات من مسلحي الفصائل الموالية لتركيا أمام حديقة ( شاهين به ) وسط المدينة ، رفعوا خلالها شعارات تطالب تركيا بدفع معاشاتهم التي لم يستلموا شيئا منها منذ 3 أشهر.
مظاهرة ثانية نظمها أهالي قرية ( جبل عقيل ) أمام القاعدة العسكرية التركية طالبوا فيها بحقوقهم في الحصول على بتعويضات عن المنازل والعقارات والمحلات التي هدمها الجيش التركي وسرقها منذ عام 2017 بعد احتلالها المدينة ، وتحويل منطقة واسعة فيها لقاعدة عسكرية ، ترافقت مع هدم للعشرات من المنازل وتوطين الجنود الأتراك في منازل لم يتم هدمها ، إضافة لجرف الأراضي وقطع الأشجار.
وهذه التظاهرة ليست الأولى فسبق أن تم تنظيم عدة تظاهرات ، قام بفضها المسلحون الموالين لتركيا ( المتعاقدون لحماية القاعدة ) ، وأصيب متظاهرون في إطلاق نار من قبل الجنود الأتراك.