الجزء الأول :
بعد فشل تركيا في توفير دعم أوربي – أمريكي كافي لدعم خطتها في شمال سوريا ، والقاضية بتهجير سكانها الأصليين وغالبهم من الكرد وتوطين المسلحين الموالين لها وعوائلهم لجأت لدول أخرى ك باكستان و قطر ومنظمات كويتية ، وهي ثلاث دول ماتزال تدعم تلك المشاريع تحت ذريعة دعم اللاجئين ، ودعم إقامة منطقة تركية آمنة في شمال سوريا ، لكن الوقائع تفضح الظاهر الإنساني في حقيقة أنّ تركيا وبأموال هذه الدول تسعى لتتريك المناطق السورية التي احتلتها منذ 2016 ، مستغلة فقر السكان وحاجاتهم وتواصل مساعي افتتاح مدارس ذات طابع ديني متطرف ، وتترك الأطفال بيد جمعيات من تنظيم الإخوان المسلمين المصنف كتنظيم إرهابي في سوريا وعدة دول أخرى ، وهو يعيد للأذهان مدارس تنظيم الدولة الإسلامية داعش وخلافته المزعومة فيما يسمى ب أشبال الخلافة.
وركّزت أنقرة سياستها خلال السنوات الست الماضية على التعليم، ليكون أطفال سوريا أداة يهدد مستقبل هذا البلد ما لم يوضع حد لهذه السياسات التركية.
ويبلغ مجموع المدارس الدينية التي افتتحتها تركيا في المناطق الخاضعة لها شمال سوريا حوالي 220 مدرسة منها 120 في مدينة عفرين وحدها، و20 في مدينة رأس العين افتتحت في منازل استولى عليها عناصر الفصائل المدعومة تركياً بعد تهجير أهلها منها، وتستهدف هذه المدارس أطفال المنطقة بإخضاعهم لدورات دينية وتسريب أفكار ومعتقدات تناسب السياسات التركية.
مطلع عام 2017، أُعلن إلحاق كافة المؤسسات الخدمية والتربوية في مدينتي الباب وجرابلس، لإدارة مباشرة من قبل والي مدينة غازي عينتاب التركية، ولاحقا الحقت بقية المدن السورية المحتلة تباعات حيث الحقت عفرين وأعزاز بولاية هاتاي \ إسكندرون والحقت مدينتي رأس العين وتل ابيض بولاية أورفا \ رها ، ولاحقا بدأت أنقرة بفرض قوانينها ومناهجها التعليمية على المدارس وأقامت كذلك جمعيات ضمن المساجد لتقلين الأطفال تعاليم دينية متشددة. حيث تكفّلت منظمة إدارة الكوارث التركية، التي تخضع لإشراف مباشر من قبل المؤسسة الرئاسية المعروفة بـ “آفاد”، الاشراف على الواقع التربوي والتعليمي في المناطق الخاضعة للسيطرة التركية، والى جانب “أفاد” عملت وزارة الأوقاف التركية المعروفة بـ “مؤسسة شريعت”، على تمويل وافتتاح عشرات المدارس الدينية في المنطقة عبر أموال تلقتها من قطر أولا وثم من منظمات كويتية ولاحقا من باكستان وبالتحديد منظمة تطلق على نفسها أسم “بيت السلام”.
بيت السلام الخيرية للرعاية (Baitussalam Hayır Vakfı):
تأسست هذه المنظمة في كراجى، باكستان 2010 ، تزعم أنّها تعمل في مجالات الدعوى ( منهج الإخوان المسلمين ) وفي مجالات مثل : التعليم، الثقافة، الشباب، الصحة و إغاثة الإنسانية، في سوريا كل أنشطتها محصورة مع رئاسة إدارة الكوارث و الطوارئ و وقف الديانة التركي. انضمت لاتحاد المنظمات الأهلية في العالم الإسلامي بتاريخ 30 تموز 2019. وهذا الاتحاد خاضع لسيطرة حزب العدالة والتنمية التركي ، وتأسس بداية في ألبانيا.
في مدينة الباب شمال شرق حلب، افتتحت تركيا مدرسة دينية تابعة لوزارة الأوقاف التركية حملت اسم “سليمان داميرال”، بحضور والي الباب المعين من قبل أنقرة، “أنال الكال” ووالي الباب المعيّن من قبل والي غازي عنتاب التركية، افتتحوا المدرسة باسم ضابط تركي قتل أثناء تفكيكه عبوة ناسفة في مدينة الباب مطلع فبراير/ شباط 2021.
وفي العام الجاري، افتتحت مدرسة عمر المختار الدينية بالتعاون مع منظمة “تكافل الشام” بحضور معاون وزير التربية التركي في ولاية غازي عنتاب. ( منظمة تكافل الشام: منظمة اخوانية تنشط تحت مسمى العمل الخيري أسست مطلع عام 2012 في تركيا، وتمّ تسجيلها رسمياً في أنقرة عام 2013. تعمل المنظمة بشكل أساسي على استهداف الأطفال اللاجئين والنازحين بحسب المعلن عنه، وتؤكّد المنظمة أنّ رؤيتها تركّز على الأطفال واليافعين من الشباب).
كما افتتح المجلس المحلي في مدينة الباب بحضور نائب والي عنتاب أحمد تورغاي إمامغيلار مدرسة ابتدائية وإعدادية، وسُميت بأرض روم. كما افتتحت مدرسة بولانت آل بايراق بحضور رسمي تركي.
ومنه أيضاً قامت مديرية الأوقاف والشؤون الدينية بتدشين روضة “براعم الإيمان” بحضور رسمي التركي على مدينة الباب أنال الكال ورئيس المجلس المحلي لمدينة الباب، ومدير التعليم الديني في أنقرة ووفد من الأوقاف والشؤون الدينية التركية.
المشهد ذاته في مختلف المدن الخاضعة لسيطرة تركيا بشمال سوريا في مدينة اعزاز ورأس العين بات هنالك نشاط واضح لمنظمة بيت السلام الباكستانية ، التي افتتحت 9 مدارس في مخيم “الإيمان” بمدينة اعزاز تضم 130 فصلاً دراسياً بإشراف والي كلّس خاقان ياووز أردوغان وحضور نائب رئيس “آفاد” إسماعيل بالاق أغلو. كما قامت “هيئة الإغاثة التركي” و “جامعة الشام العالمية” بافتتاح معهد شرعي في مدينة أعزاز.
وشَيدت أيضاً مدرسة بالتعاون مع جمعية “مسلم هاندز” الخيرية الباكستانية، في مدينة جرابلس أطلق عليها اسم نائب والي مدينة غازي عنتاب أحمد تورغاي إمامغيلار. منظمة مسلم هاندز هي جمعية الإيدي الإسلامية تأسست عام 1993 في نوتنغهام منظمة غير حكومية في أكثر من خمسين دولة حول العالم تقوم بمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية والنزاعات.
في مدينة عفرين، افتتح المجلس المحلي ومديرية التربية والتعليم ومنظمة “الأيادي البيضاء” (منظمة الإيادي البيضاء هي جمعية خيرية سورية معارضة تأسست عام 2013 في تركيا وتستهدف النازحين السوريين في مناطق سيطرة الجماعات المسلّحة، إضافة إلى اللاجئين على الحدود التركية). مدرسة عفرين، وقامت جمعية “الإغاثة الإنسانية الكويتية” ( منظمة الإغاثة الكويتية هي جمعية خيرية تأسست في مارس 2015 بقرار وزاري تمثل شريحة كبيرة من المجتمع الكويتي متخصصة في مجال إغاثة الشعوب). وهيئة “ساعد الخيرية” ( هيئة ساعد الخيرية هي جمعية تقدم يد العون والمساعدة لأهالي سورية المنكوبين تأسست عام 2014 بدعم من عدة حكومات). بالتنسيق مع المجلس المحلي لعفرين بافتتاح مدرسة إمام الخطيب تحت الوصاية التركية.
كما حرصت تركيا عبر منظمة “شباب الهدى” ( شباب الهدى فريق متخصص بالتعاون الميداني والتنسيق مع المنظمات والجمعيات وتنفيذ المشاريع الخيرية والحملات الإغاثية) على عدة دورات دينية في عفرين ضمّت 300 طفل و800 رجل و400 امرأة بالتعاون مع وقف الديانة التركية، وفق ما صرّح به أمين سر الجمعية خالد داميرال.
جامعة الزهراء الإسلامية :
تعتبر جامعة الزهراء الإسلامية واحدة من أكثر المنظمات نشاطا في المناطق الخاضعة لسيطرة في شمال سوريا ، وهي تمد تلك المناطق بخريجي معاهدها من الائمة ، وتقوم بتنظيم دورات تدريب لآخرين ، يشرف عليها مسؤولي الجامعة المقيمين في مدينة غازي عينتاب التركية.
كما أنّ هذه الجامعة التقت أكثر من مرة مع موفدين من رئاسة الشؤون الدينية التركية منهم أحمد يلدز ومفتي منطقة قره قميش ، محمد زكي سردار أوغلو، ومفتي منطقة حصّة أ. عبد الخالق، ومفتي منطقة عفرين إلهان كوناي، وباكير محمد علي ، لتنسق عمل الجماعة في سوريا ، ضمن مناطق خاضعة لسيطرة تركية مباشرة.
وبحسب معلومات جمعناها من مصادر عديدة فإنّ جامعة الزهراء ، تعمل بالتنسيق مع الأتراك من خلال تأمين رجال دين أتراك يتحدثون الكردية أو العربية كمشرفيين على التعليم في المدارس الدينية ” مدارس الشرعية ” في مدينة عفرين، وبقية المناطق السورية المحتلة من قبل تركيا لتسهيل التواصل وكسب ثقة الكرد والسوريين في مدينة عفرين بشكل خاص وبقية المدن لتشجيعهم على إرسال أطفالهم إلى هذه المدارس التي تدار بإشراف تام من مؤسسة الشريعت التابعة لحزب العدالة والتنمية.
فيديو لكلمة رئيس الجامعة مصطفى مسلم بحضور أسامة الرفاعي وهو رئيس ما يسمى المجلس الإسلامي السوري الشيخ وهو يفتتح برنامج تعليمي موجه إلى الأئمة السوريين الموظفين في المناطق السورية الخاضعة لتركيا والذي تشرف عليه رئاسة الشؤون الدينية.
رئيس جامعة الزهراء ( د. مصطفى مسلم ) أكد في لقاء أنّهم يحصلون على التمويل من ( مؤسسة الزكاة الأمريكية ) التي تعتبر أحد أذرع تنظيم الاخوان المسلمين المصنفة كمنظمة إرهابية في عدة دول عربية وغربية ، وهذه المنظمة ( الزكاة ) تتمتع بأفضل العلاقات مع حزب العدالة والتنمية التركي ، وهي مرخصة في الولايات المتحدة ، وكانت الراعي الرئيسي لمؤتمر MAS-ICNA الثالث عشر الذي نظمته الجمعية الإسلامية الأمريكية (MAS) والدائرة الإسلامية لأمريكا الشمالية (ICNA) في عام 2014، وهي تعتبر احد أهم الجهات الداعمة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، التي سعى عبرها لتوسيع نفوذه في الولايات المتحدة؛ لاجتذاب المسلمين الأمريكيين، ونشر الأجندة المتطرفة.
كما أنّ مكتب ملحق الشؤون الدينية بالقنصلية التركية في شيكاغو نظم اجتماعا بمقر مؤسسة “الزكاة” الأمريكية في 26 يناير/كانون الثاني التقى خلاله ملحق الشؤون الدينية “محمود آي” الجالية التركية في قرية بريجفيو.
وهذه المؤسسة، التي يشغل فيها تركي الجنسية يدعى خليل ديمير منصب المدير التنفيذي، تحافظ على علاقات وثيقة مع المنظمات التابعة للإخوان وحركة حماس الفلسطينية وبقية المنظمات الإخوانية في العالم، وترعى الفعاليات التي ينظموها. وقد واجهت اتهامات بإرسال الأموال عبر مؤسسة أخرى إلى هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات (IHH)، والمتهمة بكونها أداة لتهريب السلاح إلى الجماعات الإرهابية المتطرفة في سوريا وليبيا، واذربيجان.