شهادة أولى :
المواطن سالم الششبر، البالغ من العمر 50 عاماً، الذي اضطر إلى النزوح قسرا من مدينة رأس العين كغيره من آلاف المهجّرين، نتيجة الهجمات التركية على مدينته والتي بدأت في الـتاسع من شهر تشرين الأول عام 2019.
الششبر، عاد إلى منزله في مدينة رأس العين، بعد ما يقارب الـ15 يوماً على احتلالها، لتفقّد منزله وأمل الاستقرار، لكنه اعتقل من قبل جهاز الشرطة العسكرية الموالية لتركية، وبقي مسجونا مدة سنة وأفرج عنه بعد دفع فدية.
يصف سالم الششبر، سري كانيه المحلتة بـ “مدينة أشباح”، بسبب الانتهاكات والجرائم التي تحصل فيها باستمرار بحق الأهالي والمواطنين العزّل والأبرياء، ويضيف “يعيش أهالي المدينة بصعوبة، بسبب حرمانهم من أبسط مقومات الحياة من ماء, وكهرباء وخبز, بالإضافة إلى أنهم لا يستطيعون الخروج مساءً”.
ويقول الششبر ” في الـ25 من شهر تشرين الأول 2019 عُدت لأتفقّد منزلي وأجلب بعض الحاجات, ولكنني اعتُقلت بعد يومين من وجودي في المدينة، وتم تحويلي إلى المحكمة، واتهموني بالعمل مع الإدارة الذاتية, واتهام كافة الكرد وجميع من يعمل معهم بأنّهم انفصاليون”.
يقول “تعرضت للتعذيب بكافة الوسائل، من الضرب بعصا من الحديد، والكهرباء، والتعذيب بالدولاب، كما كانوا يتّبعون أساليب أخرى لإهانتنا، وذلك باستخدامهم الكلام المنافي للأخلاق والأدب, وحرماننا من الأكل والشرب في أغلب الأوقات”.
وقال “من شدة التعذيب قُتل الكثير من المساجين، رأيت ذلك بأم عيني..”
وبعد عامٍ كامل في السجن، تم الإفراج عن الششبر وتم إجباره على توقيع تعهّد، تنازل بموجبه عن منزله…
شهادة ثانية :
أقدم عناصر من “جيش الإسلام” على تعذيب مسن من نازحي الغوطة الشرقية بريف دمشق بطريقة “وحشية” بعد اعتقاله في مدينة الباب شرقي حلب والخاضعة لسيطرة القوات المسلحة التركية.
تفاصيل:
اقتحمت جماعة مسلحة من جيش الإسلام، منزل المدني “إبراهيم سليم عيون” البالغ من العمر 62 عاماً يوم الخميس 5 آذار\مارس 2020، بتهمة أنّه عبر عن سعادته باغتيال أحد قادة “الفصيل” وهو المدعو زاهر الشامي المعروف بـ”كبير” محققي سجن “التوبة” سابقا، التابع لـ”جيش الإسلام”، بوصفه “مشرفا على تعذيب الكثير من الناشطين”.
“عيون” تعرض لضرب وتعذيب شديد، قبل أن يرمى أمام منزله وهو بحالة حرجة بعد أن هدده العناصر بقتله و”قطع لسانه” إن لم يكف عن الحديث بشكل سلبي عن “جيش الإسلام”.
وكان جيش الإسلام قد اعتقل “عيون” عدة مرات سابقا أثناء سيطرتهم على منطقة الغوطة الشرقية بتهمة مشاركته بالمظاهرات وقتها وتعرض للتعذيب والإذلال في سجون أيضا، كما وتم اغتيال ابن عمه المعروف باسم (أبو أحمد عيون) في الغوطة عندما كان يشغل منصب القاضي العام في مدينة الباب وتم الاعتداء عليه بالضرب بحجة التحقيق معه من أجل أبو أحمد شامية – وهددوه بالقتل إذا تحدث عن شيء.
ويأتي ذلك بعد أن اغتال مجهولون يستقلون سيارة يوم 4 آذار 2020، القيادي الذي شغل منصب كبير المحققين في “جيش الإسلام” زاهر الشامي بعد استهدافه بـ 10 طلقات نارية قرب طريق “الأزرق” في مدينة الباب.
مقتل 83 شخصا تحت التعذيب في سجون الفصائل المدعومة من تركيا شمال سوريا:
وثق “مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا” في بيان أصدره حول واقع السجون في مناطق الشمال السوري الخاضعة لتركيا مقتل 83 شخصا تحت التعذيب في سجون ومعتقلات الفصائل والجماعات المسلحة التي تدعمها تركيا؛ شمال سوريا كما وكشف أنّ هذه الفصائل اعتقلت ما لا يقل عن ( 6201 ) شخصا، منذ آذار 2018 وتعرض ( 789 ) شخصا منهم للتعذيب.
ويأتي التقرير وسط قيام المركز بتوثيق المزيد من حالات التعذيب في السجون، رغم صعوبة الوصول إلى المعلومات، والحصول على تفاصيل متعلقة بهذا الشأن نتيجة قيام السلطات التركية بإغلاق المناطق التي احتلتها في شمال سوريا أمام وسائل الإعلام، وأمام المنظمات الحقوقية المحلية والدولية وهو ما يمنح الفصائل مزيدا من القوة والثقة في المضي بتعذيب المعتقلين في السجون دون مراعاة القواعد الأساسية التي تضمن حقوق المعتقل. من الاحتجاز التعسفي كإحدى الانتهاكات الخطيرة، و“الحرمان من الحرية” بدون سند قانوني. حيث ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته التاسعة على ما يلي: “لا يجوز اعتقال أي شخص أو حجزه أو نفيه تعسفيا”. كما ينص في مادته العاشرة على: “لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أيّة تهمة جزائيّة توجه إليه”.
في عفرين ومناطق تل أبيض ورأس العين لايزال مصير نحو 3051 معتقلا من أصل 6201 معتقلا، حيث يُفترض أنّهم إما موتى أو لايزالون قيد الاحتجاز. فضلا عن ذلك، لقي حوالي 83 شخصاً “حتفهم تحت التعذيب”، في حين يموت الكثيرون جراء أوضاع تعتبر مزرية ومنهم من يموت بعد الإفراج عنه، فيما يمكن وصف ما يحدث “بالإبادة”.
لقد حظيت عمليات الخطف والقتل التي ارتكبها النظام السوري باهتمام كبير في الغرب، لكن فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا احتجزت أشخاصاً كثر أيضاً، وقتلت الكثير منهم تحت التعذيب. ويبدو أنّ نظام السجون بات جزءاً لا يتجزأ من جهود السلطات التركيّة في تحقيق التغيير الديمغرافي، التي تتضمن تهجير من تبقى من السكان .
نزح أو هجر من عفرين قرابة \ 200- 250 ألف\ و 350 ألفا نزحوا من مناطق تل أبيض \ كري سبي ورأس العين\ سري كاني باتخاذ إجراءات عديدة تنفذها الفصائل التابعة لها من استيلاء على الملكيات العقارية والزراعية والتجارية إلى اعتقالات وخطف وقتل وتهديد وابتزاز واغتصاب. ومثل ذلك الرقم أيضاً نزح من مدينتي تل أبيض ورأس العين، لعل صمت المجتمع الدولي عن جرائم الحرب التي ارتكبتها وتواصل ارتكابها الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا كان حافزا لتقوم تركيا بإطلاق هجومها البري لاجتياح منطقة شرق الفرات التي كانت مستقرة وآمنة و متعايشة.
ورغم أنّ تركيا تمارس سياسة الصمت وترفض الرد على التقارير الحقوقية التي تتهم قواتها بارتكاب جرائم حرب في منطقة عفرين، فإنّ بعضا من بيانات الفصائل التي تدعمها تؤكد بالفعل حدوث انتهاكات، وهي تعترف ضمنيا باعتقال وموت العشرات وهم رهن الاعتقال، لا سيما مع اعلانهم اعتقال أعضاء ورؤساء بعض الأجهزة الأمنية وقادة وأعضاء الفصائل بتهم التعذيب والاغتصاب والفساد وغيرها أو تأتي كرد على بعض التقارير والصور والفيديوهات المسربة، تتضمن إقرار بأنّ الحادثة “حالة فردية” وأنّه سيتم معاقبة المتورطين، وهو العقاب الذي لا يتم….وكأنّهم يقولون “لقد ارتكبنا هذا، ولن يُعاقبنا أحد”، ضمن منهجية “التعذيب لمجرد التعذيب، التعذيب من أجل الثأر والقتل والحقد وإهانة الأفراد، وكسب الأموال ….”.
يعتبر نظام الاعتقال في سجون الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا شمال سوريا نسخة من الحجم الكبير عن ذاك الذي بناه الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وابنه بشار الأسد. ففي سنة 1982، سحق الأسد الأب انتفاضة مسلحة للإخوان المسلمين في حماة، وسوّى جزءا كبيرا من المدينة بالأرض، كما اعتقل عشرات الآلاف من الناس؛ منهم الإسلاميون والمعارضون اليساريون والسوريون بشكل عشوائي وذلك ردا على تمرد تنظيم الإخوان المسلمين طمعا في السلطة.
وعلى مدى عقدين من الزمن، اختفى حوالي 17 ألف محتجز في غياهب سجون النظام الذي يمتاز بطرق تعذيب تمت استعارتها من المستعمرين الفرنسيين والديكتاتوريين الإقليميين والنازيين.. وعندما خلف بشار الأسد والده في سنة 2000، أبقى نظام الاعتقال على حاله وحينما انشق عنه عناصر من المخابرات، وقادة من جيشه وموظفين تحولوا لصفوف المعارضة، أسسوا هناك نظاما يماثل النظام الذي انشقوا عنه، وبنفس الممارسات، حيث تم تأسيس أجهزة أمنية موازية كجهاز الشرطة العسكرية، وجهاز الأمن السياسي والجنائي والمخابرات وسجون ومعتقلات سرية ومتعددة وغير ذلك، لا بل كانت هذه الأجهزة هي الأسوأ كونها تفعل ما تشاء بدون رقابة ولا تخشى من العقاب وتمضي في ارتكاب المزيد من الانتهاكات، فلكل فصيل مسلح أجهزة أمنية خاصة به، يسيطر عبرها على قرى وبلدات يفرض فيها من يشاء.
شهادة ثالثة :
كشف المعتقل \أحمد ح\ و \جوان ح\ الذي اعتقلا في مدينة جرابلس بعد دخولهم مدينة جرابلس قادمين من تركية، عن ظروف صعبة وعمليات تعذيب شديدة وأعداد كبيرة من المعتقلين بينهم نساء.
أحمد، وجوان وثقا قصة الاعتقال بروايتها على الشكل التالي:
كان التاريخ هو السبت، 11 أغسطس 2018، وكان اليوم التالي هو عيد “الأضحى” دخلنا الأراضي السورية، قادمين من تركيا حيث كنا نعيش ونعمل، كنا قد لجئنا إلى تركيا أثناء حرب تنظيم داعش على مدينة كوباني في أيلول 2014.
تم تفتيش كل أوراقنا الثبوتية، الهوية السورية، الكيملك التركي على بوابة جرابلس من الطرف التركي، والطرف السوري…لم تكن توجد أيّة مشاكل، تجولنا في مدينة جرابلس لساعة، وكان شعورا مفعما بالسعادة، والفرح لأنّنا وأخيراً عدنا لبلدنا، وكان الأمل بالتوجه إلى كوباني كبيرا، حيث عائلاتنا وأهلنا…
توجهنا إلى معبر عون دادات التي تعتبر نقطة عبور مشتركة تفصل مدينة جرابلس حيث تسيطر القوات التركية، والجيش الوطني الموالي ومدينة منبج حيث تنشر القوات الأمريكية، وتقع تحت سيطرة “مجلس منبج العسكري”، والمعبر تحول لبوابة عبور لكل الراغبين بالتوجه من جرابلس إلى منبج أو مدينة حلب أو من منبج إلى جرابلس.
ويتابع أحمد… فور وصولنا إلى المعبر بسيارة ميكرو ، و دخولنا المنطقة الأمنية، قام أحد عناصر الجيش الوطني الذين يضعون علم تركيا على أكتافهم، بأخذ أوراقنا، وما هي الا دقائق حتى قدمت مجموعة مسلحة مؤلفة من 5 أشخاص وقاموا باقتيادنا إلى غرفة مغلقة، وهنا قاموا تفتيشنا بدقة، ومصادرة كل الأوراق الثبوتية والأموال وأجهزة الموبايل التي نملكها، وتم وضعنا في سيارة وأخذونا إلى مكان ثاني، وثالث ورابع ثم تركونا في مكان أدركنا أنّه سجن، مؤلف من غرفتين، كان مليئا بالمعتقلين، غالبهم كرد.
بقينا هناك لفترة أسبوع، دون أي تحقيق أو تعذيب، كان الماء والأكل نادرا، بالحد الأدنى سيئا للغاية…كنا نسمع أصوات لمعتقلين آخرين يجري تعذيبهم، مات 3 من الأشخاص الذين كانوا معنا في نفس الغرفة بسبب فقدان الرعاية الصحية، والبيئة السيئة والملوثة، والمياه والطعام الغير الصحي.
بمرور الأسبوع جاء دورنا، كانت تهمتنا أنّنا منتمين إلى وحدات حماية الشعب، طلب مني المحقق أن اعترف بأنّي عنصر مجند ضمن وحدات حماية الشعب، وإنّي تلقيت تدريبات عسكرية، وكنت أشرف على التفجيرات التي تتم في مدينة جرابلس.. قال أحمد.
وأضاف: أخبرته إنّهم يمكنهم التأكد من هويتي وتاريخ دخول مدينة جرابلس ومن سجلي الأمني بالتواصل مع الأتراك وإنّي كنت أعمل في تركيا ولم أحمل السلاح يوما.
طلب مني الاتصال بأحد أفراد عائلتي، و إبلاغهم إنّي معتقل في سجن جرابلس، ومتهم بارتكاب تفجيرات، وأنه للإفراج عني يلزمهم دفع مبلغ 25 ألف دولار.
أدركت وقتها أنّ المسألة كلها مرتبطة بدفع فدية…
يضيف جوان:
كان يتم تعذيبي بشدة، يتم حرماننا من الطعام لأيام، ومن المياه…كانت الغرفة ضيقة، غرفة صغيرة بالكاد تسع ل 10 أشخاص تم وضع 35 شخص فيها، كان الماء يتصبب في أعلى الجدران ويتحول لزخات مطرية، كانت مصارف مياه الصرف الصحي في نفس الغرفة بطريقة مقززة، وكان الذباب يأكل وجوهنا وأجسادنا..
ويضف:تم ضربي بعد تعليقي بالسقف ورأسي نحو الأسفل بقطعة حديد، وقطع خشبية صلبة، وكبال… تم كسر أصابع يدي، وقدمي، وساقي وأضلاع عديدة في صدري. كان السجان يقوم بإطفاء عقب السيجارة في رموش عيني، ويشدهم لدرجة الاقتلاع…كان هدفه صناعة أقسى درجة من الألم.
قال أحمد:
كانوا يتحدثون العربية العامية، أدركت أنّهم من سكان بلدة الشيوخ وجرابلس من لكنتهم، كنا نسمع أحيانا شخص يتحدث التركية…وآخرين يتحدثون العربية الفصحى.
تعرضت ل 22 جولة تعذيب يقول جوان، ويضيف أحمد: كان نصبي أكبر لأنّني رفضت الانصياع منذ البداية والاتصال بعائلتي، تم تعذيبي ل 33 مرة.
يقول أحمد…مع انتهاء كل جولة تعذيب كان يطلب منا التواصل مع عوائلنا وإبلاغهم بالتعجل لدفع الفدية، وإن غرفة التعذيب كانت “شغالة 24 ساعة”…
بعد اعتقال وتعذيب والبحث عن طريقة للوصول إلى الجهة التي اعتقلته، تم دفع مبلغ 20 ألف للإفراج عن أحمد، وجوان…حاليا هما في منزلهم ب كوباني، و يعانيان من آثار الاعتقال والتعذيب النفسية، واضرار جسدية بالغة.
شهادة خامسة:
أفرج الاثنين 18 آذار الجاري، عن سجين مختطف منذ شهرين عن الشاب /س،م/ الذي اختطف من قبل جماعة مسلحة ملثمة تبين لاحقا أنّهم من “سلطان سليمان شاه/ أو كما يعرف ب العمشات. تمّ الإفراج عنه بعد دفع فدية مالية 5 آلاف دولار.
وقال /س.م/ إنّه تم اختطافه بعد مداهمة منزله منتصف شهر كانون الثاني وتم نقله برفقة آخرين لم يتعرف عليهم بسبب ربط عينيه، إلى عدة أماكن وأنّه اضطر لإرسال صوته إلى أرقام أخوته يطلب منهم المال للإفراج عنه.
وتابع: “تم عزلي داخل غرفة صغيرة ولم أتمكن من الاتصال بالعالم الخارجي”.
وأشار أنّه بعد أسبوعين تم نقله لسجن آخر تواجد فيه أكثر من 60 شخص كلهم من أكراد عفرين وريفها”
ومن أساليب التعذيب التي كانت تتبعها “الفصائل” هي “الصعق بالكهرباء والشبح وبساط الريح، والدولاب”، يرافق ذلك تعصيب أعين السجين وضربه بشكل مبرح مع وصفه “بصفات ذميمة”.
ويعني (الشبح) وقوف أو جلوس المعتقل في أوضاع مؤلمة لفترة طويلة، أما (بساط الريح): يربط المعتقل على قطعة من الخشب إما مربعة أو لها شكل الجسم البشري، فيبدو كأنّه يحلق وتنهال عليه أساليب التعذيب المختلفة كما يمكن طي البساط بحيث يلامس رأس المعتقل قدميه، و(الدولاب): تربط يدا وقدما المعتقل بالدولاب سواء من جهة البطن أو جهة الظهر ثم تعذيبه، أو عبر وضع المعتقل داخل الدولاب بحيث تلامس يداه قدميه وتمارس عمليات التعذيب المختلفة عليه.
وعن أوضاع السجن قال إنّه يفتقر للتدفئة والنظافة ولا يوجد فيه أي منفذ للشمس كما أنّ الطعام الذي يقدم لهم قليل وسيء للغاية.
شهادة سابعة:
قصة قدري مصطفى واحدة من مئات القصص التي عاشها ومايزال يعيش مآسيها أهالي عفرين جراء حرب فرض عليهم انتهت بتهجيرهم من منازلهم ومدينتهم بعد شهرين من القصف.
قدري مصطفى البالغ من العمر 65 عاماً تعرض للتعذيب والضرب على يد مسلحين كان برفقتهم جنود أتراك. نهبوا وسلبوا منه منزله..
ويروي قدري قصته وما تعرض له أثناء تواجده في عفرين:
“مثلي مثل أي مدني في عفرين اختطفت على يد المرتزقة، فقبعت في حجرات سجونهم لمدة شهرٍ كامل إلى جانب المئات من المدنيين الأبرياء، وتعرضنا لكافة أنواع التعذيب مثل قلع الأظافر وتعليقنا بالسقف من أقدامنا وإبقائنا كذلك لمدة يومين دون طعام أو شراب”.
أضاف: “خطفوني في عفرين وإلى أي سجن اقتادوني لم أعرف، كانوا يضعون لنا الحبوب المخدرة في كؤوس المياه لنغفو ومن ثم يقتادوننا إلى أماكن مجهولة، هم كفرة ولسنا نحن الكفار، كانوا يسألونني لماذا لا تصلي وأنا كنت أبادرهم بنفس السؤال فكنت أتعرض للضرب من قبلهم، كانوا يضربون الأطفال، النساء والمسنين فلماذا؟!”.
وأكمل رواية قصته: “في الأيام الأولى من خطفنا كانوا يشربوننا المياه، كنا نشعر بأنّ طعم المياه غير عادي، وبعدها بدقائق كنا نغفو، دون صحوة أو معرفة ماذا يجري حولنا. بعد فترة أصبح طعم المياه طبيعياً ولم نكن نغفو كنا نبقى مستيقظين، وكأنّهم لم يعودوا يعطوننا الحبوب”.
“في البداية لم نكن نعلم أين نحن، حتى في أحد الأيام ونتيجة تعذيبنا بشدة،، قاموا برمينا في مكان، لاحقاً عرفت أنّه كان خلف سجن إعزاز، وقتها لاحظ الأهالي وجود شخصين مرميين على الأرض، فأعلموا مخفر إعزاز، فقاموا بأخذنا مجدداً، حتى زادوا من تعذيبنا، حيث قتل صديقي تحت التعذيب”.
يستمر قدري في رواية ما حدث معه، ويستذكر مقتل صديقه أمام عينيه بعد شهر من خطفه “كنت جالساً أمام منزلي وقاموا بخطفي بعد أن نهبوا أثاث المنزل وبقيت في السجن لمدة شهر تحت التعذيب في قرية قطمة في ناحية شرا ومن ثم اقتادوني أنا وصديقي إلى سجن في إعزاز، صديقي قُتِل تحت التعذيب ولا أعلم أين أخذوا جثته، كانوا يضعون الحديد في خرطوم المياه ويضربوننا حتى أنّ آثار التعذيب ماتزال موجودة على قدمي. كان هناك مرتزق يعمل قاضياً، بعد تحقيقه معي قاموا بالإفراج عني”.
خطفوا ابنتي ولا أعلم ما مصيرها
“تم الترويج بأنّني قتلت على يد المرتزقة على صفحات التواصل الاجتماعي، وعندما رأت ابنتي أمينة البالغة من العمر 22 عاماً ذلك الشيء توجهت إلى منطقة الزهراء بريف حلب وتوجهت من هناك إلى عفرين ووصلت إلى قرية مريمين، لكن هناك خطفها المرتزقة، ولا نعرف عنها شيئاً”.
وتمكن المسن قدري مصطفى من الخروج من عفرين والتوجه إلى ريف حلب الشرقي، والآن يقطن مع زوجته وابنه وأحفاده في قرية بابنس.
شهادة تاسعة
يروي أحد أهالي عفرين الناجين من أحد أسوأ السجون التي تديرها القوات التركية في ريف حلب الشمالي على الحدود داخل سوريا. السجن يشرف عليه مسلحون سوريون مختارون بعناية من قبل المخابرات التركية. تفاصيل عما يجري داخل هذا السجن رواه /خ، م/ حيث تحدث عن أساليب التعذيب الوحشية التي تجري داخل السجن حيث غالب معتقلين من الرجال والنساء الذي جرى اعتقالهم في عفرين بدءا من فرض تركيا سيطرتها على المدينة، بتهم تعاونهم وانضمامهم إلى وحدات حماية الشعب ويقع في بلدة الراعي التابعة لمنطقة إعزاز.
وسرد المواطن (خ م) من أهالي مقاطعة عفرين تفاصيل ما تعرض له من تعذيب وانتهاكات خلال 65 يوماً من اعتقاله من قبل مسلحي الفصائل حيث يجري تجميعهم وثم إرسالهم إلى السجن المذكور، وتشرف عليه المخابرات التركية.
في البداية تحدث المواطن (خ م ) عن كيفية اعتقاله مع مجموعة مدنيين” عند محاولتنا الخروج من عفرين نتيجة الانتهاكات المتكررة من قبل الفصائل، سلكنا طرقاً فرعية ووعرة في محاولة النجاة وعدم المرور حتى اعتقالنا على أحد الحواجز، وكنا 27 شخصاً، رغم أنّنا كنا غير مسلحين، لكن جرى إطلاق النار علينا وربطوا أيدينا واعيننا وضعوا رؤوسنا في أكياس ثم تم نقلنا في سيارة”.
وأشار (خ م) أنّه وأثناء نقلهم بالسيارة كاد العديد من المختطفين يختنقون من الأكياس الموضوعة على رؤوسهم وكل من كان يصرخ طالباً رفع الكيس عن رأسه لأنّه يشعر بالاختناق كانوا يقدمون على ضربه بأخمص السلاح، وتعرض الجميع تقريباً للضرب والإهانة حتى وصلوا إلى السجن”.
وأضاف بالقول:” عند الوصول إلى السجن أنزلونا من السيارة بشكل همجي مع الضرب وأدخلونا جميعاً في غرفة واحدة بمساحة بطول 3 أمتار وعرض مترين فقط، بعد أن رفعوا الأكياس عن رؤوسنا دون أن يفكوا وثاقنا ، وكان بداخلها بطانية واحدة فقط وأحضروا لنا بعض الطعام بعد منتصف الليل، وطلبنا فك أيدينا لنستطيع الأكل، فقالوا لنا (عليكم أن تأكلوا مثل الكلاب)”.
وأردف (خ م):” بعد مضي يومين نقلونا إلى مهجع ثانٍ وفكوا قيودنا، وبعدها بدأت رحلة العذاب والذل” بحسب وصفه.
وأضاف “لدى الرغبة في التحقيق مع أحد يختارون شخصاً لا على التعيين ويأخذونه ويعذبونه بشكل وحشي وهم يحققون معه ثم يعيدونه بعد أن ينهكوه من الضرب” وقال (خ م) في اليوم الذي وقع اختيارهم علي ليحققوا معي ناداني أحد مشرفي السجن وعندما اقتربت منه أغمض عيني أوقعني على الأرض وبدأ بركلي وتجمع عدد منهم حولي وبدأوا بضربي بالكابلات الرباعية والخراطيم والعصي بشكل وحشي وأنا أتقلب في ساحة المهجع وأصرخ من الوجع الذي لم أعد أحتمله حتى انهارت قواي”.
ونوه أنّه من شدة الضرب والتعذيب الذي تعرض له في المهجع وأثناء التحقيق معه أنهك جسده وأصبح لا يقوى على الوقوف مدة 12 يوماً.
وحول ما شاهده من ممارسات المسلحين بحق المختطفين أشار المواطن (خ م) أنه كان شاهداً على إقدام أحدهم على قطع أذن أحد المختطفين داخل السجن بواسطة “قطاعة” ووصف المشهد “بالوحشي ولا يتقبله ضمير ووجدان إنسان”.
وعن أساليب التعذيب أيضاً بحق المختطفين ذكر (خ م) إنّهم كانوا يغمضون أعين المختطفين ويطلبون منهم الركض في المهجع ويلحقون بهم ويضربونهم بالخراطيم والكابلات، وكل من يتوقف ينهالون عليه بالضرب بشكل وحشي ومنهم من يحاول الهرب من ضرباتهم من شدة الألم ولدى ركضه في المهجع وهو مغمض العينين يصطدم بقوة بالحائط أو الأشياء الموجودة داخل الغرفة ما يسبب له آلاماً كبيرة.
ومن جهة أخرى أكد المواطن (خ م) أنّه وأثناء تواجدهم في السجن كانوا يسمعون صرخات النساء داخل السجن وهن يتعرضن للضرب والتعذيب، وكانوا ينظرون خلسة من ثقب قفل الباب وشاهدوا كيف يقدمون على ضرب بعض النساء بوحشية في ممرات السجن. كما وأنّه يوجد المئات من العرب المعتقلين بتهمة رفض الانضمام إلى الفصائل أو أن لهم علاقات مع القوات الكردية.
وأفاد المواطن (خ م) أنّه قضى 65 يوماً داخل السجن وتعرض لكافة أشكال الضرب والإهانة دون أي جرم ارتكبه، ونوه أنّه وقبل إطلاق سراحه بيوم واحد حقق ضابط تركي معه، وفي اليوم الثاني أخذه المسلحون لمكان بعيد عن السجن وأوهموه أنّهم سيقتلونه لبث الرعب في قلبه، وأطلقوا عدة طلقات بجانب أذنه لترويعه، ثم فكوا وثاقه وأطلقوا سراحه، ثم استطاع الوصول إلى مقاطعة الشهباء بمساعدة بعض المواطنين بمنطقة اعزاز، أما باقي رفاقه فما زالوا في السجن.
وسجن الراعي هو واحد من عدة سجون سيئة الصيت اصافة الى سجون سرية في مقرات الفصائل ومنها سجن المحطة السيئ الصيت الواقع بالقرب من قرية ميدان اكبس.
شهادة 10
نشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلا صوتيا لرجل مسن، أفرج عنه مؤخرا بعد أن تعرض للتعذيب في احدى سجون تديرها فصائل سورية موالية لتركية.
سيدو عارف بلو، البالغ من العمر 83 عاماً، من أهالي قرية ديكي التابعة لناحية بلبل في عفرين توجه قبل نحو أسبوعين إلى حقل الزيتون العائد له والواقع بين قرية ديكي وقرية شيخ بهدف جني محصول السماق على أطراف حقله، وفي الطريق تعرض للاعتقال من قبل مسلحي الفصائل الإسلامية المتواجدة في المنطقة برفقة قوات تركية.
حيث جرى اعتقاله – بحسب روايته المسلجة صوتيا- وتعذيبه وتهديده مرارا بالذبح، قضى العجوز سيدو أربعة أيام في سجن في منطقة راجو، ثم اطلق سراحه بعد تدهور وضعه الصحي.
نهبت العناصر الاسلامية من العجوز هاتفه الخليوي والمال الذي كان معه أيضا. كما ونهبت الفصائل الإسلامية محصول الكرز العائد له /800/ شجرة بشكل كامل وتم بيعه ومصادرة ثمنه .
لازال العجوز بحسب ما نشره الصحفي محمد بللو، ملتزما الفراش ويعاني تراجعا في صحته نتيجة الضرب والتعذيب الذي مارسته عناصر الفصائل الإسلامية بحقه، والذي تسبب في جرح أجزاء متعددة من جسمه وكسر في الاضلاع.
يروي سيدو عارف بلو 83 عاماً من قرية ديكي بمنطقة راجو في مقاطعة عفرين، تفاصيل عملية اختطافه ونهب ممتلكاته من قبل جيش الاحتلال التركي ومرتزقته.
المسن سيدو كان من الذين بقوا في راجو بعد احتلالها من قبل تركيا، رغبة منه في الحفاظ على أشجاره التي كرّس عمره من أجل الحفاظ عليها.
ويقول البالغ من العمر 83 عاماً “بعد احتلال الجيش التركي ومرتزقته عفرين بقيت في منزلي رغم تهديدات من قبل مرتزقة تركيا لإخراجي من القرية ليسرقوا ممتلكاتي”.
ويتابع سيدو حديثه “كنت أعيش في القرية ولكن لم أستطع الاقتراب من أرضي من أجل جني المحصول، فهنا فرضت المرتزقة عليّ أن أذهب إلى مركز مدينة عفرين للحصول على أوراق لجني محصولي”.
ويصف سيدو ما فعلت به المرتزقة أثناء تواجده في الأرض “وبعد بدء موسم جني السماق ذهبت إلى أرضي لجني السماق وهناك حاصرني مئات من المرتزقة برفقة عشرات جنود الاحتلال التركي وأكثر من 50 سيارة، قاموا بإلقاء القبض علي وكان من بينهم مرتزق ما يسمى “محمد” وهو كردي من عفرين طرحني بين كرم الزيتون وقام بتفتيشي ونهب 800 ليرة تركي و50 ألف سوري و هاتف جوال”.
وأشار سيدو أنّ المرتزقة كانت ستذبحه “أحضر المرتزق محمد معه سكيناً حاداً من عند عنصر الجيش التركي وأتى إلي ليذبحني بعدما اتهمني باتهامات باطلة وواهية، ومن ثم قاموا بنقلي بسيارتهم إلى وادي النشابة “GELI TIRA” بعدها نقلوني إلى قرية بليلكو بقينا هناك لمدة أربعة ساعات على التوالي وهناك اختطفوا أربعة أشخاص آخرين لم أعرفهم وقاموا بعصب أعيننا وإلقاء أغطية قماشية على رؤوسنا ومن بعدها نقلونا إلى أحد الملاجئ بالقرب من سوق شعبي بمركز منطقة راجو”.
ويكمل سيدو حديثه بعدما اختطفته المرتزقة مشيراً بأنّه تعرض للضرب “وفي هذا الملجأ كان 8 أشخاص مختطفين ومن بينهم كان رجل مسن يدعى عزالدين محمد من أهالي قرية موسكي والذي يناهز من العمر 95 عاماً مختطف مع ابنته ولكن ابنته كانت لوحدها في الغرفة، فبقينا في الملجأ لمدة يومين بدون أكل وشرب، وخلال هذين اليومين تعرضنا لأشد أنواع التعذيب والضرب”.
“وبعد مضي يومين من الضرب قاموا بنقلي إلى سهل قرية بوليو ومن ثم إلى أحد مقرات الشرطة العسكرية بقيت هناك يومين وفي اليوم الرابع قاموا بالتحقيق معي حول ما جرى معي خلال أربعة أيام من اختطافي، بعد إنهاء التحقيق قاموا بأخذي إلى أحد الحواجز في راجو لإرسالي إلى قريتي وهناك جاء أحد أقربائي وذهبنا معاً إلى القرية، بعد ذلك لم أتحمل اعتداءات المرتزقة فاتصلت بأولادي القاطنين في منطقة الشهباء وطلبت منهم مبلغ 200 ألف ل.س لأتمكن من الوصول إلى الشهباء وبالفعل أرسلوا إلى المال وجئت به إلى هنا”.
شهادة 11
ناديا إحدى المعتقلات الـ 11 اللواتي اعتقلن من قبل مرتزقة (فرقة الحمزات) في مدينة عفرين، تروي قصتها وما ذاقته في سجونهم وتقول “إن كل امرأة من المحتجزات معها لاقت صنوفًا متعددة من التعذيب والاغتصاب”.
تزداد الروايات والأحاديث والشهادات المختلفة بلسان النساء والأهالي في مقاطعة عفرين المحتلة يومًا بعد يوم، جميعها تروي وحشية الاحتلال التركي ومرتزقته والجرائم التي ترتكب بحق أهالي عفرين.
يصادف الـ 18 آذار/ مارس الذكرى السنوية الرابعة لاحتلال مقاطعة عفرين من قبل المحتل التركي ومرتزقة ما يسمون بـ “الجيش الوطني السوري”، الذين ارتكبوا فيها أبشع الجرائم والانتهاكات التي ازدادت على لسان شهودها.
(ناديا- س) من مواليد 1996عادت مع زوجها إلى مدينة عفرين بعد احتلالها، فاعتقل المرتزقة الزوج بتاريخ 25 أيار 2018، وبعد اعتقاله بأشهر أرسل رسالة صوتية لزوجته، طالبًا منها زيارته في سجن بمدينة إعزاز حيث إنّ المسلحين سمحوا له بزيارات من أسرته.
بعد ساعة تقريبًا، وصلت سيارة للمرتزقة، وكان برفقتهم صديق زوجها الذي وصلته أيضًا، على ما يبدو، رسالة صوتية، لكن تبيّن لاحقًا أنّ الرسالة الصوتيّة كانت لاستدراجها مع صديق زوجها لخطفهما، حيث تمّ اعتقالهما.
وقتذاك أخذ المرتزق “أبو ليث الحسكاوي” ناديا إلى مقر الاستخبارات العسكرية التركية واحتجزها حتى ساعات منتصف الليل، بعد سلب الأغراض الشخصية منها، وبدأوا بالتحقيق معها، على ما أفادت لوكالتنا.
‘كل امرأة لاقت صنوفًا من التعذيب’
وتضيف ناديا “بعد احتجازي لدى المخابرات التركية، تحدّث إلي شخص باللغة التركية، لكنني لم أفهم ما يقوله لي، حملني بعدها إلى غرفة فيها سبعة مرتزقة ملثمين، أحدهم كان جالسًا أمامي وتحدث أيضًا بالتركية وبدأ بتفحص يدي وكتفيْ”.
وتابعت “حاول المرتزق التحرش بي عدة مرات، نقلوني بعد ذلك إلى سجن انفرادي شبيه بالبراد، بقيت هناك مدة شهر، وطوال تلك الفترة كنتُ أتعرض للتعذيب الجسدي والنفسي والتحرش الجنسي”.
في أيار/ مايو 2020 انتشر مقطع مصور على مواقع التواصل الاجتماعي، عُثر فيه على 8 نساء معتقلات في سجن مرتزقة فرقة الحمزات التابع للاحتلال التركي في عفرين، أثناء اقتحام السجن من قبل مرتزقة ومستوطنين آخرين.
ناديا كانت واحدة من أولئك النسوة، وبعد استجوابها أكثر من 25 مرة، تم زجّها في غرفة صغيرة منفردة، ولاحقًا تم نقلها إلى سجنٍ أكبر فيه حوالي 40 معتقلًا ومعتقلة.
‘أسماء النساء المختطفات على لسان ناديا’
وتقول ناديا “نقلوني إلى سجن (فرقة الحمزات) الجماعي، ووضعوني في غرفة فيها 11 امرأة وطفلين، الأول بعمر السنتين والثاني ذو أربع سنوات، وأسماء النسوة هي (لونجين عبدو، وأختها روجين عبدو، نازلي نعسان، روشين أمونى، روكان منلا محمد، فريدة حسين، أستيربان عبدو، فالنتينا عبدو، نيروز بكر واسم آخر لم أتذكره، إضافة إلى الطفلين (عيد، أورجان)”.
وتشير ناديا إلى أنها حاولت مرارًا الانتحار نتيجة الضغط النفسي والتعذيب والتحرش، ورغبة بالخلاص، ولكنها فشلت، فأحيلت إلى زنزانة انفرادية، وتم ضربها بأداة حادة على رأسها ففقدت الوعي وبقيت في المنفردة مدة طويلة حتى فقدت الإحساس بالوقت، وتقول “تم سحبي من المنفردة من شعري، وجرّي مرارًا، وحرماني من الثياب والماء والطعام، حتى الذهاب إلى التواليت. كانت صِلتي بالعالم مفقودة، لا أحد يعرف أين نحن، ولا نعلم نحن ماذا يجري في الخارج، لم نكن نستطيع رفض شيء، سلبوا منا إرادتنا وكلَّ شيء”.
‘أساليب من التعذيب الوحشي’
وعاشت مدة أشهر على رغيف خبز وبعض الجبن يقدَّم لها كل 3 أو 4 أيام مرة واحدة؛ ما أدى إلى مرضها وانهيارها عصبيًّا، وجرى تعذيبها بطرق عدة منها «بَلانكو/بَلانكا» (الربط إلى السقفِ لتتدلى إلى الأسفل) وغرس الإبر في الأصابع والأظافر، وأساليب أخرى.
وتذكر ناديا أنّه تم نزع ثيابها مرارًا أثناء الاستجواب، وبعده وعندما رفضت التهم المنسوبة إليها، نُقلت إلى غرفة التعذيب وعُلّقت إلى السقف ويداها مكبلتان من الخلف، وضربوها مع نساء أخريات بالخرطوم والكبل، والحديد، وعرضوا جسدها الهزيل للصعق بالكهرباء، وأوضحت أنّه بعد تعرضها لأنواع التعذيب الجسدي، كان يغمى عليها، إلا أنّهم كانوا ينزلونها إلى الماء ويوصلونه بالتيار الكهربائي لتصحو.
وتضيف ناديا “كان التعذيب يوميًّا، بشكل فرديّ أو جماعيّ، وتعرضنا للاغتصاب مرارًا، كانوا يعطوننا حبوبًا مخدرة، وأحيانًا يرشون المياه الباردة علينا جميعًا في برد الشتاء القارس، حتى الأطفال الصغار لم يستثنوا من التعذيب وحُرم الطفل الرضيع من الحليب”.
‘كل امرأة من المختطفات لاقت صنوفًا من التعذيب …قتلوا مدنيين كرديين اثنين’
وتنوّه ناديا إلى أن النساء المحتجزات معها لاقين صنوفًا متعددة من التعذيب، وتعرضن للتحرش والاغتصاب والشتائم، وقالت “أصوات التعذيب مازالت عالقة في ذهني ولا يمكن نسيانها”.
وتكمل “كنت أسمع أصوات الرجال في الزنزانات القريبة من غرفنا، وصراخهم أثناء تعذيبهم بطريقة وحشية، وشهدت قتل مدنيين كرديين اثنين”.
وقالت “حسن كان والدًا لـ 3 بنات، تعرض لتعذيب شديد، وفقد صوته من التعذيب، ثم تأكدت من وفاته. لقد مات في المنفردة التي نقلوها إليه. وتابعت “إنّ أصوات التعذيب مازالت عالقة في ذهني ولا يمكن نسيانها”
‘التعرض للاعتداء وأحد الأتراك يعرض عليها الزواج’
تقول ناديا إنّها تعرضت للاغتصاب عدة مرات داخل السجن السريّ الذي كانت مختطفة فيه بحي المحمودية في مدينة عفرين، إضافة إلى تعرض نساء أخريات للاغتصاب من قبل المرتزقة المدعومين والموالين لتركيا، وبمشاركة جنود وعناصر من المخابرات التركية.
وتروي ناديا أنّ التعذيب طال طفلين أحدهما رضيع يبلغ 7 أشهر، والآخر يبلغ عامًا ونصف العام، خُطفا مع والدتيهما، وكان يتم اغتصابهما أمام طفليهما.
وتوضح ناديا أن “أحد الأتراك تحدث باللغة الفصحى وطلب مني الزواج، وقال لي إنه سوف يفك أسري إذا قبلت الزواج به، بشرط أن يذهب بي إلى تركيا وأن أقطع علاقتي بأهلي وأقاربي”.
‘اكتشاف أمر النساء المختطفات لأول مرة’
تقول ناديا إن وضعهم المأساويّ استمر مدة ستة أشهر داخل سجن فرقة الحمزات بحي المحمودية في مدينة عفرين، ثم حدثت فوضى وسُمع صوت إطلاق نار وهتافات، واقتحم أشخاص السجن. كان البعض من المختطفات عاريات بلا ثياب، وأخريات في المنفردات وقد تعرضن للاغتصاب، قاموا بإخراجهن على عجل، وتقول “هربنا وركبنا إحدى السيارات، عرفنا لاحقًا أنّنا أصبحنا في قسم الشرطة العسكرية، وأنّ اقتتالًا اندلع بين المستوطنين والمرتزقة أدى إلى اقتحام السجن الذي نحن محتجزات فيه والتابع لفرقة الحمزات، عرفنا أنّنا في 28/5/2020، وهذا يوم لن أنساه”.
ماذا بعد سجن الحمزات؟..توجيه التهم
وتضيف ناديا أنهن بقين مدة يومين فقط في أحد سجون الشرطة العسكرية، يومين بدون تعذيب وقدموا لهن القليل من الطعام والماء، وتردف بالقول: “لكن لم يسمحوا لنا بالاستحمام، الذي كان حلمًا بالنسبة لنا، لا أتذكر آخر مرة استحممت فيها”.
وتابعت ناديا سرد ما جرى معها بعد ذلك “بعد 48 ساعة، قامت الشرطة العسكريّة بتسليمنا مجددًا لفرقة الحمزات، الوجوه السابقة نفسها، التي نقلتنا إلى قرية مازن/ الكبيرة في ريف عفرين، ومن هناك تم تحويلنا إلى منطقة إعزاز، ووُضعنا في سجن بظروف أفضل نوعًا ما، ثم أخذونا للتحقيق مجددًا، وقاموا بتصويرنا فيديو والتقاط صورنا مرارًا، أخبرونا أنّنا يجب أن نحفظ ما هو مدون في ورقة، وأن نسجل ذلك أمام الكاميرات.
وتقول:” قرأت النص، كان يتضمن أنّني إرهابيّة وعميلة، أعمل لصالح حزب العمال الكردستانيّ وقوات سوريا الديمقراطية، وأنّني أقود مجموعة كانت تخطط لاستهداف الضباط الأتراك والجنود الأتراك وأنّني أخطط لتنفيذ عمليات تفجير في تركيا، تم ضُربنا مجددًا، ومنحونا ساعات لنحفظ محتوى الورقة، لم يكن أمامي أية فرصة لأرفض ذلك فقبلت تحت التهديد”.
كان المشرف على التحقيق وتلقين المعلومات شخصٌ اسمه (سيف أبو بكر) ولاحقًا عرفت أنّه أحد المقربين من المخابرات التركية، ويحمل الجنسية التركيّة، ويقود فرقة الحمزات، تم إجبارنا في حضور أبو بكر على التوقيع والبصم على أوراق باللغة العربية والتركية بعد تصويرنا لعدة مقاطع فيديو تتضمن اعترافات أنّنا إرهابيات، بدون أن نعرف على ماذا نبصم أو نوقع”.
وتحدثت ناديا عن قيام المرتزقة برفقة أشخاص يتحدثون اللغة التركية بتصويرهم عدة مرات، مرة وهن عاريات، ومرة بلباس نظيف قدموه لهن ثم أخذوه، وفي الفيديوهات جعلوهن ينفين تعرضهن لأيّ تعذيب وأنّ حياة وظروف السجن مرفهة، وأجبروهن على شكر تركيا وأردوغان والجيش الوطني والأجهزة الأمنية وأنّهم قاموا بحمايتهن وإصلاحهن.
وفي فيديو آخر جعلوهن يعترفن بالإكراه والضرب والتعذيب إنّهن إرهابيات تورطن في تفجيرات أو خططن لها وعميلات لصالح (قوات سوريا الديمقراطية) وحزب العمال الكردستاني واستدركت قائلة:(حينما كنت أو كنا نرفض ذلك كانوا يقومون بنزع ثيابنا وإجبارنا على كل شيء وتصوير ذلك، لم يكن لنا إلّا أن ننفذ أوامرهم أمام الفيديو شكرنا أردوغان وشكرناهم، بعد ذلك تم تحويلنا إلى سجن في مدينة الباب، بقينا هناك مدة شهر، ثم تم تحويلنا من الباب إلى سجن معراته في عفرين، وفي كل مرة يتم إعادة التحقيق معنا وإلزامنا على الاعتراف أننا مذنبات، وإرهابيات، وأنّهم يعاملوننا بطريقة جيدة وظروفنا في السجن مرفهة”.
‘المحاكمة’
في سجن معراته، تمت إحالة المختطفات إلى المحكمة والقضاء لأول مرة، وتستذكر ناديا تلك اللحظات بالقول: “في البداية طلب مني القاضي العسكري، لا أتذكر اسمه، كما كان يطلب منّا في السجن، الصمت وعدم الإدلاء بشيء، وانتظاره ليتحدث، وأنّنا مقابل صمتنا سنحصل على إطلاق السراح، ضمن عفو سيصدرونه.
لكن لم يكن يهمني شيء، تحدثت أمام القاضي عن التعذيب والاغتصاب والتحرش والضرب وظروف السجن وأنّنا مدنيات بريئات، وأنه تم إجبارنا على الإدلاء بتصريحات مصورة تحت التعذيب، وأنهم خطفوني وأنا متجهة لزيارة زوجي المعتقل.
قاطعني القاضي وطلب إعادتي إلى السجن وهددني، بالفعل أعادوني إلى السجن وبدؤوا بضربي مجددًا، في اليوم التالي أدخلوني قاعة المحكمة وتم إجباري على توقيع أوراق أجهل محتواها كانت باللغة التركية والعربية”.
تضيف ناديا أنه تم إحالتهن إلى محكمة أخرى، بدت أنّها مدنية هذه المرة، وقررت ناديا هذه المرة عدم التزام الصمت، على الرغم من تهديدهم بقتلها، وتحدثت أمام القاضي الذي عرّف عن نفسه باسم (أحمد سعيد)، فسردت له كيف تعرضت للتعذيب والاغتصاب، وكيف تعرضت بقية النسوة معها في السجن، وبقية المعتقلين للتعذيب، وقالت إنها شاهدة على مقتل شخصين تحت التعذيب، الأول اسمه (بلال عبدو) والثاني (العم حسن، أبٌ لثلاث بنات)، متوقعة منه الإنصات والإنصاف، إلا أنه تبين أنّه يود الحديث معها للتسلية، وقالت إنه كان يبتسم ويستهزئ بها، وقام بتهديدها وطلب منها أن لا تخبر أحدًا بهذه القصص لحماية شرفها وعائلتها، ولكيلا تتعرض للقتل والملاحقة والعودة لنفس الظروف.
وأجبر متزعمو المرتزقة ناديا على توقيع أوراق باللغة العربية وأوراق باللغة التركية دون السماح لها بقراءة محتواها، وجرى تصويرها مجددًا في السجن وأطلق سراحها مع إبلاغها بالبقاء في المنزل وعدم المغادرة أو التحدث لأي وسيلة إعلامية أو كتابة شيء على مواقع التواصل الاجتماعي.
كيف انتهت معاناتها؟
ناديا قالت إنّ أسرتها اتفقت مع مهرب على دفع مبلغ 300 دولار لإخراجها من عفرين، ووصلت إلى مكان آمن لكن لايزال مصير زوجها مجهولًا، وهو الذي اختطف قبل اختطافها بأيام.