يرى المتابعون والمحللون على حد سواء أنّ الرئيس الأمريكي الديمقراطي جو بايدن سوف يكون أكثر السياسيين المؤيدين لقوات سوريا الديمقراطية والأكراد في المنطقة، وهم الذين تعرضوا لخيانة عظيمة من الرئيس السابق دونالد ترامب.
تعود اهتمامات بايدن بالكرد لفترات سابقا، بالتحديد في العراق. بايدن أبدى اهتماماً ملحوظاً وقتها بالكرد هناك، وهي الدولة التي زارها نائب الرئيس أربع وعشرين مرّة.
وكان لبايدن مواقف داعمة لتطلعات الكرد، في ديسمبر 2002، عندما زار المنطقة، توّجت جولة بايدن حينها بكلمة وجهها إلى برلمان كردستان العراق في أربيل\هولير، وقال له السكان المحليون إنّ “ما يتعلمه كل طفل كردي هو أنّ: ليس للكرد أصدقاء سوء الجبال”، فتعهد بايدن بدعم واشنطن لحكومة إقليم كردستان، قائلاً: “ليست الجبال أصدقائكم الوحيدون”.
وكان قلق بايدن على الأكراد أحد الأسباب الرئيسية التي قدمها لتصويته لدعم إسقاط نظام صدام حسين في العراق عام 2003، إذ قال في قاعة مجلس الشيوخ، إنّ الدكتاتور العراقي صدام حسين “قمع بوحشية المدنيين العراقيين – الأكراد في الشمال، ثم الشيعة في الجنوب، ثم الأكراد مرة أخرى”.
فوز بايدن شكل رعبا في أنقرة، التي تخوض حربا مفتوحة مع الكرد في سوريا، والعراق، وايران، وفي تركيا نفسها، لا سيما، أنّ النظام التركي الذي يقوده رجب أردوغان كان يراهن على بقاء ترامب لدورة ثانية، للمضي في تنفيذ مخططه في “التطهير العرقي للكرد” من شمال سوريا، ومن شمال العراق (المناطق الحدودية في إقليم كردستان) حيث لاقا دعما من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمضي في تنفيذ الجزء الثاني من مخططه ذاك.
مواقف بايدن تجاه الكرد، وتجاه تركيا دفعت بحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووسائل الإعلام الموالية له، بالرد بمزيج من العداء والغوغائية حول اتهامات لا أساس لها منذ عام 2016 بأنّ بايدن يدافع عن “الأكاديميين الموالين لحزب العمال الكردستاني”.
وتشن الدولة التركية منذ عقود قتالا ضاريا ضد الكرد، الذين يطالبون بحقوقهم كثاني أكبر قومية في البلاد ( يتجاوز عددهم 30 مليون في تركيا ) كما وأنّ نطاق هجمات تركيا ضد الكرد تجاوزت الجغرافيا التركية، التي يطلق عليها الكرد شمالي كردستان، حيث شنت تركيا هجمات واحتلت مدنا سوريا تقطنها غالبية كردية، وقامت بتهجير سكانها الكرد الأصليين مقابل توطين عوائل عربية موالية له فيها. أيضا يحتل الجيش التركي عدة قرى وبلدات حدودية في إقليم كردستان، ويشن قصفا متواصل على تجمعات والقرى الكردية ويواصل مهاجمتهم في أوروبا والدول الأخرى…
وبمجرد أن أصبح تنظيم الدولة الإسلامية داعش يشكل تهديداً كبيراً، أقامت إدارة أوباما علاقات عسكرية قوية مع كل من حكومة إقليم كردستان في العراق، ووحدات حماية الشعب في سوريا، حيث دعمت الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب في مدينة كوباني التي خاضت قتالا ضاريا ضد هجمات تنظيم داعش، وساعد الدعم الأمريكي في تجنب سقوط المدينة الكردية بيد مقاتلي داعش، وكان الانتصار في كوباني هو بداية التعاون الكردي – الأمريكي في سوريا وساهم بشكل فعال لاحقا في القضاء على التنظيم الإرهابي في سوريا، وهي أمور نظرت تركيا إليها بريب، وسعت مرارا لفك هذا التحالف، وإضعافه.
رفض بايدن وأوباما وصف وحدات حماية الشعب بأنّها جماعة إرهابية، كما كانت تلح أنقرة، الأمر أثار استياء تركيا كثيراً، التي تسعى دائما لحشد تأييد عالمي ضد الكرد، بدل العمل على حل مشكلتهم، وكتب بايدن على تويتر في أثناء الهجوم التركي على بلدة رأس العين عقب الانسحاب الأمريكي منتقدا خطوة ترامب، ” كان الأكراد جزءاً لا يتجزأ من مساعدتنا على هزيمة داعش – وفقد الكثيرون حياتهم. الآن، تخلى الرئيس ترامب عنهم. إنّه أمر مخز”. حيث تمت مهاجمته من قبل “السبام التركي” المدعوم من الحكومة بضراوة لا مثيل لها.
The Kurds were integral in helping us defeat ISIS — and too many lost their lives. Now, President Trump has abandoned them. It's shameful.
— Joe Biden (@JoeBiden) October 17, 2019
كما ظهرت تعليقات من بايدن في مقطع مسجل سابق قال فيه إنّه سيشجع المعارضة التركية على هزيمة أردوغان في الانتخابات إذا أصبح رئيساً للولايات المتحدة، واتهم الرئيس الحالي دونالد ترامب وإدارته بـِ “الاستسلام لأردوغان” في سوريا. قال بايدن: “آخر شيء كنت سأفعله هو أن أذعن له فيما يتعلق بالأكراد”.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية قد أجرت حوارا مع جو بايدن كشف فيه عن موقفه السياسي تجاه أردوغان وسياساته في الشرق الأوسط. وحول سؤال الصحيفة “هل تشعر بالارتياح لأنّ الولايات المتحدة لاتزال تمتلك أسلحة نووية في تركيا بالنظر إلى سلوك أردوغانّ” أكد جو بايدن أنّ مستوى الثقة بأردوغان قد تقلص كثيرا مشيرا أنّ تركيا لعبت دورًا في تمكين صعود داعش مما أثار التوترات الدبلوماسية, وقال بايدن “لقد قضيت الكثير من الوقت معه، إنّه مستبد”.
Unlike President Trump, I know what it takes to negotiate with Erdoğan. And if I were president, I would make him pay a heavy price for what he has done. pic.twitter.com/vv4P1q7B5S
— Joe Biden (@JoeBiden) October 16, 2019
كما تعهد بايدن بالعمل مع حلفاء أمريكا في المنطقة لعزل أردوغان مؤكدا أنّ آخر شيء كان يمكن فعله مطلقا هو التنازل لأردوغان فيما يتعلق بالمسألة الكردية كما فعل ترامب أمام أردوغان في سوريا.
وتابع بايدن “ما أعتقد أنّنا يجب أن نفعله هو اتباع نهج مختلف تمامًا تجاهه الآن، يجب أن ندعم قيادة المعارضة. لدينا طريقة كانت تعمل لفترة من الوقت لدمج الكرد الذين أرادوا المشاركة في العملية السياسية في برلمانهم، لأنّه يتعين علينا التحدث عما نعتقد أنّه خطأ بالفعل، عليه أن يدفع الثمن”.
وأكد بايدن ضرورة دعم المعارضة والشخصيات التي لها تأثير في المجتمع وتشجيعهم على تولي زمام الأمور وهزيمة أردوغان، ليس عن طريق الانقلاب، ولكن بالعملية الانتخابية مبينا أنّه كيف تم إسقاطه في اسطنبول يجب تكرار هذا السقوط في المدن الأخرى.
كما تعهد جو بايدن في أثناء حملته للترشح للانتخابات بحماية الأكراد في سوريا إذا ما فاز بالانتخابات الرئاسية الأمريكية. وقال إنّه لن يسحب كامل الجنود الأمريكيين من سوريا، وسيبقي على ألف جندي هناك، متعهداً بتأمين التغطية الجوية لقوات سوريا الديمقراطية، ويساندها في حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي.