تحاول حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التغطية والتعتيم على حوادث التصفية والقتل التي تقوم بها ضدّ اللاجئين السوريين على أراضيها، والتي تزايدت في الآونة الأخيرة حتى غدت سياسة ممنهجة تستعين بها لإرهاب من دأبت على تسميتهم “ضيوفاً” بهدف دفعهم لمُغادرة البلاد، خاصة وأنّ حوادث القتل العمد تلك، التي تتم لأسباب مختلفة تمرّ دون عقاب على الرغم من معرفة مُرتكبيها، وهو ما يُشجع على ارتكاب مزيد من الجرائم لأبسط الأسباب، ويُعمّق من مشاعر الكراهية المُتبادلة.
حادثة جديدة وقعت في تركيا منذ أيام في بازار غورصوا بورصة لشاب سوري يدعى حمزة عجان ويبلغ من العمر 17عاماً، حيث كان الشاب يساعد امرأة سورية في ترجمة كلامها لتجار أتراك عندما بدأوا في شتمها والتعرّض لكرامة اللاجئين السوريين، فأراد الدفاع عنها ثم قتلوه بالسلاح الأبيض.
ولاقت جريمة قتل الشاب، استنكارا وغضبا واسعا في أوساط الجالية السورية والعربية عامة في تركيا، فيما زعمت الشرطة التركية أنّها اعتقلت القتلة، وعلى إثر ذلك طالب ناشطون أتراك وسوريون وعرب بالعدالة للشاب والقصاص له، مُطالبين بوضع حدّ للانتهاكات بحق الأجانب، ومُعربين عن عدم ثقتهم بالقضاء التركي الذي دأب على حفظ قضايا مماثلة أو تبرئة المُجرمين لأسباب مُختلفة، وفي أفضل الأحوال الحُكم عليهم بأحكام مُخففة جداً ليُغادروا السجن بعد مدة بسيطة خاصة في حال صدور عفو رئاسي، أو الاكتفاء بتعليق عملهم لفترة بسيطة إن كان القتلة من عناصر الشرطة التركية.
وطالبت المحامية والناشطة القانونية في حقوق الإنسان غولدن سونميز، بوضع حدّ للانتهاكات العنصرية المُتزايدة في تركيا.
ووفق والد الضحية وصفحات التواصل الاجتماعي، فإنّ هذا الشاب دفع حياته ثمنا لدفاعه المستميت عن كرامة بلده وأهله ومواطنيه في بلد اللجوء.
وروى الأب إنّ امرأة سورية طلبت من بائعين في سوق شعبي بمدينة بورصة حجز كمية مئة كيلوغرام من البندورة، على أن تعود في المساء لأخذها ودفع ثمنها.
وأضاف، بحسب المقطع المصوّر، أنّ المرأة عادت واعتذرت عن عدم شراء الكمية لأنّها لم تؤمّن ثمنها، وطلبت من الشاب ترجمة ذلك للبائعين.
على إثر ذلك، بدأ البائعون بشتم المرأة، ودفعت النخوة بالشاب للدفاع عنها بعد قيام أحد الباعة بشتمها بكلمات خادشة للحياء، ما أدى إلى نشوب شجار تعرض فيه الشاب للضرب بالهراوات والحجارة من 4 أتراك على كل أنحاء جسمه، ونقل إثر ذلك إلى المشفى، حيث فارق الحياة متأثرا بعدة إصابات.
يُذكر أنّه في أبريل الماضي، أثار مقتل الشاب السوري علي العساني (19 عاما) في أضنة التركية غضبا عارما عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي قضى نحبه برصاص الشرطة التركية لمُخالفته قوانين حظر التجوال المفروضة على من هم دون العشرين عاماً ضمن تدابير الوقاية من فيروس كورونا المُستجد.
ورغم أنّ قتل شابٍ بهذه الطريقة في وضح النهار، جريمة تستوجب المحاسبة، إلا أنّ والي أضنة اكتفى بتعليق عمل الشرطي متعهداً بمحاسبته قضائياً وإدارياً، وهو أمر لم يتم خاصة وأنّ الشرطي القاتل لم يُعتقل، هذا فضلاً عن أنّ عناصر الشرطة في تركيا يملكون بالفعل صلاحيات استخدام الرصاص الحيّ حين يخرجون في دورياتٍ اعتيادية.
والغريب أنّ جهات سورية معارضة للحكومة السورية دأبت على الدفاع عن الجرائم التي يتم ارتكابها بحق السوريين سواء من قبل الشرطة التركية أو من المواطنين الأتراك أنفسهم نتيجة مواقف عنصرية واضحة، وهو ما يُعتبر مُشاركة في قتل السوريين على غرار ما تفعله الفصائل المسلحة التابعة لأنقرة في مناطق الشمال السوري دون حسيب أو رقيب.
وتبدو سياسة القتل العمد والإفلات من العقاب سياسة ممنهجة للحكومة التركية تُمارسها حتى بحق المواطنين الأتراك من المُعارضين والخصوم، إذ أعفت المادة التاسعة في مرسوم الطوارئ رقم 667، الذي دخل حيز التنفيذ في 23 يوليو 2016 بعد أيام من نجاة الحكومة التركية من محاولة الانقلاب، موظفي الدولة من أي مسؤولية قانونية أو إدارية أو مالية أو جنائية بموجب حالة الطوارئ، ما يعني أنّ أية حالة تصفية تكون موجّهة وممنهجة ومحمية بحكم القانون.
وبالرغم من إنهاء العمل بقانون الطوارئ بعد تمديده لعدة مرات متتالية، إلّا أنّ أجواءه ما تزال سائدة، وتمّ سنّ قوانين فضفاضة يؤكد معارضو أردوغان أنّها تبيح التصفية بأقنعة مختلفة.
وتوصف هذه الحماية التي يوفرها القانون لعناصر الشرطة أو الاستخبارات أو الحزب الحاكم، بأنّها واحدة من الأسباب الرئيسة للزيادة المفاجئة في حجم حوادث التعذيب في تركيا، أو حالات التصفية والقتل.