سدود تركيا على الفرات ودجلة…حرب أخرى على العرب والكرد

تمارس تركيا شتى أنواع الابتزاز ضد الدول العربية المجاورة لها بدءاً من التدخلات العسكرية المباشرة في سوريا والعراق وليبيا إلى استخدام أوراق ضغط غير مباشرة مثل مياه نهري دجلة والفرات لنيل حصة الأسد منها ضاربة بعرض الحائط الاتفاقيات الدولية التي توزع حصص المياه بالتساوي بين الدول التي يجري فيها النهران.

استخدمت تركيا نهر دجلة للضغط على العراق وتجفيف موارده المائية عبر بناء سد إليسو الضخم على النهر والذي افتتح في فبراير (شباط) 2018، وتؤكد التقارير أنّ بناء السد أدى إلى انخفاض حصة العراق من مياه النهر بنسبة 60%، ويستوعب سد إليسو في‏‭ ‬حالة ‬امتلائه ‬كلياً ‬بالمياه ‬ما ‬يقرب ‬من ‬20.93 ‬مليار ‬متر ‬مكعب، ‬وسيولد 1200 ‬ميغاوات ‬من ‬الكهرباء، ‬ليصبح ‬رابع ‬أكبر ‬سد ‬في ‬تركيا ‬من ‬حيث ‬الطاقة‭ ‬الإنتاجية.

آثار اقتصادية:
ويؤكد الخبراء، أنّ سد إليسو سيكون له تأثيرات اقتصادية سلبية على العراق وقطاع الزراعة، إذ سيخفض ملء السد من تدفقات المياه لنهر دجلة من 20 مليار متر مكعب سنوياً إلى نصف هذه الكمية، والذي يشكل تهديداً حقيقياً للأمن القومي العراقي.

وبحسب التقارير العراقية، فإنّ السد تسبب بتشريد نحو 80 ألف شخص من 199 قرية، إضافة إلى التسبب بحظر زراعة الأرز كونها تستهلك كميات كبيرة من المياه، ما دفع عدداً كبيراً من المزارعين لهجر أراضيهم. وشهدت مدينة البصرة احتجاجات استمرت شهوراً بسبب عدم وجود مياه صالحة للشرب.

وفي يونيو (حزيران) الماضي حذر تقرير صادر من جمعية “المياه الأوروبية” من أنّ العراق قد يفقد بالكامل مياه نهري دجلة والفرات بحلول 2040، مؤكداً أنّ نهر دجلة وحده سيفقد 33 مليار متر مكعب من المياه سنوياً بسبب سياسة تقليل المياه التي تتبعها أنقرة.

تدمير الآثار:

كما يهدد سد إليسو بغمر قرية تاريخية في تركيا عمرها أكثر من 12 ألف عام وتتعرض أنقرة بسبب ذلك إلى انتقادات قوية حول العالم.

صحيفة “نيويورك تايمز” أكدت في تقرير لها أمس الإثنين، أنّ سد إليسو تسبب بغمر مناطق أثرية مهمة في قرية حسن كيف الكردية الواقعة جنوب شرق تركيا، وشرد 70 ألف شخص من سكان المنطقة الأكراد، فيما وصفت الصحيفة المتضررين بأنّهم “ضحايا طموح أردوغان للتغيير”.

كما كشفت المعلومات أيضاً أنّ العديد من علماء الآثار وعلماء البيئة كانوا محبطين لتدمير وادي أثري بسبب السد، وأنّ جهود هؤلاء لإنقاذ المدينة التاريخية قد دمرت أمام استبداد أردوغان المتزايد، وفقاً للصحيفة. وفي تغريدة نشرتها الصحيفة عبر تويتر استخدمت عبارة “قلوبنا تحترق” للتعبير عن الآثار السلبية لبناء السد على التراث العالمي. وتضمن تقرير الصحيفة صوراً مؤثرة للقرية، حيث أفادت “نيويورك تايمز” أنّ القرية كانت مستوطنة أثرية يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث، مشددة على أنّ آلاف الأسر كانت تعيش بالقرية إلى أن غمرها أردوغان بالمياه من أجل التنمية الاقتصادية.

المتحدث باسم جمعية “أنقذوا حسن كيف” رضوان أيهان قال لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية في مطلع يوليو (تموز)، إنّ حكومة إردوغان تبيع الناس “أحلاماً وفي الوقت نفسه تسحق واحداً من أجمل جواهر تراث البشرية. هنا، تركت العديد من الحضارات بصماتها: الفرس والرومان والبيزنطيون والعثمانيون”.

تعطيش السوريين:

حرب تركيا المائية ألقت بظلالها على سوريا أيضاً، وتسبب سد “أتاتورك” المقام على نهر الفرات في محافظة أورفا التركية والذي يعد أكبر سد في البلاد، إلى تراجع حصة السوريين من مياه النهر، إلى أقل من ربع الكمية المتفق عليها دولياً، وهي مستويات غير مسبوقة.

الإدارة الذاتية الكردية في شمال سوريا اتهمت في 27 يونيو (حزيران) الماضي تركيا بقطع مياه نهر الفرات وحذّرت مما سيترتب على ذلك من نقص في المياه القادمة إلى البلاد. وقالت “الإدارة العامة لسدود الفرات” التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في بيان إنّ متوسط الكميّة المائية الواردة منذ بداية شهر (يونيو) حزيران “أقل من ربع الكمية المتفق عليها” والذي أدى إلى انخفاض مناسيب بحيرات السدود السورية الثلاثة المبنية على نهر الفرات.

وحذر البيان من “الآثار السلبية الكبيرة على البيئة بسبب نقص المخزون المائي” وانعكاسات ذلك على “المنتجات الزراعية واقتصاد المجتمع والأمن الغذائي العام”.

واعادت الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، إلهام أحمد، نشر فيديو في 1 يوليو (تموز) يصور حالة الجفاف التي وصلت إليها بعض تلك المناطق الواقعة شرقاً على ضفاف الفرات في سوريا، مشيرة إلى أنّ السكان وعلى مدى عصور وسنوات كانوا يقضون كافة حاجاتهم من هذا النهر، إلا أنّ تركيا ببنائها المزيد من السدود، جففت المياه عن المحتاجين لها.

ويظهر في الفيديو أحد المواطنين يقول “حتى المياه يقطعوها عنا”. في حين شرع مصور المقطع يقول: “انظروا هذا هو حال الفرات، هذا كله النهر انظروا”، مشيراً إلى مساحات جافة على ضفافه.

من جهته، يؤكد الخبير المائي والجيوسياسي، عبد الله الأحمد في تصريح لموقع “تركيا الآن” نشر أمس الإثنين، أنّ أخطر ما تقوم به تركيا هو أنّها تحاول أن تعتبر الماء سلعة تجارية، وهذا ما يخالف القانون الدولي، موضحاً أنّ الاتفاقيات الدولية تشدد على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار حاجات الدول من الماء، وتحظر على تركيا، في هذه الحالة، اتخاذ أي إجراء من شأنه الإضرار بتلك الدول، أي سوريا والعراق.

وأوضح الأحمد أنّ ورقة المياه تضاهي ما تقوم به تركيا من دعم للمجموعات الإرهابية في إدلب، مؤكداً أنّها تطمح لسيادة المنطقة، ولم تكن لتجرؤ على ذلك لولا الوضع الدولي الهش.

بلال أبو كباش \ 24.ae

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك