هجمات غير قانونية على المستشفيات، والمدارس، ومحطات الطاقة ومخازن الحبوب
تشكل الهجمات المتكررة للقوات المسلحة التركية على البنى التحتية المدنية في شمال شرق سوريا جرائم حرب، ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. قتلت عشرات الضربات الجوية والبرية غير القانونية على المستشفيات، والمدارس، والأسواق ومحطات الكهرباء والمياه والنفط ومخازن الحبوب .
في 19 نوفمبر 2022 شنت تركيا أول حروبها المكثفة لاستهداف البنى التحتية المدنية شمال شرق سوريا، تجاوزت 450 هجوما منها 79 عبر الطائرات وأسفرت عن مقتل 44 شخصاً، بينهم لا اقل من 30 مدنياً. ومنذ 5 نوفمبر 2023 استهدف الجيش التركي 57 موقعاً في شمال وشرق سوريا من بينهم 36 قرية، و21 مركزاً حيوياً وخدمياً وصحياً. اسفرت عن مقتل 13 شخصاً، بينهم لا اقل من 8 مدنيين.
أن تركيا تتعمد تدمير البنية التحتية لشبكة الطاقة والصحة والتعليم والغذاء والأمن والنفط بشكل متزايد، مع اقتراب فصل الشتاء؛ لتزيد من معاناة الشعب السوري.. كما أضرّت الهجمات بشكل خطير بالحق في الصحة، والتعليم، والغذاء، والماء، والمأوى، فتسببت بنزوح جماعي.
ضربات تركيا على المستشفيات، والمدارس، والبنى التحتية المختلفة في شمال شرق سوريا تظهر استخفافا صارخا بالحياة المدنية. تبدو الهجمات غير القانونية المتكررة جزءا من استراتيجية عسكرية متعمدة لتدمير البنية التحتية المدنية وطرد السكان، ما يسهل مخططات تركيا التي اعلنها سابقا رئيسها رجب طيب أردوغان القاضية بتهجير سكان هذه المناطق وتوطين عوائل المسلحين الذين يوالونه كما فعل قبل ذلك في عفرين وتل أبيض و رأس العين.
ووثّق مركز توثيق الانتهاكات 57 هجوما جويا، نفذته تركيا خلال يومين فقط -ماتزال الهجمات مستمرة- شملت استخدام طائرات مسيّرة وطائرات حربية، أصابت مباشرة و ألحقت أضرارا بالمدنيين والبنى التحتية في مدن الحسكة وريف حلب، في انتهاك لقوانين الحرب. قتلت هذه الغارات على الأقل 13 مدنيا وجرحت 32 آخرين. لم تكن هذه سوى جزء بسيط من إجمالي الهجمات المستمرة التي تنفذها تركيا التي تستهدف مناطق شمال شرق سوريا (منطقة الإدارة الذاتية). كما وتسببت الهجمات التركية التي استهدف ثلاث مدن رئيسية (عفرين ، تل أبيض ، رأس العين ) في سقوط مئات الضحايا في صفوف المدنيين، ونزوح قرابة المليون نسمة منهم مازال قسم كبير منهم يقطن في 7 مخيمات منتشرة بريف حلب و الحسكة والرقة.
الهجمات التركية المتكررة على البنى التحتية المدنية في المناطق المأهولة هي متعمدة. حيث كشف هاكان فيدان وزير الخارجية التركية عن مخطط تنفيذها في تصريحات صحفية سبق الهجمات بيوم واحد فقط وهي تهدف إلى حرمان المدنيين من وسائل إعالة أنفسهم وإجبارهم على الفرار، أو بث الرعب في نفوس السكان كوسيلة انتقام، حيث يطلق السكان على الطائرات التركية المسيرة تسمية “طائرات الموت” وهي ذات أضرار واسعة النطاق تستخدم في مناطق مأهولة بالسكان. يمكن أن يؤدي استخدامها في مناطق مأهولة إلى قتل وجرح أعداد كبيرة من المدنيين عشوائيا، وإلحاق الضرر بالأعيان والبنية التحتية المدنية وتدميرها. كما أن آثارها لها بدورها نتائج أخرى – تعطيل الخدمات الأساسية، كالرعاية الصحية، والتعليم، والحصول على الغذاء والمأوى. أما الآثار طويلة المدى، فتشمل الضرر النفسي الجسيم بالأشخاص المتضررين.
يُلزم القانون الإنساني الدولي، أو قوانين الحرب، جميع الأطراف المتحاربة بتوجيه هجماتها على أهداف عسكرية وتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين أو الأعيان المدنية، وعدم تنفيذ هجمات تتسبب في أضرار مدنية عشوائية أو غير متناسبة. كما يحمي القانون الدولي لحقوق الإنسان السكان، بما في ذلك “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”، الذي يحمي الحق في الصحة، والتعليم، ومستوى معيشي لائق.
نظرا إلى الطريق المسدود في مجلس الأمن، على “الجمعية العامة التابعة للأمم المتحدة” تبني قرار أو بيان يدعو دولها الأعضاء إلى فرض عقوبات محددة الهدف على تركيا وقادتها العسكريين ومسؤوليها الضالعين بشكل موثوق في جرائم الحرب والجرائم المحتملة ضد الإنسانية والتجاوزات الخطيرة الأخرى. على الحكومات المعنية متابعة القضايا الجنائية بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية وفرض عقوبات محددة الهدف من جانب واحد ضد القادة والمسؤولين الأتراك المتورطين في جرائم حرب، بما يشمل مسؤولية القيادة.
لمعالجة الوضع الإنساني، على مجلس الأمن فتح المعابر باتجاه منطقة الإدارة الذاتية على الفور.
يجب أن تتضافر الجهود الدولية لإثبات أن الهجمات التركية غير القانونية لها عواقب، وردع الهجمات المستقبلية، وإظهار أنه لا يمكن لأي أحد الإفلات من المساءلة عن الجرائم الجسيمة بسبب رتبته أو منصبه. فطالما استمرت تركيا الإفلات من العقاب، سيستمر كذلك شبح تجدد الهجمات غير القانونية والخسائر البشرية المدمرة.