داهمت مجموعة مسلحة تابعة لهيئة تحرير الشام، صباح اليوم الاثنين 22 حزيران 2020 منزل القيادي الجهادي البارز “جمال زينية” يلقب باسم “أبو مالك التلي” في ريف مدينة إدلب، وقامت باعتقاله واقتياده لمكان مجهول.
التلي كان قد انشق عن هيئة تحرير الشام في السابع من أبريل / نيسان الفائت من العام الجاري، وشكل جماعة مقاتلة جهادية وانضم إلى غرفة عمليات “فاثبتوا” الجهادية، ويعد أحد أبرز المعارضين للسياسة والمشروع التركي في إدلب، ورفض الالتزام ببنود الاتفاقيات الروسية – التركية حول منطقة “خفض التصعيد” في إدلب، وهو ما أكده بنفسه في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2018
والتلي كان قد اختطف راهبات معلولا بريف دمشق، قبل أن يطلق سراحهم في آذار/مارس 2014 بموجب اتفاقات وصفقة تقاضى خلالها مبالغ مالية طائلة، فيما فقد أبو مالك التلي نجله بعد استهدافه في ريف إدلب، في 25 من أكتوبر عام 2017، بإطلاق نار عليه من مسلحين مجهولين، خلال تنقله على إحدى الطرق ضمن المنطقة.
يعتبر التلي من أكثر قادة “تحرير الشام” تشدداً، وكان يشغل منصب أمير “جبهة النصرة” في منطقة القلمون الغربي قبل أن ينتقل مع عناصره إلى إدلب بعد أن عقد اتفاقاً مع “حزب الله” في آب/أغسطس 2017.
وللتلي مؤيدون كثر في “تحرير الشام”، وهم في الغالب من عناصر كتيبته التي قدمت معه من القلمون، ومجموعات أخرى من الغوطة في ريف دمشق. ولا يخفي أنصاره رغبتهم في توليه القيادة بدلاً من زعيم “تحرير الشام”، أبو محمد الجولاني، الذي بدا أنّه قد تخلص من أحد أبرز منافسيه.
وشارك التلي في المعارك الأخيرة ضد الجيش السوري في إدلب، وظهر أكثر من مرة في مقاطع مصورة أثناء قيادته للمجموعات التي يتزعمها. وأسندت له في الربع الأخير من 2019 مهمة قيادات العمليات الهجومية في جبلي الأكراد والتركمان في ريف اللاذقية الشمالي.
وكانت مجموعة من الفصائل أعلنت، في 12 من حزيران الحالي، عن تشكيل غرفة عمليات تحت اسم “فاثبتوا”، في خطوة اعتبرت تحديًا من بعض قياديي “الهيئة” السابقين للفصيل. ومن بين القياديين الذين كانوا وراء غرفة العمليات الجديدة “أبو مالك التلي”، ما أثار جدلًا بعد حديث عن عودته إلى صفوف “الهيئة” سابقًا. وتضم خمسة فصائل هي: “تنسيقية الجهاد” بقيادة القيادي السابق “أبو العبد أشداء”، و”لواء المقاتلين الأنصار”، و”جماعة أنصار الدين”، و”جماعة أنصار الإسلام”، وتنظيم “حراس الدين”.
سيرة ذاتية:
يبلغ التلي من العمر 35 عامًا، وهو من بلدة «تل منين» في ريف دمشق، وسطع اسمه في عام 2014، بعد الهجوم الذي نفذته عناصر تابعة لتنظيم “داعش” على كمين تابع للشرطة اللبنانية والذي عرف بهجوم عرسال.
وعُرف عن “التلى” أنّه من كبار المؤيدين لتنظيم “القاعدة”، وفي حقبة التسعينيات من القرن الماضي، سجن في صيدنايا في ريف دمشق، بتهمة انتمائه للسلفية، وبعد خروجه كان أحد المهندسين والمخططين و المقتحمين لمناطق وحواجز أمنية ومستودعات، في بلدة «مهين» وهى أضخم المستودعات العسكرية في القلمون.
وكان “أبو مالك” على رأس المنفذين للهجوم على بلدة “عرسال” أحد المدن اللبنانية التابعة لمحافظة بعلبك، وكان حينها أحد قيادات الهيئة ومسؤولا عن بلدة جبال قلمون في غرب سوريا، وفى عام 2015 غادر القلمون وذهب إلى إدلب.
قبل أن يدخل “التلى” العمل المسلح، عمل في توزيع الخضروات والفواكه، وسائق شاحنة لنقل البضائع بين سوريا والمملكة العربية السعودية، كما عمل في التهريب، حتى ألقت السلطات السورية القبض عليه وحكمت عليه المحكمة بعشرين عامًا سجنا، وخرج مع بداية الحرب في 2011 بعفو رئاسي بعد أن أمضى ٧ سنوات.
ولم تقتصر جرائم أبو مالك التلى، على الإرهاب والتهريب فحسب، بل امتدت لتشمل الخطف وطلب الفدية، “التلي” دخل في مفاوضات كبيرة مع الحكومة اللبنانية في عام 2014 و2015، بسبب قيامه بخطف عدد كبير من راهبات بلدة معلولا بلبنان إلى جانب خطفه بعض الشباب وطلب الفدية من ذويهم، وحينها تدخلت الحكومة لحل تلك الأزمة.
مبررات الهيئة:
بررت “هيئة تحرير الشام” اعتقال القيادي السابق في صفوفها جمال زينية، الملقب بـ”أبو مالك التلي”، متهمة إياه بمحاولة “إضعاف الصف وتمزيق الممزق”.
وجاء ذلك في بيان صادر عن لجنة المتابعة المركزية في “الهيئة”، نشرته حسابات مقربة منها اليوم، الاثنين 22 من حزيران.
وقالت “الهيئة” إنّ “التلي منذ فترة طويلة يسعى للخروج من الجماعة لتشكيل فصيل خاص (في إشارة إلى غرفة عمليات “فاثبتوا”)، وقد ناقشناه واستوعبناه إلى الدرجة التي نستطيع، لأنّنا لا نريد له سلوك سبيل الفرقة، واستطعنا أن نبقيه بيننا مدة ليست بالقصيرة، حتى قرر الخروج”.
وأضافت أنّ “الهيئة” فوجئت بتشكيل “التلي” فصيلًا جديدًا “لن يختلف عن سابقيه في سعيه لإضعاف الصف وتمزيق الممزق، على الرغم من تحذيره من خطورة الخطوة، وتأكيده سابقًا أنّه لن يفعل ذلك”، وفق البيان.
وأكدت “الهيئة”، “تقديم النصح للتلي” كي يعود إلى صفوفها، لكنه أصر على موقفه، “لذلك فإنّنا نرى أن الواجب في حقنا نصرة لأبي مالك أن نمنعه من الإكمال في هذا الطريق (…) وتقديمه للمحاسبة على الأعمال التي تسبب بها في إثارة البلبلة وشق الصف وتشجيع التمرد”، معلنة توقيفه وإحالته للقضاء.
“تحرير الشام” تعتقل قيادي سابق في صفوها يعد أبرز معارضي المشروع التركي في إدلب.https://t.co/rQ2RWo252Q https://t.co/dTMLgbYvJM pic.twitter.com/Fy5AzSh3k0
— VdC-NsY (@vdcnsyEnglish) June 22, 2020