قصص مأساوية خلفتها الحملة التركية على منطقة عفرين، وهي “الغزوة” التي أدت لنزوح قرابة 250 ألف مدني على الأقل، وضرب الاستقرار والأمان الذي كان سائدا في المدينة و التي ظلت في منأى عن الحرب السورية طيلة السنوات السبع مع هجمات متكررة من قبل الفصائل الإسلامية التابعة لتركيا. كان يعيش في عفرين قرابة المليون نسمة، نصفهم من اللاجئين الهاربين من المدن السورية نتيجة الاقتتال بين قوات المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا ودول عربية وغربية وقوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا وايران بحسب تقارير إعلامية عديدة كانت ترصد أوضاعهم، الإدارة الذاتية في عفربن ساهمت في توفير الخدمات الأساسية وتوفير الحماية والأمان.
اضطر غالب السكان إلى النزوح باتجاه مدن الشهباء ومدينة حلب وقسم منهم اتجه إلى كوباني ومدن الجزيرة، في الشهباء افتتحت عدة مخيمات لاستقبال الأعداد الهائلة من الفارين من عفرين بعد أن تمكنت القوات التركية وفصائل سورية جهادية تدعمها من فرض سيطرتهم واعلانها منطقة تابعة لولاية كلس التركية. قسم نزح بعد تمكن تركيا من احتلال المدينة نتيجة الانتهاكات التي كانت تمارسها قواتها وقوات الفصائل السورية من عمليات اختطاف واعتقال وقتل ومداهمات ومصادرة الممتلكات والأراضي الزراعية والمحاصيل وعدم السماح لهم بالتنقل إلى جانب التهجير والاستيلاء على املاكهم ومنازلهم وتحويلها لمقرات عسكرية أو سجون أو منحها للمستوطنين العرب وأسر مقاتلي المعارضة.
العائلات العفرينية النازحة قسرا إلى مناطق الشهباء تمكنت من تحويل القرى المدمرة إلى أماكن صالحة للسكن أوجدوا فيها مقومات الحياة بعد أن خلف حرب المعارضة والنظام فيها الخراب والدمار مؤكدين -بحسب شهادات – على عدم التنازل عن حق العودة لمدنهم المحتلة وأن بقائهم يمدهم بالمزيد من التصميم على العودة.
قرية تل شعير التابعة لناحية فافين في الشهباء من القرى التي تعرضت بنيتها التحتية من كثرة الدمار لحد انعدام الحياة فيها، انتقل إليها 4110 نسمة من أهالي عفرين وسكنوا في بيوت القرية المدمرة وأعادوا بناء البنية التحتية للقرية شيئاً فشيئاً بالإمكانيات البسيطة، وأيضاً لتأمين مصدر للقمة العيش قاموا بوضع بعض البسطات التي يبيعون عليها مواد غذائية بسيطة في شوارع القرية المليئة بركام الحرب.
كمال دادو الذي يسكن القرية تل شعير قال “نعيش في أحد البيوت المتضررة من الحرب في قرية تل شعير لا أبواب ولا نوافذ فيه يحيط بنا ركام الحرب القتال في هذه المنطقة، مع ذلك تعاوننا جميعا لتنظيم حياتنا في القرية، بقائنا هنا هو جزء من مشروع المقاومة ولا بديل عن عودتنا لمديتنا التي احتلتها تركيا بمؤامرة”.
وأشار مجيد محمد “إن حياتهم في عفرين وسط الطبيعة الخلابة ووسط أشجار الزيتون كانت لا مثيل لها وتعتبر بالنسبة لهم بمثابة جنة على الأرض لكن طائرات جيش الاحتلال التركي ومرتزقته دمروا كل شيء في عفرين وهجّروا أهلها، ولكنها لم تتمكن من تحقيق هدفها الأساسي والذي كان كسر إرادة الشعب كون الأهالي وبعد انتقالهم إلى مناطق الشهباء استمروا بالمقاومة ووعدوا بالاستمرار مهما كانت ظروف الحياة معدومة فهم سيقومون بخلق الحياة والطبيعة داخل الدمار”.