مساء 28 آذار / مارس 2020، أقدمت الشابة (آميها محمد بوزان) على الانتحار “وهي أم لطفلة” في مدينة كوباني بعدما لجأت إلى منزل والدها المتاخم لمنزل عائلة زوجها حيث كانت تسكن.
ولم تكشف المصادر الأمنية التي نقلت جثة الفتاة وقتها قبل الدفن وفتحت تحقيقاً في الحادثة لغاية الآن عن تحرياتها الأولية.
وجاءت الحادثة بعد وقت قصير من إقدام رجل كان يعيش لاجئا في الدنمارك على قتل زوجته البالغة من العمر 29 عاما، وطفله البالغ من العمر 10 سنوات في أثناء عودتهم الى كوباني التي توصف أنّها هادئة ونادرا ما تشهد حوادث مشابهة.
حادثة انتحار آميها، وهي أم لطفلة صغيرة تبلغ من العمر 11 شهرا، وبعد البحث في جذورها تبين أنّ ورائها قصة عنف أسري، وأنّ زوجها ليس المتورط الوحيد فيها، وإنّما عائلته أيضاً، أمه، أخوته…فهي كانت تعيش معهم في منزل واحد، وبدأت المشاكل في مرحلة ما قبل الزواج، وكادت تؤدي لإلغاء الزواج كليا لكن العرف الاجتماعي، وتدخل الأهل دفع لإتمام الزواج، وهي كانت بعمر 20 عاما، وهنا كان الخطأ الكبير بحسب ما رواه مصدر تواصلنا معه على دراية بتفاصيل القضية.
قال المصدر، رغم صلة القرابة بين العائلتين، إلا أنّ (آميها) لم تكن قد تعرفت أو كانت على تواصل مع (سمير برخو) قبل الزواج، حيث كان يعمل في لبنان… كان زواجا تقليديا، تم على عجل. أضاف المصدر “سمير، وهو زوجها منعها من زيارة منزل أخوتها الأربعة، حتى زيارتها لمنزل والدتها القريب كان صعبا…كانت تروي لنا قصص مأساوية عن تعرضها للضرب من قبله، الذي كان مدمن كحول، وأنّه صادر هاتفها، وكان يقوم بتفتيشه دائماً، ويمنعها من التواصل مع الأهل والأصدقاء أو زيارتهم….”
وتحدث المصدر أنّه على علم بتعرضها للضرب من قبل زوجها 3 مرات على الأٌقل، وأنّها كانت قد طلبت من عائلتها دعم قرارها بالطلاق منه 3 مرات، على الأٌقل…ليتدخل الوسطاء في إصلاح الأمور وثنيها عن الطلاق….” وكشف المصدر أنّ آميها حاولت الانتحار قبل ذلك، وكادت ترمي بنفسها من الطابق الثالث بمنزل زوجها”.
كما وتحدث المصدر عن قيام الزوج (سمير) بالتهجم عدة مرات على منزل والد زوجته (القريب من منزلهم) وتكسيره زجاج النوافذ، وواجهة دكانة صغيرة في منزلهم…وأنّها في هذا الموقف ومع تكرار الإساءات التي بدأت تطال عائلتها قد اتخذت قرارها وأخبرت زوجها وعائلته وعائلتها بأنّه لن تسمح بتكرار هذا مرة أخرى، وستكون عودتها لبيت زوجها المرة الأخيرة، وإن خرجت منه هذه المرة لن تعود…..
المصدر أضاف تجددت المشكلة وكانت المرة الرابعة والأخيرة….” افتعلت المشكلة من أخوة زوجها البنات وعددهم ثلاثة، وأمهم الذين اتفقوا عليها…” تعرضت لإساءة لفظية واتهامات لم تتمكن من استيعابها، وسبب كل هذا الحقد عليها، شتائم وكلام جارح…” وحينما عاد زوجها مساءا أكمل الإساءة التي بدأتها عائلته، وقام بالتهجم مجددا على منزل والد زوجته، ومحل أخوته، ويتفوه بكلام بذيء بحقهم….فكانت هذه المرة الأخيرة، عادت آميها لمنزل والدها وتركت هذه المرة ابنتها لديهم، وأخبرتهم إنّها لن تعود مطلقا وأبلغت أمهما ووالدها إنّها تريد الطلاق وهذا قراراها النهائي، ولم تعد تتحمل المزيد ….” وأخبرت أخوتها إنّها تود العودة لإكمال دراستها في المعهد والعمل في مهنة الكوافيرة مع أختها…
أضاف المصدر”…كل شيء جرى على عجل….دخلت الغرفة وأغلقت الباب خلفها….تحدثت عبر الهاتف مع إحدى صديقاتها، أرسلت لها صورتها وهي في حالة مزرية، أبلغتها إنّها اتخذت قرارا نهائي بالطلاق ولم تعد قادرة على تحمل المزيد من الألم والإهانة والضرب والتعذيب وأنّها تجد صعوبة في أن تتخلى عن ابنتها التي ستلقى ظلما كبيرا من عائلة زوجها……وبعدها تلقت اتصالا قصيرا من أختها وتحدثوا لدقائق أبلغتها بإنّها تود الهدوء والراحة ولن تجد ذلك إلا بالموت…و انتحرت بإطلاق رصاصة في الرأس وهي على الهاتف تتحدث مع أختها حوالي الساعة 21.40 مساء 28 آذار بعد حوالي ساعتين من قدومها من منزل زوجها.
وعلى الرغم من أنّ المرأة بدأت تنال حقوقها وتشارك في مختلف مجالات الحياة في ظل الإدارة الذاتية، التي تنشط فيها منظمات مهمة في مجال الدفاع عن حقوق المرأة وسن القوانين والتشريعات الموجبة لصون حقوقها، فإنّ هنالك العديد من الحوادث التي تسجل ضد النساء.
منظمة “سارة لمناهضة العنف ضد المرأة”، تمكنت من توثيق تعرض (120) امرأة للعنف في مدينة كوباني وحدها بجميع أشكاله (القتل، الضرب والإيذاء، تعدد الزوجات، التحرش الجنسي، الاغتصاب ..) و/125/ حالة ضرب وإيذاء بحق النساء خلال عام 2019، إضافة إلى /12/ حالة انتحار وثماني حالات محاولة انتحار، فيما تم توثيق حالة قتل عمد خلال عام 2019 في قرية “زيرك” بريف كوباني من قبل زوجها.
ومنذ بداية 2020 وثقت حالة قتل واحدة، إضافة إلى ثلاث حالات ضرب وإيذاء بحق النساء.
حوادث أخرى…
بتاريخ 5 آذار، يوم الخميس انتحر الشاب هفال ابراهيم من قرية سرمساخ تحتاني بريف الحسكة وهو أب لطفلين
وانتحرت الشابة (أفين عمر شيخ موس) في مدينة قامشلو بالحسكة، يوم (السبت 22 فبراير)، لتضاف إلى الحالات الأخرى وفتحت أبواب الجدل المجتمعي على مستويات كثيرة، خاصة أنّها الحادثة الثالثة خلال أسبوع وهم الشاب محمد مسلم (خللي) وهو صاحب شركة تحويل وصرافة في مدينة القامشلي، والشابة روجين رشيد كلو التي انتحرت بطلق ناري بسبب قيام زوجها بأخذ طفليها قسراً.
ومحمد كان يدير شركة (كوباني للصرافة والحوالات) عثر عليه مشنوقاً، في أحد المباني قيد الإنشاء، والقريبة من مسبح الصحارى، في القامشلي.
الحالة الثانية وهي انتحار الشابة روجين رشيد بإطلاق النار على نفسها، في قامشلو، وربطت مصادر دافع الانتحار بطلاقها، وقيام زوجها باصطحاب الأطفال إلى كردستان العراق، الأمر الذي لم تتحمله فانتحرت.
كما انتحر الشاب جفان صلاح، البالغ من العمر 23 عاماً، أمام مشفى فرمان في مدينة القامشلي، ولم تعرف أسباب انتحاره، وذلك في شهر كانون الأول الماضي. وذلك بإلقاء نفسه من الطابق الرابع، فيما أكد آخرون أنّه أطلق النار على نفسه، فسقط قتيلاً.
وفي 27 يناير، انتحر الشاب “عادل البكر، العمر 30 سنة” في الحسكة بإطلاق النار على نفسه بمسدس وهو ينحدر من بلده صفيا شمالي الحسكة.
وانتحر في شهر نيسان الفائت، الشاب “أسامة شملو الأحمد ” 35 عاماً من سكان حي طي في مدينة القامشلي، وذلك بإطلاق النار على رأسه.
كما انتحرت فتاة في الـ15 من عمرها، في الحسكة، بقتل نفسها شنقاً، دون أن تتوضح الأسباب، وذلك في شهر آب من العام الفائت وانتحر رجل يبلغ من العمر 65 عاماً من قرية خربة عمو جنوب القامشلي، بـ”إطلاق الرصاص على رأسه”، في الشهر ذاته.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نقاشات وجدلاً حول الأسباب وراء ظاهرة الانتحار، والأسباب والمسببات، والبحث عن الحلول وهو جدل انتقل من فضاء العالم الإلكتروني إلى أرض الواقع أيضاً.
ويؤكد أطباء نفسيون أنّه يجب الأخذ في الاعتبار الحالة النفسية للمنتحر قبل شروعه في الانتحار عند تحليل تلك الوقائع، وهل هو مريض نفسي أم لا، وبالتالي إن كان مريضاً نفسياً مصاباً بالفصام، أو الاكتئاب الحاد أو نوبات الهلع، فإنّ عملية الانتحار هنا ستكون إلى حد ما معروفة أو متوقعة. وأنّ «الإنسان الطبيعي الذي لا يعاني من أمراض نفسية، ويقدم على الانتحار يكون غالباً مصاباً بهشاشة نفسية» حيث تلعب الظروف الاجتماعية دورا في دفعه لاتخاذ مثل هذا القرار خاصة إن كان تجاوب المحيطين به أقل فعالية أو كان قد تعرض لظلم، أو اعتداء.