عبر رئيس فريق منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأخطار المعدية، عبد النصير أبو بكر عن قلقه من نقص حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد المبلغ عنها في سوريا واليمن، مضيفًا قد نتوقع “انفجاراً في الحالات”.
حتى الآن، سوريا واليمن وليبيا هي الدول العربية الثلاث الوحيدة التي لم تبلغ عن حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وهي في خضم نزاع مستمر.
وقال أبو بكر في مقابلة هاتفية مع CNN، الأربعاء، “معظم هذه البلدان لديها حالات باستثناء سوريا واليمن، والتي نحن كمنظمة الصحة العالمية، نشعر بالقلق بعض الشيء، لأنّ الدول التي قد لا تكون لديها حالات هي ذات نظام صحي و مراقبة ضعيف”.
وأوضح المسؤول في منظمة الصحة العالمية “في حالة سوريا.. أنا متأكد من إنّ الفيروس ينتشر لكنهم لم يكتشفوا الحالات بطريقة أو بأخرى. هذا هو شعوري، لكن ليس لدي أي دليل لإظهاره”، وتابع “عاجلاً أم آجلاً، قد نتوقع انفجار لحالات (هناك)”.
وأوضح أبو بكر، إنّ غالبية حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في الشرق الأوسط تتعلق بالسفر إلى إيران “.
وأكد عبد النصير أبو بكر إنّ الشرق الأوسط تصرف بشكل أسرع مما فعله الأوربيون في التعامل مع انتشار فيروس كورونا، ومع ذلك فإنّ “التدخلات غير العادية” لإيران كما وصفها، جاءت “متأخرة للغاية”.
في دمشق والمدن الكبرى، تبدو الحركة شبه طبيعية، على الرغم من إجراءات حكومية، تمثلت بتعليق دوام المدارس والجامعات والمعاهد بكل أنواعها حتى الثاني من نيسان/أبريل القادم، تبعها تأجيل انتخابات مجلس الشعب المقررة في 13 نيسان/أبريل إلى 20 أيار/مايو، وتعليق صلاة وخطبة الجمعة وصلوات الجماعة في المساجد.
الإجراءات التي شكلت جرس إنذار مدوياً من مخاطر وصول الفيروس، لم تحدث الحجر الصحي المطلوب، ولكن الكثير من السوريين اتبعوا بعض الإجراءات الصحية المعمول بها في دول العالم، من مثل التقليل من المصافحة والتقبيل، والتعقيم الشخصي في المنازل والمكاتب، واستخدام الكمامات، لكن بصورة قليلة للغاية، نظراً إلى عدم توفرها بشكل كبير وضعف الإمكانيات المادية بصورة عامة.
في الشارع، تبدو الصورة مختلفة تماماً وشبه اعتيادية. حشود المتسوقين حافظت على زخمها في سوق الحميدية العريق وغيره من الأسواق والشوارع الأقل شهرة داخل العاصمة على وجه الخصوص، ومشهد الاكتظاظ في حافلات النقل الداخلي و”الميكروباصات” الصغيرة ظل واضحاً، وإن كان بمستوى أقل، نتيجة غياب طلبة الجامعات.
كما أعلنت وزارة الصحة عن إغلاق المطاعم والمقاهي في إطار المواجهة، لإجبار المواطنين على تخفيف تحركاتهم، كما اغلقت مقاهي الإنترنت، وصالات الألعاب، وجميع الأندية الرياضية الخاصة، وصالات السينما والمسارح، وصالات المناسبات،
هذه المواجهة تزداد إلحاحاً مع وصول الفيروس إلى كل الدول المجاورة: لبنان والأردن وفلسطين واسرائيل والعراق وتركيا، وفي ظل تحسب قلق لأي تطور سلبي، وسط أوضاع غير اعتيادية تمر بها كل القطاعات في سوريا، بما فيها القطاع الصحي، فقد تعرضت المستشفيات والمراكز الصحية لأضرار كبيرة جراء الحرب، وتشير التقديرات إلى تضرر 23% من المراكز والعيادات الصحية كلياً أو جزئياً، و36% من المستشفيات كلياً أو جزئياً، فيما زادت كلفة الأضرار في مؤسسات ومرافق القطاع الصحي على 759 مليار ليرة سورية لغاية حزيران/يونيو 2017، علماً أنّ عدد المراكز الصحية زاد على 1506 مراكز ونحو 493 مستشفى في العام 2010.
أما الأضرار الكبرى، فقد طالت الكادر الطبي بحدة، وتشير تقديرات نقابية إلى مغادرة نحو 15 ألف طبيب سورياً مع حلول العام 2015، أي ما يصل إلى 50% من عدد الأطباء المسجلين في العام 2009، فيما أثرت العقوبات الاقتصادية الغربية في القطاع الدوائي، لينخفض منسوب الاكتفاء الذاتي من 91% في العام 2010 إلى 87% في العام 2017، على الرغم من زيادة عدد معامل الأدوية من 70 معملاً في العام 2010 إلى 86 معملاً في العام 2017. وقد زاد إنتاج هذه المعامل من 6895 صنفاً دوائياً إلى 7824 صنفاً خلال فترة المقارنة ذاتها.
من جهتها أعلنت سلطات (الإدارة الذاتية) حظر تجوال في كافة مناطق شمال وشرق سوريا بدءاً من صباح يوم الاثنين 23 آذار/مارس 2020 الساعة السادسة صباحاً وذلك ضمن إجراءات اتخذتها للوقاية من انتشار فيروس كورونا.
كما اتخذت مؤسسات الإدارة الذاتية الصحية المزيد من الاجراءات الوقائية لمنع انتشار فيروس “كورونا” في مناطقها شمال شرق سوريا، وفي المخيمات.
وتضمنت الإجراءات الوقائية (حملات رش المعقمات في مختلف المؤسسات، وتوزيع بروشورات على الأهالي،وتعليق عدد من شاشات العرض في النقاط الطبية والمشافي لعرض الإرشادات الوقائية من فيروس “كورونا” إضافة لتعليق الدوام في المدارس وعدد من المؤسسات، وإغلاق الحدود وتشغيل المزيد من المراكز الصحية، والغاء التجمعات.
كما وشكلت خلية الأزمة اتخذت جملة إجراءات تضمنت:
١-استمرار حملة التعقيم لتشمل جميع دور العبادة ومؤسسات المجتمع المدني
٢-إلزام جميع سيارات النقل الداخلي ضمن وبين المدن بتعقيم السيارات من الداخل بشكل جيد بمادة الكلور عند كل سفرة
٣- اغلاق المقاهي ومراكز التجمع وشرب الاراجيل والكفتيريات ونوادي الانترنت والصالات المغلقة الرياضية والترفيهية
٤- منع الجلوس في المطاعم وابقاء المطاعم مفتوحة للوجبات السريعة والطلبات الخارجية فقط
٥-منع الزيارات للمرضى في المشافي العامة والخاصة
٦- التأكيد على النظافة العامة
٧-البدء بحملة التعقيم في الخارج وتشمل الحارات والأسواق وجميع المرافق العامة فور انتهاء الحملة الأولى
لكن وبحسب خبراء فإنّ كل هذه الاجراءات تبقى ضعيفة، أمام شدة وانتشار فيروس كورونا في ظل تباطؤ استجابة الناس للقرارات المتخذة ، كم أنّ الإدارة لم تتمكن حتى الآن من الحصول على أجهزة فحص متخصصة، كما أنّ القرارات المعلنة لا تطبق بشكل المطلوب، وهو مادفع متابعين إلى الدعوة لفرض حظر محدود للتجول ودراسة خطة طوارئ كاملة، تحسبا للأسوأ.
الرئيس المشارك لهيئة الصحة في شمال شرقي سوريا، دكتور جوان مصطفى كان قد صرح أمس لـوكالة “نورث برس”، إنّهم لم يستطيعوا تأمين جهاز “PCR” لفحص الحالات المشتبه بإصابتها بفيروس “كورونا” حتى اللحظة، كما وقال (هيئة الصحة) لم تستطيع تحديد مدى انتشار الفيروس وغير قادرة على تتبع مدى تعافي المريض منه.
وأصدر الهلال الأحمر الكردي، الخميس، بياناً طالب فيه منظمة الصحة العالمية بإمداده بالأجهزة والفرق الطبية الأكاديمية للوقاية من انتشار فيروس “كورونا” في المنطقة التي تعاني وضعاً طبياً “سيئاً”.
وقال الهلال الأحمر في بيانه، إنّه يفتقد إلى الكمامات الواقية للنازحين والكفوف والبدلات وكمامات (N95)، وكذلك الموارد البشرية من كوادر طبية للعانية بالمصابين في حال وجودهم.
وأشار البيان إلى أنّ مخيمات النازحين في ريف حلب الشمالي تفتقد إلى مركز عزل في حال وجود حالات مشتبه بها، داعياً منظمة الصحة العالمية إلى المساعدة في بناء مركز عزل ودعم بالأدوات والمواد والكوادر الطبية.
وتطرق البيان إلى المختبر “الوحيد” الموجود في المنطقة، وقال إنّه لا يتمكن من إجراء التحاليل الروتينية بسبب النقص الموجود، “وهو بحاجة إلى أجهزة PCR التي تكشف عن فيروس كورونا”.
وأضاف بيان الهلال الأحمر الموجه إلى منظمة الصحة العالمية، أن “جميع النازحين يعانون من سوء تغذية وضعف في المناعة خاصة عند الأطفال والحوامل وكبار السن مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة”.
وقال في نهاية البيان، “سواءً انتشر الفيروس أم لم ينتشر فلن نعلم بذلك بسبب ضعف الإمكانيات وعدم توفر الدعم للمساعدة قبل انتشار الوباء، وفي حال لو انتشر فستعم الكارثة الأكبر وهي فقدان الجميع لحياتهم”.
وكان تحذير قد أصدره مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا دعا عبره القوى التي تسيطر على الأرض شمال سريا لبذل المزيد من الجهود للحد من انتشار فيروس كورونا الذي بات وباء يجتاح العالم.
بيان من مركز التوثيق الى جميع الاطراف والقوى الفاعلة في شمال سوريا، والى التحالف الدولي والمنظمات ذات الشأن:
تحذيرات نوجهها في مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا الى الجهات الدولية، والقوى المسيطرة على الأرض:
رغم الإعلان عن اتخاذ جملة من الإجراءات الوقائية في (شمال سوريا) – مقسمة بين القوى: قوات سوريا الديمقراطية و الحكومة السورية و الجيش الوطني السوري والجيش التركي وتنظيم هيئة تحرير الشام السيطرة فيها – إلا إنّها غير كافية للوقاية وحماية السكان وحماية النازحين في المخيمات.
يجب إيجاد صيغة تنسيق بين مختلف الأطراف بهدف تنظيم آلية موحدة لمواجهة هذا الفيروس الخطير، الذي سيشكل انتشاره في شمال سوريا كارثة ووباء سيحصد آلاف الأرواح في وقت قصير نظرا لضعف الإمكانيات والبنية التحتية الهشة وقلة المراكز الصحية.
ماتزال حتى تاريخه كل المراكز الصحية في منطقة الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا بدون أي جهاز للكشف عن كورونا والذي يعرف ب (PCR)، وإجراءات التعقيم التي تنفذها الإدارة الذاتية جيدة لكنها غير كافية لإيقاف هجوم الفيروس في ظل غياب خطة شاملة لمواجهته.
كما وأنّ مناطق سيطرة القوات المسلحة التركية، مازالت الإجراءات المتخذة فيها دون الحد المطلوب، ولم تقم مجالسها المحلية والفصائل العسكرية فيها بأي خطوات عملية لمنع التجمعات، أو إجراء عمليات تعقيم.
كما وأنّ حكومة الانقاذ في إدلب ماتزال بطيئة الاستجابة ولا تقوم بما يجب ولم تعلن حتى الآن عن أيّة خطوات تضمن الوقاية من الفيروس.
من المهم لمختلف الأطراف التنبه لمدى خطورة وصول هذا الفيروس إلى مناطقهم، هذا يعني وباء سيتسبب في مقتل الآلاف في وقت قصير، يجب تنسيق الجهود والعمل على الحد من الحركة والعزل وحظر التجمعات والتجوال قدر الإمكان، والعمل على تجهيز مراكز صحية وتوفير أجهزة الفحص بسرعة قصوى إلى جانب تفعيل دور المنظمات الإغاثية والإنسانية للتدخل في الوقت المناسب.
يجب على الحكومة السورية التدخل في المساعدة في إيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، وتجميد العمليات العسكرية، والتنسيق لمد المراكز الصحية باجهزة الفحص كونها الجهة الرسمية، ويمكنها مخاطبة منظمة الصحة العالمية حول ذلك.
من الواجب على التحالف الدولي ايصال الأجهزة اللازمة وتوفير التمويل الفوري بإنشاء المراكز الصحية في مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية بشكل عاجل.
كما ويجب على تركيا مد دعم وإقامة مراكز طبية في المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها وتوفيرها بالأجهزة المعدات اللازمة، وإصدار قرارات تحظر التجمعات والحد من الحركة قدر الإمكان.
ونحذر أنّ التأخر في الإجراءات الوقائية والتأخر في اتخاذ التدابير اللازمة قد يؤدي إلى انتشار الفيروس في شمال سوريا، و”المرض سينتشر بسرعة كبيرة، خاصة في المخيمات”.
هذا الفيروس يمثل “تهديداً خطيراً جداً” للعالم، ويجب تضافر الجهود في سبيل الوقاية والحد من انتشاره قدر الإمكان فأكثر ما يهم الآن هو وقف (انتشار) الوباء وإنقاذ الأرواح. وهو يحتاج دعم وتضامن الجميع وتضافر جهودهم.