صحفي من شمال سوريا ينال جائزة “رويترز” لأفضل صورة للعام ٢٠١٩

الصورة الحائزة على جائزة “رويترز” لأفضل صورة للعام 2019

بعد سبع سنوات من التصوير، قضى معظمها في تغطية المعارك شمال وشرقي سوريا، توّج الكردي السوري، رودي سعيد، نتاجه كمصور صحفي، أمس الأربعاء، بنيل الجائزة الأولى لأفضل صورة صحفية بوكالة “رويترز” للعام 2019.

وفي رسالة بعثها إلى حفل التتويج وقُرئت نيابة عنه في الولايات المتحدة الأمريكية، تحدث سعيد عن قصة الصورة التي حازت على الجائزة الأولى، وكيف جذبته “هيئةُ طفلٍ أشعثَ الشعرِ، مُبْتَذَلِ الثياب، مُتشبّثٍ بوالدته المتَّشحة بالسَّواد والخارجة لتوها من مخيم الباغوز، حيث دارت آخر المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) العام الفائت” .

وجاء في الرسالة التي أطلعت “نورث برس” على نصها، “تتبعت حركاتِ الطفلِ ونظراتهِ إلى أن التفتَ أخيراً في زاوية تصلُ فيها أشعة الشمسِ وجهَهُ، بين رتلين من النساء”.

وجاء فيها أيضاً “حاولت التقاط معاناة هذا الطفل الخارج من أهوال معركة لا يعلم أسبابها ولا يعي نتائجها، ولكن قدرهُ زجّ به في ويلاتها”.

و يمارس سعيد التصوير الصحفي منذ /7/ سنوات، وهو من بين القلائل الذين ارتقوا سلم الاحترافية في عمله، “قضيت أكثر من 90% من عملي في تغطية الحروب والمعارك”.

وتعليقاً على التقاطه صورة الطفل، قال الصحفي المقيم في القامشلي، شمال شرقي البلاد، في حديث لـ”نورث برس”، “ربما يعتبر تصوير الأطفال انتهاكاً لحقهم وفق المعايير المهنية للعمل الصحفي”.

لكنه أضاف “هذا ما يجب أن يكون أثناء ممارسة العمل الصحفي في الأحوال والظروف الاعتيادية، بينما تغدو الحال مختلفة هنا بالنسبة لمنطقة لم تتوقف فيها الحرب طوال /7/ سنوات”.

وقال، “هي منطقة حدثت فيها انتهاكات لحقوق الأطفال والنساء والمجتمع بأكمله، لذلك إن لم يكن هناك من ينقل مأساتهم من خلال صورة، فكيف سيعرف العالم ما يحصل هنا، (…)، كمصور صحفي أؤمن بضرورة نقل مأساة هؤلاء الأبرياء”.

وخلال عمله في تغطية الحرب، مر سعيد بالعديد من المواقف الإنسانية التي صادف فيها أطفالاً ونساءً كانوا ضحايا الحرب.

إلا أنّه يجد نفسه غير قادر على اختصار ما مر به في مشهد واحد فقط، “لأنّ قدره خلال سنوات الحرب، لم يقتصر على بقاءه كمصور يوثق مأساة النازحين والضحايا من أبناء منطقته، بل عايش أيضاً إلى جانب كونه صحفياً، المأساة في مدينته سري كانيه كضحية للحرب وذاق مرارة النزوح مرتين منذ عام ٢٠١٢.

ويعيش سعيد مع زوجته وطفلته الصغيرة في القامشلي، بعد أن نزح إليها أواخر العام 2019 بسبب اجتياح الجيش التركي وفصائل سورية تابعة له على مدينته سري كانيه.

وهي المرة الثانية التي يجبر فيها على النزوح من سريه كانيه، حيث كانت المرة الأولى في العام 2012، أثناء هجوم شنته فصائل المعارضة السورية و”جبهة النصرة” على المدينة.

يقول سعيد إنّ عناصر من فصائل المعارضة نهبوا بيته بالكامل، كما تم تحويله لاحقاً لمقر عسكري لأحد الفصائل، “لتعود التجربة وتتكرر في العام 2019 بعد هجوم مباشر من الجيش التركي مع فصائل المعارضة السورية”.

وأشار سعيد إلى أنّ سنوات الحرب وتغطيتها صحفياً خلفت تأثيرها على حالته النفسية والفكرية، وقال “بعد تغطيتي للمعارك لسبع سنوات تغيرت العديد من الأولويات في حياتي، وبت أكثر خوفاً على عائلتي وطفلتي الوحيدة”.

وقال أيضاً، “كنت في السابق أنفر من تشييع الجنازات، لكن بعد العام 2012، وما إن أصبحت مشاهد القتل والموت مكررة اضطررت لتجاوز ذلك، رغماً عني”.

ويتحدث سعيد أيضاً عن كيفية تطور حالة القلق والخوف الدائم التي بقيت تلازمه خلال سنوات عمله الأخيرة، ما أدى مؤخراً إلى إصابته بمرض في القلب، رغم أنّ عمره لا يتجاوز الـ (38 عاماً).

ونالت صورة سعيد الجائزة التي صوّت عليها موظفوا الوكالة، بعد منافسة في المرحلة النهائية مع /5/ صور أخرى التقطها مصوروا الوكالة العالمية وتناولت مواضيع سياسية أو فعاليات كرنفالية أو احتجاجات وقضايا حقوقية، جرت في كل من كوريا الشمالية والمكسيك والولايات المتحدة الأمريكية وتشيلي وهونغ كونغ.

وكشف الصحفي عن أنّ القنصلية الأمريكية في أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق لم توافق على منحه تأشيرة الزيارة “الفيزا” رغم تقديمه طلب الزيارة لمرتين، وهو ما أجبره على إرسال رسالة، تمنى في ختامها، لو أنّ صورته الفائزة بالجائزة تكون قد وفّقت في تلخيص ولو واحدة من القصص الكثيرة عن الحرب والخوف وعن الحياة بجوانبها البهية والكئيبة، بلغةِ الضوء والألوان.

التقرير : نورس بريس

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك