قصة أخرى للتعذيب داخل سجن في منطقة الباب الخاضعة لسيطرة القوات التركية

أقدم عناصر من “جيش الإسلام” على تعذيب مسن من نازحي الغوطة الشرقية بريف دمشق بطريقة “وحشية” بعد اعتقاله في مدينة الباب شرقي حلب والخاضعة لسيطرة القوات المسلحة التركية.

تفاصيل:
اقتحمت جماعة مسلحة من جيش الإسلام، منزل المدني “ابراهيم سليم عيون” البالغ من العمر 62 عاما يوم الخميس 5 آذار\مارس 2020، بتهمة أنّه عبر عن سعادته باغتيال أحد قادة “الفصيل” وهو المدعو زاهر الشامي المعروف بـ”كبير” محققي سجن “التوبة” سابقا التابع لـ”جيش الإسلام”، بوصفه “مشرفا على تعذيب الكثير من الناشطين”.

“عيون” تعرض لضرب وتعذيب شديد، قبل أن يرمى أمام منزله وهو بحالة حرجة بعد أن هدده العناصر بقتله و”قطع لسانه” إن لم يكف عن الحديث بشكل سلبي عن “جيش الإسلام”.

وكان جيش الإسلام قد اعتقل “عيون” عدة مرات سابقا أثناء سيطرتهم على منطقة الغوطة الشرقية بتهمة مشاركته بالمظاهرات أنذاك وتعرض للتعذيب والإذلال في سجون أيضا، كما وتم اغتيال ابن عمه المعروف باسم (ابو احمد عيون) في الغوطة عندما كان يشغل منصب القاضي العام في مدينة الباب وتم الاعتداء عليه بالضرب بحجة التحقيق معه من أجل ابو احمد شامية – وهددوه بالقتل اذا تحدث عن شيء.

ويأتي ذلك بعد أن اغتال مجهولون يستقلون سيارة يوم 4 آذار 2020، القيادي الذي شغل منصب كبر المحققين في “جيش الإسلام” زاهر الشامي بعد استهدافه بـ 10 طلقات نارية قرب طريق “الأزرق” في مدينة الباب.

مقتل 83 شخصا تحت التعذيب في سجون الفصائل المدعومة من تركيا شمال سوريا:
وثق “مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا” في بيان أصدره حول واقع السجون في مناطق الشمال السوري الخاضعة لتركيا مقتل 83 شخصا تحت التعذيب في سجون ومعتقلات الفصائل والجماعات المسلحة التي تدعمها تركيا؛ شمال سوريا كما وكشف أنّ هذه الفصائل اعتقلت ما لا يقل عن ( 6201 ) شخصا، منذ آذار 2018 وتعرض ( 789 ) شخصا منهم للتعذيب.

ويأتي التقرير وسط قيام المركز بتوثيق المزيد من حالات التعذيب في السجون، رغم صعوبة الوصول إلى المعلومات، والحصول على تفاصيل متعلقة بهذا الشأن نتيجة قيام السلطات التركية بإغلاق المناطق التي احتلتها في شمال سوريا أمام وسائل الإعلام، وأمام المنظمات الحقوقية المحلية والدولية وهو ما يمنح الفصائل مزيدا من القوة والثقة في المضي بتعذيب المعتقلين في السجون دون مراعاة القواعد الأساسية التي تضمن حقوق المعتقل. من الاحتجاز التعسفى كإحدى الانتهاكات الخطيرة، و“الحرمان من الحرية” بدون سند قانوني. حيث ينص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان في مادته التاسعة على مايلي: “لا يجوز اعتقال أى شخص أو حجزه أو نفيه تعسفيا”. كما ينص فى مادته العاشرة على: “لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع الآخرين، الحق فى أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل في حقوقه والتزاماته وفى أيّة تهمة جزائيّة توجه إليه”.

في عفرين ومناطق تل أبيض ورأس العين لايزال مصير نحو 3051 معتقلا من أصل 6201 معتقلا، حيث يُفترض أنّهم إما موتى أو لايزالون قيد الاحتجاز. فضلا عن ذلك، لقي حوالي 83 شخصاً “حتفهم تحت التعذيب”، في حين يموت الكثيرون جراء أوضاع تعتبر مزرية ومنهم من يموت بعد الإفراج عنه، فيما يمكن وصف ما يحدث “بالإبادة”.

لقد حظيت عمليات الخطف والقتل التي ارتكبها النظام السوري باهتمام كبير في الغرب، لكن فصائل المعارضة السورية المدعومة من تركيا احتجزت أشخاصاً كثر أيضاً، وقتلت الكثير منهم تحت التعذيب. ويبدو أنّ نظام السجون بات جزءاً لا يتجزأ من جهود السلطات التركيّة في تحقيق التغيير الديمغرافي، التي تتضمن تهجير من تبقى من السكان .

نزح أو هجر من عفرين قرابة \ 200- 250 ألف\ و 350 ألفا نزحوا من مناطق تل أبيض \ كري سبي ورأس العين\ سري كاني باتخاذ إجراءات عديدة تنفذها الفصائل التابعة لها من استيلاء على الملكيات العقارية والزراعية والتجارية إلى اعتقالات وخطف وقتل وتهديد وابتزاز واغتصاب. ومثل ذلك الرقم أيضاً نزح من مدينتي تل أبيض ورأس العين، لعل صمت المجتمع الدولي عن جرائم الحرب التي ارتكبتها وتواصل ارتكابها الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا كان حافزا لتقوم تركيا باطلاق هجومها البري لاجتياح منطقة شرق الفرات التي كانت مستقرة وآمنة و متعايشة.

ورغم أنّ تركيا تمارس سياسة الصمت وترفض الرد على التقارير الحقوقية التي تتهم قواتها بارتكاب جرائم حرب في منطقة عفرين، فإنّ بعضا من بيانات الفصائل التي تدعمها تؤكد بالفعل حدوث انتهاكات، وهي تعترف ضمنيا باعتقال وموت العشرات وهم رهن الاعتقال، لا سيما مع اعلانهم اعتقال أعضاء ورؤساء بعض الأجهزة الأمنية وقادة وأعضاء الفصائل بتهم التعذيب والاغتصاب والفساد وغيرها أو تأتي كرد على بعض التقارير والصور والفيديوهات المسربة، تتضمن إقرار بأنّ الحادثة “حالة فردية” وأنّه سيتم معاقبة المتورطين، وهو العقاب الذي لا يتم….وكأنّهم يقولون “لقد ارتكبنا هذا، ولن يُعاقبنا أحد”، ضمن منهجية “التعذيب لمجرد التعذيب، التعذيب من أجل الثأر والقتل والحقد وإهانة الأفراد، وكسب الأموال ….”.

يعتبر نظام الاعتقال في سجون الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا شمال سوريا نسخة من الحجم الكبير عن ذاك الذي بناه الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، وابنه بشار الأسد. ففي سنة 1982، سحق الأسد الأب انتفاضة مسلحة للإخوان المسلمين في حماة، وسوّى جزءا كبيرا من المدينة بالأرض، كما اعتقل عشرات الآلاف من الناس؛ منهم الإسلاميون والمعارضون اليساريون والسوريون بشكل عشوائي وذلك ردا على تمرد تنظيم الإخوان المسلمين طمعا في السلطة.

وعلى مدى عقدين من الزمن، اختفى حوالي 17 ألف محتجز في غياهب سجون النظام الذي يمتاز بطرق تعذيب تمت استعارتها من المستعمرين الفرنسيين والديكتاتوريين الإقليميين والنازيين.. وعندما خلف بشار الأسد والده في سنة 2000، أبقى نظام الاعتقال على حاله وحينما انشق عنه عناصر من المخابرات، وقادة من جيشه وموظفين تحولوا لصفوف المعارضة، أسسوا هناك نظاما يماثل النظام الذي انشقوا عنه، وبنفس الممارسات، حيث تم تأسيس أجهزة أمنية موازية كجهاز الشرطة العسكرية، وجهاز الأمن السياسي والجنائي والمخابرات وسجون ومعتقلات سرية ومتعددة وغير ذلك، لا بل كانت هذه الأجهزة هي الأسوأ كونها تفعل ما تشاء بدون رقابة ولا تخشى من العقاب وتمضي في ارتكاب المزيد من الانتهاكات، فلكل فصيل مسلح أجهزة أمنية خاصة به، يسيطر عبرها على قرى وبلدات يفرض فيها من يشاء.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك