أرتين الأرمني وزوجته سيرون لم يتوقعا أن تلحق بهما المآسي التي عاشها والدهما، الذان فرا من الجيوش العثمانية التي كانت تفتك بكل أرمني قبل 100 عام. فهما ولدا في جرابلس التي أصبحت وطنهما الجديد و ترعرعا وكبرا هناك، وهما معروفان بالطيبة والكرم والهدوء في هذه البلدة.
ومع توغل الجيش التركي في المدينة، وسيطرت فصائل موالية لأنقرة عليها تكررت مأساتهما.
لم نتمكن من التواصل معهما، لكننا وعبر أحد الجيران تمكنا من الحصول على معلومات مهمة.
/ م؛ ع / قال : حاصر حوالي 30 مسلحا الحي الذي نسكن فيه بمدينة جرابلس، وهم مدججون بأسلحة رشاشة وعربات مدرعة؛ كافية للقضاء على جيش…. توقعنا إنها عملية لاعتقال خلايا مرتبطة بالأكراد.. لكنهم اقتحموا منزل العجوزين آرتين وسيرون، دخل قرابة عشرة مسلحين المنزل المؤلف من غرفة وحوش صغير وسط شعارات التكبير، فهم فقراء ويعيشون على المساعدات…. أخذوهم معهم وبعد أيام عاد العجوزان للمنزل وهم منذ ذاك الوقت لا يتحدثون مع أحد.
أضاف ” لقد فرضوا عليهم إشهار الإسلام والذهاب للمسجد وحفظ آيات من القرآن وحضور دورات شرعية… وفرضوا على المرأة العجوز سيرون أن ترتدي الحجاب”.
بقيت قصة العجوزين مكتومة حتى استطاع مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا الوصول إلى تفاصيلها وروايتها.
وكالة الأناضول التابعة لحزب الرئيس التركي رجب أردوغان بعثت مراسلها برفقة 3 مسلحين لإجبار أرتين وزوجته على الادلاء بتصريح يكذب فيه ماجاء في تقريرنا عنهما؛ وماتعرضا له..وهذه المرة كانوا بين خيارين إما إعطاء تصريح اعلامي كاذب أو خيار الاعتقال… لكن الصورة التي نشرتها الوكالة مرفقة بالخبر تؤكد صحة قصتنا مقارنة مع صورة نشرناها لهما قبل فترة؛ لقد فرضوا على سيرون الحجاب؛ حتى أرتين تحجب ويبدو أنه أراد بهذه الطريقة إرسال رسالته التي عجز لسانه عن روايتها.
كان حريا بالحكومة التركية فتح تحقيق في الحادثة واعتقال الفصيل والمسلحين الذي أساءوا للعجوزين بدل إجبارهما على شكر أردوغان 6 مرات كما ورد في تقريرهم الكاذب.
كان مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا نشر قصة صحفية تضمنت تفاصيل عن إجبار آخر عائلة أرمنية بقيت في مدينة جرابلس على اعتناق الإسلام من قبل الفصائل المدعومة من تركيا والتي تسيطر على المدينة الواقعة في ريف حلب على الحدود التركية.
وبحسب المركز فإن المسن الأرمني “أرتين أدوريان” مواليد 1935 وزوجته “سيرون جلنغريان، مواليد 1939 ” اضطروا إلى تغيير دينهم من “المسيحية” إلى “الإسلام” تحت “التهديد” بالاعتقال، الطرد، القتل ذبحا….” من قبل مسلحي وفصائل المعارضة السورية المدعومين من تركيا.
الفصائل فرضت على آرتين كذلك تغيير اسمه ليصبح “معروف” فيما زوجته بات اسمها “فاطمة”…كما وأنها ألزمت “آرتين” الذهاب إلى المسجد 5 مرات يوميا، وأخبرته إن غاب عن المسجد سيكون عقابه “40 جلدة”،/ كما وألزمت سيرون على الالتحاق بما قالوا إنها دورات شرعية للنساء، وطالبوهم باقتناء القرآن والتخلص من أية كتب أخرى.
آرتين وسيرون من العائلات الأرمنية التي فرت من مدنهم في تركيا هاربين من المجازر التي ارتكبها “العثمانيون” الأتراك بحق “الأرمن قبل 100 عام. وكالة الأناضول الموالية لحزب الرئيس التركي رجب أردوغان نشرت تقريرا وقامت بعرض صور للزوجين، تظهرهم في هيئة مختلفة عن السابقة، حيث لبس كلاهما الحجاب، فيما ظهرا في صور سابقة قبل سيطرة الفصائل الموالية لتركيا بدونه، الوكالة ردت على تقريرنا بأنه شائعات وأخبار غير دقيقة. يبدو أن تقرير الوكالة جاء ردا على المادة الصحفية التي نشرناها، بعنوان “إجبار آخر عائلة أرمنية بقيت في مدينة جرابلس على اعتناق الإسلام”، وللتأكد من قيام الجيش التركي بتصحيح “الحالة، الانتهاك” كونه يحكم فعليا مدينة جرابلس عبر 3 قواعد عسكرية منتشرة داخل وعلى أطراف المدينة، و5 نقاط للاستخبارات، فقد أعدنا التواصل مع مصدرين وأكدا أن لا شيء تغير بالنسبة لوضع آرين، وزوجته وأنهما مازالا يتعرضان للمضايقات حتى بعد إعلانهما الإسلام، وأن تقرير وكالة الأناضول جاء للتغطية على الانتهاك وليس لتصحيحه كما بدا.
وكالة الأناضول كررت “6 مرات” شكر الرئيس التركي “أردوغان” على لسان آرتين وزوجته ونقلت عنهمم القول “أنهما يعيشان في المدينة بحرية كاملة وسعادة”، وأنهما “يحظون بمعاملة حسنة للغاية من قبل الجيش الوطني الذي يوفر لهم الحرية الدينية” كما زعمت الأناضول أن أرتين قال “شعرت بفرحة عارمة عندما دخل الجيشان التركي والسوري الحر إلى المدينة، وكنا جميعا سعداء وأطلقت الزغاريد.. كانت لحظة اللقاء بالحرية”.
وأن ذلك كله “بفضل أردوغان”كما قالت الوكالة أن “أرتين” وصف، “أردوغان” بالأخ والإنسان الحقيقي….وقال إن الجميع هنا يعيش بحرية بدعم من الرئيس أردوغان، والجيش الوطني السوري وأنهم يحظون بحرية كاملة في المدينة.
ندعوا مجددا في مركز توثيق الانتهاكات شمال سوريا الدولة تركية بالتدخل الفعلي وفرض حماية الناس باعتبارها دولة محتلة، وأنها تتحمل التبعات القانونية، لكل ما يجري من جرائم وانتهاكات ويجب أن تبدأ بمحاسبة الجهات والأشخاص والمؤسسات المتورطة في ارتكاب الانتهاكات ومعاقبتهم بدل التستر عليهم.
إجبار آخر عائلة أرمنية بقيت في مدينة جرابلس على اعتناق الإسلام