يمكن القول إنه أحد أكثر الأهداف التي سعى الجميع لتحقيقها في الحرب السورية، وبعد 8 أعوام من القتال، استعادة حكومة الرئيس السوري، بشار الأسد، السيطرة عليه. إنه الطريق السريع بين دمشق وحلب أو طريق الـ “إم 5″، الذي يُعرف بين السوريين ببساطة باسم “الطريق الدولي”. ولأنه كان يمر بالمدن الرئيسية في سوريا، فإن هذا الطريق السريع يعد مفتاح السيطرة على البلاد.
فقد الجيش تدريجياً سيطرته على الطريق السريع منذ عام 2012، وذلك عندما بدأت المجموعات المسلحة المختلفة تقاتل لإسقاطه واقتطاع السيطرة على أجزاء مختلفة من البلاد.
كانت الاحتجاجات على حكمه قد اندلعت في عام 2011، وسط موجةٍ من الانتفاضات التي عمّت المنطقة. لكن الانتفاضة سرعان ما تحولت إلى حرب أهلية، وتدخُّل القوى الأجنبية في الصراع المتنامي.
امتداد الطريق الدولي M5 والتقاءه مع طريق M4 الرئيسيان في سوريا، حيث يربطان معظم المدن السورية ببعضها البعض/ Google Maps
ف٢٣
يقول طالب إبراهيم، وهو محلل للشؤون السورية، لموقع ABC News الأمريكي، إن الطريق الدولي تاريخياً كان طريقاً تجارياً يعج بالحركة، ووصفه بأنه “الطريق السريع الأساسي والأهم استراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط”.
أمَّا قوات المعارضة المسلحة التي تدعمها تركيا وتقاتل للاستيلاء على السلطة منذ سنوات، فقد كان الطريق السريع لها حجر الزاوية في توحيد الأراضي التي سيطرت عليها، وإبقاء قوات الجيش السوري مضطرة إلى مواجهة الضربات من جهات مختلفة. ومن ثم فإن خسارة الطريق تمثل ضربة قاتلة لمسلحي المعارضة، الذين تبدو قبضتهم على آخر بقع من الأرض لهم في شمال غربي سوريا عرضةً للخطر والفقد أكثر فأكثر.
إليكم هنا نطرة إلى طريق الـ “إم 5” أو “الطريق الدولي”، ومكانته في الحرب الأهلية المستمرة منذ نحو تسع سنوات في سوريا:
ما هو طريق M5؟
الطريق الدولي “إم 5” طريق سريع استراتيجي يبدأ في جنوب سوريا، بالقرب من الحدود مع الأردن، ويقطع البلاد ممتداً حتى الشمال إلى مدينة حلب، بالقرب من الحدود التركية.
يربط الطريق السريع، الذي يبلغ طوله 450 كيلومتراً، بين أكبر أربع مدن ومراكز سكانية في البلاد: دمشق وحمص وحماة وحلب، ويمتد عبر محافظة إدلب.
قبل الحرب، كان الطريق الدولي يمثل شرياناً اقتصادياً لسوريا، وكان يغذي على نحو أساسي، المحور الصناعي في حلب. ويقدّر الخبراء أن البضائع المحملة عبر الطريق بلغت قيمتها 25 مليون دولار يومياً في أوج الطفرة التجارية السورية قبل الحرب.
كان الطريق السريع ممراً لعبور القمح والقطن من الشرق والشمال السوري إلى بقية أنحاء البلاد. واستُخدم أيضاً لتبادل السلع مع الشركاء التجاريين الإقليميين، كالأردن والسعودية ودول عربية أخرى، بالإضافة إلى تركيا.
ما معنى استعادة الجيش النظامي سيطرته على الطريق؟
كانت استعادة السيطرة على الطريق الدولي أولويةً قصوى لقوات الحكومة السورية منذ الأيام الأولى للحرب. وتعبّر الاستعادة البطيئة والمليئة بمنحنيات الصعود والهبوط، من نواحٍ كثيرة، عن مسار الحرب السورية التي أودت بحياة ما يقرب من نصف مليون شخص، وشرّدت نصف سكان البلاد.
بدأ الجيش السوري استعادة أجزاء من الطريق الدولي، ابتداءً من عام 2014، وأسهم التدخل الروسي على نحو أساسي في تحويل مسار الحرب لصالحه.
وهكذا باتت الآن البلدات والمدن الواقعة على أجزاء من الطريق الدولي، ومنها منطقة الغوطة وضواحي دمشق، تحت الأنقاض بعد سنوات من القتال والقصف المستمر. كانت استعادة حلب بدعمٍ من روسيا، في ديسمبر/كانون الأول 2016، منعطفاً رئيساً في مسار الحرب.
جندي سوري في بلدة خان شيخون الشمالية الغربية ، يقف على الطريق السريع الذي يربط العاصمة دمشق بمدينة حلب الشمالية في سوريا/AP
كيف خسرته المعارضة؟
بموجب اتفاق وقعته روسيا وتركيا في سبتمبر/أيلول 2018، كان من المفترض أن يكون الطريق الدولي “إم 5″، والطريق “إم 4” مفتوحين للمرور، لربط المناطق الساحلية بحلب قبل نهاية ذلك العام. لكن هذا لم يتم قط. وأفضى ذلك في النهاية إلى الهجوم الأخير لقوات الحكومة على إدلب، وهي آخر معقل يسيطر عليه المقاتلون المدعومون من تركيا في البلاد.
حققت قوات الحكومة السورية بدعم روسي عدداً من التطورات الرئيسة في إدلب، واستعادت السيطرة على عديد من المدن والقرى على جانبي الطريق الدولي. كان الاستيلاء على خان شيخون أول طفرة كبرى، تلتها معرة النعمان وسراقب، عند التقاطع بين طريقي “إم 4” و “إم 5”.
واستعاد الجيش، هذا الأسبوع، آخر قسم يسيطر عليه المقاتلون من الطريق الدولي في منطقة خان العسل الواقعة جنوب غربي حلب. وقد جعلت هذه الاستعادة الطريقَ الدولي تحت السيطرة الكاملة للجيش النظامي لأول مرة منذ عام 2012.
إلى أي مدى يهم ذلك؟
قد يكون الاستيلاء على الطريق الدولي أهم انتصار للرئيس السوري، الذي أخذت قواته تحقق مكاسب قوية منذ نهاية عام 2015 بمساعدة الضربات الجوية الروسية، والمقاتلين المدعومين من إيران.
وتشكل عملية استعادته لاستيلاء شوطاً طويلاً في إعادة توصيل المناطق السورية، بعد أن ظلت منفصلة بعضها عن بعض لسنوات.