تركيا تكثف أنشطة “التتريك” في شمال سوريا

مافشل فيه العثمانيين طيلة 400 سنة من حكمهم للمنطقة تحاول حكومة “العدالة والتنمية” إعادة تدويره، سواء أكانت باحتلال المدن، واخضاعها عسكريا، أو بفرض اللغة والثقافة، وحتى الأعلام والصور والشعارات.

ولا تجد تركيا رادعا من مواصلة ذلك، من خلال مختلف مؤسساتها العسكرية، الامنية، السياسية، الخدمية، حتى الأطفال لم يسلموا، كيف لا وهم الجيل الأفضل لزرع بذور التبعية والولاء عبر تنفيذ أنشطة ثقافية، ترفيهية، أو حتى دينية.

آخر المؤسسات التي توغلت في مناطق ما يسمى ب درع الفرات هي منظمة تطلق على نفسها اسم “رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذوي القربى التركية” وتعرف اختصارا ب (YTB)، ولعل توغل هذه المؤسسة المعنية اصلا بالتواصل مع “الأتراك” في دول العالم وربطهم بوطنهم الأم تركيا ،له معنى خاص، سيما وأن تركيا باتت بالفعل تنظر لمناطق تحتلها في شمال سوريا بأنها تصحيح للتاريخ والجغرافيا، فقادة العدالة والتنمية، وحليفهم حزب الحركة القومية ينظرون لهذه المنطقة كحق تاريخي تركي وأنها أراض تركيا، وكل من يعيش فيها هم أتراك أو ليرحل من لا يوافقهم على ذلك أو يعتقل ويقتل…

المنظمة نظمت للمرة الثانية فعاليات ثقافية مختلفة للأطفال في مدينة “الباب”، وذلك في إطار برنامج ” الملتقى الثقافي بسوريا” الذي أطلقته الرئاسة يوم 10 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري في منطقتي “درع الفرات” و”غصن الزيتون”. – وهي مناطق سوريا محتلة من قبل تركيا- تم تهجير قرابة نصف مليون من سكانها الأصليين وتوطين آلاف المسلحين الخاضعين لأردوغان وأسرهم.

وسبق أن نظمت الـ(YTB) الفعالية ذاتها في مدينة “جرابلس” الإثنين، ثم في بلدة الراعي التي قام الأتراك بتتريك اسمها إلى “جوبان باي” الثلاثاء.

ومن المخطط أن يقام نشاط مشابه في مدينة عفرين كذلك يوم الخميس المقبل، حيث تعيش المدينة انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وهجر 350 ألفا من سكانها.

وكانت القوات التركية قد بدأت توغلها البري باحتلال مدينة جرابلس بعد صفقة مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي انسحب منها بتاريخ 24 أغسطس / آب 2016، ولاحقا تقدمت واحتلت كذلك بتاريخ 29 مارس / آذار 2017، مدينة الباب السورية.

وفي مارس/آذار 2018، تمكنت القوات التركية من احتلال مدينة عفرين بعد معارك استمرت شهرين استخدمت فيها تركيا أسلحة محرمة دوليا وقصف جوي للمدن والبلدات الآهلة بالسكان، وسقط على إثرها قرابة ألف مدني بين شهيد وجريح.

ومنظمة “رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذوي القربى” (YTB) التركية، أنشأتها تركيا بهدف التواصل بين أبناء الجالية التركية في مختلف دول العالم، وذلك من خلال الفعاليات والمشاريع المتنوعة التي تقوم بها، وتكون ذات طابع قومي متطرف، مستهدفة تأمين مشاركة الأتراك في الحياة الاجتماعية لدى البلدان التي يتواجدون فيها.

كما وتسعى المنظمة لاستغلال اوضاع البلدان الفقيرة من خلال تقديم المنح الدراسية للطلاب الأجانب وتدريسهم منهجها وأفكارها وعلومها وتاريخها.

وتركز “YTB” أيضا على تأمين حفاظ الشباب الأتراك في الخارج، على اللغة والثقافة التركية من منظمة “حزب العدالة والتنمية”.

وتتوزع هذه المشاريع على مجالات التعليم، واللغة التركية، والتنقّل الثقافي، والأنشطة الأسرية والاجتماعية والتواصل، وغيرها من المشاريع التي تجذب الأتراك بهدف التأثير عليهم.

ومن أبرز هذه المشاريع برامج تعليمية لدعم الطلاب عبر دورات نهاية الأسبوع، وأخرى لتعليم اللغة التركية، والتاريخ، والثقافة والقيم التركية والعثمانية لطلاب الجالية التركية.

كما هناك برامج لتعليم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0-3 و3-6 سنوات، اللغة التركية وتدريس تاريخ العثماني وتمجيده.

كما تنظّم “YTB” رحلات “أوليا تشلبي في الأناضول”، بهدف تعريف الجالية التركية بالأماكن الثقافية والتاريخية داخل تركيا.

ومن بين المشاريع والبرامج الأخرى، برنامج “مخيمات الشباب” بالتعاون بين “YTB” ووزارة الشباب والرياضة التركي.

وخلال 2018، تقدّم 138 ألف طالب أجنبي من 164 بلد مختلف حول العالم، إلى برنامج المنح الدراسية التركية.

وفي الوقت الحالي تدعي المنظمة انها تتكفل ب 17 ألف و500 طالب أجنبي من 160 دولة مختلفة حول العالم، يستفيدون من برنامج المنح الدراسية يواصلون تعليمهم في الجامعات التركية.

وإلى جانب المنحة المادية، تقوم “YTB” بتسديد نفقات الطلاب الأجانب المتعلقة بالجامعة، والسكن، والتأمين الصحي، فضلا عن تذاكر الذهاب والإياب من و إلى تركيا.

ويهدف برنامج المنح الدراسية التركية إلى تأسيس شبكة تضم ما تسميه “زعماء المستقبل” الذين يتعهدون بالاستمرار في التواصل مع تركيا، علهم يكونوا يوما ما في مناصب مهمة في بلدانهم، فيما انتمائهم الحقيقي سيكون “تركيا”، والعمل لصالحها.

تحرير : مصطف عبدي

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك