يستمر حشد مزيد من العربات المصفحة والآليات العسكرية التركية عند معبر اقجه قلعة الحدودي في ولاية شانلي أورفا / رها، بجنوب شرقي تركيا، وهي المنطقة التي تواجه بلدة تل أبيض/ كرى سبي السورية في الضفة الغربية لنهر الفرات.
كما يواصل الجيش التركي نشر جنوده ومدفعية الميدان على طول حدود المنطقة التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية، استعدادا لعملية عسكرية يبدو أنها ستكون طويلة برأي مراقبين.
وستكون العملية الوشيكة هي المرة الثالثة التي تتوغل فيها القوات التركية في الشمال السوري، بعد كل من عملية احتلال عفرين والتي اطلقت عليها تركيا اسم (غصن الزيتون)، مطلع عام ٢٠١٨، وبعد العملية التي سميت (درع الفرات) في أغسطس من عام ٢٠١٦، لإخراج مسلحي ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية من جرابلس وصولا إلى مدينة الباب ومدينة اعزاز السوريتين.
غير أن هذه العملية، لن تكون كسابقاتها، فمسرح عملياتها سيكون على جبهة بعرض ٤٦٠ كيلو مترا، تمتد من الضفة الغربية لنهر الفرات، وصولا الى نقطة التقاء الحدود السورية- العراقية، وبعمق يتراوح ما بين ثلاثين إلى أربعين كيلو مترا.
هذه المساحة واسعة جداً وتفوق من حيث الحجم مساحة المناطق التي توغلت فيها تركيا في السابق أضعاف المرات، وتفتح باب احتمالات كثيرة حول إمكانية أن يخوض المقاتلون الأكراد مواجهة عسكرية تجبر تركيا على مد خطوط القتال على طول الشريط الحدودي، وإخلاء مناطق تركية قريبة من الحدود، خوفا من تساقط القذائف الصاروخية على مدنها، كما حصل خلال معركة عفرين، عندما استهدف المسلحون الاكراد بقذائف الكاتيوشا مدن الريحانية وهاتاي وكيلس وهاسا عدة مرات.
كما أن طبيعة المنطقة جغرافيا ستجعل المواجهة مفتوحة بين القوات التركية والمسلحين الأكراد الذين سيدافعون عن قراهم و مدنهم.
ويتوقع الخبراء عسكريون أن التقدم التركي قد يكون سهلا لعدة كيلو مترات، لكن تأمين تلك المنطقة وتمشيطها سيستغرق وقتا أطول، لا سيما وأن المنطقة تكتظ بالسكان ويسكنها عدة ملايين من أكراد وعرب وسريان، وهي في معظمها مناطق زراعية.
كما أن قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري حصلت على كميات ونوعيات متقدمة من الأسلحة الأمريكية خلال المعارك ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”مما قد يصعب من مهمة الأتراك، كما ان غياب الغطاء الجوي للجيش التركي عن المناطق التي تبعد أكثر من عشرة كيلو مترات عن حدوده سيصعب من مهمته مع مرور الوقت، وسيدفعه للاستعانة بطائرات من دون طيار، وليس بسلاح الجو، نظرا لان مناطق العمليات تقع تحت السيطرة الجوية لقوات التحالف الدولي.
أما التحدي الأكبر، فهو احتمال هروب المئات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية والذين تحتجزهم قسد في سجونها، وهو ما سيجعل تركيا في مواجهة من نوع آخر، في حال تسلل هؤلاء إلى أراضيها، أو أعادوا تنظيم صفوفهم هناك.
أما التحدي الآخر، فهو داخلي ويتعلق بموقف الكرد في تركيا مما يجري، في ظل احتمال إندلاع أعمال عنف وشغب في المدن الكردية في جنوب وجنوب شرق تركيا، والتي يطلقون عليها اسم شمال كردستان، في ظل أنباء عن قيام الأمن التركي بتعزيز قواته في المدن الكردية.
كما أن شكل المواجهة وطبيعة الرد على التحركات التركية، سينعكس بشكل سلبي على الاقتصاد التركي وعلى أسعار صرف العملة المحلية، في ظل أزمة اقتصادية تعيشها البلاد منذ أعوام، وهو أمر من شأنه أن يزيد الأمور تعقيداً في حال طال أمد العملية المفترضة.