لا يزال سكان منطقة عفرين شمال سورية التي تسيطر عليها فصائل معارضة مدعومة من تركيا، يعانون من حالة فلتان أمني، تحصل تحت أنظار و”مشاركة” الفصائل التي تسيطر على المنطقة، إذ تنتشر عمليات السلب والسطو المسلح على المنازل من قبل مجهولين الذين لا يمكنهم القيام بهكذا أعمال ما لم يتوفر غطاء لهم من قبل الفصائل التي تسيطر على المنطقة. يضاف إلى ذلك عمليات ابتزاز مباشر من قِبل بعض الفصائل التي تستولي على قسم من المحاصيل الزراعية وتقطع أشجار الزيتون من أجل المتاجرة بها كحطب للتدفئة، من دون أن يتمكن أحد من السكان من الاعتراض، في ظل وجود تهمة جاهزة تُرفع بوجه أي معترض، هي تهمة التعامل مع “وحدات حماية الشعب”، وهي تهمة قد تكلف المتهم حياته.
إلا أن الجديد في حالة الفلتان الأمني في عفرين، هو انتشار ظاهرة الخطف مقابل فدية من قبل مجهولين الذين يقومون باستهداف من يشكون بأنه يمتلك أموالاً، ويتم التواصل مع ذويه من أجل دفع مبلغ مالي كبير كفدية مقابل الإفراج عنه. وتعرّض أطباء وتجار وبعض الميسورين أو أبناؤهم لعمليات خطف، تم الإفراج عنهم بعد أن دفعوا الفدية المطلوبة. حتى أن عمليات الخطف باتت تستهدف السيدات اللواتي يشك الخاطفون بأن ذويهن يمتلكون مبالغ مالية، فيما عدم دفع الفدية يجعل حياة المختَطَف تحت خطر الموت بتهمة التعامل مع “وحدات حماية الشعب” الكردية، التي تصنفها تركيا تنظيماً إرهابياً.
تحصل كل عمليات الخطف من دون أن تحرك الفصائل الموجودة في المنطقة ساكناً، ومن دون أن تقوم القوات التركية الموجودة هناك بأي إجراء قد يردع المجرمين وهي المتهمة بالمشاركة فيها، وسط مخاوف من أن يكون الهدف إبقاء حالة الفلتان الأمني لدفع السكان إلى رفض كل ما هو سوري، ودفعهم للمطالبة بتدخّل أكبر من قبل أنقرة قد يصل إلى حدود المطالبة بضم المنطقة إلى تركيا. هذا الأمر يشكّل خطراً على وحدة الأراضي السورية ويرفضه كل السوريين، خصوصاً أن حالة الفلتان الأمني تتزامن مع إجراءات من قبل السلطات التركية، كمنح بطاقات تعريف لسكان المنطقة تحمل رقماً وطنياً تركياً خلافاً لباقي المناطق، وفتح فروع لمؤسسات تركية كالبريد وغيره، الأمر الذي يرفع من منسوب القلق.
المصدر: العربي الجديد