في تأكيد على تبعية منطقة عفرين لتركيا، أبلغ الوالي التركي لمدينة قرارا تقضي بعدم تسجيل أو منح هويات شخصية صادرة عن المجالس المحلية لأي من النازحين القادمين من ريفي إدلب وحماة إلى المنطقة دون توضيح أسباب إضافية لذلك، كما أنّ القرار يشمل جميع المجالس المحلية العاملة في نواحي المنطقة.
ورجح مصادر أن يكون السبب وراء منع إصدار الهويات الشخصية للنازحين من إدلب وحماة مرتبطاً إمّا بأمور أمنية وسياسية تتعلق بمستقبل تلك المناطق، أو أنه إجراء تركي احترازي يقضي بعدم فتح الباب على مصراعيه أمام نزوح آلاف المدنيين من هناك وتشجيعهم على الدخول والاستقرار في منطقة “عفرين” أو غيرها من مناطق ريفي حلب الشمالي والشرقي.
ويشترط على النازحين المقيمين في “عفرين” اتباع بعض الخطوات اللازمة للحصول على بطاقة شخصية صادرة عن المجالس المحلية هناك، حيث يتوجب على رب الأسرة مراجعة أحد المخاتير المعتمدين في “عفرين”، مصطحباً معه صورة عن هويته الشخصية/ الرسمية ودفتر العائلة وعقد إيجار نظامي يؤكد إقامته في المنطقة منذ مدّة طويلة، وبهذا يتسنى له الحصول على سند الإقامة الذي هو شرط أساسي من أجل التقدم للحصول على البطاقات التعريفية الصادرة عن المجالس المحلية في المنطقة.
ولا تقتصر أهمية البطاقة الشخصية الجديدة على كونها بطاقة تعريفية للمدنيين على الحواجز العسكرية المنتشرة في ريف المحرر فحسب، وإنما تخول حاملها دخول المشافي التي تتبع لتركيا في المنطقة، فضلاً عن حاجتها في إتمام معاملات تسجيل الأطفال في المدراس والأمور المتعلقة بعمليات البيع والشراء (العقارات، السيارات)، أو في التقدم إلى الوظائف المحلية.
وكان المجلس المحلي في ناحية “شران”، باشر منذ الخميس، بإصدار بطاقات تعريفية مؤقتة عوضاً عن الهوية الشخصية للنازحين القادمين من مناطق إدلب وحماة، وذلك بعد مرور نحو أسبوعين على تعميم يمنع تنظيمها في المنطقة.
من جانب آخر يواجه النازحون القادمون من ريفي إدلب وحماة باتجاه منطقة “عفرين” صعوبات بالغة في الوصول إلى المنطقة؛ بسبب القيود الأمنية التي تفرضها السلطات المحلية هناك، وارتفاع أجور وسائل النقل، وسط ضائقة اقتصادية تعصف بهم منذ أشهر بسبب توقف أعمالهم ونشاطاتهم المهنية.
وفي نهاية شهر آب/ أغسطس الماضي، قام مسؤول أمني يتبع لـ”فيلق الشام” في منطقة “عفرين”، بطرد عشرات العائلات النازحة من ريفي وإدلب وحماة، وذلك إثر محاولة تلك العائلات الاستقرار في بيوت فارغة وضعيفة التجهيزات الخدمية في إحدى القرى الريفية في المنطقة.
ووفقاً لما أشار إليه “صبحي أبو علي” الذي كان من ضمن هذه العائلات، في حديث لصحيفة “اقتصاد” فإن المدعو “أحمد المكسور” وهو المسؤول الأمني عن قرية “الشيخ روز” الواقعة بمحيط “عفرين”، رفض دخول العائلات ومعظم أفرادها من النساء والأطفال وأجبرهم على العودة إلى ريف إدلب بقوة السلاح والتهديد، رغم وجود منازل فارغة في المنطقة.
وأضاف “تحتوي قرية (الشيخ روز) على نحو 200 منزل صالحة للسكن وتقطنها 35 عائلة فقط، وعلى الرغم من أن بقية المنازل الفارغة تفتقر إلى الأبواب والنوافذ، إلا أنها كانت تشكل في ذلك الوقت الملاذ الوحيد أمام النازحين الهاربين من القصف الممنهج لقراهم ومدنهم التي استولى عليها النظام فيما بعد”.
وتضم منطقة “عفرين” ونواحيها في الوقت الراهن ما يزيد عن 100 ألف نازح من مختلف المناطق السورية ومعظمهم من (دير الزور وريفها، الغوطة الشرقية، جنوب دمشق، القلمون الشرقي، ريف حمص الشمالي)، ويتمركز القسم الأكبر منهم في “عفرين” المدينة، وبدرجة أقل في مدن (راجو، جنديرس، معبطلي) التابعة لها، فيما نزح قرابة ثلثي سكانها الأصليين بفعل العملية العسكرية التركية وانتهاكات الفصائل.
وتشرف ولاية هاتاي التركية بشكلٍ مباشرٍ على المجالس المحلية في منطقة عفرين، عبر ولاة مناطق أتراك وفقاً للتقسيم الأمني (والي عفرين، ووالي راجو، ووالي جنديرس). هؤلاء يمثّلون والي هاتاي في مناطقهم، وكلّ واحد منهم يتحكّم بالمجالس المحلية في قطاعه.
وصحيح أن المجالس المحلية تتبع الحكومة السورية المؤقّتة، إلا أنها تتلقّى أوامرها التنفيذية من الجانب التركي بشكلٍ مباشر. وهذا ما أكّده رئيس مجلس عفرين، المهندس سعيد سليمان، في لقاءٍ مع صحيفة حبر حول طبيعة العلاقة مع الحكومة السورية المؤقّتة، وما يتّفق مع شهادة أحد أعضاء المجلس المحلي في عفرين بأن تركيا هي مَن يشرف على التنسيق والخطط التنفيذية، في ظلّ غياب أيّ دورٍ أو وجودٍ في عفرين للحكومة المؤقّتة، التي منعتها أنقرة من فتح مكاتبها هناك.
-------------------------------
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com
ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات