قال رئيس هيئة الأركان الأميركية جوزيف دانفورد، إنّ بلاده تحتاج إلى تدريب ما بين 50 ألف و60 ألف من القوات المحلية لضبط الأمن شمالي سوريا، موضحاً أنّه “ربما دربنا نصف هذا العدد حتى الآن”، وذلك في إشارة لقوات سوريا الديمقراطية.
جاء ذلك في معرض إجابته على الأسئلة التي وجّهت إليه في ندوة نظمها مجلس العلاقات الخارجية، وفي مقدمتها الشأن السوري.
وأشار دانفورد إلى تراجع تنظيم داعش الإرهابي، مستدركا أن التنظيم ما يزال يحتفظ بوجود مهم في العراق وسوريا. وأعرب عن قلقه من اتباع عناصر التنظيم تكتيك حرب العصابات.
ودعا دانفورد إلى دعم “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) من أجل مكافحة فلول تنظيم داعش.
وشدد على أهمية إرساء الأمن في المناطق التي يتم تطهيرها من عناصر داعش.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة أسست قبل حوالي 10 أيام مع تركيا مركز عمليات مشتركة حول المنطقة.
وأوضح دانفورد أنه سيجري اتصالا هاتفيا مع نظيره التركي يشار غولر في وقت لاحق من اليوم.
وقال “نحن على تواصل دائم معه، وأعتقد أنه باستطاعتنا تبديد تركيا من مخاوفها”.
يُذكر أنّ تركيا والولايات المتحدة اتفقتا مطلع الشهر الماضي على إقامة منطقة آمنة على الحدود التركية– السورية، وأطلقتا مركز عمليات مشترك في 24 إغسطس الماضي لتنسيق الإجراءات ومراقبة الأوضاع فيها.
وكشف مصدر في قوات سوريا الديمقراطية أن اعداد المقاتلين ضمن المجالس العسكرية قليل ولا يمتلكون الخبرة الكافية والعتاد العسكري، وأنهم ناقشو مع التحالف تدريب وتمويل وتسليح المجالس المجالس العسكرية في كوباني وتل ابيض وراس العين والقامشلي والحسكة.
وكانت تركيا تهدد بشن عملية عسكرية ضدّ قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية المُنضوية في ظلها، في حال عدم إقامة المنطقة الآمنة على الحدود السورية التركية في عُمق مناطق شرق الفرات.
ومع استمرار تركيا تحشيد قواتها العسكرية على الحدود الشمالية المتاخمة لمناطق الإدارة الذاتية وتصعيد لهجتها العدائية ضدّ “قسد”رغم الاتفاق الأخير بين أنقرة وواشنطن، طالبت إلهام أحمد الرئيسة التنفيذية لمجلس سوريا الديمقراطية، دول التحالف الدولي والولايات المتحدة الأميركية بضرورة حماية الاستقرار في هذه المناطق التي تحررت من إرهاب داعش، وأشارت إلى أن هذه التفاهمات عبارة عن “آلية أمنية عسكرية” لا علاقة لها بالحكم المحلي والجانب المدني.
هذا ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قوله يوم الجمعة إن هناك خططا لبدء دوريات برية عسكرية مشتركة للقوات التركية والأمريكية بشمال شرق سوريا في الثامن من سبتمبر أيلول.
وصرح صالح مسلم، الرئيس المشترك للجنة العلاقات الخارجية في حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بسوريا، بأن أي جندي تركي لن يدخل المنطقة الآمنة المتفق عليها بين واشنطن وأنقرة، مؤكدا أن الاتفاق المبرم بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، لا يتعلق بإنشاء “المنطقة الآمنة”، بل هو “بروتوكول يهدف لحماية المناطق الحدودية”.
وقال مسلم خلال اجتماع مع العشائر العربية في منطقة تل أبيض بشمال سوريا، إن “قواتهم ستنسحب من المناطق الحدودية لمسافة 5 كيلومترات”، مضيفا أن “مجالسهم المحلية ستتولى حماية المنطقة وبسط الأمن فيها، ولن يدخل جندي تركي واحد إلى تلك المنطقة”.
وفي سياق متصل اعلنت وزارة الدفاع التركي امس إجراء جولة ثالثة للتحليق المروحي المشترك بين تركيا والولايات المتحدة في أجواء شمال سوريا في إطار خطوات إنشاء المنطقة الآمنة.
وتتزامن الدوريات الجوية مع دوريات على الأرض تجريها القوات الامريكية مع المجالس العسكرية في مدينتي تل أبيض وراس العين.
وجدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تهديداته، إنّ أنقرة مصممة على بدء تنفيذ وإنشاء المنطقة الآمنة شرق الفرات في شمال سورية، بحلول نهاية الشهر الجاري.
وأضاف أردوغان، في كلمة أمام مسؤولي حزبه “العدالة والتنمية”، أنّ “تركيا مصممة على إنشاء المنطقة الآمنة، وستفعل ذلك بمفردها إذا لم يكن هناك اتفاق مع الولايات المتحدة على ذلك، بحلول نهاية الشهر الجاري”.
وأضاف إن بلاده تعتزم إعادة توطين مليون لاجئ في شمال سوريا وربما تفتح الطريق إلى أوروبا أمام المهاجرين ما لم تتلق دعما دوليا كافيا لهذه الخطة.
جاءت التصريحات في وقت تصعد فيه تركيا من ضغطها على واشنطن لتقديم المزيد من التنازلات بشأن عمق المنطقة الآمنة المقرر إقامتها في شمال شرق سوريا والإشراف عليها كما تتعرض هي لضغط متزايد في إدلب بشمال غرب سوريا حيث يتقدم هجوم حكومي مدعوم من روسيا باتجاه الشمال.
وأضاف ”اعطونا دعما لوجيستيا وسوف نستطيع بناء منازل في عمق 30 كيلومترا في شمال سوريا. بهذه الطريقة يمكننا أن نوفر لهم أوضاع معيشة إنسانية“.
وتابع قائلا ”إما أن يحدث هذا أو سيكون علينا فتح الأبواب.
”إن لم تقدموا الدعم فاعذرونا، فنحن لن نتحمل هذا العبء وحدنا. لم نتمكن من الحصول على الدعم من المجتمع الدولي وتحديدا الاتحاد الأوروبي“.
وفي الأسبوع الماضي قال المسؤول الكردي السوري الكبير بدران جيا كرد إن من الضروري إعادة توطين اللاجئين في بلداتهم الأصلية. وقال عن الشمال الشرقي ”توطين مئات الآلاف من السوريين الذين ينتمون لمناطق أخرى هنا غير مقبول“.
وقال نيكولاس دانفورث الزميل الزائر في صندوق مارشال الألماني والمقيم في اسطنبول إن التحذير بشأن اللاجئين في سياق المنطقة الآمنة يتيح لأردوغان فرصة الضغط على أوروبا والولايات المتحدة في ذات الوقت.
وقال ”ما يبدو واضحا هنا هو أنه سيكون من المستحيل توطين هذا العدد من اللاجئين في أي منطقة تقام عبر المفاوضات مع الولايات المتحدة ووحدات حماية الشعب“.
وأضاف ”تبدو هذه محاولة لممارسة الضغط من أجل الحصول على المزيد من التنازلات الأمريكية بشأن المنطقة الآمنة حيث يمكن إعادة توطين بعض اللاجئين بغية كسب الرأي العام داخل (تركيا)“.
واتفقت واشنطن وانقرة في 7 اغسطس / آب الجاري، على إنشاء “مركز عمليات مشتركة” في تركيا، لتنسيق وإدارة إنشاء “المنطقة الآمنة او الامنية” شمالي سوريا.
واشنطن منذ البداية نفت تسمية “منطقة آمنة” وتحدثت عن “آلية آمنة”، تأخذ في الاعتبار مخاوف تركيا لكنها ايضا تضمن الحماية من اي تهديدات خارجية ضد قوات سوريا الديمقراطية لاسيما من قبل تركيا نفسها التي تتوعد بدفن الأكراد تارة وأخرى بذبحهم وما تشكله هذه التهديدات من اشغال لهذه القوات التي تواصل بالتنسيق مع التحالف الدولي ملاحقة خلايا تنظيم داعش.
بيد ان تركيا تتوقع أنها من خلال التصعيد وحشد الجيش والسلاح ستتمكن من فرض واقع جديد وان تهدم الهياكل العسكرية والامنية والادارية والخدمية المقامة شرق الفرات وان يمنحها الاتفاق اذنا بالتوغل العسكري واقامة قواعد عسكرية كما تفعل في شمال العراق / اقليم كردستان وفي منطقة عفرين ومناطق درع الفرات.
وفي هذا الصدد أكدت وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن المحادثات مع أنقرة مستمرة وأفضت إلى تفاهم على “آليات أمنية” و”قيادة مشتركة” من دون إقامة “منطقة آمنة”، كما تزعم تركيا.
وقال المتحدث باسم البنتاغون شون روبرتسون إنّ الاجتماعات العسكرية بين الجانبين الأميركي والتركي حققت تقدما لافتا في اتجاه استحداث “آليات أمنية” في شمال شرق سوريا، لمعالجة مخاوف السلطات التركية.
وأضاف روبرتسون أن البنتاغون “ينوي” إنشاء قيادة عسكرية مشتركة في تركيا “من أجل مواصلة البحث في التخطيط وآليات التطبيق”.
وفيما لم يشر بيان البنتاغون في أي شكل من الأشكال إلى اتجاه نحو “إنشاء منطقة أمنية” كما تزعم تركيا، فإن روبرتسون ذكّر بأن البنتاغون ملتزم بدعم حلفائه في قوات سوريا الديمقراطية وإلحاق الهزيمة بـ “داعش”.
وختم بأن تطبيق الآليات الأمنية مع تركيا سيمرّ بمراحل عدّة وان النقاشات معها لاتزال متواصلة.
وقال القائد السابق للقيادة الوسطى التابعة للجيش الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط، جوزيف فوتل أنه لا يمكن لواشنطن بأي حال تجاهل مطالب “شعب شمال شرق سوريا”، وأنه من المهم مساعدتهم للتعافي من سنوات الصراع، والحماية من الهجمات، ومنحهم فرصة العيش في سلام. مضيفا “إن تشريد السكان الأكراد لن يحرمهم من هذه الحقوق فحسب، بل سيخلق أيضاً المزيد من الصراع”.
وأضاف “المطلوب ليس إنشاء منطقة آمنة، بل آلية أمنية مستدامة تعالج الشواغل المحددة لجميع الأطراف المعنية وتنشئ هيكلا يرصد العمليات الأمنية ويراقبها، وييسر في الوقت نفسه الاتصال بين جميع الأطراف المعنية. الجانبين. ولن يكون مثاليا، ولن يكون أحد راضيا تماما عن هذا الترتيب، ولكن هذا هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق للمضي قدما.
من جهته اوضح القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي موقفه من اللقاء الامريكية التركية وقال إن المنطقة الآمنة التي يجري النقاش حولها يجب أن تشمل كامل الحدود بين نهري دجلة والفرات وذلك لحفظها امن هجمات وتهديدات.
وقال عبدي بأن تركيا تجري مباحثات غير مباشرة معهم وأن المباحثات في هذا الصدد لم تعطِ نتيجة بعد، وأضاف “نحن نستمر في المباحثات للوصول إلى صيغة”.
القيادي في مجلس منبج العسكري شرفان درويش، طالب أن تدار المنطقة من قبل “قوات محلية” تحافظ على أمن المنطقة بعيدا عن العنف ويمكن أن تتولى قوات أمن داخلي لهذه المهمة.
وأضاف: “بشكل عام هناك نموذج جيد للاستقرار من خلال هكذا اتفاقيات وأخذ نموذج منبج حيث دعم الاستقرار وتخفيف التوتر من خلال تسيير دوريات مشتركة”.
وشدد درويش على ضرورة أن “يواصل التحالف الدولي الحفاظ على استقرار ما هو موجود في مدن شمالي شرق سوريا الخالية من العناصر المتطرفة”.
وأكد أن “قوات سوريا الديمقراطية” ستتعاون لانجاح المنطقة الآمنة “إن كانت تلك الاتفاقيات تساهم في الحل وتأخذ الاستقرار كهدف لها”.
وحذر من أن “التوتر والتهديد يخدم تنظيم (داعش) الذي يسترد معنوياته ويعطي الأمل لخلاياه من حالة عدم الاستقرار والتوتر”.