«لاجئ سوري فصل عن أسرته أعيد قسراً إلى بلاده من تركيا وحينما حاول العودة قتل برصاص الجندرمة التركية»، قصة تناقلتها بعض وسائل الإعلام.
فخر الدين ألتون رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية كتب مقالاً في مجلة Foreign Policy الأمريكية رداً على مقال كتبه كريم شهيب وسارة هنيدي في المجلة ذاتها عن أن تركيا تحاول «تجنب الالتزامات الدولية بحماية اللاجئين السوريين» وإنها تسعى إلى ترحيلهم.
ويكشف المقال أيضاً معلومات أن تركيا رحَّلت لاجئاً سورياً يدعى هشام مصطفى سطيف المحمد قبل أن «يقتله قناص تركي» عندما حاول عبور الحدود التركية-السورية بطريقة كلاجئ والعودة لأسرته.
لكن هذه الحادثة، تظل مضللة، حسب المسؤول التركي الذي عمد لسرد رواية مختلفة نفتها مصادر تواصلنا معها.
ألتون زعم أن المقال يشوه سياسة تركيا تجاه اللاجئين السوريين بوصفها «سياسة ترحيل»، يعرض مزاعم غير مؤكدة عن أفراد بعينهم بوصفها حقائق مؤكدة.
وترفض الحكومة التركية قطعاً الاتهامات التي تدّعي أن اللاجئين السوريين يواجهون الترحيل في تركيا والقتل على الحدود.
ويزعم مقال التون إن فكرة إقدام تركيا على ترحيل اللاجئين السوريين، بعدما منحت الجنسية لنحو 102 ألف سوري وقدمت خدمات وسلعاً بقيمة 40 مليار دولار لضحايا الحرب الأهلية، هي أمر غير معقول. إذ تتعارض هذه الفكرة مع الاتفاقيات الدولية والقوانين الوطنية.
وادعا فيها أن تركيا تبقي على سياسة الباب المفتوح، وسمحت بدخول ما لا يقل عن 700 ألف لاجئ جديد في عام 2019 وحده.
وفي قضية قتل اللاجئيين السوريين على الحد نفى ألتون وقال إنه “وفقاً للتقارير الرسمية، اعتقل هشام على خلفية تحقيق بإحدى جرائم الإرهاب، وليس مثلما يزعم كاتبو المقال بسبب عدم امتلاكه وثائق تحقيق شخصية. ثم نُقل لاحقاً إلى مرفق احتجاز مؤقت، حيث يمكن احتجاز الأفراد هناك لمدة تصل إلى عام بموجب القانون الدولي”.
وزعم ألتون أنه بعد عدة أسابيع، طلب هشام من السلطات التركية تيسير عملية عودته إلى سوريا. في مثل هذه الحالات، يُطالب مقدم الطلب بملء نموذج العودة الطوعية، المتوفر باللغتين التركية والعربية، قبل عبور الحدود.
يوقّع على هذا النموذج مسؤولون بالحكومة التركية، وممثلون عن الأمم المتحدة، وآخرون.
يقول «لا يمكننا، بشكل مستقل، تأكيد مزاعم مقتل هشام برصاص قناص تركي.» فليس لدى تركيا سجلات بشأن هذه الواقعة التي يزعم شهيب وهنيدي حدوثها على الحدود التركية-السورية، كذلك فهذا السلوك لا يعكس سياسة قوات حرس الحدود التركية.
وانتقد التون المجتمع الدولي والجهات التي توثق جرائم القتل عبر الحدود قائلا “هذه الادعاءات الأخيرة ضد تركيا، البلد ذو الموارد المحدودة والالتزام الراسخ بمساعدة اللاجئين السوريين، تكشف فشل المجتمع الدولي في التركيز على القضايا الحقيقية”.
واختتم مقاله قائلاً «بدلاً من إلقاء اللوم على من لم يخطئ، يتعين على الحكومات ومنظمات حقوق الإنسان تعزيز التعاون الدولي للوصول إلى حل سياسي ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير النظامية».
مقتل 450 لاجئا برصاص الجيش التركي
رغم تواصل أعداد الخسائر البشرية الناجمة عن استهداف حرس الحدود التركي ارتفاعها، إثر قتل المزيد من السوريين ممن يحاولون الهروب من الموت أو الأوضاع المعيشية والأنسانية والأمنية الصعبة لا سيما بعد سقوط الهدنة وعودة المعارك إلى إدلب فتلقَّفهم الموت برصاصات تركية.
وتُظهر العديد من الأشرطة المُصوّرة اعتداء حرس الحدود التركي على شبان ومواطنين سوريين بعد اعتقالهم خلال محاولتهم عبور الشريط الحدودي، حيث يعمد عناصر حرس الحدود إلى ضربهم وتوجيه الشتائم لهم.
واليوم الجمعة قتلت قوات حرس الحدود التركية “الجندرما” شاب من أبناء قرية الحمية بريف إدلب الغربي أثناء محاولته العبور باتجاه الأراضي التركية من جهة ريف إدلب الغربي، بعد إطلاق النار عليه من قبل الجندرما التركية كما وأصيب ثلاث آخرين بجروح بينهم طفل يبلغ من العمر 8 سنوات.
وكانت الجندرمة قد قتلت كذلك الشابة هديل احمد الحسين الدخيل في 9 اغسطس بعد إصابتها بطلق ناري في الصدر على الحدود التركية السورية أثناء محاولة عبورها للجانب التركي. وهي من محافظة ديرالزور قرية البوعمر.
وأصبحت حوادث قتل اللاجئين شائعة أكثر فأكثر في السنوات الثلاث الماضية، رغم ادعاء السلطات التركية أنها تتبع سياسة الحدود المفتوحة في أعقاب اندلاع الحرب الأهلية السورية منذ عام 2011.
وارتفع عدد القتلى السوريين برصاص جنود الأتراك إلى 439 لاجئا، بينهم ( 80 طفلا دون سن 18 عاما، و 55 امرأة) كما وارتفع عدد الإصابات بطلق ناري أو اعتداء إلى 391 مواطنا وهم من الذين يحاولون اجتياز الحدود هربا من الحرب المندلعة في سوريا منذ 8 سنوات أو من سكان القرى والبلدات السورية الحدودية أو المزارعين، وأصحاب الأراضي المتاخمة للحدود حيث يتم استهدافهم من قبل الجندرمة بالرصاص الحي.
وقتلت الجندرمة التركية الأثنين اللاجئ “هشام مصطفى” من مدينة السفيرة وكان يقيم في تركيا وقامت السلطات التركية بترحيله إلى الأراضي السورية قسرا منذ قرابة 25 يوم، بسبب عدم حوزته على بطاقة الحماية المؤقتة “الكيملك” حيث بقيت زوجته وأولاده الثلاثة في تركيا، ما دفعه لمحاولة الدخول لاحقا من أراضي محافظة إدلب قرب بلدة دركوش، حيث أطلقت “الجندرما” عليه النار ما أدى لمقتله.
وكانت السلطات التركية رحلت 6160 لاجئا سوريا خلال شهر تموز الفائت حسب ما صرحت إدارة معبر “باب الهوى” على موقعها الرسمي.
والجمعة، 4 اغسطس فقد الطفل ماهر حسن، حياته متأثرا بجراحه بعد أيامٍ على إصابته برصاص الجندرمة التركية في قرية سفتك في مقاطعة كوباني على الحدود التركية. ماهر (17 عاماً) أصيب برصاصة في الرأس في الـ30 من تموز/يوليو المنصرم، أثناء مساعدته لأهله في ترميم سطح منزلهم في قرية سفتك غرب مدينة كوباني.
وفي الأربعاء 24 يوليو أصيب الشاب “كانيوار شاهين جزائر” ( 29 عاماً) من أهالي قرية قره موغ شرقي كوباني بطلقتين في الكتف أثناء عمله في أرضه قرب قرية غريب على الحدود السورية -التركية، حيث تم اسعافه إلى مشافي مدينة كوباني وتحويله إلى مشافي مدينة منبج؛ لتلقي العلاج.
وبتاريخ 20 يوليو الجاري قتل شاب من أبناء مدينة سلقين برصاص قوات حرس الحدود التركي “الجندرما” أثناء مروره على الطريق الواصل بين بلدة دركوش وقرية الدرية الحدودية مع ولاية هاتاي / لواء اسكندرون غرب إدلب، كما وأصيب نازحان اثنين في مخيم صلاح الدين غرب جسر الشغور، برصاص عشوائي مصدره حرس الحدود التركي أثناء ملاحقة -الجندرما- لمهربين حاولوا دخول الأراضي التركية الجمعة.
الانتهاكات تجاه اللاجئين والنازحين على حد سواء من قبل الجندرما متواصلة رغم أن تركيا تعتبر من الدول الضامنة لوقف التصعيد وتشارك كأحد أطراف الصراع الرئيسية في سوريا وتقع على عاتقها مهمة حماية اللاجئين والنازخين فصباح السبت اعتقلت الجندرمة لاجئين وقامت بضربهم بشكل وحشي بالإضافة إلى حلاقة شعر الرأس والحاجبين لتمييزهم في حالة حاولوا العودة إلى الحدود التركية.
بحسب احصائية من مركز توثيق الانتهاكات Vdc-Nsy فإنّ الجندرمة التركية قتلت حتى نهاية تموز من العام الجاري 436 شخصا بينهم ( 80 طفلا دون سن 18 عامًا، و 53 امرأة) ووثق إصابة 376 بجروح.
كما قامت تركيا ببناء جدار عازل على طول حدودها التي يبلغ طولها 911 كم لمنع دخول اللاجئين، ما يسفر عن سقوط قتلى وجرحى مدنيين بشكل مستمر.
في إدلب الإثنين 11 شباط، عُثر على جثث 10 مدنيين على الشريط الحدودي، بالقرب من بلدة زرزور شمالي إدلب في منطقة دركوش ..معظم الجثامين بقيت داخل الأراضي التركية بينهم أطفال ونساء.
وفي حزيران، قتل ثلاثة مدنيين بينهم طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات، برصاص “الجندرمة” التركية، في أثناء محاولتهم العبور من منطقة دركوش بريف إدلب إلى الأراضي التركية.
وكانت أبرز الحوادث السابقة في حزيران 2016، حين قتل 11 شخصًا بينهم نساء وأطفال، قرب معبر خربة الجوز في ريف إدلب الغربي إضافة لمقتل 9 مدنيين أغلبهم نساء في 9 فبراير 2019.
وقالت منظمة (هيومن رايتس ووتش) في تقرير لها فبراير الماضي إن قوات حرس الحدود التركية تطلق النار عشوائيا على طالبي اللجوء السوريين الذين يحاولون العبور إلى تركيا، ويعيدونهم بشكل جماعي إلى حيث جاءوا.
وذكرت المنظمة، التي يقع مقرها في نيويورك، إنها تحدثت مع 13 سوريا قالوا جميعهم إن قوات حرس الحدود التركية أطلقت النار عليهم بينما كانوا لايزالون في سوريا، ما أسفر عن مقتل 10 أشخاص، من بينهم طفل، وإصابة عدد آخر.
الشاب السوري عبد الكريم خلف، قال: “حالما دخلنا تركيا، وجدنا أنفسنا محاصرين من قبل عشرين جنديا من قوات الدرك التركية. وقبل أن نتمكن من فعل أي شيء، انهالوا علينا بالضرب بالهراوات وبكعوب بنادقهم بقوة، لدرجة أنني كدت أفقد الوعي. لذا بدأت بالركض نحو الجدار مرة أخرى، وتسلقته مجددا عائدا إلى الجانب السوري. ثم فقدت الوعي بالفعل.. لكن مجموعة من السكان المحليين هرعت بي إلى المستشفى. فيما بقي ابنا عمي على الجانب التركي ولم يتمكنا أبدا من العودة بسبب الضرب والتعذيب اللذين تعرضا له على أيدي قوات حرس الحدود التركية.”
وقال مسؤولون في المستشفى إن جثتي ابني عمه وجدتا متروكتين في وقت لاحق في منطقة الحدود قبل أن يتم نقلهما إلى مستشفى محلي.