تحدثت تقارير تركية، أمس، عن احتمال عقد اتفاق بين أنقرة ونظام بشار الأسد بوساطة روسية – إيرانية بشأن المنطقة الآمنة في شمال سوريا وإخراج وحدات حماية الشعب الكردية منها وأن إدلب والصمت التركي عن المعارك فيها هو بداية لطي صفحة الخلاف.
ووفقاً لصحيفة «خبر تورك» التي تعتمد خطاب حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، فإن قلق أنقرة من أن يتم إنشاء كيان كردي في سوريا على غرار إقليم كردستان العراق، يدفعها إلى الاستعجال فيما يخص إنشاء المنطقة الآمنة، بينما تخشى واشنطن ومعها الوحدات الكردية من أن تنفكّ العقدة في لحظة ما، فتذهب أنقرة مع النظام بوساطة روسية – إيرانية إلى اتفاق مشترك حول إدارة المنطقة الآمنة.
في سياق متصل، قال رئيس حزب «الوطن» التركي المعارض دوغو برينتشيك إنه تلقى دعوة من رئيس النظام السوري بشار الأسد لزيارة سوريا، وإنه سيزور دمشق في سبتمبر (أيلول) المقبل. وأضاف برينتشيك، الذي بات في السنوات الأخيرة على وفاق مع حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان، أن النظام السوري يتبنى دوراً محورياً في إنهاء وجود «داعش» والوحدات الكردية في الشمال السوري، وأن حكومة إردوغان ترتكب خطأً كبيراً بعدم تواصلها مع النظام السوري، معتبراً أن التنسيق مع نظام الأسد سيجنّب تركيا الكثير من المخاطر.
ودعا برينتشيك، الذي يُجري حزبه زيارات ومباحثات مع نظام الأسد في سوريا منذ عام 2016 بعلم الحكومة التركية، حكومة أردوغان إلى المشاركة في الزيارة المرتقبة لوفد حزبه إلى دمشق. وقال في تصريح أمس: «سنحمل إلى دمشق خطة لحل الأزمة القائمة منذ سنوات، ومقترحنا يتمثل في إلقاء المعارضة للسلاح، وإصدار حكومة دمشق عفواً عاماً يشمل الجميع»، مشيراً إلى أن خطته لاقت قبولاً مبدئياً من كل من النظام السوري وروسيا وإيران.
وبدا أن تباينات في المواقف لا تزال تفرض نفسها على التنسيق التركي الأميركي بشأن المنطقة الآمنة في شمال شرقي سوريا، عبّر عنها المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، بقوله إن «هناك خلافاً بين الولايات المتحدة وتركيا حول وحدات حماية الشعب الكردية».
وخلال ندوة عُقدت في معهد “أسبن” للدراسات الإنسانية بواشنطن، الجمعة 16 أب، تطرق جيفري إلى آخر تطورات الأوضاع في شمال شرقي سوريا، مؤكدًا أن هناك اختلافًا في الأدوار التي تقوم بها كل من واشنطن وأنقرة هناك.
ولفت جيفري إلى أن “وحدات حماية الشعب” حليفة للولايات المتحدة، مبينًا أن بلاده وتركيا تقفان على طرفي نقيض حيالها.
وأشار المسؤول الأمريكي في معرض حديثه إلى أن “قاعدة (وحدات حماية الشعب) جاءت من (حزب العمال الكردستاني)، وتركيا تعتبرهم (إرهابيين)، أما نحن فلا نعتبر أولئك المواطنين السوريين (إرهابيين)”.
وأضاف في هذا الصدد أن “(وحدات حماية الشعب) ليست مُدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية، ولا على قائمة الأمم المتحدة، وتركيا تطالب بفك ارتباطنا وتحالفنا معها، كما سبق أن هددت الولايات المتحدة الأمريكية”.
وأكد جيفري أن الوحدات ستبتعد عن المناطق الحدودية مع تركيا، عند إنشاء المنطقة الأمنة التي يتم العمل على إقامتها حاليًا.
وقال جيفري ” لدينا شريكان فاعلان جدا في محاربة داعش، لكن لأسباب تاريخية لا يثق الأتراك والأكراد ببعضهم…ويشعران بخطر أمني متبادل، والولايات المتحدة تبذل جهودا لتخفيف الضعط عن كلا الطرفين من خلال انسحاب بعض قوات قسد من جهة وانشاء منطقة آمنة تستطيع تركيا مشاهدة ما يحصل فيها ويكون لها وجود بشكل ما؛ معنا نحن الولايات المتحدة وفي هذه المنطية يمكن التأكد من مهمتمنا وهي الحفاظ على الأمن والاستقرار شمالي شرق سوريا؛ وهزيمة داعش بشكل كلي”.
واشنطن تكشف عن المزيد من الخطوات حول المنطقة الآمنة شمال شرق سوريا https://t.co/7jFz5kqt2l عبر @vdcnsy pic.twitter.com/AfKKxbz3Wa
— VdC-NsY Northeastern Syria (@vdcnsy) August 17, 2019
وكان الجانبان الأمريكي والتركي توصلا، الأسبوع الماضي، إلى اتفاق بشأن المنطقة الآمنة شمالي سوريا، يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة في تركيا، لتنسيق شؤون وإدارة المنطقة الآمنة أو الأمنية.
وتختلف أنقرة وواشنطن على نقاط عدة فيما يتعلق بـ “المنطقة الآمنة”، إذ تتطلع تركيا لإقامة المنطقة بعمق 30 إلى 40 كيلومترًا داخل الأراضي السورية، وتولّي السيطرة عليها، وإخراج المقاتلين الكرد منها، بينما تريد واشنطن أن تكون المنطقة بعمق خمسة كيلومترات دون دخول القوات التركية أو المدعومة منها وهو أمر توافق عليه وحدات حماية الشعب.
وتستمر تركيا بإرسال تعزيزات عسكرية إلى طول حدودها الجنوبية مع سوريا، منذ حزيران الماضي، تتضمن قوات من “الكوماندوز” وعربات مدرعة عسكرية.
من جانبه حذر القائد العام لـ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، تركيا من شن هجوم على منطقة تل أبيض في شرق الفرات.
وقال عبدي في مقابلة مع صحيفة “يني أوزغور بوليتيكا” الكردية الصادرة في هولندا، إن “تركيا تحشد قواتها على حدود المنطقة، لكن شرق الفرات لا تتشابه مع عفرين”.
وأضاف عبدي أن عفرين وشرق الفرات منطقتان مختلفتان، و”قسد” لن تسمح بتكرار ما حدث في عفرين أبدًا، مشيرًا إلى أن “قسد” اتخذت في عفرين قرارًا استراتيجيًا، وهو حصر المعارك في عفرين وعدم توسيع رقعتها.
كما وطالب عبدي في تصريحات نقلتها وكالة هاوار أن تشمل المنطقة الآمنة كامل الشريط الحدودي وأن لا تقتصر على منطقة محددة وذلك لضمان حماية المنطقة من التهديدات التركية المتواصلة والتي تشغل قواته عن الاستمرار في مهمة مكافحة خلايا تنظيم داعش.
أول تعليق رسمي من قوات سوريا الديمقراطية على المباحثات بين واشنطن وانقرة حول المنطقة الآمنة
من جهة اخرى نقلت وكالة نورث بريس عن البرلماني التركي السابق والباحث في معهد “الدفاع عن الديمقراطيات”، ايكان اردمير، أن إدارة ترامب تبلي بلاء حسناً في شرق سوريا، حيث منعت تركيا من التهور والذهاب باتجاه عمل أحادي، وتستمر بالضغط الآن لإقامة منطقة آمنة لا تسمح فيها الولايات المتحدة لأي خديعة تركية بأن تمر”.
مردفاً “أعلم المسؤولون الأمريكيون نظرائهم الأتراك صراحةً، قبل أن تصلوا إلى الحدود في عملية عدائية ستكون عقوبات كاتسا قد طبقت على أنقرة”.