حدد مبعوث وزارة الخارجية إلى سوريا، جيمس جيفري، في اللقاء الصحفي الذي عقده الأربعاء مع السفير المتجول ومنسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية، ناثان سيلز، في مقر وزارة الخارجية الأمريكية بالعاصمة واشنطن على إن أي من المقترحات حول إقامة المنطقة الآمنة شمال سوريا يجب أن تلقى رضا السكان المحليين.
واستهل جيفري المؤتمر بإعطاء معلومات تفصيلية عن أعداد عناصر “داعش” التي تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا إضافة إلى تسليط الضوء على مخيم الهول الذي يحوي “حوالي 70 ألف شخص من عائلات تنظيم داعش بينهم 60 ألف شخص من الجنسيتين السورية والعراقية” حسبما أفاد جيفري.
وفي معرض ردهم على أسئلة الصحفيين أكد كل من جيفري وسيلز إن قوات سوريا الديمقراطية تعامل عناصر “داعش” بإنسانية حيث قالوا: “نحن واثقون وكنا على الأرض ورأينا كيفية تعامل قوات سوريا الديمقراطية لعناصر داعش بإنسانية.”
وقال جيفري إن التحالف والإدارة المحلية في شمال وشرق سوريا تواجه صعوبات كبيرة أبرزها تأمين المستلزمات اللوجستية والمساعدات الإنسانية لتلك العائلات التي تعيش في مخيم الهول.
وعن جهود ترسيخ الاستقرار في سوريا، قال مبعوث الخارجية الأمريكية، إن واشنطن أوقفت دعم الاستقرار وأوكلت المهمة لشركائها إلا أنها ستواصل تقديم الدعم الإنساني للمنطقة.
من جانبه، تحدث منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية، ناثان سيلز، عن جهود كبيرة تبذلها واشنطن وشركائها في التحالف الدولي ضد “داعش” لبلورة إستراتيجية جديدة يمكن من خلالها مكافحة داعش في العالم ولا سيما في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل الأفريقي حيث يزداد نشاط المرتزقة بشكل ملحوظ وفقاً لما أفاد سيلز.
وأكد سيلز في معرض حديثه قائلاً: “الولايات المتحدة لا تستطيع لوحدها مناهضة التنظيم الإرهابي و على كافة الشركاء المساهمة وكما ناقشنا في اجتماع باريس الذي عقد في حزيران عام 2019، فإننا سنركز جهودنا على غرب أفريقيا والساحل.”
وعن المنطقة الآمنة أجاب جيفري على استفسار أحد الصحفيين بالقول: ” واشنطن ملتزمة بحماية قوات سوريا الديمقراطية التي تعاونت مع القوات الأمريكية وقوات التحالف لهزيمة تنظيم داعش. نحاول قدر الإمكان إيجاد حالة توازن بين حليفنا المهم جداً في حلف الناتو، تركيا، وشريكنا المهم في سوريا قوات سوريا الديمقراطية المكونة من الكرد والعرب.”
وفيما يتعلق بالمحادثات التي تقودها الولايات المتحدة مع تركيا بشأن شمال وشرق سوريا قال جيفري: “نحن لا نجري محادثات مع تركيا حول حماية الكرد الذين يشكلون نسبة كبيرة من الشعب التركي ولا عن منع أي غزو لأننا لا نرى بوادر لأي غزو محتمل لشمال وشرق سوريا. نحن نتباحث معهم حول إمكانية إقامة منطقة آمنة تحت حماية أمريكية تركية لمعالجة المخاوف الأمنية التركية على طول الحدود.”
وأضاف جيفري: “الأتراك كانوا متشددين في موقفهم ورفضوا المقترح الأمريكي الذي أراه منطقيا والذي كان ينص على منطقة آمنة يتراوح عمقها بين 4 إلى 14 كيلومتراً. الأتراك طالبوا بمنطقة أعمق إضافة إلى حدوث خلاف في الآراء حول ما إذا كانت واشنطن وأنقرة ستعملان في تلك المنطقة لوحدهما. ولكن كما سبق وأشرنا هذه المقترحات يجب أن تلقى رضا السكان في شمال وشرق سوريا وهو أمر مهم.”
وخلال المؤتمر أشار منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية إلى ملف عناصر “داعش” الأجانب وقال: “الولايات المتحدة تبذل جهودا وقامت بالفعل بإعادة مواطنيها الذين انضموا إلى داعش وهنالك دول أخرى تسير في هذا الاتجاه ونتمنى من كافة الدول وبالأخص الدول الأوروبية أن تبدأ بإعادة مواطنيها الذين انضموا إلى داعش وارتكبوا جرائم لمحاكمتهم. عليهم أن لا يتوقعوا أن تقوم الولايات المتحدة أو تقوم قوات سوريا الديمقراطية بحل مشاكلهم. عليهم حل مشاكلهم بأنفسهم وهذا واجبهم.”
وفي ذات السياق أكد ممثل مجلس سوريا الديمقراطية بواشنطن، بسام إسحاق، أن الاتفاق الأمريكي التركي حول المنطقة الآمنة لن يصبح نهائياً بدون التباحث مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية، مشيراً إلى أن “ماهو مطروح أيضاً هو أن تحرس المنطقة الأمنة من قبل أهالي المنطقة المحليين، وأن لا يشمل التدخل في الحياة اليومية لأبناء المنطقة ولا في الإدارات السياسية في المدن المتواجدة بهذه المنطقة”.
وقال إسحاق إنه “حسب المعلومات لدينا ليس هناك اتفاق نهائي بين أمريكا وتركيا بما يخص المنطقة الآمنة، ونحن إلى الآن لم نقبل بمنطقة آمنة يزيد عمق مساحتها عن 5 كلم، كما لم نقبل أن تكون بقيادة تركية”.
وأضاف أنه “أي اتفاق أمريكي تركي لا يمكن أن يكون نهائياً قبل التباحث مع قيادة قوات سوريا الديمقراطية، ولن يكون هناك أمر واقع بدون موافقة من قوات سوريا الديمقراطية”، مبيناً أن “الوساطة الأمريكية بين سوريا وقوات سوريا الديمقراطية جارية منذ أشهر ولو كان هناك أي نية لفرض أمر واقع لكان حصل إلى الآن، لكن نحن كان موقفنا عدم الموافقة على تواجد قوات تركيا على أراضينا ولكن قد يكون هناك موافقة يخص دوريات تشارك فيها عناصر تركية على ان لا تكون هذه القوات مقيمة على الأراضي السورية، ولكن دوريات تدخل وتخرج من الأراضي السورية”.
وتابع إسحاق أنه “حتى الموقف الأمريكي يتمثل بأن لا تكون المنطقة الآمنة بقيادة تركية”، موضحاً أن “المطروح أيضاً يخص القوات التي تحرس هذه المنطقة الأمنة من الأهالي المحليين للمنطقة وأن لا تتدخل في الحياة اليومية لأبناء المنطقة ولا في الإدارات السياسية في المدن المتواجدة في هذه المنطقة”.
وبين أن “الموضوع متعلق بالأطماع التركية في الأراضي السورية وليس مرتبطاً بالمخاوف والشكوك التركية فهي مجرد أعذار ومبررات لمطامعها، كما أن الإدارة الأمريكية تعتقد أنها تعرف ضمناً ذلك لكن اللغة الدبلوماسية تقول ذلك، ولكن كيف يمكن لقوات حماية الشعب وقوات مجلس سوريا الديمقراطية تهديد ثاني أكبر جيش في حلف الناتو”.
وأوضح إسحاق إن “العلاقة بيننا وبين الأمريكان منذ مدة ومن خلال التحالف لمحاربة داعش وخلال هذه العلاقة تم بناء ثقة بين الطرفين، ونحن لا نعتقد أن أمريكا تناور هنا لأنه الخلاف الحقيقي هو بين تركيا وأمريكا التي هي واعية جداً للمطامع التركية في الشمال الشرقي السوري، كما أن تركيا عقدت صفقة مع روسيا واشترت على أساسها منظومة صواريخ اس 400 وهذا الشيء قد خلق أزمة سياسية بين البلدين، كما أن هناك ضغوط كبيرة على الإدارة الأمريكية من قبل غالبية أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ على أن يكون هناك فرض عقوبات اقتصادية على تركيا، والعلاقات الأمريكية التركية ليست في أفضل أحوالها”.