تمكنت تركيا بمشاركة فصائل الجيش الوطني الموالي لها والتي كانت تقاتل سابقا قوات الحكومة السورية تحت راية الجيش الحر من السيطرة على عفرين، وبسط نفوذها الأمني فيها، وسط انتهاكاتٍ قامت بها الفصائل من نهبٍ وسلبٍ وخطف، واستيلاءٍ على ممتلكات المدنيين واراضيهم وترهيبهم، الأمر الذي دفع سكانها الأكراد إلى مغادرة عفرين.
أسست تركيا كلاً من جهازي الشرطة العسكرية والشرطة المدنية لتثبيت سيطرتها في المنطقة، فاستطاعت بذلك إمساك خيوط اللعبة في عفرين على مستوى الفصائل، والشرطة العسكرية، وقوات الشرطة وأجهزتها المتنوّعة. وهكذا كرّست أنقرة مناخ “الفوضى المنضبطة”، فارضةً معادلةً أمنيةً قلقةً تتيح لها شروط التحكّم والتدخّل كافة، ما يعزّز لدى المجتمع المحلي في عفرين عوامل الخوف المستمر وفي التحكم بهذه الفصائل كذلك حيث نجحت في تغيير عقيدتها من قتال جيش الأسد لقتال الأكراد واعتباره جهادا.
مارست تركيا سياسة “التوكيل والإشراف”، وأحدثت تغييراتٍ في نسبة التمثيل السكاني عند تشكيل المجالس المحلية في عفرين، فارضةً تقسيماً غير عادل كان “للعرب” و”التركمان” “النازحين”\ يطلق عليهم اهالي عفرين اسم مستوطنين” حصّة كبيرة منه، وأُسُساً لوجود التركمان بصفتهم قومية في عفرين. هذا وأوجدت أنقرة نخبة سياسية كردية جديدة من القلة الموالة لها، وأقصت التكنوقراط الأكراد عن العمل في المجالس المحلية.
إضافةً إلى التهديدات الأمنية التي تواجهها تركيا، ونتاج مسار المصالحات في الغوطة الذي أفرز تهجيراً للقوى والجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية، ومدن أخرى دفعت أنقرة باتجاه ملء الفراغ الذي أحدثه نزوح أكراد عفرين وتهجيرهم، عبر نقل آلافٍ من أُسَر المقاتلين في الجيش الوطني وأقربائهم من العرب والتركمان وتوطينهم في بيوت المدنيين الأكراد “الذين تم تهجيرهم” كما وفرضت أبعاد بعض قادة الفصائل وتعيين مواليين لها.
أعلنت تركيا السيطرة على منطقة عفرين بشكلٍ كاملٍ يوم ٢٣ آذار، بعد شهرين من القتال العنيف، حيث تكبّد الطرفان خسائر كبيرةً في الأرواح، وسقط مئات القتلى والجرحى من المدنيين جرّاء القصف الجوي والمدفعي للقوات التركية المهاجمة، وإثر وصول هذه القوات إلى حدود منطقة الشهباء التي انسحب إليها المقاتلون الأكراد.
مع السيطرة على عفرين انشغلت وحدات خاصة تركية إلى جانب المخابرات العسكرية التركية، بوضع اليد على المقرّات الأمنية والعسكرية لوحدات حماية الشعب، واحتفظت بالوثائق كافة في الإدارة الذاتية. بعدئذ أنشأت تركيا عدداً كبيراً من المقرّات العسكرية، وكانت لا تزال تبني، قواعد عسكريةً جديدةً يقع قسمٌ منها على الحدود السورية التركية، وآخر في مناطق شرق عفرين المقابلة لمنطقة الشهباء، التي تعتبر نقاط اشتباك مع الوحدات الكردية. أما أبرز تلك القواعد فهي مريمين، والمزرعة، وأناب، وكلبيري التي تُعَدّ أكبر القواعد العسكرية التركية في تلك المنطقة، إضافةً الى معسكر كفر جنة الذي يُجهَّز ليكون مهبطاً للطائرات المروحية التركية.
فضلاً عن ذلك، أنشات تركيا محطة استخباراتٍ تركيةً لتعقّب خلايا وحدات حماية الشعب وكشفها، وهو ما تم اعتباره حجة لاعتقال الاف المدنييتن، علماً أن الاستخبارات تشرف أيضاً بشكلٍ مباشرٍ على عمل جميع الجهات الفاعلة الأخرى المُشارِكة في أمن المنطقة والتي تُعَدّ السلطة العليا في عفرين.
هذا وأسّست تركيا فرقة المهام السورية التابعة للقوات الخاصة التركية في مديرية الأمن العام التركي، وهي القوة الأمنية التركية الضاربة في عفرين، وتُعرَف محلياً بالكوماندوس التركي. تتألّف الفرقة من ١٢ وحدة موزَّعة على مناطق عفرين الإدارية، أما عناصرها فهي تابعة للإدارات الأمنية في أنقرة، وهاتاي، وغازي عنتاب، وكيليس، وأضنة. كذلك أنشأت تركيا وحدة مهام خاصة سورية (الكوماندوس السوري) تتبع للشرطة المدنية في عفرين، ولكنها عملياً تحت إمرة الاستخبارات التركية، وهي تنفّذ مهامها إلى جانب القوات الخاصة التركية عند إجراء المداهمات أو في حال الاعتقالات، بحسب شهادة اثنين من عناصر الشرطة المدنية في عفرين.
وبذلك تكون تركيا قد ثبّتت مراكز أمنية وعسكرية تابعة لها بغية فرض سيطرةٍ كاملةٍ على عفرين، ووسّعت في الوقت نفسه تجربة هيكلة الفصائل السورية الموالية لها وضمّها تحت مظلّة الجيش الوطني، من منطقة “درع الفرات” إلى عفرين.
الفصائل ضمن جيش وطني تحت إمرة أنقرة
شاركت فصائل “درع الفرات” إلى جانب القوات التركية في معركة عفرين، علماً أن تركيا دمجت هذه الفصائل في أواخر العام ٢٠١٧ تحت مسمّى الجيش الوطني، برعاية وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقّتة. توزّعت فصائل الجيش الوطني على فيالق ثلاثة (فيلق الجيش الوطني، وفيلق الجبهة الشامية، وفيلق السلطان مراد) ، ثم استوعبت الفصائلُ كلُّها، بما فيها جيش الإسلام وفيلق الرحمن، وفصائل الغوطة الشرقية تحت لواء الجيش الوطني. اعتمدت أنقرة على فصائل الجيش الوطني في السيطرة على عفرين، وهي تدفع رواتب عناصر هذا الجيش (التي يبلغ عددها الإجمالي ٣٠ ألفاً في مناطق النفوذ التركي في “درع الفرات” وعفرين)، من خلال واردات معبرَي جرابلس وباب السلامة، ومصادر أخرى وتزوّد الفصائل بالذخيرة بشكلٍ مباشر.
لكن الجيش التركي، بعد سيطرته على المنطقة، سرعان ما ترك فصائل الجيش الوطني تنهب مدينة عفرين جهاراً نهاراً. واستمرت عمليات النهب بوتيرةٍ مرتفعةٍ حوالى أسبوعَين قبل أن تتراجع نسبياً مع إرسال تعزيزاتٍ من الشرطة العسكرية من منطقة أعزاز. إضافةً إلى ذلك، استولت فصائل الجيش الوطني على ممتلكات المدنيين الأكراد الذين لاذوا بالفرار مع اقتراب المعارك من قراهم، وتحويل منازلهم الى مقرّات عسكرية ومستودعات لتخزين البضائع المسروقة، أو إلى مساكن لإيواء مقاتلي الفصائل وأُسَرهم، هذه الفصائل التي رفضت إعادة البيوت إلى أصحابها، متذرّعةً بأنه لا يحقّ لهم العيش في المنطقة بحجة انهم كانوا يدعمون وحدات حماية الشعب.
واللافت أن الفصائل الأكثر قرباً من تركيا هي تلك التي ما زالت تواصل انتهاكاتها بحقّ المدنيين، وتحمل لقب السلاطين العثمانيين مثل لواء السلطان شاه، ولواء السلطان مراد، إضافةً إلى فيلق الشام الذي يشكّل ذراع الإخوان المسلمين في سوريا. وتسيطر الفصائل هذه على مناطق عفرين الحدودية مع تركيا بهدف حماية الحدود التي تُعَدّ أولويةً لهذه الأخيرة، علماً أن فصيلَي السلطان مراد وسليمان شاه تحوّلا إلى أداةٍ بيد أنقرة تستخدمها في حروبها واجهةً لكلّ الجرائم والانتهاكات التي تسبّبت بها السياسة التركية، وهما يقاتلان من أجل المال واستمرار الدعم والرضا التركي فقط. في المقابل، تسعى تركيا إلى تخفيف دعمها لفصائل أخرى والضغط عليها بغية إضعافها وتطويعها، مثل الجبهة الشامية، الفصيل الأقوى الذي يشكّل عائقاً يحول دون بسط أنقرة هيمنتها على “درع الفرات”، وتحديداً منطقة أعزاز، معقل الجبهة. يُذكَر أن تركيا وسّعت نفوذ فصائل الجيش الوطني إلى عفرين عبر معركة “غصن الزيتون”، وسمحت لها بدايةً بنقل ثقلها العسكري وأكثر من 15 ألف مقاتلٍ، من “درع الفرات” إلى عفرين لإحكام السيطرة وضبط الأمن.
وهكذا نجحت تركيا في تحويل فصائل الجيش الوطني الى ميليشيات تأتمر بأوامرها، وتوجّهها حيثما تشاء، وتمنعها من أيّ مواجهةٍ مع النظام منذ بدء معركة “درع الفرات” لتحصر قتالها ضدّ الوحدات الكردية فقط. وبموازاة الاستمرار في سياسة التحكّم هذه، خفّفت أنقرة من دور الفصائل، وأنشأت شرطةً عسكريةً تابعةً لها.
تشكيل شرطة عسكرية
عقب السيطرة على عفرين وبدء بعض الفصائل عمليات السلب والنهب، أرسلت قيادة الجيش الوطني مجموعاتٍ من الشرطة العسكرية التابعة للجبهة الشامية، من أعزاز في منطقة “درع الفرات” إلى مدينة عفرين، حيث نصبت حواجز كبيرةً لمنع نقل المسروقات من عفرين إلى منطقة “درع الفرات” \سرعان ما تحول عناصر هذه الحواجز الى شركاء في السرقات. وكانت تركيا أنشأت إدارةً للشرطة العسكرية في منطقة “درع الفرات” في ٢٠ شباط ٢٠١٨، تتبع لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقّتة، وتتولّى ضبط تجاوزات العسكريين والمخالفات ضمن فيالق الجيش الوطني الثلاثة.
لكن مجموعات الشرطة العسكرية الصغيرة القادمة من أعزاز فشلت في وقف عمليات النهب، لا بل ارتفعت حدّة النقد المُوجَّه إلى تركيا وفصائل الجيش الوطني، وتشكّلت حالةٌ من الغضب لدى الكثير من الأهالي الذين سُرِقَت محلاتهم وسياراتهم أمام أعينهم، ولم يستطيعوا فعل شيء. كذلك تناقلت وسائل الإعلام الدولية أشرطةً مصوّرةً عن عمليات النهب في عفرين، ما دفع تركيا إلى تشكيل نواةٍ جديدةٍ للشرطة العسكرية في المنطقة، انتُدِبت غالبية عناصرها من فصائل الجيش الوطني، بعضها من فيلق الشام، والسلطان مراد، وسليمان شاه، وأحرار الشرقية، وهي الفصائل نفسها التي قامت بعمليات السلب والنهب، وكلّها من العرب والتركمان ولا يوجد فيها أي عنصر كردي.
وعيّنت قيادة أركان الجيش الوطني نائباً لقائد الشرطة العسكرية العام في منطقة عملية “غصن الزيتون” للمرة الأولى، في تموز ٢٠١٨. هذا وأحدثت تركيا بواسطة الجيش الوطني ثلاثة فروعٍ للشرطة العسكرية في كلّ من عفرين وجنديرس وراجو، وعُيّن ضابطٌ من الجيش الوطني ونائبٌ له في كلّ فرع. تجدر الإشارة إلى أن كل فرعٍ يتبع لإدارة الشرطة العسكرية في عفرين مباشرةً، علماً أن ضباط الشرطة العسكرية وعناصرها ينحدرون من الفصائل نفسها، ولكنهم أصبحوا أكثر ارتباطاً بقيادة القوات الخاصة التركية الموجودة في عفرين. ويتلقّى كل فرعٍ من فروع الشرطة العسكرية أوامره بشكلٍ مباشرٍ منها أو من الاستخبارات التركية.
أما قرار التعيينات العسكرية فيُتَّخَذ بشكلٍ مشتركٍ ما بين قيادة أركان الجيش الوطني والسلطات التركية، في حين يضطّلع القادة التركمان المقرّبون من تركيا بدورٍ في المشاورات لتسمية بعض الضباط. ويأتي قرار إبعاد المدنيين عن المناصب القيادية في الشرطة العسكرية والشرطة المدنية، نتيجة رغبةٍ أساسيةٍ للمسؤولين العسكريين والأمنيين الأتراك في “درع الفرات” وعفرين. في المقابل، تختلف الحال قليلاً في الفصائل المكوّنة للفيالق الثلاثة التي يتألّف منها الجيش الوطني، حيث ضغطت أنقرة لتعيين شخص مدنيّ مُقرَّب منها قائداً للفيلق الثاني.
قوات الشرطة والأمن العام الوطني
في ٢٣ آذار ٢٠١٨، كشفت صحيفة يني شفق المُقرَّبة من السلطات الأمنية التركية عزم أنقرة تدريب ألف عنصرٍ من الشرطة المحلية بهدف توفير الأمن وحماية مدينة عفرين. فدرّبت تركيا لمدة شهر الدفعة الأولى من الشرطة المدنية، وعددها ٦٢٠ عنصراً، في مدارس تابعة لأكاديمية الشرطة التركية في أضنة ومرسين، كما عملت على تدريب ثلاث دفعات في وقت متقارب. وتستمر قيادة الشرطة بتدريب عناصر جديدة، وضمّها إلى قوات الشرطة والأمن العام.
فضلاً عن ذلك، قسّمت تركيا عفرين وفقاً للتوزيع الجغرافي إلى ثلاثة قطاعاتٍ شرطيةٍ، قُسّمَت بدورها إلى نواحٍ. تضمّ هذه القطاعات مركز شرطة عفرين، ومركز شرطة جنديرس، ومركز شرطة راجو. ويتبع هذا التقسيم السيطرة الأمنية والعسكرية التركية التي أعطت الأولوية لتأمين الحدود في راجو وجنديرس، وإلحاق المناطق الداخلية بمنطقة عفرين. كذلك أحدثت تركيا أقساماً متخصّصة مُلحَقً بقيادة شرطة عفرين، تعمل بصفتها مخافر في القطاعات الشرطية الثلاثة الرئيسة.
عيّنت أنقرة المقدّم رامي طلاس من مدينة الرستن (محافظة حمص)، قائداً لقوات الشرطة والأمن العام الوطني في كامل منطقة عفرين. هذا وتشير قوائم المقبولين التي نشرتها الشرطة في شباط ٢٠١٩، إلى أن عناصر الشرطة هم في غالبيتهم من الغوطة الشرقية وحمص، يتبعهم مهجّرو إدلب وحماة، فيما تُبرِز القوائم وجود ثلاثة أشخاص من السكان المحليين في عفرين، لكنهم من العرب ولا يوجد أيّ كردي بينهم من أصل ٣٠١ مقبول. وهذا الأمر إنّما يدلّ على أن تركيا تريد إقصاء السكان المحليين من العرب والأكراد عن المشاركة في القطاع الأمني، إذ تعتبرهم مصدر قلقٍ، الأمر الذي يولّد مزيداً من الحساسية ما بين السكان المحليين وسلطة الأمر الواقع المتمثّلة بفصائل المعارضة والقوات التركية، ويعمّق الخلاف ما بين نازحي باقي المناطق السورية وأكراد عفرين.
السياسة التركية بعد فرض سيطرتها العسكرية توجهت نحو استخدام فصائل الجيش الوطني كأداةً لتنفيذ سياسةٍ أمنيةٍ ممنهجةٍ أدّت إلى تهجير نصف سكان عفرين، عبر موجات من الاعتقالات والخطف مقابل فدية. فقد اعتقلت القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها خلال عام أكثر من 5000 مدني، لا يزال قرابة الألفين منهم قيد الاعتقال حتى حزيران ٢٠١٩. في حين قال أحد الناشطين من أبناء المنطقة إن منتسبي الحزب وعناصر الوحدات خرجوا كلّهم من المدينة، وأكّد مصدر في الوحدات أن أيّاً من مقاتليها لم يؤسَر في عفرين، وأن المعتقلين كلّهم من المدنيين.
أضِف إلى ذلك أن الفلتان الأمني وإطلاق أنقرة يد الفصائل، شجّعا قيامَ ظاهرةٍ جديدةٍ هي الخطف مقابل فدية، حيث يُخطَف أحد المدنيين ميسوري الحال، ويُشترَط إطلاق سراحه بدفع مبلغ مالي يتراوح ما بين ألف و١٠ آلاف دولار أميركي بحسب الشخص المخطوف ووضعه الاقتصادي. فتركّزت عمليات الخطف على المدنيين الأكراد، وارتبطت بمدى ثرائهم لا بانتمائهم إلى الوحدات الكردية، ذلك أن المتّهمين بهذا الانتماء يُعتقَلون وتُصادَر أموالهم على الفور. هذا وتعرّض بعض الأشخاص للاعتقال مرّةً أخرى، فدفعوا فديةً ثانية، وطال الخطف أيضاً أطفالاً دون الـ18 من العمر. ويحمّل الناشطون مسؤولية عمليات الخطف هذه لشبكاتٍ تابعةٍ للفصائل بسبب وجود السلاح بيدها حصراً.
بعد عام على إطلاق يد الفصائل، دعمت تركيا الشرطة العسكرية وقوات الشرطة المدنية من أجل فرض نفوذها في المنطقة، فتمكّنت من الإمساك بخيوط اللعبة في عفرين على مستوى الفصائل، والشرطة العسكرية، والشرطة المدنية وأجهزتها المتنوّعة والمتخصّصة. واستطاعت أنقرة خلق فوضى منضبطةً تتحكّم بها كما تشاء، وتبقيها سيفاً مسلّطاً على رقاب أهالي عفرين يساعدها في تعزيز سيطرتها الأمنية. وعلى عكس منطقة “درع الفرات”، حيث تنحدر عناصر الفصائل والشرطة العسكرية وقوات الشرطة المدنية في غالبيتها من المنطقة، يتألّف الجيش الوطني في عفرين من عناصر غير محليين يتصرّفون من دون حسيب أو رقيب. وبينما واجهت تركيا صعوباتٍ في فرض واقع أمني وعسكري نهائي في “درع الفرات” خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بحكم أن العناصر هم محليون يرتبطون بعلاقاتٍ عائليةٍ وعشائريةٍ تعيق تنفيذ الأجندة التركية، يمتثل عناصر الفصائل والشرطة في عفرين للأوامر التركية بصرامةٍ أكبر إذ لا يوضَعون في مواجهة عوائلهم وأبناء مناطقهم.